الصفحات

الاثنين، 3 ديسمبر 2018

الطعن 430 لسنة 49 ق جلسة 11 / 6 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 306 ص 1602

جلسة 11 من يونيه سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. أحمد حسنى، يحيى الرفاعي، محمد طموم وزكى المصري.

-----------------

(306)
الطعن رقم 430 لسنة 49 القضائية

 (1)التزام "انقضاء الالتزام": "الوفاء". أوراق تجارية "شيك". تزوير. بنوك "وفاء البنك بقيمة شيك مزور".
وفاء البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور على عميله. وفاء غير صحيح وغير مبرئ لذمة البنك. علة ذلك. تبعة الوفاء ولو تم بطريق الخطأ تقع على عاتق البنك ما لم يكن قد وقع خطأ من جانب العميل الوارد اسمه بالبنك فيتحمل هو تبعة خطئه.
 (2)عقد "عقد الحساب الجاري".
عقد الحساب الجاري كما يكون صريحاً يمكن أن يكون ضمنياً تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها، تكييف العلاقة بين الجهات الحكومية وبين البنك المركزي في شأن معاملاتها المالية بأنها عقد حساب جار. لا خطأ.
 (3)بنوك "البنك المركزي". وكالة.
تفويض البنك المركزي للبنك الطاعن في القيام نيابة عنه بصرف الشيكات الحكومية في الأقاليم. وكالة في تنفيذ عقد الحساب الجاري القائم بين الجهات الحكومية والبنك المركزي دون أن يكون مرخصاً للأخير في إجرائها. أثر ذلك. خطأ البنك الطاعن يرتب المسئولية العقدية للبنك المركزي ويجعله متضامناً في هذه المسئولية.

---------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن ذمة البنك المسحوب عليه لا تبرأ قبل عميله الذى عهد إليه بأمواله إذا أوفى البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور عليه لأن هذه الورقة لم يكن لها في أي وقت وصف الشيك لفقدها شرطاً جوهرياً لوجودها هو التوقيع الصحيح للساحب ومن ثم فلا تقوم القرينة المقررة في المادة 144 من القانون التجاري التي تفترض صحة الوفاء الحاصل من المسحوب عليه ويعتبر وفاء البنك بقيمتها وفاء غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه وبالتالي فإن هذا الوفاء - ولو تم بغير خطأ - من البنك لا يبرئ ذمته قبل العميل ولا يجوز قانوناً أن يلتزم هذا العميل بمقتضى توقيع مزور عليه لأن الورقة المزورة لا حجية لها عن من نسبت إليه ولهذا فإن تبعة الوفاء تقع على عاتق البنك أياً كانت درجة إتقان التزوير وذلك كله بشرط عدم وقوع خطأ من جانب العميل الوارد اسمه في الصك وإلا تحمل هو تبعة خطئه.
2 - إذ كانت المادة السادسة من القانون رقم 250 سنة 1960 تنص على أن يتولى البنك المركزي مزاولة العمليات المصرفية العائدة للحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى فإن ذلك لا يتعارض مع تكييف العلاقة بين الجهات الحكومية وبين البنك المركزي في شأن معاملتها المالية بأنها عقد حساب جار ذلك أن هذا العقد كما يكون صريحاً يمكن أن يكون ضمنياً تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها، ويبقى النص بعد ذلك محدداً البنك الذى يتعين أن تفتح فيه الحسابات الجارية للجهات الحكومية.
3 - إذ كان البنك الطاعن يقر بأن العلاقة بينه وبين البنك المركزي يحكمها التفويض الصادر من الأخير في القيام نيابة عنه بصرف الشيكات الحكومية في الأقاليم فإن الأمر ينطوي على وكالة صادرة له في تنفيذ عقد الحساب الجاري القائم بين الجهات الحكومية والبنك المركزي دون أن يكون مرخصا للأخير في إجراء هذه الوكالة. ولما كانت المادة 708 من القانون المدني تنص في فقرتها الأولى على أنه إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصا له في ذلك كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية كما يجوز طبقا للفقرة الثالثة من ذات المادة للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر، لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن وفاء البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور على عميله وفاء غير صحيح وغير مبرئ لذمة البنك فإن وفاء البنك بقيمة الشيك المزور لا يبرئ ذمته قبل العميل بحيث تقع تبعة الوفاء. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قيام خطأ في جانب البنك الطاعن في تنفيذ عقد الوكالة حين قام بصرف الشيكات المزورة دون أن يتأكد من صحة توقيع العميل بما يحقق مسئوليته العقدية تجاه الموكل فإنه يكون لدائن الأخير الرجوع عليه بموجب الدعوى المباشرة ولا يسقط حقه في الرجوع عليه إلا بالتقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ذلك أن التزام البنك الطاعن في هذه الحالة أساسه المسؤولية العقدية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم 2853 سنة 1973 مدني كلي طنطا على البنك الطاعن وباقي المطعون ضدهم بطلب إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 11303.60 جنيه وقال بياناً لدعواه أن المطعون ضده الثاني استعمل طرقاً احتيالية وتزويراً في أوراق رسمية وتمكن بمساعدة بعض العاملين ببنك مصر فرع طنطا من الاستيلاء على مبلغ 34749.030 جنيه من أموال جامعة الإسكندرية وذلك بموجب شيكات حكومية مزورة تم صرفها من فرع البنك الأهلي المصري بطنطا بصفته القائم بأعمال البنك المركزي في تلك المدينة وقد تمكنت النيابة من ضبط مبالغ نقدية من بين ما استولى عليه المذكور بلغت 23445.442 جنيه ردت لحسابات الجامعة وقدم المطعون ضده الثاني للمحاكمة في الجناية رقم 667 لسنة 1966 الإسكندرية فقضى بتاريخ 22/ 2/ 1968 بالإشغال الشاقة سبع سنوات ولما كان التحقيق الذى أجرته النيابة الإدارية قد أسفر عن أن المذكور تمكن من ارتكاب فعله بمساعدة بعض المطعون ضدهم من العاملين ببنك مصر فرع طنطا كما ساعده على ذلك إهمال البعض الآخر من العاملين بجامعة الإسكندرية فقد أقيمت الدعوى للمطالبة بالباقي من المبلغ المختلس وقدره 11303.604 جنيه دفع البنك الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أنه قام بصرف الشيكات الحكومية موضوع الدعوى بصفته وكيلاً عن البنك المركزي (المطعون ضده الحادي عشر)، كما دفع المطعون ضده السابع (بنك مصر) بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 172 من القانون المدني وبتاريخ 19/ 1/ 1977 قضت محكمة أول درجة بقبول الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 19 سنة 37 ق مدني وبتاريخ 3/ 1/ 1979 قضت محكمة استئناف طنطا بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لبعض المطعون ضدهم وبإلزام الطاعن والمطعون ضدهما السابع (بنك مصر) والحادي عشر (البنك المركزي) متضامنين فيما بينهم والمطعون ضده الثاني بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ 11303.604 طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب حاصل السببين الأول والثالث مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب وفى بيان ذلك يقول البنك الطاعن (البنك الأهلي المصري) أن الحكم المطعون فيه اعتبر علاقته بالبنك المطعون ضده الحادي عشر (البنك المركزي المصري) علاقة تعاقدية وأنه أوفى بقيمة الشيكات موضوع النزاع دون أن يتحقق من سلامتها ولم يتخذ الحيطة الواجبة مما سهل للمطعون ضده الثاني الحصول بغير حق على أموال المطعون ضده الأول وهو ما يخالف القانون والعرف المصرفي ولما كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بانتفاء مسئوليته لأن الوفاء بالشيكات موضوع الدعوى إنما كان نتيجة خطأ وإهمال المطعون ضده الأول وموظفيه على ما ثبت من تحقيقات النيابة العامة والنيابة الإدارية كما أنه قام بصرف الشيكات باعتباره وكيلاً عن البنك المطعون ضده الحادي عشر وأنه بذل الحيطة الكافية ولم يخرج عن حدود الوكالة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ترتيب مسئوليته عن صرف الشيكات المزورة دون أن يعرض لما أثاره من دفاع أو يرد عليه فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون قد جاء مشوباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن ذمة البنك المسحوب عليه لا تبرأ قبل عمليه الذى عهد إليه بأمواله إذا أوفى البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور عليه لأن هذه الورقة لم يكن لها في أي وقت وصف الشيك لفقدها شرطاً جوهرياً لوجودها هو التوقيع الصحيح للساحب ومن ثم فلا تقوم القرينة المقررة في المادة 144 من القانون التجاري التي تفترض صحة الوفاء الحاصل من المسحوب عليه ويعتبر وفاء البنك بقيمتها وفاء غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه وبالتالي فإن هذا الوفاء - ولو تم بغير خطأ - من البنك لا يبرئ ذمته قبل العميل ولا يجوز قانوناً أن يلتزم هذا العميل بمقتضى توقيع مزور عليه لأن الورقة المزورة لا حجية لها على من نسبت إليه ولهذا فإن تبعة الوفاء تقع على عاتق البنك أياً كانت درجة إتقان التزوير وذلك كله بشرط عدم وقوع خطأ من جانب العميل الوارد اسمه في الصك وإلا تحمل هو تبعة خطئه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن البنك الطاعن قد أخطأ بعدم التحقق من سلامة الشيك ومن صحة التوقيع ولم يتخذ الحيطة الواجبة كما لم يتبع الإجراءات المقررة في هذه الأحوال وإلى أنه ذلك هو السبب المباشر في تمكين المطعون ضده الثاني من الحصول بغير وجه حق على أموال المطعون ضده الأول ورتب على ذلك إلزام الطاعن بقيمة الشيكات موضوع النزاع ولما كان هذا الذى قرره الحكم صحيحاً في القانون على ما سلف بيانه ويحمل الرد الضمني على ما تمسك به الطاعن في دفاعه فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وفى تأويله وتفسيره وذلك من وجهين حاصل أولهما أن العلاقة بين المطعون ضده الأول والمطعون ضده الحادي عشر ليست علاقة عقدية وإنما يحكمها القانون رقم 250 لسنة 1960 على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، كما أن العلاقة بين البنك الطاعن والمطعون ضده الحادي عشر يحكمها التفويض الصادر من الأخير إلى الأول في القيام نيابة عنه في صرف الشيكات الحكومية في الأقاليم ولا توجد ثمة علاقة بين البنك الطاعن والمطعون ضده الأول، ومن ثم فإن رجوع هذا الأخير على البنك الطاعن حتى لو سلم جدلاً بأن العلاقة بين البنك المطعون ضده الحادي عشر وبين المطعون ضده الأول هي علاقة عقدية فإن الحساب الجاري هو الذى يحكمها وليس عقد الوكالة فلا يكون للدائن أن يرجع على غير مدينه في العلاقة الناشئة عن هذه المديونية إلا بالدعوى غير المباشرة وقد خلط الحكم المطعون فيه بين الحق والدعوى فتصور خطأ أن الدعوى المباشرة تنشئ علاقة تعاقدية بين البنك الطاعن والمطعون ضده الأول ورتب على ذلك أن مسئولية الطاعن قبل هذا الأخير مسئولية عقدية لا تسقط الدعوى الناشئة عنه إلا بمقتضى خمسة عشر عاماً وإذ رتب على ذلك رفض الدفع بالتقادم الثلاثي المبدى من الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفى تأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مرود في وجهيه ذلك أنه إذا كانت المادة السادسة من القانون رقم 250 لسنة 1960 تنص على أن يتولى البنك المركزي مزاولة العمليات المصرفية العائدة للحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى فإن ذلك لا يتعارض مع تكييف العلاقة بين الجهات الحكومية وبين البنك المركزي في شأن معاملتها المالية بأنها عقد حساب جار ذلك أن هذا العقد كما يكون صريحاً يمكن أن يكون ضمنياً تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها، ويبقى النص بعد ذلك محدداً للبنك الذى يتعين أن تفتح فيه الحسابات الجارية للجهات الحكومية، ولما كان البنك الطاعن يقر بأن العلاقة بينه وبين البنك المركزي يحكمها التفويض الصادر له من الأخير في القيام نيابة عنه بصرف الشيكات الحكومية في الأقاليم فإن الأمر ينطوي على وكالة صادرة له في تنفيذ عقد الحساب الجاري القائم بين الجهات الحكومية والبنك المركزي دون أن يكون مرخصاً للأخير في إجراء هذه الوكالة. ولما كانت المادة 708 من القانون المدني تنص في فقرتها الأولى على أنه إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له في ذلك كان مسؤولا عن عمل النائب كما لو كان هذا لعمل قد صدر منه هو ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية كما يجوز طبقاً للفقرة الثالثة من ذات المادة للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الأخر، لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى - على ما سلف البيان - بأن وفاء البنك بقيمة الشيك المزور لا يبرئ ذمته قبل العميل بحيث تقع عليه تبعه الوفاء وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قيام خطأ في جانب البنك الطاعن في تنفيذ عقد الوكالة حين قام بصرف الشيكات المزورة دون أن يتأكد من صحة توقيع العميل بما يحقق مسئوليته العقدية تجاه الموكل فإنه يكون للدائن الأخير الرجوع عليه بموجب الدعوى المباشرة ولا يسقط حقه في الرجوع عليه إلا بالتقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ذلك أن التزام البنك الطاعن في هذه الحالة أساسه المسؤولية العقدية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق