الطعن 30 لسنة 35 ق "تنازع" جلسة 5
/ 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 72
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م،
الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدكتور
عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور
عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 30 لسنة 35
قضائية "تنازع"
-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
فيما أشار إليه المدعي من امتلاكه العقار رقم ... خلف شارع بطليموس الفلكي - سابا
باشا - قسم أول الرمل بالإسكندرية، بالميراث عن والده وجدته، وأنه قد صدر لذلك
العقار قرار ترميم، استخرج على إثره المدعي رخصة ترميم ورخصة إشغال طريق تم
تجديدها، وقد قدمت النيابة العامة المدعى عليهما السابع والثامن للمحاكمة الجنائية
أمام محكمة جنح أول الرمل في القضية رقم 23571 لسنة 2012، متهمة إياهما أنهما
بتاريخ 1/ 12/ 2012 قاما بإنشاء وإقامة أعمال أو تعليتها أو تعديلها أو هدمها بدون
ترخيص، وبجلسة 28/ 9/ 2013 قضت المحكمة بتغريم كل من المتهمين مثلى قيمة الأعمال
المخالفة، وأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ 1001 جنيه على سبيل التعويض المدني
المؤقت، كما قدمت النيابة العامة المدعى عليه العاشر وآخر للمحاكمة الجنائية أمام
محكمة جنح أول الرمل في القضية رقم 15990 لسنة 2012، متهمة إياهما أنهما بتاريخ
22/ 8/ 2012 أتلفا عمدا المنقولات المملوكة للمدعي، وجعلها غير صالحة للاستعمال،
وترتب على ذلك ضرر مالي يزيد على خمسين جنيها، ودخلا عقارا في حيازة المدعي بقصد
ارتكاب جريمة فيه، وتحدد لنظرها جلسة 7/ 5/ 2013، وقدمت النيابة العامة كذلك كلا
من ..... و.... إلى المحاكمة الجنائية في القضية رقم 9167 لسنة 2013 جنح أول
الرمل، متهمة إياهما بأنهما تدخلا في وظيفة عمومية بأن أدعيا أنهما من رجال مباحث
قسم أول الرمل لاستدعاء المدعي لتحرير محضر ضده، دون أن يكون لهما صفة رسمية في
ذلك، وبجلسة 31/ 10/ 2013 قضت المحكمة بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر، مع الشغل
وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ، وإلزامهما بدفع مبلغ 1001 جنيه على سبيل
التعويض المؤقت، وقدمت النيابة العامة المدعى عليهم من الثامن إلى العاشر للمحاكمة
الجنائية أمام محكمة جنح أول الرمل في القضية رقم 4319 لسنة 2013، متهمة إياهم
بأنهم في يوم 17/ 2/ 2013 قاموا بإنشاء مباني أو إقامة أعمال وتوسيعها أو تعليتها
أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وبجلسة 21/
9/ 2013 قضت المحكمة بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل، وكفالة خمسمائة جنيه لوقف
التنفيذ، وغرامة مثلى قيمة الأعمال المخالفة، وغرامة 1% من قيمة الأعمال عن كل يوم
تأخير، مع إلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض
المدني المؤقت، كما قدمت النيابة العامة المتهمين المذكورين للمحاكمة الجنائية
أمام محكمة جنح أول الرمل في القضايا أرقام 5299، 7252، 7261، 8221، 8898 لسنة
2013، متهمة إياهم بأنهم في أيام 24/ 2/ 2013، 21، 28/ 3/ 2013، 7/ 4/ 2013، 10/
4/ 2013 استأنفوا أعمال البناء السابق إيقافها بالطريق الإداري رغم إعلانهم بذلك،
وبجلسات 21/ 9/ 2013، 28/ 9/ 2013، 6/ 6/ 2013 قضت المحكمة في كل من هذه القضايا
غيابيا بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ، وغرامة
مثلى قيمة الأعمال المخالفة، وغرامة 1% من قيمة الأعمال عن كل يوم تأخير، وألزمتهم
في جميع هذه القضايا - عدا القضية رقم 8898 لسنة 2013 جنح أول الرمل - بأن يؤدوا
للمدعي المدني مبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت، وهو ذات ما قضت به
محكمة جنح أول الرمل - على ما أشار إليه المدعي - في القضيتين رقمي 10891، 11521
لسنة 2013 جنح أول الرمل بجلسة 19/ 1/ 2013. هذا وقد عارض المحكوم ضدهم في الدعوى
رقم 8898 لسنة 2013 جنح أول الرمل في الحكم الغيابي الصادر ضدهم، وبجلسة 28/ 11/
2013 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهمين، وإحالة الدعوى
المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، واستندت البراءة إلى الشهادة الصادرة من حي
شرق الإسكندرية، الخاصة بإعلان قرار إيقاف الأعمال رقم 126 لسنة 2013 بتاريخ 14/
2/ 2013، والمذيلة بالعبارة التالية "هذا وقد صدرت الشهادة المذكورة بناء على
تصريح هيئة المحكمة والطلب المقدم بعد سداد الرسوم المقررة وقدرها أربعة جنيهات
وتسعون قرشا فقط لا غير بموجب الإيصال رقم 68909 بتاريخ
9/ 12/ 2013، وذلك دون مسئولية المحافظة والإدارة
الهندسية وحقوق الغير عما ورد بها من بيانات مع حفظ حق الجهة الإدارية في اتخاذ أي
إجراءات أخرى. كما أشار المدعي إلى أنه قضى بالبراءة للمتهمين في القضية رقم 11855
لسنة 2013 جنح أول الرمل، والمستأنفة برقم 35264 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق، وكذا
في القضية رقم 11845 لسنة 2013 جنح أول الرمل، المستأنفة برقم 35265 لسنة 2013 جنح
مستأنف شرق، بالمخالفة لنص المادة (59) من قانون البناء الصادر بالقانون رقم 119
لسنة 2008، وأنه قضى في القضيتين رقمي 7255، 4685 لسنة 2013 جنح أول الرمل بحبس كل
من المتهمين سنة مع الشغل وكفالة 1000 جنيه، وغرامة مثلى الأعمال المخالفة، وغرامة
1% من قيمة الأعمال عن كل يوم تأخير، دون الفصل في الشق المدني، فاستأنف المدعي
هذين الحكمين بالاستئنافين رقمي 31134، 31135 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق، وقضى في
الاستئنافين بجلسة 7/ 10/ 2013 غيابيا بسقوط الاستئناف، وتم المعارضة في هذين
الحكمين، كما قضى بالإدانة في الدعوى رقم 9266 لسنة 2013 جنح أول الرمل، وتأيد هذا
الحكم في المعارضة، مع إحالة الشق المدني إلى المحكمة المدنية المختصة، وكانت
النيابة العامة قد قدمت المدعى عليهما الثامن والتاسع للمحاكمة الجنائية في القضية
رقم 5335 لسنة 2013 جنح أول الرمل، متهمة إياهما بأنهما بتاريخ 13/ 3/ 2013 قاما
باستئناف أعمال بناء سبق إيقافها، وبجلسة 14/ 5/
2013
قضت المحكمة غيابيا بحبس المتهمين والغرامة، واستأنف المدعي - كمدع
بالحق المدني - هذا الحكم بالاستئناف رقم 30070 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق
الإسكندرية، وبجلسة 22/ 9/ 2013 قضت المحكمة بعدم قبول الاستئناف، وقد طعن المدعي
على هذا الحكم أمام محكمة النقض. كما قدمت النيابة العامة المدعى عليهم من الثامن
إلى العاشر إلى المحاكمة الجنائية في القضيتين رقمي 5959، 6454 لسنة 2013 جنح أول
الرمل، متهمة إياهم بأنهم بتاريخ 21، 27/ 3/ 2013، قاموا باستئناف أعمال بناء سبق
إيقافها، وبجلسة 21/ 5/ 2013 قضت المحكمة في القضيتين غيابيا بحبس المتهمين
والغرامة، واستأنف المدعي - كمدع بالحق المدني - هذين الحكمين بالاستئنافين رقمي
27693، 27797 لسنة 2013 جنح مستأنف شرق الإسكندرية، وبجلسة 29، 30/ 9/ 2013 قضت
المحكمة بعدم جواز الاستئناف، وقد طعن المدعي على هذين الحكمين أمام محكمة النقض،
وقدمت النيابة العامة المدعي للمحاكمة الجنائية في القضايا أرقام 17709، 24048
لسنة 2012، 3768 لسنة 2013 جنح أول الرمل، متهمة إياه بإشغال الطريق بدون ترخيص،
وصدرت فيها أوامر جنائية بجلسات 20/ 9/ 2012، 24/ 12/ 2012، 24/ 2/ 2013، بتغريمه
100 جنيه والإزالة، وقد عارض المدعي فيها، وقضى في كل معارضة بسقوط الأمر الجنائي،
وتغريم المدعي 100 جنيه، وضعف رسم النظافة، وخمسة أضعاف رسم الإشغال، فاستأنف
المدعي هذه الأحكام بالاستئنافات أرقام 27799،
27800، 27801 لسنة 2013
جنح مستأنف شرق الإسكندرية، التي قضى فيها بجلسة 30/ 9/ 2013 بالبراءة، كما استأنف
المدعي الحكم الصادر في الدعوى رقم 6450 لسنة 2013 جنح أول الرمل بالاستئناف رقم
36866 لسنة 2013 مستأنف شرق الإسكندرية، قضى فيه بجلسة 22/ 12/ 2013 غيابيا بسقوط
الاستئناف. وقد أقام المدعي أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 21853 لسنة 67
قضائية، ضد المدعى عليهم من الأول إلى الثالث، وآخرين، بطلب الحكم بصفة مستعجلة
بسرعة تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة للعقار رقم .. خلف شارع بطليموس بالإسكندرية،
وتمكينه منه، وأقام المدعي كذلك أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم 137 لسنة 68
قضائية، ضد المدعى عليه الرابع، والمدعى عليهم من السادس إلى العاشر، ورئيس مجلس
إدارة شركة توزيع كهرباء الإسكندرية، وآخرين، والدعوى رقم 138 لسنة 68 قضائية، ضد
المدعى عليه الرابع، والمدعى عليهم من السادس إلى العاشر، ورئيس مجلس إدارة مرفق
الصرف الصحي بالإسكندرية، وآخرين، والدعوى رقم 139 لسنة 68 قضائية المقامة كذلك،
ضد المدعى عليه الرابع، والمدعى عليهم من السادس إلى العاشر، ورئيس مجلس إدارة
شركة مياه الشرب بالإسكندرية وآخرين، وطلب في كل منها بوقف التعامل على العقار
المملوك له، وما يترتب على ذلك من آثار. وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تنازعا سلبيا
وإيجابيا على الاختصاص في الحالات المعروضة، فقد أقام دعواه، للفصل في هذا
التنازع، وتفسير النصوص المار ذكرها، والفصل في المسألة الدستورية التي عين نطاقها
على النحو المتقدم بيانه تفصيلا.
وبجلسة 7/ 4/ 2018، قدم المدعي مذكرة وخمس حوافظ مستندات، حوت صورة
ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 26/ 4/ 2004، من محكمة القضاء الإداري، في الدعوى رقم
21853 لسنة 68 قضائية، القاضي بعدم قبول الدعوى، وشهادة من جدول المحكمة الإدارية
العليا تفيد الطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 43925 لسنة 60 قضائية عليا، وكذا صورة
ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 31/ 5/ 2015 في الدعوى رقم 137 لسنة 68 قضائية،
القاضي بعدم قبول الدعوى، وصورة ضوئية من شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا
تفيد الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 4235 لسنة 62
قضائية عليا، وصورة ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 31/ 8/ 2015 في الدعوى رقم 138
لسنة 68 قضائية، القاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها
إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية، وقيدت أمامها برقم 1249 لسنة 2016 مدني كلي
الإسكندرية، وقضت فيها بجلسة 31/ 10/ 2017 بإلزام المدعى عليهما الثالث والرابع
بصفتهما المسئولين عن إدارة مرفق الصرف الصحي بالإسكندرية بمنع التعامل على العقار
رقم ... خلف شارع بطليموس الفلكي، سابا باشا، قسم الرمل، الإسكندرية، كما حوت
الحوافظ المقدمة من المدعي صورة ضوئية من الحكم الصادر بجلسة 31/ 8/ 2015 في
الدعوى رقم 139 لسنة 68 قضائية، القاضي بعدم قبول الدعوى، وصورة ضوئية من شهادة من
جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد الطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 4237 لسنة 62
قضائية عليا، وكذلك عدد من الأحكام الصادرة من محكمة الإسكندرية الابتدائية،
ومحكمة جنح أول الرمل، ومحكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية، وشهادات من واقع جداول
تلك المحاكم.
بتاريخ 26 ديسمبر سنة 2013، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب
المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بما يأتي:
أولا: تفسير التنازع بين المادة (59) من قانون البناء الصادر بالقانون
رقم 119 لسنة 2008، والمادتين (304/ 1، 337) من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانيا: عدم دستورية ما كتب أسفل الشهادة الصادرة من حي شرق
الإسكندرية، والمقدمة إلى محكمة جنح أول الرمل، وتملص الحي من المساءلة القانونية،
والتوقيع عليها بعد أخذ رأي العضو القانوني بالحي.
ثالثا: الفصل في التنازع السلبي فيما بين محكمة الإسكندرية الابتدائية.
رابعا: الفصل في التنازع الإيجابي فيما بين محكمة الإسكندرية
الابتدائية.
خامسا: الفصل في التنازع الإيجابي فيما بين محكمة الإسكندرية
الابتدائية ومحكمة القضاء الإداري، بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر موضوع دعاوى
الجنح ضد المتهمين القائمين بالأعمال بالعقار رقم ... خلف شارع بطليموس الفلكي،
سابا باشا الإسكندرية، والدعاوى أرقام 24853 لسنة 67 قضائية، 137، 138، 139 لسنة
68 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إنه في خصوص طلب المدعي القضاء بعدم دستورية ما كتب أسفل الشهادة
الصادرة من حي شرق الإسكندرية، والمقدمة إلى محكمة جنح أول الرمل، فإن من المقرر
في قضاء هذه المحكمة أن تقرير اختصاصها ولائيا بنظر دعوى بذاتها يسبق الخوض في
شروط قبولها أو موضوعها، ولما كان الدستور الحالي قد عهد بنص المادة (192) منه إلى
المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين
واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979،
قد بين اختصاصاتها، وحدد ما يدخل في ولايتها حصرا، مستبعدا من مهامها ما لا يندرج
تحتها، فخولها اختصاصا منفردا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا
الاختصاص في النصوص التشريعية أيا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي
أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي، باعتباره منصرفا
إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه
النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات
الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها،
وتنقبض تلك الرقابة - تبعا لذلك - عما سواها.
وحيث إن الشهادة التي يطلب المدعي القضاء بعدم دستورية ما دون من
عبارات بأسفلها، والصادرة من حي شرق الإسكندرية، وما ارتآه المدعي في شأنها والذي
جاء مجهلا، فإن هذه الشهادة ومحتواها، لا تنطوي على قواعد تنظيمية عامة، ولا تعد
من النصوص التشريعية، التي عقد الدستور وقانون هذه المحكمة لها ولاية الرقابة
القضائية على دستوريتها، مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذا الطلب
والفصل فيه.
وحيث إنه عن طلب المدعي تفسير نص المادة (59) من قانون البناء الصادر
بالقانون رقم 119 لسنة 2008، ونصي المادتين (304/ 1 و377) من قانون الإجراءات
الجنائية، بما يزيل التنازع الذي يدعيه بينهم، فإن من المقرر أن طلب التفسير
التشريعي الذي تنظره هذه المحكمة، وفقا لنص المادة (33) من قانونها، لا يقدم إلا
من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب (النواب حاليا)
أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية (حاليا مجلس الهيئات القضائية، المنشأ بالقانون
رقم 192 لسنة 2008 في شأن مجلس الهيئات القضائية) إذا كان للنص التشريعي المطلوب
تفسيره أهمية جوهرية، وكان قد ثار عند تطبيقه خلاف حول مضمونه، تتباين معه الآثار
القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه. لما كان ذلك، فإن طلب المدعي
تفسير النصوص المشار إليها، لا يكون قد اتصل بالمحكمة الدستورية العليا اتصالا
مطابقا للأوضاع المقررة قانونا، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الطلب.
وحيث إنه في خصوص طلب المدعي الفصل في التنازع السلبي والإيجابي بين
محكمة الإسكندرية الابتدائية، فإن حقيقة طلبات المدعي على نحو ما ضمنه صحيفة
دعواه، إنما تنصب على الفصل في التنازع الذي يدعيه بين محكمة جنح أول الرمل ومحكمة
جنح مستأنف شرق الإسكندرية، في الجنح السالف بيانها، ومحكمة الإسكندرية
الابتدائية، لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب
الفصل في تنازع الاختصاص وفقا للبند ثانيا من المادة (25) من قانون المحكمة
الدستورية العليا المشار إليه - سواء كان إيجابيا أو سلبيا - هو أن تطرح الدعوى عن
موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى
إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، فإذا كان التنازع بين محكمتين تابعتين
لجهة قضائية واحدة، كانت المحكمة العليا في هذه الجهة وحدها هي التي تكون لها
ولاية الفصل فيه، وفقا للقواعد المعمول بها في نطاقها.
وحيث إن ذلك التنازع المدعى به - وبفرض وجوده - لا يعتبر قائما بين
جهتين مختلفتين من جهات القضاء في تطبيق أحكام البند "ثانيا" من المادة
(25) من قانون هذه المحكمة، باعتباره مرددا بين محاكم تابعة لجهة قضاء واحدة هي
جهة القضاء العادي، فإن الحكم بعدم قبول هذا الطلب يكون متعينا.
وحيث إنه عن طلب المدعي الفصل في التنازع الإيجابي بين محاكم جهة
القضاء العادي، المتمثلة - على نحو ما يتبين من حقيقة طلبات المدعي - في محكمتي
جنح أول الرمل ومحكمة جنح مستأنف شرق الإسكندرية، في خصوص الجنح المشار إليها
آنفا، ومحكمة القضاء الإداري المقام أمامها الدعاوى أرقام 21853 لسنة 67 قضائية،
137، 138، 139 لسنة 68 قضائية، فإن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقا للبند
"ثانيا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه،
هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين
من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو
تتخليان معا عنها، فإذا كان تنازعهما إيجابيا لزم أن تكون المنازعة قائمة في وقت
واحد أمام الجهتين القضائيتين أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وأن تستمر كل منهم
متمسكة باختصاصها بنظرها إلى وقت رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما
يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما
حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من القانون ذاته على أنه
يترتب على تقديم الطلب "وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى يفصل فيه"،
بما مؤداه أن وضع طلب التنازع إنما يتحدد بالحالة التي تكون عليها المنازعة الموضوعية
أمام كل من جهتي القضاء المدعي بتنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم طلب تعيين
جهة القضاء المختصة
إلى هذه المحكمة، دونما اعتداد بما تكون أي من هاتين الجهتين قد
اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ. لما كان ذلك، وكان
الثابت من الأوراق اختلاف الوقائع المنسوب للمتهمين ارتكابها في الجنح المشار
إليها، عن المسألة المطروحة على محكمة القضاء الإداري في كل من الدعاوى المشار
إليها، إذ ينصب موضوع الدعوى رقم 21853 لسنة 68 قضائية على طلب القضاء بصفة
مستعجلة بسرعة تنفيذ قرار الإزالة الصادر للعقار موضوع التداعي، وتمكين المدعي
منه، على حين يتحدد موضوع الدعاوى أرقام 137، 138، 139 لسنة 68 قضائية في طلب
الحكم بوقف التعامل على ذلك العقار، وما يترتب على ذلك من آثار، ومؤدى ذلك استقلال
الدعاوى الجنائية المطروحة على محكمتي الجنح والجنح المستأنفة المشار إليهما، عن
الدعاوى المطروحة على جهة القضاء الإداري، إذ إن لكل منهما موضوعها وخصائصها، بما
لازمه انتفاء مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص المعروضة لاختلاف الموضوع بين الدعاوى
المقامة أمام كل من جهتي القضاء العادي والإداري، الأمر الذي يتعين معه القضاء
بعدم قبول الدعوى، دون الاعتداد بما اتخذته جهات القضاء سالفة الذكر في شأن تلك
الدعاوى، وما أصدرته بشأنها من أحكام في تاريخ تال لتقديم طلب تعيين جهة القضاء
المختصة إلى هذه المحكمة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق