الصفحات

الخميس، 17 يناير 2019

الطعن 1773 لسنة 38 ق جلسة 10 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 49 ص 231


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
------------
قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "سلطة محكمة النقض".
المسئولية الجنائية لصاحب العمل والمقاول عن أعمال الحفر. حدودها؟
الأصل أن من يشترك في أعمال الحفر لا يسأل إلا عن نتائج خطئه الشخصي، فصاحب العمل لا يعتبر مسئولاً جنائياً عما يصيب الناس من الأضرار بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات المعقولة التي تقي الأنفس مما قد يصيبها من الأضرار إلا إذا كان العمل جارياً تحت ملاحظته وإشرافه الخاص، فإن عهد به كله أو بعضه إلى مقاول مختص يقوم بمثل هذا العمل عادة تحت مسئوليته فهو الذي يسأل عن نتائج خطئه. وإذ كان ذلك، وكان ما تساند إليه الحكم في قضائه بإدانة الطاعن الأول من أنه كان يتردد على مكان الحفر ولم يمنع العمال من وضع الأتربة بجوار السور، لا يكفي - ترتيباً على هذا النظر - لمساءلته، ذلك بأن هذا الذي ساقه الحكم ليس يدل في فحواه على مجرد اطمئنان الطاعن الأول على مجريات سير العمل بوصفه رباً له غير مسئول عن اتخاذ احتياطات بشأنه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعنين نظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 5 مارس سنة 1963 بدائرة بندر سوهاج (أولا) تسببا خطأ في موت كل من .... و..... وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احترازهما وإخلالهما إخلالا جسيما بما تفرضه عليهما أصول مهمتهما كمقاولين بأن كلفا عمالهما المجهولين بحفر أرض مملوكة للأول. وطلب منهم إلغاء ما يتخلف عن الحفر من أتربة بجوار سور مدرسة .... بسوهاج فتراكمت الأتربة لثقلها علي السور الذي لم يتحملها فسقط علي الطلبة المتواجدين بجواره وحدثت بالمجني عليها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتهما. (ثانيا) تسببا خطأ في إحداث إصابة كل من ..... و....... و...... و..... و.... و.......و..... وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احترازهما وإخلالهما إخلالا جسيما بما تفرضه عليهما أصول مهنتهما كمقاولين بأن كلفا عمالهما المجهولين بحفر أرض مملوكة للأول فطلبا منهم إلقاء ما يتخلف عن الحفر من أتربة بجوار سور دار .... العامة بسوهاج فتراكمت الأتربة علي السور الذي لم يتحملها فسقط علي الطلبة المتواجدين بجواره وحدثت بالمجني عليهم الإصابات المبينة بالتقرير الطبي. وطلبت عقابهما بالمواد 238/1، 2 و244/1-2-3 من قانون العقوبات. وادعى مدنيا قبل المتهمين كل من ..... بمبلغ 500 ج و.... بمبلغ 200ج و..... و..... و...... بمبلغ 100ج لكل منهم علي سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة بندر سوهاج الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ عن التهمتين وإلزامهما بالتضامن بأن يدفعا لـ..... المدعي بالحق المدني مبلغ 500ج وأن يدفعا لـ.... مبلغ 200ج ولكل من ........ و...... و....مائة جنيه وإلزامهما بالتضامن بالمصروفات المناسبة ومبلغ 20ج مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف كل من المتهمين والمدعين بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا عملا بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها بالنسبة إلى المتهمين مدة ثلاثة سنوات تبدأ من يوم صدور هذا الحكم. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد ران عليه القصور، ذلك بأنه على الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد سلم بأن الطاعن الأول كلف الطاعن الثاني بوصفه مقاولاً - بعملية حفر الأساس في أرض كان شارعاً في البناء عليها، وأن عمال هذا الأخير أسندوا الأتربة الناتجة عن الحفر إلى سور مجاور فانهار على المجني عليهم، مما مفاده استقلال المركز القانوني للطاعن الأول في واقعة الدعوى، عن مركز الطاعن الثاني، فإن الحكم المطعون فيه - وقد راح يسائل الطاعن عن المساهمة في الجريمتين لمجرد أنه كان يتردد على مكان العمل ولم يمنع العمال من وضع الأتربة بجوار السور، وفاته أن هذا التردد - في الظروف المار ذكرها - لم يكن بقصد الإشراف على عمال الطاعن الثاني فيما ناط بهم القيام به تنفيذاً لعقد المقاولة، بل لمجرد الاطمئنان إلى إنجاز العمل، شأنه في ذلك شأن أي مالك معني بأمر نفسه - يكون قد قام على ما لا يحمله، فبات معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه خلص إلى إدانة الطاعنين بقوله: "وحيث إن المحكمة ترى أن الاتهام ثابت قبل المتهمين - الطاعنين - من اعتراف المتهم الأول بالتحقيقات أنه كلف الثاني بالحفر بصفته مقاولاً وأنه كان، أي الأول، يتردد على مكان الحفر وأنه ذهب قبل الحادث بستة أيام ويوم الحادث وأنه لم يمنع العمال من وضع الأتربة بجوار الحائط بل إنه قرر بأقواله بأن وضع الأتربة بجوار الحائط سببه هو إعادة ردها بعد الحفر الأمر الذي يستفاد منه أنه وافق على قيام العمال بوضع الأتربة بجوار الحائط ولم يمنعهم وثابت أيضاً قبل الثاني من اعترافه بأنه كان يقوم بالعمل بواسطة العمال بالحفر، ومن اعتراف بعض العمال من أن المتهم الثاني كان موجوداً يوم الحادث في الساعة السابعة صباحاً ولم يمنع العمال من وضع الأتربة بجوار الحائط وهو العامل...، ومن التقرير الفني والثابت منه أن وضع الأتربة بجوار الحائط كان السبب المباشر في انهيار الحائط وأنه كان يتعين على من يشرف على العمال أن يقوم بوضع الأتربة بعيداً عن الحائط ولأن ضغط الأتربة هو الذي أدى مباشرة إلى هدم السور." لما كان ذلك، وكان الحكم في استخلاصه للإدانة يقوم - على ما سلف إيراده - على أنه كان يتعين على من يشرف على العمال أن يقوم بوضع الأتربة بعيداً عن السور ليتفادى ضغطها الذي أدى إلى سقوطه، وأن الطاعن الأول - وهو صاحب العمل - عهد إلى الطاعن الثاني بعملية الحفر - بوصفه مقاولاً - وأن الطاعن الثاني اعترف بأنه كان يقوم بالعمل بواسطة العمال. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من يشترك في أعمال الحفر لا يسأل إلا عن نتائج خطئه الشخصي، فصاحب العمل لا يعتبر مسئولاً جنائياً عما يصيب الناس من الأضرار بسبب عدم اتخاذ الاحتياطات المعقولة التي تقي الأنفس مما قد يصيبها من الأضرار إلا إذا كان العمل جارياً تحت ملاحظته وإشرافه الخاص، فإن عهد به كله أو بعضه إلى مقاول مختص يقوم بمثل هذا العمل عادة تحت مسئوليته فهو الذي يسأل عن نتائج خطئه. لما كان ذلك، وكان ما تساند إليه الحكم في قضائه بإدانة الطاعن الأول من أنه كان يتردد على مكان الحفر ولم يمنع العمال من وضع الأتربة بجوار السور، لا يكفي - ترتيباً على هذا النظر - لمساءلته، ذلك بأن هذا الذي ساقه الحكم ليس يدل في فحواه على مجرد اطمئنان الطاعن الأول على مجريات سير العمل بوصفه رباً له غير مسئول عن اتخاذ احتياطات بشأنه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الأول وإلى الطاعن الثاني، وذلك نظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن الطاعنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق