الصفحات

الخميس، 26 يوليو 2018

الطعن 5318 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 71 ص 453

جلسة 7 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

----------------

(71)
الطعن رقم 5318 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها".
عدم توقيع أسباب الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات التسبيب" "بطلانه". بطلان.
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها. وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب.
(3) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب".
جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق. اقتضاؤها وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة.
دخول المال في ملك الدولة. لا يتأتى إلا إذا آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه أو يكون الموظف سهل لغيره ذلك بشرط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء.
وجوب بيان الحكم صفة الطاعن وكونه موظفاً وأن الوظيفة قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت لتوافر أركان الجريمة.
(4) استيلاء على أموال أميرية. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام. غير لازم. شرط ذلك: أن يكون ما أورده من وقائع ما يدل على قيامه.
(5) تزوير. اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاشتراك في جرائم التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. استخلاص توافره. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) تزوير. اشتراك. قصد جنائي.
جريمة استعمال الورقة المزورة. قيامها: بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة. مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها لا يكفي. ما دام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
(7) استيلاء على أموال أميرية. تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
عدم بيان الحكم كيفية تسهيل الوظيفة استيلاء الغير على مال الدولة واستظهار نية كل طاعن. وخلوه من تفاصيل كل استمارة من الاستمارات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو شارك فيه وكيفية المشاركة والدليل على ذلك. قصور.
اتصال وجه الطعن بمحكوم عليه قضى بعدم قبول طعنه شكلاً. أثره: امتداد أثر الطعن إليه. صدور الحكم غيابياً على المحكوم عليهما الآخرين من محكمة الجنايات. لا يمتد أثر الطعن إليهما. علة ذلك؟

-----------------
1 - لما كان الطاعن الرابع عشر.... وإن قرر بالطعن به في الميعاد القانوني إلا أن مذكرة الأسباب لم يوقع عليها في أصلها وصورها محامي حتى فوات ميعاد الطعن إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن طعنه يكون قد فقد أحد مقوماته الشكلية ويتعين القضاء بعدم قبوله شكلاً.
2 - من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
3 - من المقرر أن جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة. ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحم أن يبين صفة كمل طاعن وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمة.
4 - من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
5 - من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
6 - من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين قد طوعت لهم تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية كل طاعن أنها انصرفت إلى تضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمة تسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كل استمارة من الاستمارات الثمانية موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل طاعن نسب إليه استعمال المحرر المزور، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان. فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه للطاعنين والطاعن الآخر الذي قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. دون المحكوم عليهما الخامس عشر والسادسة عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهما غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبيته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من 1 - .... "طاعن". 2 - .... "طاعن". 3 - .... "طاعن". 4 - .... "طاعن". 5 - .... "طاعن". 6 - .... "طاعن". 7 - .... "طاعن". 8 - .... "طاعن". 9 - .... "طاعن". 10 - .... "طاعن". 11 - .... "طاعن". 12 - .... "طاعن". 13 - .... "طاعن". 14 - .... "طاعن". 15 - .... 16 - .... .
أولاً: المتهمون من الأول حتى الرابع عشر: - بصفتهم موظفين عموميين "الأول والثاني" باحثان بقسم....، والثالث.... والباقون عاملون.... سهلوا للمتهمين الخامس عشر والسادسة عشر الاستيلاء بغير حق على مبالغ قدرها 304320 (ثلاثمائة وأربعة ألف وثلاثمائة وعشرون جنيهاً) لبنك.... بأن تقدم المتهمون الرابع والخامس والثالث عشر إلى جهة عملهم باستمارات ضمت أسماء موظفين وهميين وحقيقيين نسب إليهم بمقتضاها طلبهم الحصول على قروض إنتاجية جماعية من بنك.... حيث اعتمدها وباقي المستندات المزورة المتعلقة بها المتهمون من السادس إلى الثاني عشر رغم علمهم بعدم صحة إجراءاتها وقد واكب كل ما تقدم تداخل المتهمين الثلاثة الأول في إجراءات قبول واعتماد تلك المستندات حالة كونهم يعلمون بحقيقة أمرها، وبتلك الحيل تمكن الجناة من الاستيلاء بغير حق على المال العام وقد ارتبطت هذه الجريمة بجنايتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة على النحو الموضح بالتهمتين الثانية والثالثة. ثانياً: ( أ ) المتهمون من الثالث عشر إلى الخامس عشر: ارتكبوا تزويراً في محررات رسمية هي "استمارات طلب قروض إنتاجية جماعية من بنك.... وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة بأن اصطنعوا تلك الاستمارات على غرار المحررات الصحيحة وضمنوها على خلاف الحقيقة طلبات بعض موظفي.... لقروض وقد أسبغت صفة الرسمية على هذه الاستمارات باعتمادها من الموظفين المختصين على النحو المبين بالتحقيقات. (ب) المتهمون من السادس إلى الثاني عشر اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر في ارتكاب جريمة التزوير موضوع التهمة السابقة بأن اتفقوا معهم على اصطناع استمارات على غرار تلك التي يحررها راغبي الحصول على قروض إنتاجية جماعية وساعدوهم على ذلك بأن تلقوها منهم وقدموها لاتخاذ إجراءات إقرارها من المختصين حسني النية ثم اعتمادهم بأنفسهم مسبغين عليها صفة رسمية لتأخذ المظهر الرسمي الذي يعتد به بنك.... ثالثاً المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر استعملوا المحررات المزورة سالفة البيان فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها لبنك.... للحصول على مبالغ القروض سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41، 113/ 1 - 2، 118، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة كل من (الطاعنين) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وعزلهم من وظائفهم عدا السابع والتاسع وبتغريمهم جميعاً والآخرين متضامنين مبلغ 304320 جنيهاً (فقط ثلاثمائة وأربعة آلاف وثلاثمائة وعشرين جنيهاً).
فطعن الأساتذة.... المحامون عن المحكوم عليهم من الأول حتى الرابع عشر.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الرابع عشر.... وإن قرر بالطعن به في الميعاد القانوني إلا أن مذكرة الأسباب لم يوقع عليها في أصلها وصورها محامي حتى فوات ميعاد الطعن إعمالاً للفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن طعنه يكون قد فقد أحد مقوماته الشكلية ويتعين القضاء بعدم قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال عامة - مال لبنك.... - والتزوير في محررات رسمية والاشتراك فيها واستعمالها مع العلم بتزويرها قد شابه القصور في البيان والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه جاء قاصراً في بيان واقعات الدعوى والظروف التي لابساتها والأفعال التي أتاها كل منهم وخلا من استظهار عناصر الجرائم التي دانهم بها وأركانها وإيراد مؤدى الأدلة المؤيدة لذلك، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن الأول سلم المتهم الخامس عشر وهو صاحب شركة قطاع خاص استمارة قرض إنتاجي جماعي ليقوم بتصويرها عدة نسخ وملأ بياناتها بأسماء بعض العاملين بهيئة.... بالمخالفة للتعليمات التي توجب تسليم الاستمارات لمندوب الجهة طالبة القروض وقام الأخير بالتواطؤ مع الطاعنين الثالث عشر والرابع عشر وهما من موظفي هيئة.... بتحرير الاستمارات بأسماء بعض الموظفين اللذين جحدوا رغبتهم في الحصول على قروض كما جحدوا التوقيعات المنسوبة إليهم وقام الأخيران بتقديم الاستمارات للطاعنين السادس والسابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر وهم من موظفي الهيئة فقاموا باعتمادها رغم علمهم بحقيقة أمرها متواطئين بذلك مع المتهم الخامس عشر، وقام الطاعن السادس بالتوقيع على ثلاث خطابات موجهة من الهيئة إلى بنك.... بتفويض الطاعن الخامس بإنجاز إجراءات القروض مع موظفي البنك وهم الطاعنين الأول والثاني والثالث كما حرر خطابين بتفويض الطاعن الرابع بإنجاز البنك مع الطاعنين الثاني والسابع على أن يتم تسليم الشيكات لكل من الطاعنين الرابع والخامس وقام الطاعن السابع بالتوقيع على ثلاث خطابات موجهة من الهيئة للبنك بتفويض الرابع في استكمال الإجراءات واستلام الشيكات مع الخامس والسادس والثامن. ثم قام المتهم الخامس عشر بإضافة أسماء وعناوين وهمية وذيلت بتوقيعات وهمية ثم قام ومعه الطاعن الرابع بالتقدم بتلك الاستمارات لكل من الطاعنين الأول والثاني والثالث لاعتمادها فقاموا بذلك رغم أن هناك توقيعات لم تستوف من المختصين بالهيئة وبذلك تمكن المتهم الخامس عشر من استلام شيكات بالمبلغ موضوع القضية وقامت زوجته المتهمة السادسة عشر بصرفها باسمها إذ كانت تقف على جميع الخطوات المار ذكرها ثم أورد الحكم مؤدى أدلته مستقاة من أقوال الشهود وما قرره المتهمان الخامس عشر والسادسة عشر والطاعنون الرابع والخامس والثالث عشر بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة. ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة كل طاعن وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمة وأنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ومن المقرر أيضاً أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان ذلك كله، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين قد طوعت لهم تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية كل طاعن أنها انصرفت إلى تضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمة تسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كل استمارة من الاستمارات الثمانية موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل طاعن نسب إليه استعمال المحرر المزور، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه للطاعنين والطاعن الآخر الذي قضى بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. دون المحكوم عليهما الخامس عشر والسادسة عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهما غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبيته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية. وذلك دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق