الصفحات

الاثنين، 8 يناير 2018

الطعن 260 لسنة 35 ق جلسة 5 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 1 ص 3

جلسة 5 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

--------------

(1)
الطعن رقم 260 لسنة 35 القضائية

(أ) صورية.. "إثبات الصورية". إثبات. "عبء الإثبات" بيع. وصية.
الطعن على عقد البيع من أحد طرفية بأنه يخفي وصية. هو طعن بالصورية النسبية بطريق الغش. عبء إثبات ذلك على من يدعيه. وجوب الأخذ بظاهر نصوص العقد عند العجز عن إثبات الصورية.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". نظام عام.
قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود وبالقرائن في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام. جواز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها. عدم تمسك الطاعنة بهذه القاعدة أمام محكمة الموضوع وقيامها بتنفيذ حكم الإحالة إلى التحقيق. قبول للإثبات بغير الكتابة.
(جـ) حكم. "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال". وصية. صورية.
إقامة الحكم قضاءه بأن العقد المتنازع عليه يخفي وصية على أقوال شاهدي البائعة خلو هذه الأقوال مما يفيد اتجاه قصد المتصرفة إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موتها. فساد في الاستدلال.
(د) إثبات. "طرق الإثبات". "القرائن".. بيع.
وضع يد المشتري على العين المبيعة ليس شرطاً ضرورياً في اعتبار التصرف منجزاً.
(هـ) إثبات. "طرق الإثبات". "القرائن". حكم. "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال". وصية. صورية. بيع.
اتخاذ الحكم من عجز المشترية عن إثبات أدائها للثمن قرينة على أن العقد يخفي وصية. استناداً إلى قرينة فاسدة. البائعة الطاعنة على العقد هي المكلفة بإثبات صورية ما ورد فيه من أنها اقتضت الثمن.

---------------
1 - إذ كان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن النصوص الواردة في العقد المختلف على تكييفه صريحة في أنه عقد منجز، فإن ما طعنت به المطعون ضدها (البائعة) على هذا العقد وهي إحدى طرفيه من عدم صحة ما أثبت فيه من أنه عقد بيع، وأن الثمن المسمى فيه قد دفع وأن الصحيح هو أنه يستر وصية، ولم يدفع فيه أي ثمن، إنما هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر، وعليها يقع عبء إثبات هذه الصورية، فإن عجزت وجب الأخذ بظاهر نصوص العقد، لأنها تعتبر عندئذ حجة عليها.
2 - قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود وبالقرائن في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها. وإذ كانت محكمة الاستئناف قد أجازت للمطعون ضدها (البائعة) إثبات طعنها على العقد بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود، ولم تعترض الطاعنة (المشترية) على ذلك، بل قامت من جانبها بتنفيذ الحكم الصادر بهذا الإجراء بأن أشهدت شاهدين سمعتهما المحكمة فإن ذلك يعتبر قبولاً منها للإثبات بغير الكتابة.
3 - إذا كانت محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها بأن العقد المتنازع عليه يخفي وصية على ما استخلصته من أقوال شاهدي المطعون ضدها (البائعة) وكان هذا الاستخلاص يتجافى مع مدلول هذه الأقوال، إذ أنها جاءت خلواً مما يفيد اتجاه قصد المتصرفة إلى التبرع، وإضافة التمليك إلى ما بعد موتها، وهو ما يشترط إثابته لاعتبار العقد ساتراً لوصية، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
4 - عدم وضع يد الطاعنة (المشترية) على الأعيان محل التصرف منذ صدور العقد إليها ليس من شأنه أن يؤدي إلى عدم تنجيز التصرف، ذلك أن و ضع يد المشتري على العين المبيعة ليس شرطاً ضرورياً في اعتبار التصرف منجزاً، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف.
5 - إذ اتخذ الحكم المطعون فيه من عجز الطاعنة (المشترية) عن إثبات أدائها الثمن قرينة على أن العقد يخفى وصية، فإنه يكون قد استند إلى قرينة فاسدة في خصوصية هذه الدعوى، لأن المطعون ضدها (البائعة) هي التي يقع على عاتقها عبء إثبات صورية العقد ما ورد في العقد من أنها اقتضت الثمن المسمى فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة كانت قد أقامت على والدتها المطعون ضدها الدعوى رقم 1674 سنة 1954 كلي القاهرة وطلبت الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 4/ 5/ 1947 الصادر إليها من والدتها ببيع العقارات المبينة بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره 1330 جنيهاً أقرت البائعة بقبضه وقت التعاقد، فأنكرت الأم صدور العقد منها لابنتها وادعت بتزويره، وأقامت عليها بالطريق المباشر الجنحة رقم 1162 سنة 1955 الجمالية باتهامها بالتزوير، وبعد أن قضي نهائياً ببراءتها من هذه التهمة، عادت فرفعت الدعوى الحالية رقم 2201 سنة 1962 مدني كلي القاهرة بطلباتها السالف بيانها. دفعت المطعون ضدها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى الأولى رقم 1674 سنة 1954 كلي القاهرة سالفة الذكر، وبتاريخ 24/ 11/ 1963 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدفع وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 4/ 5/ 1947. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 149 لسنة 81 ق وطلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض دعوى الطاعنة، تأسيساً على أن عقد البيع محل النزاع يخفي وصية ولها حق الرجوع فيها، ودللت على ذلك بأنها ظلت تضع اليد على العقارات التي تصرفت فيها وتستغلها لحسابها منذ حصول التصرف في 4/ 5/ 1947 حتى تاريخ رفع الدعوى، وأن الطاعنة لم تدفع لها ثمنهاً لهذه الصفقة، ومحكمة الاستئناف قضت في 27/ 10/ 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود الوقائع المشار إليها، وبعد أن سمعت تلك المحكمة شهود الطرفين إنفاذاً لذلك الحكم حكمت في 23/ 2/ 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم اعتبر العقد يخفي وصية، استناداً إلى ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدها وإلى أن الطاعنة لم تضع اليد على العقارات محل التصرف وأن ثمناً لم يدفع في الصفقة، هذا في حين أن الشاهدين اللذين اشهدتهما المطعون ضدها قد صرحا أنهما لا يعرفان شيئاً عن العقد موضوع الدعوى، فلم يذكرا أن المطعون ضدها قصدت إضافة تصرفها إلى ما بعد الموت، أو أن ثمناً لم يدفع في الصفقة، وفي حين أن عدم وضع يد الطاعنة على العقارات المتصرف فيها بعد صدور العقد إليها، أو الادعاء من جانب المطعون ضدها بعدم اقتضائها الثمن دون أن تقيم الدليل على ذلك لا يؤدي إلى اعتبار العقد ساتراً لوصية، مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها وهي البائعة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن العقد يخفي وصية وأنها لم تقبض شيئاً من الثمن المنصوص عليه فيه، وتحقيقاً لهذا الدفاع قضت تلك المحكمة بتاريخ 27/ 10/ 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أنها ظلت واضعة يدها على الأعيان المتصرف فيها وتستغلها لحسابها، وأنها لم تقبض شيئاً من الثمن وصرحت للطاعنة بالنفي بذات الطرق، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين انتهت إلى اعتبار العقد يخفي وصية، مقيمة قضاءها على ما استخلصته من أقوال شاهدي المطعون ضدها، وعلى أن هذه الأقوال قد تأيدت بما ثبت في الدعوى من أن الطاعنة لم تضع يدها على الأعيان المتصرف إليها فيها ومن عجزها عن إثبات أداء الثمن المنصوص عليه في العقد. ولما كان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن النصوص الواردة في العقد المختلف على تكييفه صريحة في أنه عقد بيع منجز، فإن ما طعنت به المطعون ضدها على هذا العقد - وهي إحدى طرفيه - من عدم صحة ما أثبت فيه من أنه عقد بيع وأن الثمن المسمى فيه قد دفع وأن الصحيح هو أنه يستر وصية ولم يدفع فيه أي ثمن، هذا الذي طعنت به المطعون ضدها على العقد إنما هو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر وعليها يقع عبء إثبات هذه الصورية فإن عجزت وجب الأخذ بظاهر نصوص العقد لأنها تعتبر عندئذ حجة عليها. ولما كانت محكمة الاستئناف قد أجازت للمطعون ضدها إثبات طعنها على العقد بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود ولم تعترض الطاعنة على ذلك بل قامت من جانبها بتنفيذ الحكم الصادر بهذا الإجراء بأن أشهدت شاهدين سمعتهما المحكمة مما يعتبر منها قبولاً للإثبات بغير الكتابة، إذ أن قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود وبالقرائن في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف - على ما سلف البيان - قد أقامت قضاءها بأن العقد المتنازع عليه يخفي وصية على ما استخلصته من أقوال شاهدي المطعون ضدها. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل هذه الأقوال على الوجه الآتي "وبما أن المستأنفة "المطعون ضدها" أشهدت شاهدين قرر أولهما وهو أنور عبده عفيفي بأن المستأنف عليها "الطاعنة" بلغته أنها قاضت والدتها حتى لا يتمكن أولاد خالها من الميراث في والدتها التي ليس لها أولاد ذكور وأنه لا يعرف شيئاً عن واقعة البيع، وقرر ثانيهما وهو عبد الوهاب يوسف مصطفى أن المستأنفة المطعون ضدها كانت تنوي السفر للحجاز وكتبت عقد لابنتها المستأنف عليها التي قامت بتصويره حتى لا يعرف أولاد خالها شيئاً عنه وأنه لم يسمع شيئاً عن واقعة البيع ثم خلصت المحكمة إلى القول بأنها "تأخذ بهذه الأقوال وترجحها على أقوال شاهدي النفي"، ومضمونها أن "العقد الصادر من المستأنفة لابنتها المستأنف عليها لم يكن مقصوداً به أن يكون عقداً منجزاً بل قصد به الحيلولة دون ميراث أولاد أخ المطعون ضدها إذا ما توفيت في الحجاز" وكان ما استخلصه الحكم على النحو السالف ذكره من أقوال هذين الشاهدين يتجافى مع مدلولها، إذ أن هذه الأقوال جاءت خلواً مما يفيد اتجاه قصد المتصرفة إلى التبرع وإضافة التمليك إلى ما بعد موتها وهو ما يشترط إثباته لاعتبار العقد ساتراً لوصية. وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه بعد ذلك لتأييده هذه الدعامة، من أن الطاعنة لم تضع يدها على الأعيان التي هي محل التصرف منذ صدور العقد إليها ليس من شأنه أن يؤدي إلى عدم تنجيز التصرف، ذلك أن وضع يد المشتري على العين المبيعة ليس شرطاً ضرورياً في اعتبار التصرف منجزاً، إذ قد يكون التصرف منجزاً مع استمرار حيازة البائع للعين المبيعة لسبب من الأسباب التي لا تنافي إنجاز التصرف، كما أن الحكم إذ اتخذ من عجز الطاعنة عن إثبات أدائها الثمن قرينة على أن العقد يخفى وصية، يكون قد استند إلى قرينة فاسدة في خصوصه هذه الدعوى، لأن المطعون ضدها وهي التي يقع على عاتقها عبء إثبات صورية ما ورد في العقد من أنها اقتضت الثمن المسمى فيه لم تثبت هذه الصورية على ما حصله الحكم من أقوال شاهديها التي سلف بيانها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب يكون في محله بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق