الصفحات

الأربعاء، 31 يناير 2018

الطعن 23765 لسنة 64 ق جلسة 21 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 177 ص 1229

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة والسعيد برغوث.

----------------

(177)
الطعن رقم 23765 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام النقض.
منازعة الطاعن في استدلال الحكم بأقوال الضباط وشهود الإثبات لكيفية الضبط. غير مقبولة.
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام النقض.
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إبداء الدفع ببطلان التفتيش لحصوله قبل صدور إذن النيابة في عبارة صريحة.
(6) دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن.
(7) مواد مخدرة. عقوبة "الإعفاء من العقوبة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة إحراز المخدر مجردة من القصود. عدم اندراجها تحت حالات الإعفاء المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960.
مثال.
(8) إثبات "خبرة". إجراءات "إجراءات التحريز". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تشكيك الطاعن في إجراءات التحريز والتحليل وصولاً إلى أن المخدر المضبوط غير الذي تم تحليله. جدل في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل. غير جائز.

---------------
1 - لما كان الطاعن الثاني..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في استدلال الحكم بأقوال الضباط وشهود الإثبات بدعوى مخالفة تصويرهم لكيفية الضبط لصورة أخرى أشار إليها في دفاعه أطرحتها المحكمة، لا تكون مقبولة.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة.
5 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أورد ضمن دفاعه قوله "أن الضبط قد تم الساعة 15 و8 وأن القضية حدثت يوم 18/ 11/ 1993..... سئل في النيابة يوم 30/ 11/ 1993" وكانت هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان التفتيش لحصوله قبل صدور إذن من النيابة الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، فإن النعي على الحكم بدعوى إطراحه الدفع بإجراء الضبط قبل صدور إذن التفتيش بما لا يسوغ إطراحه يكون في غير محله.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط - بفرض إثارته - إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن القائم على الاستفادة من الإعفاء المنصوص عليها في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بقوله "إن الإعفاء من العقوبة المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قاصر على الجرائم المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 وهي جرائم التصدير والجلب والإحراز بقصد الاتجار دون غيرها من الجرائم المنصوص عليها في المواد الأخرى من القانون مثل الإحراز بقصد التعاطي والإحراز بغير قصد المنصوص عليهما في المادتين 37، 38 من القانون المشار إليه، ولما كانت واقعة الدعوى الماثلة وفقاً لتحصيل المحكمة سالف البيان لا تعدو أن تكون الإحراز المجرد من أن قصد وفقاً لنص المادة 38 من القانون ومن ثم ينتفي سند الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960". لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي أثبتها الحكم في حق الطاعن وهي إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي المعاقب عليه بمقتضى المادتين 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لا تندرج تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر في المادة 48 من القانون، فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون في غير محله.
8 - لما كان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن التشكيك في صحة إجراءات الوزن والتحريز وأن المادة المضبوطة هي التي جرى تحليلها في قوله: "إن الثابت من الأوراق أن النيابة العامة اطلعت على الإحراز الواردة إليها مع محضر ضبط الواقعة وقامت بفضها بعد التأكد من سلامة أختامها وأخذت منها عينة قامت بوضعها في حرز مغلق وأرسلتها للتحليل في المعمل الكيماوي وجاءت نتيجة التحليل تفيد أن المادة المضبوطة هي مخدر الهيروين ومن ثم تطمئن المحكمة لإجراءات التحريز والتحليل جميعها وإلى أن ما جرى تحليله هو بذاته ما تم ضبطه مع المتهمين". وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم - مما سلف - كافياً لإطراح دفاع الطاعن الذي ابتغى به التشكيك في إجراءات التحريز والتحليل وصولاً إلى أن ما تم ضبطه غير الذي جرى تحليله مما لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: - أولاً: كونا تشكيلاً عصابياً للاتجار في جوهر مخدر (هيروين) داخل البلاد في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: حازا وأحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند الثاني من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريم كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن المسند إليهما إحراز المخدر بغير قصد من القصود.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه فساد في الاستدلال، ذلك أن دفاع الطاعن أثار أن صورة الواقعة وإجراءات الضبط جريا على خلاف ما جاء بأقوال رجال الضبط، ودفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، وبأن الضبط تم قبل صدور إذن التفتيش وفي مكان وزمان حددهما الطاعن وشهود النفي بيد أن المحكمة لم تسايره في دفاعه، وأطرحته بما لا يسوغ إطراحه. كما أطرحت دفاع الطاعن بالاستفادة من الإعفاء المقررة بالفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 - في شأن مكافحة المخدرات - وبتغييب إجراءات التحريز والتحليل واختلاف المادة المضبوطة عما جرى تحليله بما لا يسوغ إطراحه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى - بالنسبة للطاعن - بما مفاده أن التحريات السرية التي أجراها الرائد.... دلت على أن الطاعن - وآخر - يحرزان مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطهما وتفتيشهما. وانتقل بتاريخ 18/ 11/ 1993 إلى مكان تواجدهما حيث وجد الطاعن حاملاً في يده حقيبة وأسرع الضابط بالقبض عليه وقام بتفتيش الحقيبة التي كان يحملها حيث عثر بداخلها على لفافة تحوي مخدر الهيروين، وكان إحراز المتهم - الطاعن - للمخدر المضبوط بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة بهذه الصورة - في حق الطاعن - أدلة استمدها من شهادة كل من الرائد..... والنقيبين...... و...... ومن تقرير المعمل الكيماوي، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها بياناً لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في استدلال الحكم بأقوال الضباط وشهود الإثبات بدعوى مخالفة تصويرهم لكيفية الضبط لصورة أخرى أشار إليها في دفاعه أطرحتها المحكمة، لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان التفتيش والإذن الصادر به لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله إن هذا الدفاع مردود "بأن التحريات التي أجراها الرائد....... اشتمل محضرها على اسم كل من المتهمين ومحل إقامته والنشاط الذي يزاوله في إحراز المواد المخدرة وتطمئن المحكمة لجديتها وكفايتها لإصدار إذن النيابة بالتفتيش"، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت - على السياق المتقدم - بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أورد ضمن دفاعه قوله "أن الضبط قد تم الساعة 15 و8 وأن القضية حدثت يوم 18/ 11/ 1993...... سئل في النيابة يوم 30/ 11/ 1993" وكانت هذه العبارة المرسلة لا تفيد الدفع ببطلان التفتيش لحصوله قبل صدور إذن من النيابة الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، فإن النعي على الحكم بدعوى إطراحه الدفع بإجراء الضبط قبل صدور إذن التفتيش بما لا يسوغ إطراحه يكون في غير محله، هذا فضلاً عما هو مقرر أن الدفع بصدور الإذن بعدم الضبط - بفرض إثارته - إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن القائم على الاستفادة من الإعفاء المنصوص عليها في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 بقوله "إن الإعفاء من العقوبة المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قاصر على الجرائم المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 وهي جرائم التصدير والجلب الإحراز بقصد الاتجار دون غيرها من الجرائم المنصوص عليها في المواد الأخرى من القانون مثل الإحراز بقصد التعاطي والإحراز بغير قصد المنصوص عليهما في المادتين 37، 38 من القانون المشار إليه، ولما كانت واقعة الدعوى الماثلة وفقاً لتحصيل المحكمة سالف البيان لا تعدو أن تكون الإحراز المجرد من أي قصد وفقاً لنص المادة 38 من القانون ومن ثم ينتفي سند الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960". لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي أثبتها الحكم في حق الطاعن وهي إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي المعاقب عليه بمقتضى المادتين 37، 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لا تندرج تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر في المادة 48 من القانون، فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن التشكيك في صحة إجراءات الوزن والتحريز وأن المادة المضبوطة هي التي جرى تحليلها في قوله: "إن الثابت في الأوراق أن النيابة العامة اطلعت على الإحراز الواردة إليها مع محضر ضبط الواقعة وقامت بفضها بعد التأكد من سلامة أختامها وأخذت منها عينة قامت بوضعها في حرز مغلق وأرسلتها للتحليل في المعمل الكيماوي وجاءت نتيجة التحليل تفيد أن المادة المضبوطة هي مخدر الهيروين ومن ثم تطمئن المحكمة لإجراءات التحريز والتحليل جميعها وإلى أن ما جرى تحليله هو بذاته ما تم ضبطه مع المتهمين". وإذ كان هذا الذي ساقه الحكم - مما سلف - كافياً لإطراح دفاع الطاعن الذي ابتغى به التشكيك في إجراءات التحريز والتحليل وصولاً إلى أن ما تم ضبطه غير الذي جرى تحليله مما لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل المستمد من عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن - المقدم من الطاعن الأول - برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 23717 لسنة 64 ق جلسة 21 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 176 ص 1221

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(176)
الطعن رقم 23717 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها. المادة 310 إجراءات.
(2) مواد مخدرة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم في بيانه لأقوال الضابطين شاهدي الإثبات ما يفيد توافر قصد الاتجار في المخدرات. انتهاؤه فيما بعد إلى اقتناعه بعدم توافر هذا القصد. لا يعيبه.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(6) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات. إثبات "بوجه عام".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(7) تفتيش "التفتيش بإذن" "إذن التفتيش. إصداره". إثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
إثبات الحكم بمدوناته صدور إذن التفتيش بعد أن دلت التحريات أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة. مفهومه. صدور الإذن لضبط جريمة تحقق وقوعها لا ضبط جريمة مستقبلة.
(8) دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من الأدلة التي أوردها الحكم. المجادلة في تقدير أدلة الدعوى. غير جائزة أمام النقض.
(9) نقض "أسباب الطعن. إيداعها. ما لا يقبل منها".
خلو تقرير الأسباب التكميلي من تاريخ إيداعه وثبوت عدم قيده في السجل المعد لذلك. أثره: الالتفات عنه.

------------------
1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كما ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنة تتجر في المواد المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدا الإثبات أنها تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
4 - لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
5 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول فإن النعي على الحكم في شأن استدلاله بها يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا شأن لمحكمة النقض به.
6 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، مما يضحى معه نعي الطاعنة في هذا الشأن في غير محله.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن مفتش مكافحة المخدرات........ قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة وأن الدفع افتقد السند القانوني والواقع الصحيح فأطرحه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلة غير سديد.
8 - لما كانت الطاعنة قد أرسلت القول بأن المحكمة لم تحقق دفاعها المؤيد بالمستندات أو تبين ماهية ذلك الدفاع ووسيلة تحقيقه على وجه التحديد ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول هذا إلى أن نفي التهمة من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم رداً صريحاً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها. لما كان ذلك، وكان النعي على المحكمة في شأن إطراح أقوال شهود النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
9 - لما كانت الطاعنة قد قدمت مذكرة تكميلية لأسباب طعنها وإذ كانت هذه المذكرة لا تحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب وكان يبين أيضاً من كتاب نيابة طنطا الكلية أن هذه المذكرة لم تثبت في دفتر إثبات التاريخ ومن ثم فلا يلتفت إلى أسباب الطعن الواردة بهذه المذكرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - وأحالتها إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتوره الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها ولم يورد مضمون أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة ومؤداها، هذا إلى أن الحكم في تحصيله للواقعة أورد في مدوناته أن المتهمة أقرت بالتحقيقات أن إحرازها للمخدر كان بقصد الاتجار ثم عاد ونفى عنها هذا القصد، وعول في قضائه على تحريات الشرطة وأقوال الشاهد رغم أن كان منهما لا يصلح لإدانتها، ورد على دفعها ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي سبقته ولصدوره عن جريمة مستقبلة بما لا يصلح رداً، والتفتت المحكمة عن تحقيق دفاع الطاعنة المؤيد بالمستندات والخاص بنفي التهمة كما لم تستمع لأقوال شهود النفي في هذا الشأن. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر الحشيش بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة مستقاة مما قرره شاهدا الواقعة ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة. كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن تتجر في المواد المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدا الإثبات أنها تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه، ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول فإن النعي على الحكم في شأن استدلاله بها يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، مما يضحى معه نعي الطاعنة في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن مفتش مكافحة المخدرات...... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة وأن الدفع افتقد السند القانوني والواقع الصحيح فأطرحه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلة غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أرسلت القول بأن المحكمة لم تحقق دفاعها المؤيد بالمستندات أو تبين ماهية ذلك الدفاع ووسيلة تحقيقه على وجه التحديد ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول هذا إلى أن نفي التهمة من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم رداً صريحاً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها. لما كان ذلك، وكان النعي على المحكمة في شأن إطراح أقوال شهود النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد قدمت مذكرة تكميلية لأسباب طعنها وإذ كانت هذه المذكرة لا تحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب وكان يبين أيضاً من كتاب نيابة طنطا الكلية أن هذه المذكرة لم تثبت في دفتر إثبات التاريخ ومن ثم فلا يلتفت إلى أسباب الطعن الواردة بهذه المذكرة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 21743 لسنة 64 ق جلسة 3 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 164 ص 1143

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور.

---------------

(164)
الطعن رقم 21743 لسنة 64 القضائية

(1) اختلاس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". استيلاء على مال عام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم المطعون فيه على وقوع الاختلاس والاستيلاء من الطاعن على ما أورده من شواهد وأثبت في حقه اختلاسه الأشياء التي أؤتمن عليها وذلك باصطناعه أذون صرف مزورة. كفايته بياناً لجنايتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق المنصوص عليهما في المادتين 112، 113 عقوبات بركنيهما المادي والمعنوي.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(2) اختلاس. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استيلاء على مال عام.
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جنايتي الاختلاس والاستيلاء على المال العام. غير لازم. ما دام قيامه مستفاد من مجموع عباراته.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده؟
مثال.
(4) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
تشكيل لجنة جرد بناء على أمر من النيابة العامة وقيامها بعملها في غيبة المتهم. لا بطلان. أساس ذلك؟
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الجازم. ماهيته؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
مثال لطلب غير جازم.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة".
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. مؤدى ذلك؟

----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على وقوع الاختلاس والاستيلاء من جانب الطاعن بناء على ما أورده من شواهد وأثبت في حقه أنه اختلس كميات من الحديد والأسمنت والأخشاب المملوكة لمجلس مدينة........ والتي أؤتمن عليها بصفته أمين مخزن المشروعات بمجلس المدينة بأن اصطنع أذون صرف مزورة لهذه المواد وسطر فيها على خلاف الحقيقة استلام العملاء المحررة بأسمائهم هذه الأذون لهذه المواد، كما استولى بغير حق على كميات من الحديد والأسمنت والأخشاب المملوكة للجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بـ...... بأن اصطنع طلبات مزورة على خلاف الحقيقة للعملاء المحررة بأسمائهم تلك الطلبات لهذه المواد وتمكن بذلك من الاستيلاء بغير حق على هذه المواد ثم قدم هذه المستندات إلى الجهة المختصة للاعتداد بما دون فيها خلافاً للحقيقة ومحاسبته على أساسها فإن ذلك حسبه بياناً لجنايتي الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات والاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات بركنيهما المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جنايتي الاختلاس والاستيلاء بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن عدم وجود عجز بعهدته عن السنوات التي أجرى فيها الجرد وتسانده إلى محضر الجرد الذي أجرى في 30/ 6/ 1980 وأن المستندات لم تعرض على لجنة الجرد وأن المخازن سرقت بمعرفة المتهم الثاني الذي اصطنع مفتاحاً لها، فإنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه والرد عليه، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها.
5 - لما كان الطاعن لا يماري في أن لجنة الجرد شكلت بناء على ندب من النيابة العامة وأن عمل تلك اللجنة - سواء بوصفه عملاً من أعمال التحقيق أو عملاً من أعمال الاستدلال - إنما تم بناء على ندب النيابة العامة لأعضائها، فلا يترتب البطلان على إجرائه في الغيبة سواء أكان الندب من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أم بوصفها رئيسة الضبطية القضائية، وكل ما للمتهم هو أن يتمسك بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهي على بينة من الأمر وهو ما لم يثيره الطاعن فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
6 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب بجلسة 31/ 12/ 1986 احتياطياً انتداب مكتب خبراء وزارة العدل لمتابعة عمليات الجرد فأصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بندب مكتب خبراء وزارة العدل بـ....... لجرد عهدة الطاعن خلال المدة من 1974 حتى 14/ 11/ 1980 لبيان ما عسى أن يكون بها من عجز وسببه ومقدار قيمته وما عسى أن يكون قد استولى عليه من حصص باعتبارها خاصة بالأفراد أو الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بـ......، وتوالى تأجيل الدعوى لتنفيذ هذا الحكم التمهيدي حتى جلسة 26/ 4/ 1994 حيث نظرت الدعوى بعد ورود مذكرة من مكتب خبراء وزارة العدل بـ...... للمرة الثانية تتضمن تعذر مباشرة المأمورية لاستدعاء الطاعن وأعضاء لجنة الجرد عدة مرات ولم يحضر أحد منهم، وقد تنازل المدافع عن الطاعن عن الحكم التمهيدي وطلب التأجيل للاطلاع والاستعداد وبجلسة المرافعة الأخيرة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ترافع المدافع عن الطاعن واختتم مرافعته بطلب البراءة دون أن يصر - سواء في صدر مرافعته أو في طلباته الختامية - على ندب مكتب خبراء وزارة العدل، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية فلا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدول المحكمة عن تنفيذ قرارها سالف الذكر لتنازله عنه فليس له من بعد إن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها.
7 - من المقرر أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته موظفاً عاماً (أمين مخازن المشروعات بـ. .....) اختلس كميات الحديد والأسمنت والأخشاب المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 65759.867 جنيه والمملوكة لمجلس مدينة........ والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي التزوير والاستعمال موضوع التهمتين الرابعة والخامسة. ثانياً: بصفته سالفة الذكر استولى بغير حق على كمية الأسمنت المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 5755.555 جنيه والمملوكة للجمعية التعاونية..... وقد ارتبطت هذه الجريمة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بجريمتي التزوير والاستعمال موضوع التهمتين الرابعة والخامسة. ثالثاً: بصفته سالفة الذكر اختلس كميات - الأسمنت المملوكة لمجلس مدينة.... ومقدارها عشرون شيكارة والبالغ قيمتها خمسمائة وثمانون جنيهاً والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. رابعاً. بصفته سالفة الذكر ارتكب تزوياً في محررات رسمية هي أذون الصرف لمواد البناء والطلبات المقدمة للجمعية....... بطريقي الاصطناع وتغيير الإمضاءات بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اصطنع أذن الصرف والطلبات ونسبها زوراً إلى أصحابها ومهرها بتوقيعات مزورة عزاها إليهم على النحو المبين بالتحقيقات. خامساً: استعمل المحررات سالفة الذكر بأن قدمها للجهة المختصة للمحاسبة على أساسها مع علمه بتزويرها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 (أ، د)، 113/ 1 - 2، 118، 119/ أ، هـ، 119 مكرراً من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم عن التهم أولاً وثانياً ورابعاً وخامساً بالسجن لمدة خمس سنوات وبعزله من وظيفته وبتغريمه مبلغ 71515.40 جنيه وألزمته برد مثله وبراءته عن التهمة ثالثاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس والاستيلاء والتزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه قضى بإدانته رغم عدم وجود دليل على عجز في عهدته مستنداً في ذلك على مجرد استنتاج من لجنة الجرد بوجود عجز في عهدته ورغم انتفاء القصد الجنائي لديه بدلالة أن الجرد أجرى عن سنوات سبق فيها جرد عهدته وكانت سليمة وأن الجرد الأخير الذي أجرى في 30/ 6/ 1980 لم يثبت وجود عجز بعهدته وقد قدم المحضر الرسمي بذلك الجرد للنيابة العامة، وأن المستندات لم تعرض على لجنة الجرد، هذا بالإضافة إلى أن المخازن سرقت بمفتاح مصطنع وضبط المتهم الثاني وهو يقوم بسرقتها في يوم جمعه لا يتم الصرف فيه من المخازن، كما أن الجرد أجرى في غيبة الطاعن حيث كان محبوساً على ذمة القضية، وأخيراً فإن المحكمة عدلت عن حكمها التمهيدي بندب خبير في الدعوى لإجراء جرد عهدة الطاعن رغم أن تنازل الطاعن عن هذا الحكم التمهيدي تأسس على ما جاء بمذكرة مكتب الخبراء من تعذر مباشرة المأمورية، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "حيث إن واقعات الدعوى - في خصوص المتهم الأول....... - حسبما استخلصتها المحكمة واطمأن إليه وجدانها من مطالعة أوراقها والتحقيقات التي تمت فيها ومما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تخلص في أنه خلال المدة عن عام 1974 إلى 14/ 11/ 1980 وحال قيام المتهم........ بالعمل في وظيفة أمين مخازن المشروعات بـ......... بدائرة مركز شرطة........ محافظة......... اختلس كميات الحديد والأسمنت والأخشاب المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 65759.867 جنيه المملوكة لمجلس مدينة......... والمسلمة إليه بسبب وظيفته حال كونه من الأمناء على الودائع، كما استولى بغير حق على كمية الأسمنت المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 5755.555 جنيه والمملوكة للجمعية التعاونية........، ومجموع هذين المبلغين يمثل قدر الاختلاس والاستيلاء بغير حق الثابت في حقه، وفي سبيل الوصول إلى قصده الإجرامي وإخفائه عن أعين المسئولين المنوط بهم الإشراف على عمله عمد إلى ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي أذون الصرف لمواد البناء والطلبات المقدمة للجمعية التعاونية......... المبينة بالتحقيقات، بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وبوضع إمضاءات مزورة مع علمه بتزويرها بأن اصطنع هذه الأذون وتلك الطلبات وسطر في الأولى على خلاف الحقيقة استلام العملاء المحررة بأسمائهم هذه الأذون كميات الحديد والأسمنت والأخشاب الواردة فيها كما أثبت في الثانية على خلاف الحقيقة طلب العملاء المحررة بأسمائهم تلك الطلبات كميات الحديد والأسمنت والأخشاب الواردة فيها ومهر هذه الأذون وتلك الطلبات بتوقيعات عزاها زوراً إليهم، وتمكن بهذه الوسيلة من اختلاس كميات الحديد والأسمنت والأخشاب المبينة بالتحقيقات والاستيلاء بغير حق على كمية الأسمنت المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 5755.555 جنيه ثم استعمل هذه المحررات الرسمية المزورة وهو على يقين من فسادها بأن قدمها إلى الجهة المختصة للاعتداد بما دون فيها مخالفاً للحقيقة ومحاسبته على أساسها". واستدل الحكم على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن بأدلة سائغة لها معينها من الأوراق من أقوال..... و...... و....... رئيس وعضوي لجنة الجرد وأقوال الشهود.... و........ و...... و....... و.... و..... و..... و...... و..... و..... و..... و..... و.... ومما ورد في تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على وقوع الاختلاس والاستيلاء من جانب الطاعن بناء على ما أورده من شواهد وأثبت في حقه أنه اختلس كميات من الحديد والأسمنت والأخشاب المملوكة لمجلس مدينة........ والتي أؤتمن عليها بصفته أمين مخزن المشروعات بمجلس المدينة بأن اصطنع أذون صرف مزورة لهذه المواد وسطر فيها على خلاف الحقيقة استلام العملاء المحررة بأسمائهم هذه الأذون لهذه المواد، كما استولى بغير حق على كميات من الحديد والأسمنت والأخشاب المملوكة للجمعية التعاونية......... بأن اصطنع طلبات مزورة على خلاف الحقيقة للعملاء المحررة بأسمائهم تلك الطلبات لهذه المواد وتمكن بذلك من الاستيلاء بغير حق على هذه المواد ثم قدم هذه المستندات إلى الجهة المختصة للاعتداد بما دون فيها خلافاً للحقيقة ومحاسبته على أساسها فإن ذلك حسبه بياناً لجنايتي الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات والاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات بركنيهما المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جنايتي الاختلاس والاستيلاء بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوي المطروحة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم وجود عجز بعهدته عن السنوات التي أجرى فيها الجرد وتسانده إلى محضر الجرد الذي أجرى في 30/ 6/ 1980 وأن المستندات لم تعرض على لجنة الجرد، وأن المخازن سرقت بمعرفة المتهم الثاني الذي اصطنع مفتاحاً لها، فإنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه والرد عليه، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى، التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - فإن نعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أن لجنة الجرد شكلت بناء على ندب من النيابة العامة وأن عمل تلك اللجنة - سواء بوصفه عملاً من أعمال التحقيق أو عملاً من أعمال الاستدلال - إنما تم بناء على ندب النيابة العامة لأعضائها فلا يترتب البطلان على إجرائه في الغيبة سواء أكان الندب من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أم بوصفها رئيسة الضبطية القضائية، وكل ما للمتهم هو أن يتمسك بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهي على بينة من الأمر وهو ما لم يثيره الطاعن فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب بجلسة 31/ 12/ 1986 احتياطياً انتداب مكتب خبراء وزارة العدل لمتابعة عمليات الجرد فأصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بندب مكتب خبراء وزارة العدل لجرد عهدة الطاعن خلال المدة من 1974 حتى 14/ 11/ 1980 لبيان ما عسى أن يكون بها من عجز وسببه ومقدار قيمته وما عسى أن يكون قد استولى عليه من حصص باعتبارها خاصة بالأفراد أو الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بـ.........، وتوالى تأجيل الدعوى لتنفيذ هذا الحكم التمهيدي حتى جلسة 26/ 4/ 1994 حيث نظرت الدعوى بعد ورود مذكرة من مكتب خبراء وزارة العدل بـ...... للمرة الثانية تتضمن تعذر مباشرة المأمورة لاستدعاء الطاعن وأعضاء لجنة الجرد عدة مرات ولم يحضر أحد منهم، وقد تنازل المدافع عن الطاعن عن الحكم التمهيدي وطلب التأجيل للاطلاع والاستعداد وبجلسة المرافعة الأخيرة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ترافع المدافع عن الطاعن واختتم مرافعته بطلب البراءة دون أن يصر - سواء في صدر مرافعته أو في طلباته الختامية - على ندب مكتب خبراء وزارة العدل، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به أو الإصرار عليه في طلباته الختامية فلا وجه لما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدول المحكمة عن تنفيذ قرارها سالف الذكر لتنازله عنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولأن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 21539 لسنة 64 ق جلسة 3 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 163 ص 1131

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(163)
الطعن رقم 21539 لسنة 64 القضائية

(1) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص. توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد.
(2) قتل عمد. إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(3) قتل عمد. إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت عرضت على بساط البحث.
(5) فاعل أصلي. اشتراك. قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الفاعل الأصلي في حكم المادة 39 عقوبات؟
الفاعل مع غيره. شريك بالضرورة. يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده.
قصد المساهمة في الجريمة. أمر باطني. يضمره الجاني. العبرة بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه.
مثال.
(6) دفوع "الدفع ببطلان القبض" "الصفة والمصلحة في الدفع".
لا صفة لغير من وقع في حقه القبض. للدفع ببطلانه. علة ذلك؟
(7) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(8) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع بأن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال الضابط يغاير المكان الذي عاينته النيابة. غير لازم. ما دامت مدوناته تضمنت الرد على ذلك.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.

--------------------
1 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "...... وحيث إن الثابت من مطالعة المدونات أن المتهم الماثل وآخرين قد عقدوا العزم على قتل المجني عليهم وإزهاق روحهم بغية سرقة أموالهم وأمتعتهم وأنهم أعدوا لذلك بنادق آلية حشوها بطلقات نارية حية وما أن شاهد المتهم....... السيارة التي تقل المجني عليهم تحاول الفرار من الكمين المنصوب لها من قبلهم حتى صوب إلى المجني عليهم ومن مسافة قريبة للغاية وفي مواضع القتل عياراً نارياً أصاب المجني عليهما فقتل الأول وأصاب الثاني وفقاً للثابت تفصيلياً بتقرير الصفة التشريحية وأن المتهمين صمموا على قتل المجني عليهم تسهيلاً لسرقتهم مستغلين في ذلك ظروف فراغ الطريق من المارة وأنهم لو كانوا يقصدون السرقة فقط لأطلقوا العيار الناري على إطارات السيارة دون ركابها وهو ما يجبرهم على التوقف ومن ثم يكون قد وقر في وجدان المحكمة توافر نية القتل لدى المتهمين وفقاً للتصوير الوارد آنفاً الذي تستظهره المحكمة من ماديات ووقائع الدعوى المطروحة". وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد.
2 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
3 - لما كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد أورد أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم...... بما مؤداه أن المتهمين جميعاً اتفقوا على سرقة السيارات بالإكراه وتوجهوا لمكان الحادث ومع كل منهم سلاحاً نارياً وقاموا بوضع دابة على الطريق العام لإعاقة السيارة بغية سرقتها وقام المتهم........ - الطاعن - بإطلاق عياراً نارياً على السيارة التي كان يستقلها المجني عليهم فقتل المجني عليه الأول وأصاب المجني عليه الثاني وأحدث تلفيات بالسيارة...... ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه إن إصابات المجني عليه نشأت من إصابته بعيارين ناريين معمر كل منهما بمقذوف مفرد ويجوز حدوثها من عيار ناري واحد بشرط أن يكون العضد الأيمن في مسار العيار الناري الذي أصاب الصدر وباتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى الأمام واليسار. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله على الدليل الفني فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من قالة جمع الحكم بين دليلين متناقضين يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.
5 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه: "يعد فاعلاً للجريمة (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره. (ثانياً) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها" والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي إن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها - ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قَصَدَ قَصْد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها حسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، فإن العبرة هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه ولما كانت نية تدخل الطاعن والمتهمين الآخرين في اقتراف جرائم القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في السرقة والشروع في القتل والإتلاف العمدي وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بدون ترخيص تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره.
6 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لا صفة لغير من وقع في شأنه أن يدفع به ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة من الدفع لاحق لوجود الصفة فيه.
7 - لما كان الواضح من جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن بطلان اعتراف المتهم...... لكونه وليد قبض باطل ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال ضابط الواقعة يغاير المكان الذي عاينته النيابة ما دام ما أورده في مدوناته تضمن الرد على ذلك، إذ المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر منازعة لدى محكمة الموضوع بشأن تناقض أقوال......... مع التقرير الفني وأن الواقعة حدثت ليلاً ولم يطلب من المحكمة تحقيق دفاعه بشأن وجود خصومة بينه وبين المتهم سالف الذكر، فليس له - من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخرين سبق الحكم عليهم أولاً: "أ" قتلوا...... عمداً بأن أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية من الأسلحة النارية التي كانوا يحملونها فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي البيان شرعوا في قتل .... و..... و..... و..... عمداً بأن أطلقوا صوبهم عدة أعيرة نارية من الأسلحة آنفة الذكر فأحدثوا بـ..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لهم فيه هو مداركته بالعلاج - أتلفوا عمداً أموالاً منقولة لا يملكونها "السيارة رقم.... أجرة قنا" بأن أطلقوا صوبها الأعيرة النارية مما ترتب عليه جعل حياة ركابها وصحتهم وأمنهم في خطر. "ب" شرعوا في سرقة المجني عليهم سالفي الذكر بالطريق العام بإحدى وسائل النقل البرية حالة كونهم أكثر من شخصين ويحملون أسلحة نارية وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو تمكن قائد السيارة من الفرار. ثانياً: المتهم الطاعن أ - حاز سلاحاً نارياً مششخناً مما لا يجوز الترخيص بحمله "مدفع رشاش". ب - حاز ذخيرة طلقة مما تستعمل في السلاح الناري. جـ - حاز جزءاً رئيسياً من سلاح ناري مششخن لا يجوز الترخيص به. وأحالته إلى محكمة جنايات قنا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 234/ 1 - 3، 315/ ثالثاً، 361 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 2 - 5، 30، 35 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والجدولين رقمي 2، 13 الملحقين بالقانون الأول مع إعمال المادة 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة وأجزاء السلاح المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في السرقة والشروع في القتل والإتلاف العمدي وحيازة سلاح ناري وجزء رئيسي من سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حقه وما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقي منها أن الطاعن ابتغى إزهاق روح المجني عليه، وعول الحكم في الإدانة على نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد مضمونه، كما عول الحكم على الدليلين القولي والفني رغم تناقضهما، وعول على تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح دليلاً بذاتها، كما خلت مدونات الحكم مما يفيد توافر الاتفاق بين المتهمين، كما أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض على المتهم..... وببطلان اعترافه القائم على القبض الباطل إلا أن المحكمة لم تعرض للدفع الأول إيراداً له أو رداً عليه وأطرحت الدفع الثاني بما لا يسوغ به إطراحه، كما أطرح دفاع الطاعن القائم على عدم صحة واقعة ضبط السلاح بدلالة أن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال ضابط الواقعة يغاير المكان الذي عاينته النيابة العامة، هذا إلى أن الحكم اطرح دفاع الطاعن القائم على تناقض أقوال..... مع التقرير الفني الذي انتهى إلى أن السيارة بها ثلاث طلقات من الأمام، وأخيراً لم يعني الحكم بتحقيق دفاع الطاعن القائم على أن الواقعة حدثت في الظلام ووجود خصومة بين الطاعن و......، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من اعتراف المتهم...... ومن أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير الطب الشرعي ومن معاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحبس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "...... وحيث إن الثابت من مطالعة المدونات أن المتهم الماثل وآخرين قد عقدوا العزم على قتل المجني عليهم وإزهاق روحهم بغية سرقة أموالهم وأمتعتهم وأنهم أعدوا لذلك بنادق آلية حشوها بطلقات نارية حية وما أن شاهد المتهم........ السيارة التي تقل المجني عليهم تحاول الفرار من الكمين المنصوب لها من قبلهم حتى صوب إلى المجني عليهم ومن مسافة قريبة للغاية وفي مواضع القتل عياراً نارياً أصاب المجني عليهما فقتل الأول وأصاب الثاني وفقاً للثابت تفصيلياً بتقرير الصفة التشريحية وأن المتهمين صمموا على قتل المجني عليهم تسهيلاً لسرقتهم مستغلين في ذلك ظروف فراغ الطريق من المارة وأنهم لو كانوا يقصدون السرقة فقط لأطلقوا العيار الناري على إطارات السيارة دون ركابها وهو ما يجبرهم على التوقف ومن ثم يكون قد وقر في وجدان المحكمة توافر نية القتل لدى المتهمين وفقاً للتصوير الوارد آنفاً الذي تستظهره المحكمة من ماديات وقائع الدعوى المطروحة". وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقدير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إصابات المجني عليه بالعضد الأيمن والصدر نارية حيوية حديثة نشأت من إصابته بعيارين ناريين معمر كل منهما بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوعهما ونوع السلاح المطلق لأي منهما لعدم استقرار أي منهما بالجسم ويجوز حدوث الإصابة من عيار ناري واحد بشرط أن يكون العضد الأيمن في مسار العيار الناري الذي أصاب الصدر وباتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى الأمام واليسار" فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد أورد أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم........ بما مؤداه أن المتهمين جميعاً اتفقوا على سرقة السيارات بالإكراه وتوجهوا لمكان الحادث ومع كل منهم سلاحاً نارياً وقاموا بوضع دابة على الطريق العام لإعاقة السيارة بغية سرقتها وقام المتهم.......... - الطاعن - بإطلاق عياراً نارياً على السيارة التي كان يستقلها المجني عليهم فقتل المجني عليه الأول وأصاب المجني عليه الثاني وأحدث تلفيات بالسيارة........ ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن إصابات المجني عليه نشأت من إصابته بعيارين ناريين معمر كل منهما بمقذوف مفرد ويجوز حدوثها من عيار ناري واحد بشرط أن يكون العضد الأيمن في مسار العيار الناري الذي أصاب الصدر وباتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى الأمام واليسار. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من قالة جمع الحكم بين دليلين متناقضين يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد فاعلاً للجريمة (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره. (ثانياً) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها" والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها - ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قَصَدَ قَصْد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها حسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، فإن العبرة هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه ولما كانت نية تدخل الطاعن والمتهمين الآخرين في اقتراف جرائم القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في السرقة والشروع في القتل والإتلاف العمدي وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بدون ترخيص تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لا صفة لغير من وقع في شأنه أن يدفع به ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة من الدفع لاحق لوجود الصفة فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الواضح من جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن بطلان اعتراف المتهم....... لكونه وليد قبض باطل ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال ضابط الواقعة يغاير المكان الذي عاينته النيابة ما دام ما أورده في مدوناته تضمن الرد على ذلك، إذ المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر منازعة لدى محكمة الموضوع بشأن تناقض أقوال.... مع التقرير الفني وأن الواقعة حدثت ليلاً ولم يطلب من المحكمة تحقيق دفاعه بشأن وجود خصومة بينه وبين المتهم سالف الذكر، فليس له - من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 21332 لسنة 64 ق جلسة 3 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 162 ص 1122

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

----------------

(162)
الطعن رقم 21332 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في إيراد أقوال شاهد دون أن يكون لها أصل ثابت بالأوراق. لا يوجب نقضه. ما دام أن استبعادها برمتها. لا يؤثر على منطقه أو سلامة تدليله.
(4) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة الإعراض عن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الجازم. ماهيته؟
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(7) إثبات "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المناظرة والتجربة بمعرفة المحكمة. قرينة. لا جناح على الحكم إن عول عليها. ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام.
(8) إثبات "خبرة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان إجراءات التحليل لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(9) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.

-----------------
1 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة من العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أن الضابط المأذون له بالتفتيش هو الذي باشره وأن تفتيشه هو الذي أسفر عن ضبط المخدر والميزان والنقود ولفافة ورق السلوفان وكيس النايلون الملوثة جميعاً بآثار المخدر وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط ومرافقه في هذا الشأن وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
3 - لما كان لا يبين أن شهادة الشاهد الثاني - في شأن من قام بالقبض على الطاعن - كان لها دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو تأثير في النتيجة التي انتهت إليها باعتبارها عنصراً من العناصر التي بنت عليها الإدانة طالما أن استبعاد هذه الشهادة برمتها وإسقاطها من الحكم لا يكون له تأثير على منطق الحكم أو سلامة تدليله، فإن خطأ الحكم - حين عرض لأقوال هذا الشاهد في شأن من قام بالقبض على الطاعن دون أن يكون له أصل ثابت في الأوراق - لا يكون موجباً لنقضه.
4 - لما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن المحكمة لم تجب طلبه ضم حرز المخدر لإجراء تجربة إمكان استيعاب جيب الجلباب المضبوط فإنه لما كان هذا الطلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل لإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته.
5 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
6 - لما كان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن مناظرة المحكمة للجلبابين والقول بتماثلهما تماماً في التفصيل على الرغم من مغايرتهما، ما دام أن ما أورده الحكم في شأن هذا التماثل لم يكن له أثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها والتي عول فيها - على ما هو واضح من سياقه - على أقوال الطاعن وضابط الواقعة في شأن الجلباب الذي ضبط به المخدر وقت ضبطه وتفتيشه بمعرفة الأخير فضلاً عن أن مدونات الحكم المطعون فيه تفصح عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من مناظرة جلباب الطاعن وإجراء تجربة دخول الإحراز المضبوطة به، وإنما استندت إلى المناظرة والتجربة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن.
7 - لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفصح عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من مناظرة جلباب الطاعن وإجراء تجربة دخول الإحراز المضبوطة به، وإنما استندت إلى المناظرة والتجربة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة
تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير سند.
8 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بخصوص ما ينعاه في شأن إجراءات التحليل التي تمت، ومن ثم لا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
9 - من المقرر أن الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 - أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (57) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المستبدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثماني سنوات وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر والأدوات المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية إحراز مخدر الحشيش بقصد الاتجار قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال شاهدي الإثبات رغم تناقضهما في شأن من قام منهما بالقبض على الطاعن وبرغم تحصيل الحكم لأقوال الشاهد الثاني أمام المحكمة في هذا الشأن على غير الثابت بتحقيقاتها، وأن المدافع عن الطاعن طلب ضم حرز المخدر لإجراء تجربة إدخاله بجيب جلبابه المضبوط واستدعاء وكيل النيابة المحقق لسؤاله في شأن اتساع الجلباب للمضبوطات إلا أن المحكمة أغفلت هذا الطلب إجابة ورداً عليه، كما وأن الحكم استند في قضائه إلى مناظرة جلباب الطاعن الذي كان يرتديه بجلسة المحاكمة بالرغم مما أثبتته المحكمة من اختلاف أوصاف ذلك الجلباب عن الجلباب المضبوط، فضلاً عن أنه عول - ضمن ما عول عليه - في إدانة الطاعن على ما انتهى إليه تقرير التحليل رغم ما شاب إجراءاته من بطلان وما اكتنفها من شكوك، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاًً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أن الضابط المأذون له بالتفتيش هو الذي باشره وأن تفتيشه هو الذي أسفر عن ضبط المخدر والميزان والنقود ولفافة ورق السلوفان وكيس النايلون الملوثة جميعاً بآثار المخدر وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط ومرافقه في هذا الشأن وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن أنه لا يبين أن شهادة الشاهد الثاني - في شأن من قام بالقبض على الطاعن - كان لها دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو تأثير في النتيجة التي انتهت إليها باعتبارها عنصراً من العناصر التي بنت عليها الإدانة طالما أن استبعاد هذه الشهادة برمتها وإسقاطها من الحكم لا يكون له تأثير على منطق الحكم أو سلامة تدليله، فإن خطأ الحكم - حين عرض لأقوال هذا الشاهد في شأن من قام بالقبض على الطاعن دون أن يكون له أصل ثابت في الأوراق - لا يكون موجباً لنقضه، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن المحكمة لم تجب طلبه ضم حرز المخدر لإجراء تجربة إمكان استيعاب جيب الجلباب المضبوط فإنه لما كان هذا الطلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة بل لإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، فضلاً عن أن المحكمة أجرت التجربة التي طلبها الطاعن في حضوره ولم يعترض هو أو محاميه الحاضر معه على هذا الإجراء، هذا إلى أن البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته دون أن يتمسك بطلب ضم حرز المخدر أو سماع وكيل النيابة المحقق، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إن لم تجبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن مناظرة المحكمة للجلبابين والقول بتماثلهما تماماً في التفصيل على الرغم من مغايرتهما، ما دام أن ما أورده الحكم في شأن هذا التماثل لم يكن له أثر في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها والتي عول فيها - على ما هو واضح من سياقه - على أقوال الطاعن وضابط الواقعة في شأن الجلباب الذي ضبط به المخدر وقت ضبطه وتفتيشه بمعرفة الأخير فضلاً عن أن مدونات الحكم المطعون فيه تفصح عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من مناظرة جلباب الطاعن وإجراء تجربة دخول الإحراز المضبوطة به، وإنما استندت إلى المناظرة والتجربة كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه ما يثر شيئاً بخصوص ما ينعاه في شأن إجراءات التحليل التي تمت، ومن ثم لا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعيباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، فضلاً عن أن الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويماً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 16823 لسنة 61 ق جلسة 3 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 161 ص 1118

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة وناجي أحمد عبد العظيم.

---------------

(161)
الطعن رقم 16823 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(2) قمار. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تحقق جريمة إعداد منزل لألعاب القمار. رهن بفتحه لألعاب القمار ودخول الناس فيه بلا قيد.
المراد بألعاب القمار؟
عدم بيان الحكم المطعون فيه أن مكان الضبط محل مفتوح أعد لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء بغير قيد أو شرط وعدم بيانه نوع اللعبة التي ثبت حصولها فيه والمبلغ الذي كان يتم المقامرة عليه ووجه استدلاله بالدليل الذي استنبطت منه المحكمة عقيدتها في الدعوى. قصور.

--------------------
1 - لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً.
2 - لما كان من المقرر أن القانون يشترط لتطبيق المادة 352 عقوبات المعدلة بالقانون رقم 17 لسنة 1955 أن يكون المحل مفتوحاً لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء بغير قيد أو شرط وكان المراد بألعاب القمار في معنى المادة سالفة الذكر هي الألعاب التي تكون ذات خطر على مصالح الجمهور وقد عدد القانون رقم 37 لسنة 1956 والقرار التنفيذي لوزير الداخلية رقم 3 لسنة 1955 بعض أنواع القمار على سبيل المثال وهي التي يكون الربح فيها موكولاً للحفظ أكثر منه للمهارة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيان الواقعة لا يفيد تحقق جريمة إعداد الطاعن مسكنه لألعاب القمار التي دين بها، إذ جاء في صيغة عامة دون أن يدلل على أن مكان الضبط محل مفتوح أعده الطاعن لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء بغير قيد أو شرط. ولم يبين نوع اللعبة التي ثبت حصولها في هذا المكان والمبلغ الذي كان يتم المقامرة عليه بين اللاعبين. وجاء الحكم خلواً مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالدليل الذي استنبطت منه عقيدتها في الدعوى ومدى تأييده لواقعة الدعوى كما اقتنعت بها المحكمة. فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أعد منزله لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه. وطلبت معاقبته بالمادة 352 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز مغاغة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه خمسمائة جنيه. استأنف ومحكمة المنيا الابتدائية - مأمورية بني مزار الاستئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعداد منزله لألعاب القمار، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يستظهر أركان الجريمة في حقه، ولم يبين نوع اللعبة التي كان يمارسها من ضبطوا بمنزله، وما إذا كانت من بين الألعاب المحظورة من عدمه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بقوله "أنه بناء على ما أثبته النقيب...... بمحضر الضبط من أنه بناء على تحرياته بأن الطاعن يدير مسكنه لألعاب القمار وبناء على إذن النيابة العامة انتقل وضبط ثلاثة أشخاص يلعبون الكوتشينة بحجرة على يمين الداخل من الباب الخلفي للمسكن وضبط مع أولهم مبلغ 10 جنيه ومع الثاني 5 جنيه ومع الثالث 3.5 جنيه وأجرى التحفظ على النقود والكوتشينة" وبعد أن أشار الحكم إلى وصف النيابة العامة للتهمة المسندة إلى الطاعن وهي إعداده مسكنه لألعاب القمار استطرد الحكم من ذلك مباشرة إلى قوله "حيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً وذلك من الأوراق ومن أقوال محرر المحضر ومن ثم يتعين عقابه عملاً بمادة الاتهام والمادة 304/ 2 أ. ج". لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان والواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة الظروف التي وقعت فيها الأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً. وكان من المقرر أن القانون يشترط لتطبيق المادة 352 عقوبات المعدلة بالقانون رقم 17 لسنة 1955 أن يكون المحل مفتوحاً لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء بغير قيد أو شرط. وكان المراد بألعاب القمار في معنى المادة سالفة الذكر هي الألعاب التي تكون ذات خطر على مصالح الجمهور وقد عدد القانون رقم 37 لسنة 1956 والقرار التنفيذي لوزير الداخلية رقم 3 لسنة 1955 بعض أنواع القمار على سبيل المثال وهي التي يكون الربح فيها موكولاً للحظ أكثر منه للمهارة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيان الواقعة لا يفيد تحقق جريمة إعداد الطاعن مسكنه لألعاب المقار التي دين بها، إذ جاء في صيغة عامة دون أن يدلل على أن مكان الضبط محل مفتوح أعده الطاعن لألعاب القمار ليدخل فيه من يشاء بغير قيد أو شرط، ولم يبين نوع اللعبة التي ثبت حصولها في هذا المكان والمبلغ الذي كان يتم المقامرة عليه بين اللاعبين، وجاء الحكم خلواً مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالدليل الذي استنبطت منه عقيدتها في الدعوى ومدى تأييده لواقعة الدعوى كما اقتنعت بها المحكمة، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 44113 لسنة 59 ق جلسة 3 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 160 ص 1115

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وفرغلي زناتي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(160)
الطعن رقم 44113 لسنة 59 القضائية

دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة. المادة 15 إجراءات.
الإجراءات القاطعة لمدة تقادم الدعوى الجنائية؟ المادة 17 إجراءات.
اعتبار الحكم أن مجرد تقدم المجني عليه بشكواه وإبلاغه بالواقعة. من الإجراءات القاطعة للتقادم. خطأ في القانون. أساس ذلك؟

----------------
لما كانت المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الأولى على أن "تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة". وتنص المادة 17 من القانون ذاته على أن "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فإنه لما كان الثابت من أقوال المجني عليه أن المتهم قد تسلم المبلغ النقدي بتاريخ 3/ 12/ 1984 وهو ذات تاريخ تحرير عقد الإيجار، وأبلغ بالواقعة في 18/ 9/ 1987 فإن المجني عليه يكون قد أبلغ بالواقعة قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها ومن ثم يضحى الدفع خليق بالرفض لمخالفته صحيح القانون". وكان البين مما أورده الحكم رداً على هذا الدفع أنه اعتبر مجرد تقدم المجني عليه بشكواه وإبلاغه بالواقعة من الإجراءات القاطعة للتقادم رغم أنه ليس كذلك لأنه لا يعد من إجراءات استعمال الدعوى الجنائية ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تحقيق صحة الدفع المبدى من الطاعن في هذا الشأن مما يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تقاضى من الشاكي المبالغ المبينة على النحو الوارد بالأوراق كخلو رجل خارج نطاق التعاقد. وطلبت عقابه بالمادتين 26، 76/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالجيزة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه وتغريمه ضعف المبلغ وإلزامه برده. عارض وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج عقد الإيجار - خلو رجل - قد شابه الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه اعتبر إبلاغ المجني عليه بالواقعة إجراء قاطعاً للتقادم ورتب على ذلك رفضه للدفع المبدى منه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
من حيث إن المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الأولى على أن "تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة". وتنص المادة 17 من القانون ذاته على أن "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فإنه لما كان الثابت من أقوال المجني عليه أن المتهم قد تسلم المبلغ النقدي بتاريخ 3/ 12/ 1984 وهو ذات تاريخ عقد الإيجار، وأبلغ بالواقعة في 18/ 9/ 1987 فإن المجني عليه يكون قد أبلغ بالواقعة قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها ومن ثم يضحى الدفع خليق بالرفض لمخالفته صحيح القانون". وكان البين مما أورده الحكم رداً على هذا الدفع أنه اعتبر مجرد تقدم المجني عليه بشكواه وإبلاغه بالواقعة من الإجراءات القاطعة للتقادم رغم أنه ليس كذلك لأنه لا يعد من إجراءات استعمال الدعوى الجنائية ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تحقيق صحة الدفع المبدى من الطاعن في هذا الشأن، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.

الطعن 43911 لسنة 59 ق جلسة 31 / 10 / 1996 مكتب فني 47 ق 159 ص 1106

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عاطف عبد السميع نائب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي والسعيد برغوث.

------------------

(159)
الطعن رقم 43911 لسنة 59 القضائية

(1) معارضة "نظرها والحكم فيها". استئناف "نظره والحكم فيه". نقص "المصلحة في الطعن". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
قبول المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي. شرطه: ثبوت قيام عذر لدى المحكوم عليه منعه من الحضور.
تخلف الطاعنين عن حضور جلسة المعارضة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري. يوجب الحكم بعدم قبول المعارضة. قضاء الحكم المطعون فيه باعتبارها كأن لم تكن. النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون. غير مجد. علة ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". شهادة مرضية. نقض "نظر الطعن والحكم فيه". أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقديم الطاعن الأول الدليل على عذر المرض وتقديم الطاعنة الثانية شهادة طبية تضمنت مجرد إخبار عن الحالة المرضية التي ألمت بها وحدد فيها تاريخ بدء المرض تحديداً تحكمياً خالي من أسسه العلمية. أثره: عدم قبول العذر.
(3) معارضة. نقض "نطاق الطعن".
الطعن في الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن. شموله الحكم الغيابي المعارض فيه.
(4) حكم "بيانات حكم الإدانة". قانون "تفسيره".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيه والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة.
المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية؟
(5) إتلاف مزروعات. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها".
القصد الجنائي في جريمة إتلاف غيط مبذور المنصوص عليها في المادة 367 (ثانياً) عقوبات. مناط تحققه؟
وجوب تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي أو أن يورد من الوقائع والظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
عدم بيان الحكم المطعون فيه أن الطاعن تعمد إتلاف الغيط المبذور موضوع الاتهام. قصور.
(6) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر نقض الحكم المطعون فيه لطاعنين آخرين قضى برفض طعنهما. وإن اتصل بهما وجه الطعن. متى كان هذا الحكم بالنسبة لهما في حقيقته حكم بعدم قبول المعارضة. علة ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أن المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري لا تقبل وفقاً لنص المادة 241 من قانون الإجراءات الجنائية إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام العذر الذي منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري. ولما كان الطاعنان قد تخلفا عن حضور الجلسة المحددة لنظر معارضتهما في الحكم الحضوري الاعتباري ولم يقدما بالتالي عذر تخلفهما عن حضور الجلسة التي صدر فيها، فإنه كان يتعين الحكم بعدم قبول المعارضة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى باعتبار معارضتهما كأن لم تكن هو في حقيقته حكم بعدم قبول المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري، ولا محل للقول بأن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ في تطبيق القانون مما يجيز لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لانتفاء مصلحة الطاعنين في الطعن في الحكم بعدم قبول المعارضة بدلاً من الحكم باعتبارها كأن لم تكن.
2 - لما كان الطاعن الأول لم يقدم الدليل على عذر المرض الذي قال أنه حال بينه وبين الحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بينما قدمت الطاعن الثانية شهادة طبية ورد بها أنها مصابة بالتهاب روماتيزمي بالفقرات القطنية العجزية وتحتاج لراحة تامة لمدة أسبوع ابتداء من تاريخ المرض وهو 4 من إبريل سنة 1989، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى هذه الشهادة لأنها لم تتضمن سوى إخباراً عن الحالة المرضية التي ألمت بالطاعنة المذكورة وقد حدد فيها تاريخ بدء المرض تحديداً تحكمياً خلت الشهادة من أسسه العلمية. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون بلا سند.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قضى باعتبار معارضة الطاعن في الحكم الغيابي الاستئنافي كأن لم تكن، ومن ثم فإن الطعن فيه بطريق النقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه.
4 - من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة.
5 - لما كانت جريمة إتلاف غيط مبذور المؤثمة بنص المادة 367 (ثانياً) من قانوناً العقوبات، إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر هذا القصد، وكانت مدوناته لا تفيد بذاتها أن الطاعن تعمد إتلاف الغيط المبذور موضوع الاتهام، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب - الذي يتسع له وجه الطعن - ويعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها بالحكم.
6 - لما كان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه يتصل بالطاعنين الأول والثانية - اللذين قضى برفض طعنهما - إلا أنه لا محل لإعمال حكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لأن الحكم المطعون فيه بالنسبة إليهما في حقيقته حكم بعدم قبول المعارضة وبالتالي لم يتصل بموضوع المعارضة حتى يمكن مد أثر النقض إليهما.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعنين بأنهم أولاً: اتلفوا غيطاً مبذوراً على النحو المبين بالمحضر. ثانياً: دخلوا عقاراً في حيازة..... بقصد منع حيازته بالقوة. وطلبت محاكمتهم بالمواد 367 (ثانياً)، 369/ 1، 373 مكرراً من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1982. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز شبين الكوم قضت حضورياً للأول والثالث وغيابياً للثانية عملاً بمواد الاتهام بحبس كل متهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وإلزام الأول والثالث بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليهما الأول والثانية والنيابة العامة. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المحكوم عليهما الأول والثانية وقضى في معارضتهما باعتبارها كأن لم تكن. كما عارض المحكوم عليه الثالث وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن كل من الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما الأول والثانية والأستاذ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثانية هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة إتلاف غيط مبذور قد شابه بطلان وقصور في التسبيب. ذلك بأن عذر المرض هو الذي حال بينهما وبين حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه على النحو الثابت بالنسبة للثانية بالشهادة الطبية المرفقة. هذا إلى أن الحكم لم يعرض لدفاعهما المكتوب أمام محكمة أول درجة باختصاصهما بأرض النزاع بموجب اتفاق محرر بين مورثهما والمدعي بالحقوق المدنية. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعنين الأول والثانية عارضا في حكم حضوري اعتباري استئنافي، وكان من المقرر أن المعارضة في مثل هذا الحكم لا تقبل وفقاً لنص المادة 241 من قانون الإجراءات إلا إذا أثبت المحكوم عليه قيام العذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم الحضوري الاعتباري. ولما كان الطاعنان قد تخلفا عن حضور الجلسة المحددة لنظر معارضتهما في الحكم الحضوري الاعتباري ولم يقدما بالتالي عذر تخلفهما عن حضور الجلسة التي صدر فيها، فإنه كان يتعين الحكم بعدم قبول المعارضة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى باعتبار معارضتهما كأن لم تكن هو في حقيقته حكم بعدم قبول المعارضة في الحكم الحضوري الاعتباري، ولا محل للقول بأن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ في تطبيق القانون مما يجيز لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لانتفاء مصلحة الطاعنين في الطعن في الحكم بعدم قبول المعارضة بدلاً من الحكم باعتبارها كأن لم تكن. لما كان ذلك، وكان الطاعن الأول لم يقدم الدليل على عذر المرض الذي قال أنه حال بينه وبين الحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بينما قدمت الطاعنة الثانية شهادة طبية ورد بها أنها مصابة بالتهاب روماتيزمي بالفقرات القطنية العجزية وتحتاج لراحة تامة لمدة أسبوع ابتداء من تاريخ المرض وهو 4 من إبريل سنة 1989، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى هذه الشهادة لأنها لم تتضمن سوى إخباراً عن الحالة المرضية التي ألمت بالطاعنة المذكورة وقد حدد فيها تاريخ بدء المرض تحديداً تحكمياً خلت الشهادة من أسسه العلمية. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون بلا سند، ولما كان الطعن وارداً على الحكم الصادر في المعارضة المرفوعة منهما عن حكم حضوري اعتباري فحسب دون الحكم الحضوري الاعتباري الذي لم يقررا بالطعن فيه فإنه لا يقبل منهما أن يتعرضا في طعنهما لهذا الحكم الأخير ويكون باقي ما أثاراه في طعنهما غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته بالنسبة للطاعنين الأول والثانية يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزامهما بالمناسب من المصروفات المدنية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثالث على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إتلاف غيط مبذور قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الثابت من الأوراق أن الزراعات موضوع الإتلاف لا ينفرد المجني عليه بملكيتها وإنما يشاركه فيها الطاعن وآخرين مما يجعل إدانة الطاعن غير صحيحة في القانون. وهذا يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار معارضة الطاعن في الحكم الغيابي الاستئنافي كأن لم تكن، ومن ثم فإن الطعن فيه بطريق النقض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم الأخير الذي اعتنق أسباب الحكم الابتدائي قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن على قوله: "وحيث إن واقعة الدعوى تخلص فيما أثبته محرر المحضر. حيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمين ثبوتاً كافياً لإدانتهم وذلك من أن المتهمين بمحضر الضبط قاموا بحرث أرض ولم يثبت أي منهم حيازته وإنما هي في حيازة المدعي بالحق المدني، ومن ثم فإن الواقعة تكون ثابتة قبلهم وتقضي المحكمة بإدانتهم". لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من هذا البيان المعتبر في القانون فلم يورد الواقعة كلية بما يحدد عناصر التهمة التي دين بها الطاعن، وجاء غامضاً في بسط مؤدى محضر الضبط حين أورد منه مطلق القول بأن الطاعن حرث أرض لم يثبت أنها في حيازته. لما كان ذلك، وكانت جريمة إتلاف غيط مبذور المؤثمة بنص المادة 367 (ثانياً) من قانون العقوبات، إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر هذا القصد، وكانت مدوناته لا تفيد بذاتها أن الطاعن تعمد إتلاف الغيط المبذور موضوع الاتهام، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب - الذي يتسع له وجه الطعن - ويعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها بالحكم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الثالث بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده بالمناسب من المصروفات المدنية. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه يتصل بالطاعنين الأول والثانية - اللذين قضى برفض طعنهما - إلا أنه لا محل لإعمال حكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لأن الحكم المطعون فيه بالنسبة إليهما في حقيقته - وفق ما سلف - حكم بعدم قبول المعارضة وبالتالي لم يتصل بموضوع المعارضة حتى يمكن مد أثر النقض إليهما.