الصفحات

الأربعاء، 16 يناير 2019

الطعن 1988 لسنة 38 ق جلسة 3 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 45 ص 207


برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عباس العمراوي، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
--------------
- 1  مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصهم". اختصاص. تحقيق. جريمة.
استيلاء على مال للدولة بغير حق. امتداد اختصاص مأمور الضبط إلى جميع من اشتركوا في الجريمة التي بدأ تحقيقها أو اتصلوا بها أينما كانوا. حقه عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من هذه الجريمة واتخاذ الإجراءات قبل المتهم فيها وغيره من المتصلين بها.
إذا كان ما أجراه مأمورو الضبط القضائي في الدعوى من تحريات وضبط إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأوا تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصهم، فإن اختصاصهم يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها أينما كانوا ويجعل لهم الحق عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من الجريمة التي بدأوا تحقيقها ومباشرة كل ما يخولهم القانون من إجراءات سواء في حق المتهم في الجريمة أو في حق غيره من المتصلين بها.
- 2  إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
سلطان الوظيفة في ذاته. لا يعد إكراه. ما دام لم يستطل بالأذى ماديا كان أو معنويا إلى المتهم. استخلاص ما إذا كان اعتراف المتهم في الظروف والملابسات التي حصل فيها متأثرا بسلطان الوظيفة. موضوعي.
إن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات، لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه، ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع.
- 3  إثبات. "إثبات بوجه عام". "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وغيره من المتهمين. من إطلاقات محكمة الموضوع.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- .... 2- .... (الطاعنين) 3- .... 4- .... بأنهم في يوم 15 يناير سنة 1966 بدائرة قسم أسوان. محافظة أسوان: (أولا) المتهمين من الأول حتى الرابع أحرزوا بغير ترخيص سلاحا ناريا ذا ماسورة مششخنة "بندقية لي انفيلد". (ثانيا) المتهمين الأول والثاني بصفتهما موظفين عموميين "عريفين بفريق أمن أسوان" استوليا بغير حق علي مال مملوك للدولة هو السلاح الناري المبين بالمحضر لمديرية امن أسوان. (ثالثا) المتهمين الثالث والرابع. أخفيا البندقية المختلسة مع علمهما بأنها متحصلة من الجناية سالفة الذكر. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 44 مكررا و111/5 و113/1 و118 و119 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 و26/2 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات أسوان قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الثلاثة الأول والمادتين 304/1، 381/1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الرابع بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزلهما من وظيفتهما وتغريم كل منهما خمسمائة جنيه ومعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبراءة المتهم الرابع مما أسند إليه بلا مصروفات جنائية. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المحامي عن الطاعن الثاني تقريرا بالأسباب، أما الطاعن الأول فلم يقدم أسبابا لطعنه.
------------
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً فيكون طعنه غير مقبول شكلاً
حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن المشار إليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص واستيلاء بغير حق على سلاح مملوك للحكومة مسلم إليه بسبب وظيفته قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك بأن رجال الضبط في الدعوى تجاوزوا اختصاصهم المكاني بأن أجروا التحريات وضبط السلاح والقبض على الطاعن المذكور في دائرة محافظة قنا في حين أن واقعة الاختلاس حدثت بدائرة محافظة أسوان وهي دائرة اختصاصهم المكاني الأمر الذي يترتب عليه بطلان الإجراءات وبالتالي بطلان الدليل المستمد منها. كما أن ما أورده الحكم من أن الطاعن الأول اعترف في التحقيقات بأن البندقية سلمت إليه من الطاعن الأول لا يصح الاستناد إليه في الإدانة لأنه صدر منه تحت تأثير إكراه وقع عليه ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع والتفتت عن الرد عليه مع وضوح مصلحة الطاعن الثاني فيه، ثم إن المحكمة اعتمدت في إدانة الطاعن الثاني على تحريات الشرطة الباطلة وفي الوقت ذاته قضت ببراءة المتهم الرابع لعدم اطمئنانها إلى ما ورد في تلك التحريات على الرغم من أن الواقعة التي تضمنتها التحريات واحدة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث إنه فضلاً عن أنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني أو المدافع عنه قد دفع أيهما ببطلان إجراءات الضبط الذي أسفر عن العثور على البندقية التي دانه الحكم بجنايتي إحرازها واختلاسها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن مردود بأن ما أجراه مأمورو الضبط القضائي في الدعوى من تحريات وضبط البندقية المختلسة إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأوا تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصهم، ومن ثم فإن اختصاصهم يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها أينما كانوا ويجعل لهم الحق عند الضرورة في تتبع الأشياء المتحصلة من جريمة الاختلاس التي بدأوا تحقيقها ومباشرة كل ما يخولهم القانون من إجراءات سواء في حق المتهم بالاختلاس أو في حق غيره من المتصلين بالجريمة، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن الثاني بهما وأورد على ثبوت هذه الواقعة في حقه ما ينتجه من وجوه الأدلة. وبينها اعتراف للطاعن الأول في التحقيقات حصله الحكم بما مؤداه أن الطاعن الثاني أحضر له البندقية المضبوطة وقاما سوياً بإخفائها وعهد إليه أمر التصرف فيها بالبيع وقد باعها فعلاً للمحكوم عليه الثالث بمبلغ 27 جنيهاً وأخذ الطاعن الثاني نصيبه في الثمن ... وعرض الحكم إلى ما أثاره الطاعن الأول بجلسة المحاكمة من أن الاعتراف المنسوب صدوره إليه بالتحقيقات كان وليد إكراه ورد عليه في قوله "لا يوجد بالأوراق ما يدعم هذا الادعاء بل إنه يبين من استقراء الاعتراف وتفاصيل ما تضمنه أنه كان وليد إرادة حرة ورغبة في ترديد الوقائع تنويراً للحقيقة" ثم أضاف الحكم إلى ذلك ما نصه... "والقول من الدفاع أن التحقيق مع المتهم المذكور (الطاعن الأول) وقد تم في قسم الشرطة حيث يتواجد رؤساء المتهم يجعل المتهم مسلوب الإرادة مما يهدر ما جاء على لسانه من اعتراف، هذا القول لا تقره المحكمة إذ مكان التحقيق وتواجد رؤساء المتهم لا يؤثران بحال على حرية المتهم في الاعتراف من عدمه هذا الاعتراف الذي تطمئن إليه المحكمة سواء بالنسبة لمن صدر عنه هذا الاعتراف أو بالنسبة للمتهمين الثاني (الطاعن الثاني) والثالث ..." وما أورده الحكم فيما تقدم سديد في القانون. ذلك بأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وسلطات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً، إذ مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى باعترافه، ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع. وإذ كانت قد اطمأنت إلى اعتراف الطاعن الأول فإن لها أن تأخذ الطاعن الثاني به لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه من قالة التناقض حين عول في إدانته على تحريات الشرطة في الوقت الذي أهدرها فيه حين برأ المتهم الرابع في الدعوى، ما ينعاه من ذلك مردود بأن الحكم أورد في شأن من قضي ببراءته من المتهمين ما نصه. "وترى المحكمة أن الاتهام المسند إلى المتهم الرابع يحوطه الشك والريبة ذلك أن الثابت من الأوراق حسبما سلف البيان أن دور هذا المتهم كان قاصراً على حضوره واقعة إخفاء المتهم الثالث للبندقية المختلسة فقط وكان ذلك بسبب صلة النسب التي تربطه بالمتهم الثالث ويؤيد هذا النظر مبادرته بالإرشاد عن مكان إخفاء البندقية فور مواجهته بما أسفرت عنه التحريات كما لا يوجد في الأوراق ما يفيد علم هذا المتهم بأن البندقية متحصلة من جناية أو جنحة ومن ثم يتعين القضاء ببراءته مما أسند إليه". وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق