الصفحات

الاثنين، 30 يوليو 2018

الطعن 15249 لسنة 64 ق جلسة 4 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 98 ص 646

جلسة 4 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وفتحي حجاب وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(98)
الطعن رقم 15249 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟.
(2) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال المحكمة بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) طعن "نظره والحكم فيه". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها" "نظرها الدعوى والحكم فيها".
قاعدة عدم وجوب تسوئ مركز الطاعن. عدم سريانها على الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات. أساس ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب المحكمة محامياً عن المتهم الذي لم يوكل محامياً للدفاع عنه. عدم تمسكه بالتأجيل لتوكيل محام. لا إخلال بحق الدفاع.
(5) قتل عمد. سرقة. مواقعة أنثى بغير رضاها. اقتران. ارتباط. عقوبة "توقيعها". رابطة السببية. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام.
كفاية ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. لتطبيق عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها: أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
توقيع العقوبة المنصوص عليها بالمادة 234/ 3 عقوبات. شرطه؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل وتوافر ظرفي الاقتران والارتباط في جريمة قتل عمد مقترنة بجناية مواقعة أنثى بغير رضاها ومرتبطة بجنحة سرقة.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الجنون وعاهة العقل". مسئولية جنائية "موانعها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية".
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي.
(7) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير. ما دام ما انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق.
(8) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق. وإن عدل عنه بعد ذلك. متى اطمأنت إليه.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

-------------------
1 - من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه قضاؤه بعقوبة الإعدام وهي تزيد عن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضى بها الحكم الغيابي ذلك بأن قاعدة عدم وجوب تسوئ مركز الطاعن لا تنطبق على الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات ذلك بأن الحكم الصادر منها في هذه الحالة يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتعويضات ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عَّن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع.
5 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه وتوافر ظرفي الاقتران والارتباط في جريمة القتل بقوله "إن القصد الجنائي في جناية القتل وهو نية القتل لا يتحقق إلا إذا ثبت أن نية الجاني قد انصرفت بصفة خاصة - إلى إزهاق روح المجني عليها وإن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية" ولما كان ذلك، وكانت نية القتل قد توافرت في حق المتهم من اعترافه بتحقيقات النيابة، والذي تطمئن إليه المحكمة ومما شهد به ضابط المباحث بشأن ما أجراه من تحريات من أن المتهم عندما أبصر المجني عليها تلعب في الطريق العام وبأذنيها قرط ذهبي ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتلها للاستيلاء على ذلك القرط الذهبي فضمر ذلك في نفسه وقام باستدراجها إلى منزل مهجور وعندما وصل إليه أدخلها فيه عنوة منتوياً قتلها فقام بطرحها أرضاً على ظهرها وبعد أن قام بمواقعتها جنسياً قام على الفور بذبحها بأن استعمل آلة حادة من شأنها إحداث الوفاة هي سكين أعدها لهذا الغرض وقد حزبها عنقها وهو موضع قاتل لها قاصداً من ذلك إزهاق روحها إذ لم يتركها إلا بعد أن أحدث إصابتها القاتلة المبينة بتقرير الصفة التشريحية وبعد أن تأكد من وفاتها ثم قام بوضع جثتها في جوال وألقاه بمكان العثور على الجثة. وحيث إن ظرف الاقتران بين جانية القتل وجناية المواقعة فمن المقرر أنه يتحقق من القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى ويجب لتحققه أن يتوافر شرطان الأول هو توافر الرابطة الزمنية بين الجريمتين بحيث تكون الجنايتان وقعتا معاً أو متعاقبتان في فترة زمنية قصيرة والثاني هو أن تكون الجريمة الأخرى جناية، ولما كان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم وأقوال ضابط المباحث وتقرير الصفة التشريحية والذين تطمئن المحكمة إليهم جميعاً أن المتهم بعد أن أدخل المجني عليها الصغيرة السن المنزل المهجور محل الواقعة والذي انتوى قتلها فيه قام أولاً بمواقعتها جنسياً بغير رضاها بأن طرحها أرضاً على ظهرهاً وهددها بالسكين التي كانت معه ونحى عنها ملابسها وأولج قضيبه في فرجها ثم قام عقب ذلك مباشرة وفور إتمام فعلته بقتلها بأن ذبحها من عنقها بذات السكين المذكورة وعلى النحو المتقدم بيانه مما يجعل هذا الظرف الاقتران متوافراً في حقه، وحيث إنه عن رابطة السببية بين جناية القتل وجنحة السرقة فمن المقرر أن هذا الظرف يتحقق إذا كان القصد من القتل العمد هو التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة وذلك يتحقق بتوافر شرطان هما أولاً أن يقوم بين القتل العمد والجريمة المتصلة بها رابطة السببية أي أن تكون الغاية من ارتكاب جريمة القتل العمد هي الوصول إلى أحد الأهداف المذكورة سلفاً والتي بينها المشرع في الجزء الثاني من الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات والشرط الثاني هو أن تكون الجريمة المرتبطة جنحة. ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومن شهادة ضابط المباحث والتي تطمئن المحكمة إلى كليهما أن المتهم لم يضمر في نفسه إزهاق روح المجني عليها وانتوى قتلها إلا بقصد الاستيلاء على قرطها الذهبي، إذ أنه بمجرد رؤيته لذلك القرط الذهبي بأذنيها ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتل المجني عليها بهدف وغاية الاستيلاء على ذلك القرط وأنه لذلك الغرض قام باستدراجها إلى المنزل المهجور محل الواقعة منتوياً قتلها والاستيلاء على قرطها المذكور وما أن انفرد بها وفرغ من مواقعتها جنسياً حتى قام بذبحها بالسكين التي كانت معه وبعد ذلك استولى على قرطها الذهبي الذي كان بأذنيها ثم قام ببيعه إلى الشاهد الثالث حيث تم ضبطه بأُذن شقيقته ومن ثم يكون هذا الظرف - الارتباط بين جناية القتل العمد وجنحة السرقة - متوافراً في حق المتهم" لما كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضي الموضوع. ولما كان شرط إنزال العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 من قانون العقوبات هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل وعلى محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرفا الاقتران والارتباط المشددان لعقوبة القتل العمد كما هما معرفان به في القانون، إذ أثبت الحكم مقارفة كل من جريمتي قتل المجني عليها ومواقعتها بغير رضائها بفعل مستقل وإتمامهما على مسرح واحد وفي نفس الوقت كما أوضح رابطة السببية بين الفعل وارتكاب جنحة السرقة التي كانت الغرض المقصود منه.
6 - لما كان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المأمورية إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم في هذا الخصوص.
8 - لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
9 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المحكوم عليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيحة من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليه. كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل عمداً.... بأن ذبحها بجسم صلب حاد (سكين) قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها واقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر أ - واقع المجني عليها المذكورة بغير رضاها بأن استدرجها إلى مكان الحادث وطرحها أرضاً مهدداً إياها بالسكين ونحى عنها ملابسها وأولج قضيبه بفرجها، ب - سرق القرط الذهبي المبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوك للمجني عليها سالفة الذكر. ثانياً: أحرز بغير ترخيص أو مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية سلاحاً أبيض (سكين). وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 13، 234، 267/ 1، 318 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم (1) المرفق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ولم يقدم أسباباً لطعنه، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بالرأي طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه في يوم.... أبصر المتهم وشهرته.... المجني عليها الطفلة.... تلعب في الطريق العام وبأذنيها قرط ذهبي ولحاجته الشديدة للمال فقد سولت له نفسه بإغواء من شيطانه قتل المجني عليها للاستيلاء على قرطها الذهبي ولذلك قام باستدراجها إلى منزل مهجور وأدخلها فيه عنوة وطرحها أرضاً على ظهرها وأغواه شيطانه بمواقعتها جنسياً فنحى عنها ملابسها وهددها بسكين كانت معه وأعدها لهذا الغرض وأخرج قضيبه وأولجه في فرجها وعقب ذلك قام بذبحها بالسكين المذكورة ثم استولى على قرطها الذهبي ووضع جثة المجني عليها داخل جوال وألقاه بمكان العثور على الجثة وقد قام ببيع القرط الذهبي إلى من يدعي.... وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليها عبارة عن جرح قطعي ذبحي غائر واقع بأعلى يسار مقدم العنق وأن هذا الجرح يحدث بآلة صلبة ذات نصل حاد مثل سكين أو مطواة أو ما يشابههما كما ثبت وجود تمزق حيوي غير كامل بغشاء البكارة من اعتداء جنسي على المجني عليها بإيلاج جزئي بفرجها قبل وفاتها" وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشهود الذين أورد الحكم ذكرهم ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومما أثبته تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من إدانة الطاعن بالجرائم المنصوص عليها في المواد 13، 234، 267، 318 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 المرفق وأنزل عليه بعد إعمال المادة 32 من قانون العقوبات عقوبة الإعدام وهي مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية مواقعة أنثى بغير رضائها والمرتبط بجنحة سرقة. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم في قضاؤه بعقوبة الإعدام وهي تزيد عن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضى بها الحكم الغيابي ذلك بأن قاعدة عدم وجوب تسوئ مركز الطاعن لا تنطبق على الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات ذلك بأن الحكم الصادر منها في هذه الحالة يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتعويضات ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عَّن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليه وتوافر ظرفي الاقتران والارتباط في جريمة القتل العمد بقوله "إن القصد الجنائي في جناية القتل وهو نية القتل لا يتحقق إلا إذا ثبت أن نية الجاني قد انصرفت بصفة خاصة - إلى إزهاق روح المجني عليها وأن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كان ذلك. وكانت نية القتل قد توافرت في حق المتهم من اعترافه بتحقيقات النيابة، والذي تطمئن إليه المحكمة ومما شهد به ضابط المباحث بشأن ما أجره من تحريات من أن المتهم عندما أبصر المجني عليها تلعب في الطريق العام وبأذنيها قرط ذهبي ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتلها للاستيلاء على ذلك القرط الذهبي فضمر ذلك في نفسه وقام باستدراجها إلى منزل مهجور وعندما وصل إليه أدخلها فيه عنوة منتوياً قتلها فقام بطرحها أرضاً على ظهرها وبعد أن قام بمواقعتها جنسياً قام على الفور بذبحها بأن استعمل آلة حادة من شأنها إحداث الوفاة هي سكين أعدها لهذا الغرض وقد حزبها عنقها وهو موضع قاتل لها قاصداً من ذلك إزهاق روحها إذ لم يتركها إلا بعد أن أحدث إصابتها القاتلة المبينة بتقرير الصفة التشريحية وبعد أن تأكد من وفاتها ثم قام بوضع جثتها في جوال وألقاه بمكان العثور على الجثة. وحيث إن ظرف الاقتران بين جناية القتل وجناية المواقعة فمن المقرر أنه يتحقق من القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى ويجب لتحققه أن يتوافر شرطان الأول وهو توافر الرابطة الزمنية بين الجريمتين بحيث تكون الجنايتان وقعتا معاً أو متعاقبتان في فترة زمنية قصيرة والثاني هو أن تكون الجريمة الأخرى جناية، ولما كان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم وأقوال ضابط المباحث وتقرير الصفة التشريحية والذين تطمئن المحكمة إليهم جميعاً أن المتهم بعد أن أدخل المجني عليها الصغيرة السن المنزل المهجور محل الواقعة والذي انتوى قتلها فيه قام أولاً بمواقعتها جنسياً بغير رضاها بأن طرحها أرضاً على ظهرهاً وهددها بالسكين التي كانت معه ونحى عنها ملابسها وأولج قضيبه في فرجها ثم قام عقب ذلك مباشرة وفور إتمام فعلته بقتلها بأن ذبحها من عنقها بذات السكين المذكورة وعلى النحو المتقدم بيانه مما يجعل هذا الظرف الاقتران متوافر في حقه. وحيث إنه عن رابطة السببية بين جناية القتل وجنحة السرقة فمن المقرر أن هذا الظرف يتحقق إذا كان القصد من القتل العمد هو التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة وذلك يتحقق بتوافر شرطان هما أولاً أن يقوم بين القتل العمد والجريمة المتصلة بها رابطة السببية أي أن تكون الغاية من ارتكاب جريمة القتل العمد هي الوصول إلى أحد الأهداف المذكورة سلفاً والتي بينها المشرع في الجزء الثاني من الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات والشرط الثاني هو أن تكون الجريمة المرتبطة جنحة. ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة ومن شهادة ضابط المباحث والتي تطمئن المحكمة إلى كليهما أن المتهم لم يضمر في نفسه إزهاق روح المجني عليها وانتوى قتلها إلا بقصد الاستيلاء على قرطها الذهبي إذ أنه بمجرد رؤيته لذلك القرط الذهبي بأذنيها ولحاجته الشديدة للمال واتته فكرة قتل المجني عليها بهدف وغاية الاستيلاء على ذلك القرط وأنه لذلك الغرض قام باستدراجها إلى المنزل المهجور محل الواقعة منتوياً قتلها والاستيلاء على قرطها المذكور وما أن انفرد بها وفرغ من مواقعتها جنسياً حتى قام بذبحها بالسكين التي كانت معه وبعد ذلك استولى على قرطها الذهبي الذي كان بأذنيها ثم قام ببيعه إلى الشاهد الثالث.... حيث تم ضبطه بأُذن شقيقته ومن ثم يكون هذا الظرف - الارتباط بين جناية القتل العمد وجنحة السرقة - متوافراً في حق المتهم". لما كان ذلك، وكان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن وملاك الأمر في تقدير ذلك يستقل به قاضي الموضوع، ولما كان شرط إنزال العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 من قانون العقوبات هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل وعلى محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرفا الاقتران والارتباط المشدد في عقوبة القتل العمد كما هما معرفان به في القانون، إذ أثبت الحكم مقارفة كل من جريمتي قتل المجني عليها ومواقعتها بغير رضاها بفعل مستقل وإتمامها على مسرح واحد وفي نفس الوقت كما أوضح رابطة السببية بين الفعل وارتكاب جنحة السرقة التي كانت الغرض المقصود منه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن أنه مصاب بعاهة في العقل ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم سلامة قوى المتهم العقلية فالثابت بالأوراق أن المحكمة كانت قد أمرت بإيداعه مستشفى الأمراض العقلية وتم إيداعه بها وورد التقرير الطبي فيها يفيد سلامة قوى المتهم العقلية وأنه متمتع بالوعي والإدراك وقت الحادث وحتى الآن ومن ثم يكون الدفع قائم على غير أساس متعيناً رفضه". وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافي العقل والمنطق، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع وعول عليه - ضمن ما عول - في قضائه، وهو ما يتضمن الرد على ما أثاره دفاع الطاعن لدى محكمة الموضوع في شأن اعتراف المحكوم عليه، فإنه يكون برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيحة من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.... .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق