الصفحات

الأربعاء، 7 مارس 2018

الطعن 29049 لسنة 63 ق جلسة 14 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 178 ص 1180

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

------------------

(178)
الطعن رقم 29049 لسنة 63 القضائية

(1) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". مسئولية جنائية "الإعفاء منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصر الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 منه. تصدي المحكمة للإعفاء. يكون من بعد إسباغها الوصف الصحيح على واقعة الدعوى.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم بيان نوع المخدر ومصدره ومسكن الطاعن محدداً بمحضر الاستدلال. غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات.
(3) مواد مخدرة. تفتيش "الرضا بالتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الرضا بالتفتيش. للمحكمة استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتاجه من دلائل مؤدية إليه.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان التفتيش.
(4) نقض "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط بمسكنه. ما دام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط بمحله.
(5) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تحصيل أقوال الشاهد وتفهمها واستخلاص مراميها غير مقيدة بالأخذ بالأقوال الصريحة أو بمدلولها الظاهر. ما دامت لا تحرف الشهادة عن موضعها.
تحصيل أقوال الشاهد بما لا يخرج عن مؤداها. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(10) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان إقرار الطاعنين قبل الآخر. غير مجد. ما دام الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(11) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر. قوامه: العلم بكنه المادة المخدرة.
تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تثريب على المحكمة في قضائها. متى اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط وجرى تحريزه هو ما صار تحليله وكذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل.
(13) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(14) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. كفاية استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(15) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

--------------------
1 - لما كان الأصل وفقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون، وكان تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وأعمل في حقهما حكم المادتين 37، 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن دعوى الإعفاء من العقاب التي يثيرها الطاعن الأول تكون غير مقبولة، بما يضحى معه النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، وكان عدم بيان نوع المخدر ومصدره ومسكن الطاعن الثاني محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون سديداً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني ببطلان تفتيش الشقة الكائنة بشارع.... لأن إذن النيابة لم يشملها ورد عليه بقوله "أن الضابط عندما أجرى تفتيش محل السوبر ماركت المملوك للمتهم وعثر فيه على الهيروين المضبوط أخبرة المتهم أنه يحتفظ بكمية أخرى في شقة خاصة به في الدور السابع من عمارة تحت الإنشاء بشارع.... وأرشده إليها وقام بفتحها بمفتاح كان معه حيث تم ضبط المخدرات الموجودة بها بما يقطع أن تفتيش هذه الشقة كان برضاء المتهم وموافقته الصريحة وعن إرادة حرة من جانبه واختيار، وليس بلازم أن تكون هذه الموافقة ثابتة بكتابة صادرة من المتهم". وكان ما قاله الحكم من ذلك سائغاً وصحيحاً في القانون ذلك بأن الرضاء بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه، فإن التفتيش على الصورة التي انتهت إليها المحكمة يكون صحيحاً مشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم يخالف القانون في شيء.
4 - لا مصلحة للطاعن الثاني في التمسك ببطلان إجراءات تفتيش مسكنه الكائن بشارع.... وما أسفر عنه من ضبط المخدر به ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر الذي ضبط بمحله.
5 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ضبط المخدر بمحل الطاعن الثاني يجعل جريمة حيازة المخدر متلبساً بها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقوم بتفتيش مسكنه دون حاجة لصدور إذن من النيابة بذلك، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن الإذن بالتفتيش لم يشمل مسكنه على خلاف ما أورده الحكم بمدوناته - بفرض وقوعه - لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على حيازة الطاعن الثاني للمخدر، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة.
6 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها، وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، وكان البين مما أورده الطاعن الثاني بأسباب طعنه - أن ما حصله الحكم من أقوال المقدم.... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات له سنده الصحيح من الأوراق، ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما يخرج عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها سيطرة الطاعن على درج مكتبه الكائن بمحله الذي ضبط به المخدر وبسط سلطانه عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الطاعن الأول لا يجادل في أن أقوال الشاهد الثاني متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها.
9 - لما كان من المقرر إن تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بهذا الوجه من الطعن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
10 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر، وإنما أقام قضاءه على أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية، فإن النعي ببطلان إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر يكون غير مجد.
11 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه مخدر - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير سند.
12 - لما كان من المقرر أن المحكمة متى كانت قد اطمأنت إلى أن المخدر الذي تم ضبطه وجرى تحريزه هو ما صار تحليله، واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك.
13 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
14 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
15 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه والتي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: الأول أحرز والثاني حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "هيروين وحشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمهما مائة ألف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. باعتبار أن إحراز المخدر وحيازته مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين "هيروين وحشيش" بغير قصد من القصود المنصوص عليها في القانون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاع الطاعن الأول قائم على حقه في التمتع بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل على أساس أنه الذي أرشد عن الطاعن الثاني وتم ضبطه بناء على ذلك، بيد أن الحكم لم يعرض له بالإيراد أو الرد، ودفع الطاعن الثاني ببطلان الإذن بالتفتيش وما ترتب عليه لعدم جدية التحريات التي بني عليها بدلالة خلوها من تحديد مسكنه ونوع المخدر ومصدره ورد الحكم على ذلك بما لا يصلح رداً كما دفع ببطلان إجراءات تفتيش الشقة الكائنة بشارع....، وبطلان الإقرار المنسوب إليه لعدم معقوليته ورد الحكم عليه بما لا يسوغ ولم يستظهر رضاء الطاعن بتفتيشها وأورد الحكم في معرض تحصيله لواقعة الدعوى وأقوال الشاهد الأول أن الإذن شمل مسكنه بما لا أصل له في الأوراق، وحصل أقوال الشاهد الأول على خلاف الثابت بالتحقيقات، وعول على أقوال الشاهد الثاني ولم يورد مؤداها واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، كما عول على أقوال الشاهدين رغم تناقضها، وعلى إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر رغم بطلانه، والتفت عن دفاع الطاعن الثاني بعدم العلم بكنه المخدر المضبوط، وأن ما تم ضبطه غير ما جرى تحليله بدلالة اختلاف الأوزان، كما التفت عن الدفع بعدم معقولية الواقعة وشيوع التهمة وتلفيقها، ولم يعرض للمستندات المقدمة من الطاعن الثاني ودلالتها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي حيازة وإحراز الجوهرين المخدرين التي دان الطاعنين بهما، وأقام عليهما في حقهما أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل وفقاً لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون، وكان تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى، وكان الحكم قد خلص إلى أن حيازة وإحراز الطاعنين للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وأعمل في حقهما حكم المادتين 37، 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن دعوى الإعفاء من العقاب التي يثيرها الطاعن الأول تكون غير مقبولة، بما يضحى معه النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، وكان عدم بيان نوع المخدر ومصدره ومسكن الطاعن الثاني محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني ببطلان تفتيش الشقة الكائنة بشارع.... لأن إذن النيابة لم يشملها ورد عليه بقوله "إن الضابط عندما أجرى تفتيش محل السوبر ماركت المملوك للمتهم وعثر فيه على الهيروين المضبوط أخبرة المتهم أنه يحتفظ بكمية أخرى في شقة خاصة به في الدور السابع من عمارة تحت الإنشاء بشارع.... وأرشده إليها وقام بفتحها بمفتاح كان معه حيث تم ضبط المخدرات الموجودة بها بما يقطع أن تفتيش هذه الشقة كان برضاء المتهم وموافقته الصريحة وعن إرادة حرة من جانبه واختيار، وليس بلازم أن تكون هذه الموافقة ثابتة بكتابة صادرة من المتهم". وكان ما قاله الحكم من ذلك سائغاً وصحيحاً في القانون ذلك بأن الرضاء بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه، فإن التفتيش على الصورة التي انتهت إليها المحكمة يكون صحيحاً مشروعاً وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم يخالف القانون في شيء. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن الثاني في التمسك ببطلان إجراءات تفتيش مسكنه الكائن بشارع.... وما أسفر عنه من ضبط المخدر به ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر الذي ضبط بمحله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ضبط المخدر بمحل الطاعن الثاني يجعل جريمة حيازة المخدر متلبساً بها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقوم بتفتيش مسكنه دون حاجة لصدور إذن من النيابة بذلك، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن الإذن بالتفتيش لم يشمل مسكنه على خلاف ما أورده الحكم بمدوناته - بفرض وقوعه - لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على حيازة الطاعن الثاني للمخدر، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن موضعها، وهي في ذلك غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، وكان البين مما أورده الطاعن الثاني بأسباب طعنه - أن ما حصله الحكم من أقوال المقدم.... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات له سنده الصحيح من الأوراق، ولم يكن فيما حصله الحكم منها ما يخرج عن مؤداها، إذ أنه يؤخذ منها سيطرة الطاعن على درج مكتبه الكائن بمحله الذي ضبط به المخدر وبسط سلطانه عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الطاعن الأول لا يجادل في أن أقوال الشاهد الثاني متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها، وكان تناقض الشهود في أقوالهم لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بهذا الوجه من الطعن ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر، وإنما أقام قضاءه على أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية، فإن النعي ببطلان إقرار كل من الطاعنين قبل الآخر يكون غير مجد، ولما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه أو يحرزه مخدر - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الثاني بأن ما تم ضبطه غير ما جرى تحليله، بأن الفروق في الأوزان ضئيلة وأن الموازين قد تختلف في درجة حساسيتها، كما أن عملية الوزن قد تختلف في دقتها هي الأخرى، وأن المحكمة تطمئن إلى أن ما تم ضبطه من مخدر هو ما جرى تحليله. وكان من المقرر أن المحكمة متى كانت قد اطمأنت إلى أن المخدر الذي تم ضبطه وجرى تحريزه هو ما صار تحليله، واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه والتي عولت عليها المحكمة، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا ً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق