الصفحات

الأربعاء، 11 يوليو 2018

الطعن 3048 لسنة 63 ق جلسة 12 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 52 ص 353

جلسة 12 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وحسين الصعيدي.

------------------

(52)
الطعن رقم 3048 لسنة 63 القضائية

(1) تسجيلات "إذن التسجيل. إصداره" "تنفيذه". دفوع "الدفع بصدور إذن التسجيل بعد التسجيل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور إذن التسجيل بعد إجرائه. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى تمام التسجيلات بناء على الإذن رداً عليه.
إثبات ساعة إصدار الإذن بالتسجيل. لزومه. عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح به.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". تسجيلات "إذن التسجيل. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع أمسك الطاعن عن إبدائه. كفاية اطمئنان المحكمة أن التسجيلات تمت بعد صدور الإذن بها وقبل نفاذ أجله.
(3) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يقدح في قيام جريمة الرشوة. أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها. وألا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي. متى كان عرضها جدياً في ظاهره. وقبله الموظف باعتباره جدياً ومنتوياً العبث بمقتضيات الوظيفة.
الدفاع ظاهر البطلان. للمحكمة الالتفات عنه.
(4) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص منها الإدانة.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. إثباته واقعة الدعوى وإيراده مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة. انحسار دعوى القصور في التسبيب عنه.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قيام المحاكمات الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً.
جواز امتناع المحكمة عن سماع شهادة الشاهد. متى وضحت الواقعة لديها وضوحاً كافياً. المادة 273 إجراءات.
(6) رشوة جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
التوسع في مدلول الرشوة طبقاً للمادة 103 مكرراً عقوبات شموله من يستغل من الموظفين العموميين ومن ألحق بهم. وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو على أساس الاختصاص المزعوم.
مساءلة الجاني عن أساس الاختصاص المزعوم. مناط تحققه؟
(7) رشوة. إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الإعراض عن دفاع الطاعن. متى كانت الواقعة قد وضحت لديها. أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج. شرط ذلك: بيان العلة.
الدفاع الذي لا يتجه إلى نفي الفعل ولا إلى استحالة حصول الواقعة. بل المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة. موضوعي.
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. المادة 289 إجراءات. حد ذلك؟
(9) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة. من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها.
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي.
للمحكمة التعويل على تحريات الرقابة الإدارية. باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت مطروحة على بساط البحث.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.

------------------
1 - لما كان الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن التسجيلات قد تمت بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان من المقرر أن إثبات ساعة إصدار الإذن إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه.
2 - لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن إذن التفتيش صدر عن جريمة مستقبلة ومن ثم فإنه لا وجه للنعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع أمسك عن إبدائه الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن التسجيلات قد تمت بعد صدور الإذن بها وقبل نفاذ أجله، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون قويماً.
3 - لما كان لا يؤثر في قيام أركان جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة، وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي، متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره، وكان الموظف قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لأنه دفاع ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب.
4 - لما كان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها، وإلا كان قاصراً، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها، وكان الحكم المطعون فيه فيما سطره قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان جريمة الرشوة التي دان الطاعن بها، وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها إدانته، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص.
5 - الأصل في المحاكمات الجنائية، أن تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو نفيها، ما دام سماعهم ممكناً، إلا أنه يجوز للمحكمة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 273 من قانون الإجراءات الجنائية أن تمتنع عن سماع شهادة الشاهد متى رأت أن الواقعة التي طلب سماع شهادته عنها قد وضحت لديها وضوحاً كافياً.
6 - إن المشرع قد استهدف بنص المادة 103 مكرراً من قانون العقوبات الضرب على أيدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم المشرع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم، ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته، والزعم هنا مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيالية، وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم.
7 - من المقرر أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المار ذكره وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة، بل إن المقصود منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، فإنه يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
8 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات، ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، ومن ثم فلا يقبل من الطاعن النعي على الحكم إخلاله بحقه في الدفاع لعدم استماع المحكمة إلى شهود الإثبات.
9 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى تلك المحكمة، التي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه التي جاءت صريحة وقاطعة في أن الطاعن طلب منه مبلغ الرشوة لتوصيل التيار الكهربائي للعقار المملوك له بزعم أن هذا العمل يدخل في أعمال وظيفته، وإلى تحريات الرقابة الإدارية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً "رئيس شبكة كهرباء...." طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل زعم أنه من اختصاص وظيفته بأن طلب وأخذ من.... مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل توصيل التيار الكهربائي للعقار المملوك له بتكلفة مخفضة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه - في مذكرتي أسباب طعنه - أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه دفع ببطلان التسجيلات لتمامها قبل صدور إذن النيابة العامة، وببطلان هذا الإذن لخلوه من ساعة تحريره وصدوره عن جريمة مستقبلة وبأن الجريمة المسندة إليه تحريضية، إلا أن المحكمة أطرحت الدفعين الأولين برد قاصر غير كاف والتفتت عن الدفع الآخر إيراداً له ورداً عليه، وخلا الحكم من بيان واقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت، هذا إلى أنه طلب سماع أقوال مدير الشئون التجارية بشركة كهرباء.... بشأن النظام الخاص بتوصيل التيار الكهربائي بمعرفة طالب الاشتراك لقاء دفع 15% من قيمة المقايسة وذلك بقصد التدليل على انتفاء القصد الجنائي لديه، وضم ملف العقار المملوك للمجني عليه تحقيقاً لدفاعه القائم على عدم اختصاصه بإجراءات توصيل التيار الكهربائي للمباني - وهو العمل الذي قيل بطلب الجعل لأدائه - والمؤيد بأقوال مدير إدارة كهرباء غرب...، ومناقشة شهود الإثبات، إلا أن المحكمة لم تجبه لطلباته، وأخيراً فقد عول الحكم في قضائه على بلاغ المجني عليه الذي بني على الاستنتاج وتحريات الرقابة الإدارية القاصرة وبالرغم من افتقارهما إلى اعتراف للطاعن يدعمهما، كل ذلك مما يعيب الحكم مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بعد إجراء التسجيلات يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى أن تلك التسجيلات قد تمت بناء على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان من المقرر أن إثبات ساعة إصدار الإذن إنما يلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن إذن التفتيش صدر عن جريمة مستقبلة ومن ثم فإنه لا وجه للنعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع أمسك عن إبدائه الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن التسجيلات قد تمت بعد صدور الإذن بها وقبل نفاذ أجله، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان لا يؤثر في قيام أركان جريمة الرشوة أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة، وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي، متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره، وكان الموظف قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لأنه ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها، وإلا كان قاصراً، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها، وكان الحكم المطعون فيه فيما سطره قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان جريمة الرشوة التي دان الطاعن بها، وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها إدانته، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وإن كان الأصل في المحاكمات الجنائية، أن تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بجلسة المحاكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيه الشهود سواء لإثبات التهمة أو نفيها، ما دام سماعهم ممكناً، إلا أنه يجوز للمحكمة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 273 من قانون الإجراءات الجنائية أن تمتنع عن سماع شهادة الشاهد متى رأت أن الواقعة التي طلب سماع شهادته عنها قد وضحت لديها وضوحاً كافياً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن طلب الطاعن لمبلغ الرشوة كان مقابل استغلاله لوظيفته والحصول من ورائها على فائدة محرمة على أساس الاختصاص المزعوم فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تجبه إلى طلب سماع أقوال مدير الشئون التجارية بشركة كهرباء.... بشأن النظام الخاص بتوصيل التيار الكهربائي بمعرفة طالب الاشتراك لقاء دفع 15% من قيمة المقايسة للتدليل على انتفاء القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، وكان المشرع قد استهدف بنص المادة 103 مكرراً من قانون العقوبات الضرب على أيدي العابثين عن طريق التوسع في مدلول الرشوة وشمولها من يستغل من الموظفين العموميين والذين ألحقهم المشرع بهم وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة ولو كان ذلك على أساس الاختصاص المزعوم، ويكفي لمساءلة الجاني على هذا الأساس أن يزعم أن العمل الذي يطلب الجعل لأدائه يدخل في أعمال وظيفته، والزعم هنا مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أو وسائل احتيالية، وكل ما يطلب في هذا الصدد هو صدور الزعم فعلاً من الموظف دون أن يكون لذلك تأثير في اعتقاد المجني عليه بهذا الاختصاص المزعوم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن الطاعن زعم أن العمل الذي طلب مبلغ الرشوة لأدائه يدخل في أعمال وظيفته، فإنه لا على المحكمة إن هي التفتت عن طلب ضم ملف العقار المملوك للمجني عليه للتدليل على عدم اختصاص الطاعن بإجراءات توصيل التيار الكهربائي للمباني، لما هو مقرر من أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المار ذكره وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها، وكان هذا الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة، بل إن المقصود منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، فإنه يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يضحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع الثاني عن الطاعن وإن قصر مرافعته في بادئ الأمر على طلب سماع شهود الإثبات وضم ملف العقار المملوك للمجني عليه، إلا أنه عاد وترافع في موضوع الدعوى مختتماً مرافعته بطلب البراءة دون أن يصر على سماع هؤلاء الشهود، مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات، ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، ومن ثم فلا يقبل من الطاعن النعي على الحكم إخلاله بحقه في الدفاع لعدم استماع المحكمة إلى شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل أو قرينة ترتاح إليها، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى تلك المحكمة، التي لها أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه التي جاءت صريحة وقاطعة في أن الطاعن طلب منه مبلغ الرشوة لتوصيل التيار الكهربائي للعقار المملوك له بزعم أن هذا العمل يدخل في أعمال وظيفته، وإلى تحريات الرقابة الإدارية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق