الصفحات

الأربعاء، 7 مارس 2018

الطعن 19054 لسنة 63 ق جلسة 21 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ق 184 ص 1232

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وزغلول البلشي.

------------------

(184)
الطعن رقم 19054 لسنة 63 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يكفي بذاته دليلاً على حصول الاختلاس.
(2) إثبات "خبرة" "شهود". اختلاس أموال أميرية. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب" "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب أن تبنى الأحكام الجنائية على الجزم واليقين. لا على الظن والاحتمال.
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب.
عدم بيان الحكم مفردات المبالغ المقول باختلاسها وتعويله في الإدانة على أقوال أعضاء لجنة الجرد وتقرير الخبير المنتدب دون أن يورد مؤدى أقوال أحد شهود الإثبات ووجه استدلاله بها ودون أن يعرض للأسانيد التي أقيم عليها تقرير الخبير. قصور.
(3) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(4) إثبات "خبرة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". اختلاس أموال أميرية. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
طلب الدفاع عن الطاعن في ختام مرافعته ندب خبير لتحقيق دفاعه بأن رئيسه تصرف في جزء من البضائع موضوع الجريمة بتسليمها للعملاء. جوهري. وجوب أن تحققه المحكمة أو ترد عليه بأسباب سائغة لإطراحه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.

-------------------
1 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي أو من في حكمه لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر.
2 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، ولما كان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن فضلاً عن أنه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات المبالغ المقول باختلاسها والمنتجة لمجموع المبلغ المختلس إذ بعد أن بين عدد أصناف الدرجات والمراوح والتليفزيونات ذهب قوله إلى وجود بعض أصناف أخرى دون أن يبين أسعار الأصناف التي عددها وماهية الأصناف الأخرى فضلاً عن أنه عول في الإدانة على أقوال أعضاء لجنة الجرد وتقرير الخبير المنتدب ومنها أقوال عضو اللجنة.... محاسب ثاني بإدارة التكاليف بالشركة المذكورة دون أن يورد مؤدى ما شهد به ووجه استدلاله بها على الجريمة التي دان الطاعن بها، كما لم يعن بذكر حاصل الواقعات التي تضمنها تقرير الخبير المنتدب من اختلاس ودون أن يعرض إلى الأسانيد التي أقيم عليها هذا التقرير ولا يكفي ذلك في بيان أسباب الحكم الصادر بالإدانة لخلوه مما يكشف عن وجه اعتماده على هذا التقرير الذي استنبطت منه المحكمة معتقدها في الدعوى على أساسه مما يصم الحكم بالقصور.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
4 - لما كان الحكم قد صادر المتهم في دفاعه بأن رئيسه المباشر.... قد تصرف في جزء من البضائع موضوع الجريمة بتسليمها للعملاء بموجب شيكات آجلة وحصل قيمة بعض البضائع، وكان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه في ختام مرافعته بطلب ندب خبير آخر لتحقيق واقعات ما أثاره بشأن رئيسه المذكور يعد - في صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى إطراحه، أما وهي لم تفعل فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره، قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عاماً "أمين عهدة بالشركة المصرية لـ.... فرع الأقصر 1 - اختلس البضائع المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للشركة سالفة الذكر والبالغ قيمتها 63739.993 جنيهاً والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع والمسلمة إليه بهذه الصفة. 2 - أهمل في صيانة البضائع المملوكة للشركة سالفة الذكر والمعهودة إليه على نحو يعطل الانتفاع بها على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالأقصر لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ أ، 118، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وعزله من وظيفته ورد مبلغ 63739.993 (ثلاثة وستون ألف وسبعمائة وتسعة وثلاثون جنيهاً وتسعمائة وثلاثة وتسعون مليماً) وتغريمه مبلغ مساوي لقيمة الغرامة المقضى بها وذلك عن التهمة الأولى المسندة إليه وبراءته من التهمة الثانية المسندة إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاختلاس قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم جاء قاصراً في بيان واقعة الدعوى والظروف التي لابستها وخلا من عناصر الجريمة وأركانها والأساس الذي احتسبت المحكمة على مقتضاه قيمة المبلغ المختلس وما تم تحصيله وما علق بذمة العملاء لما له من أثر في عقوبتي الرد والغرامة النسبية، كما عول الحكم على أقوال الشهود وتقريري لجنتي الجرد التي اقتصرت على وجود عجز في الحساب وهو لا يدل على حصول الاختلاس خاصة وأنه تمسك بندب خبير للوقوف على حقيقة المبلغ المنسوب إليه اختلاسه بعد استبعاد ما تصرف فيه رئيسه بمعرفته إلا أن المحكمة أغفلت طلبه. مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بقوله: "انتهت أعمال لجنتي الجرد السنوية المشكلتين من الجهة الإدارية لمراجعة عهدة المتهم.... - أمين عهدة السلع الاستهلاكية بالشركة المصرية.... فرع الأقصر عن المدة من 1/ 7/ 84 وحتى 30/ 6/ 1985 والمدة من هذا التاريخ وحتى 29/ 7/ 1985 من أن المذكور قد اختلس بضائع من عهدته عبارة عن عدد 244 دراجة صيني اسبور/ 26 وعدد 288 مروحة ارينت سقف/ 56 وعدد 10 تليفزيون ماركة شارب 20 بوصة ملون فضلاً عن بعض الأصناف الأخرى والموضحة بالتحقيقات وقد بلغت قيمة البضائع المختلسة مبلغ 63739.993 جنيهاً وكانت تلك البضائع مسلمة إليه بصفته أميناً للعهدة إلا أنه اختلسها لنفسه وباعها لحسابه الخاص ولم يقم بتوريد أثمانها للجهة المالكة لها".
واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال أعضاء اللجنة التي شكلت لفحص عهدة الطاعن والتقرير المقدم منها وإلى تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة. وحصل مؤدى تقرير الخبير المنتدب في قوله: "إلى أن هناك عجز في عهدة المتهم من البضائع المختلفة الأصناف في تاريخ الجرد الحاصلين في 30/ 6/ 1985، 29/ 7/ 1985 والموضحة بالتقرير مبلغ وقدره 63867.226 جنيهاً وأن المسئول عن ذلك هو المتهم والمحكمة تنوه إلى أنها تطمئن إلى ذلك التقرير لقيامه على أسس سليمة". ويبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تمسك بطلباته الختامية بندب خبير آخر في الدعوى لخصم قيمة المبالغ النقدية المتحصلة بواسطة رئيسه.... وانتهت المحكمة إلى رفض هذا الطلب على سند من القول أن قصد الطاعن من إعادة المأمورية إلى الخبير لمباشرتها مرة أخرى إلصاق الاتهام برئيسه مدعياً أنه كان ينفذ أوامره وهو ما نفاه الأخير. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي أو من في حكمه لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر. وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال. وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، ولما كان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن فضلاً عن أنه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات المبالغ المقول باختلاسها والمنتجة لمجموع المبلغ المختلس إذ بعد أن بين عدد أصناف الدراجات والمراوح والتليفزيونات ذهب قوله إلى وجود بعض أصناف أخرى دون أن يبين أسعار الأصناف التي عددها وماهية الأصناف الأخرى فضلاً عن أنه عول في الإدانة على أقوال أعضاء لجنة الجرد وتقرير الخبير المنتدب ومنها أقوال عضو اللجنة.... محاسب ثاني بإدارة التكاليف بالشركة المذكورة دون أن يورد مؤدى ما شهد به ووجه استدلاله بها على الجريمة التي دان الطاعن بها، كما لم يعن بذكر حاصل الواقعات التي تضمنها تقرير الخبير المنتدب من اختلاس ودون أن يعرض إلى الأسانيد التي أقيم عليها هذا التقرير ولا يكفي ذلك في بيان أسباب الحكم الصادر بالإدانة لخلوه مما يكشف عن وجه اعتماده على هذا التقرير الذي استنبطت منه المحكمة معتقدها في الدعوى على أساسه مما يصم الحكم بالقصور، ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد صادر المتهم في دفاعه بأن رئيسه المباشر.... قد تصرف في جزء من البضائع موضوع الجريمة بتسليمها للعملاء بموجب شيكات آجلة وحصل قيمة بعض البضائع، وكان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه في ختام مرافعته بطلب ندب خبير آخر لتحقيق واقعات ما أثاره بشأن رئيسه المذكور يعد - في صورة هذه الدعوى - دفاعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها - فقد كان لزاماً على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى إطراحه أما وهي لم تفعل فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره، قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق