الصفحات

الخميس، 17 يناير 2019

الطعن 1756 لسنة 38 ق جلسة 10 / 2 / 1969 مكتب فني 20 ج 1 ق 48 ص 227


برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور خلف.
-------------
- 1  جريمة. "أركان الجريمة". انتهاك حرمة ملك الغير. حيازة. قانون. "تفسيره". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نظام عام.
الركن المادي في جريمة دخول منزل في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة. متى يتحقق؟ معنى الدخول في حكم المادة 369 عقوبات؟
إن البين من نص المادة 369 من قانون العقوبات في واضح عبارته، وصريح دلالته، وعنوان الباب الذي وضع فيه - وهو الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث تحت عنوان "انتهاك حرمة ملك الغير" - وسياق وضعه ومن الأعمال التحضيرية له، أن "الدخول" المكون للركن المادي في جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة لفظ اصطلاحي يفيد كل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليها بالقوة، سواء كانت هذه الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن، وسواء كان الحائز مالكاً للعقار أو غير ذلك، تقديراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز العقار دون الالتجاء إلى القضاء ولو استنادا إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة للعدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام.
- 2 جريمة. "أركان الجريمة". انتهاك حرمة ملك الغير. حيازة. قانون. "تفسيره". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نظام عام.
مثال لتسبب معيب في توافر الركنين المادي والمعنوي في جريمة دخول منزل في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة.
من المقرر أنه لا يكفي لتوافر الركن المادي في جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أن يكون المتهم قد تصرف في العقار ببيعه إلى الغير أو أن يكون قد رفع دعوى بأحقيته في وضع يده أو أن يكون قد اعترض على قرار النيابة في شأن تمكين خصمه من وضع يده، مهما كان في ذلك من الافتئات على الملك أو وضع اليد، ما دام هو لم يصدر منه فعل يعتبر تعرضاً مادياً أو غصباً للحيازة الثابتة لغيره ولو بسند باطل. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين أنهما باعا العين المتنازع عليها لآخر، وأنه سبق لهما شراؤها من شخص آخر ادعى أنه اشتراها بدوره من المطعون ضده بموجب عقد مطعون فيه بالتزوير دون أن يثبت اقتران هذا التصرف القانوني بفعل مادي يصدق عليه أنه "دخول" بالمعنى الاصطلاحي الذي عناه الشارع وبينه حسبما تقدم، وأن هذا الدخول كان بنية منع حيازة المجني عليه للعقار بالقوة، فإن الحكم يكون قاصراً عن بيان الواقعة المكونة للجريمة بركنيها المادي والمعنوي طبقاً لما افترضته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 5 أبريل سنة 1964 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: دخلا عقارا في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة. وطلبت عقابهما بالمادة 369 من قانون العقوبات. وادعى مدنيا ....... وطلب القضاء له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد علي سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت عملا بمادة الاتهام حضوريا اعتباريا للأول وحضوريا للثاني بتغريم كل منهما عشرين جنيها وإلزامهما بأن يدفعا إلى المدعي بالحق المدني قرشا واحدا علي سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة دخول عقار قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ذلك بأن الأمر لا يعدو أن يكون نزاعاً على الملك لا جريمة فيه والقانون إنما يحمي الحيازة ولو بناء على حق متنازع عليه، ولم يدع المدعي بالحقوق المدنية أن أحداً دخل العقار عنوة بقصد منع حيازته بالقوة، فإذا كان الحكم قد دان الطاعنين على أساس أنهما اعتديا على الملك المطعون ضده فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى أن المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - حاز أرضاً فضاء مساحتها 1048 متراً مربعاً بميدان وهبي بمنشية البكري يملكها بالشراء بموجب عقد مسجل وأنه يباشر حيازته لها بالمرور عليها من حين لآخر، وإذ مر في بعض الأيام وجد بها أخشاباً وخفيراً معيناً من قبل من زعم أنه تملك بالشراء جزءاً من الأرض بموجب عقد بيع صادر من الطاعنين، اللذين سبق لهما شراؤها ممن يدعى "...." الذي ادعى أنه اشتراها من المطعون ضده بعقد بيع طعن بتزويره في دعوى لا زالت قائمة وأنه وضع فيها ثلاجة وعربة إيهاماً بوضع يده الأمر الذي أبلغ الشرطة عنه في حينه فاسترد حيازته. وأشهد على حيازته للأرض حيازة هادئة مستمرة مدة تزيد على عام، ..... و.... اللذين صادقاه. وانتهى الحكم من تقريره واستدلاله إلى معاقبة الطاعنين بجريمة دخول عقار في حيازة المدعي المدني بقصد منع حيازته بالقوة. وهذا الذي أورده الحكم معيب بالقصور في التسبيب، ذلك أن المادة 369 من قانون العقوبات التي دين الطاعنان بموجبها تقضي بمعاقبة من دخل عقاراً في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة. وقد ورد نصها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث تحت عنوان "انتهاك حرمة ملك الغير" وجاءت تعليقات الحقانية أن الغرض من النص هو معاقبة من يتعرض بالقوة لواضعي اليد محافظة على النظام العام. والبين من هذا النص في واضح عبارته، وصريح دلالته، وعنوان الباب الذي وضع فيه، وسياق وضعه ومن الأعمال التحضيرية له، أن "الدخول" المكون للركن المادي في الجريمة لفظ اصطلاحي يفيد كل فعل يعتبر تعرضاً مادياً للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليها بالقوة، سواء كانت هذه الحيازة شرعية مستندة إلى سند صحيح أو لم تكن، وسواء كان الحائز مالكاً للعقار أو غير ذلك، تقديراً من الشارع أن التعرض المادي إذا وقع لحائز العقار دون الالتجاء إلى القضاء ولو استناداً إلى حق مقرر يعتبر من الجاني إقامة للعدل بنفسه مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام، ولا يكفي لتوافر الركن المادي في الجريمة أن يكون المتهم قد تصرف في العقار ببيعه إلى الغير أو أن يكون قد رفع دعوى بأحقيته في وضع يده أو أن يكون قد اعترض على قرار النيابة في شأن تمكين خصمه من وضع يده، مهما كان في ذلك من الافتئات على الملك أو وضع اليد، ما دام هو لم يصدر منه فعل يعتبر تعرضاً مادياً أو غصباً للحيازة الثابتة لغيره ولو بسند باطل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين أنهما باعا العين المتنازع عليها لآخر، وأنه سبق لهما شراؤها من شخص آخر ادعى أنه اشتراها بدوره من المطعون ضده بموجب عقد مطعون فيه بالتزوير دون أن يثبت اقتران هذا التصرف القانوني بفعل مادي يصدق عليه أنه "دخول" بالمعنى الاصطلاحي الذي عناه الشارع وبينه حسبما تقدم، وأن هذا الدخول كان بنية منع حيازة المجني عليه للعقار بالقوة، فإن الحكم يكون قاصراً عن بيان الواقعة المكونة للجريمة بركنيها المادي والمعنوي طبقاً لما افترضته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ويتعين لذلك نقضه والإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق