الصفحات

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

دستورية منح اللجان القضائية للقوات المسلحة اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات والمعاهد العسكرية

الطعن 40 لسنة 37 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 11 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 45 مكرر هـ في 15/ 11/ 2017 ص 43
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2017م، الموافق الخامس عشر من صفر سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 37 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر بجلسة 4/ 9/ 2014 ملف الدعوى رقم 14329 لسنة 68 قضائية

--------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 14329 لسنة 68 قضائية، ضد المدعى عليهما، أمام محكمة القضاء الإداري؛ بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار فصله من المعهد الفني للقوات المسلحة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على سند من أنه كان قد التحق بالمعهد الفني للقوات المسلحة، بين أنه فصل منه بتاريخ 30/ 9/ 2013، لاستنفاد مرات الرسوب في سنة دراسية واحدة، الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه المشار إليها بطلباته سالفة البيان، وبجلسة الرابع من سبتمبر سنة 2014 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014، فيما تضمنه من منح اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات والمعاهد العسكرية، لما ارتأته من مخالفة هذا النص لنصي المادتين (97، 190) من الدستور
بتاريخ الثاني من مارس سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب هذه المحكمة ملف الدعوى رقم 14329 لسنة 68ق، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة الرابع من سبتمبر سنة 2014 بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، المستبدلة بمقتضى نص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014، فيما تضمنه من منح اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة الكليات والمعاهد العسكرية
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 تنص على أن "تختص كل لجنة من اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها في البنود (ب، ج، د، هـ، و) من المادة (1) دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوة وطلبة الكليات والمعاهد العسكرية التابعين لها والمنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية". 
وحيث إن المصلحة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو شق منها في الدعوى الموضوعية. لما كان ذلك، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليهما هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه، ومن أجل ذلك كان التعرض له سابقا بالضرورة على البحث في موضوعه، وكانت المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع إنما تتعلق بتحديد جهة القضاء المختصة بالفصل في النزاع الموضوعي، الذي يدور حول الطعن على قرار فصل المدعي من المعهد الفني للقوات المسلحة، وما يترتب على ذلك من آثار، والذي تضمنت المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه، والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 - المحالة من محكمة الموضوع – التنظيم القانوني الحاكم لتلك المسألة، ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة في الطعن على المادة (3) من القانون المار ذكرها فيما نصت عليه من اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة المعاهد العسكرية، بحسبان القضاء في مدى دستوريتها سيكون له آثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها، وولاية محكمة الموضوع في نظرها والفصل فيها
وحيث إن حكم الإحالة ينعي على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المادتين (97، 190) من الدستور، تأسيسا على أن القرار محل المنازعة المطروحة على محكمة الموضوع، الصادر من المعهد الفني للقوات المسلحة بفصل المدعي، قد صدر من المعهد بوصفه سلطة عامة، وأنه يعد بذلك قرارا إداريا يدخل الفصل في المنازعة فيه في اختصاص مجلس الدولة، بوصفه صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي لكافة المنازعات الإدارية، وأن منح اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة هذا الاختصاص، حال كون طلاب المعاهد العسكرية لا يندرجون ضمن ضباط أو أفراد القوات المسلحة، يمثل اعتداء على اختصاص مجلس الدولة مما يتصادم وأحكام الدستور
وحيث إن المادة (190) من الدستور قد عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، بوصفه صاحب الولاية العامة بالفصل في هذه المنازعات، إلا أن الدستور أقام إلى جواره بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة (202) منه، قضاء إداريا عسكريا متخصصا يتمثل في اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة، والتي عهد إليها بقسط من هذه المنازعات، فأوسد إليها الاختصاص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة، وهي تلك القرارات المتعلقة بشئون خدمتهم العسكرية، بدءا بقرار إلحاقهم بهذه الخدمة، وما يثار في هذا الشأن من منازعات تتصل به، أو تؤثر فيه، وانتهاء بقرار إنهاء هذه الخدمة، بوصف أن هذه اللجان هي القاضي الطبيعي صاحب الولاية بنظر تلك المنازعات والفصل فيها، والأكثر دراية بشئون ضباط وأفراد القوات المسلحة، والأقدر على الإحاطة بها، وكفالة البت في أمرها، بما يتفق وطبيعة الوظيفة العسكرية والمهام الموكلة للقوات المسلحة بمقتضى نص المادة (200) من الدستور في حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، ومن ثم كان الالتجاء إلى هذه اللجان والمحاكمة أمامها حقا لهذه الفئة، وغدا كفالة ذلك التزاما دستوريا على عاتق الدولة حرص الدستور على توكيده في المادة (97) منه. هذا ويندرج ضمن هذه الفئة طلبة المعهد الفني للقوات المسلحة الذي يعدهم – طبقا لنص المادة (1) من القانون رقم 69 لسنة 1980 بشأن النظام الأساسي للمعهد الفني للقوات المسلحة – للخدمة كضباط فنيين في القوات المسلحة، وهم بذلك يعدون خلال فترة دراستهم بها في خدمة القوات المسلحة، ومن الأفراد المنتمين إليها، ومن أجل ذلك حرص المشرع على النص في البند (ي) من المادة (4) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 129 لسنة 2009 على حساب المدة التي قضاها الطالب بنجاح بالمعاهد العسكرية، المعدة لتخريج ضباط، ضمن مدة الخدمة التي تعطي الحق في المعاش أو المكافأة، كما يعامل من يصاب من هؤلاء الطلبة أو يتوفى أو يستشهد أو يفقد أثناء الدراسة وبسببها أو بسبب الخدمة أو بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها بالمادة (31) من القانون المشار إليه، أو بسبب العمليات الحربية، طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة (90) من هذا القانون، معاملة الملازم خريج معهده، من حيث المعاش والتأمين الإضافي وتعويض الإصابة ومكافأة الاستشهاد. كما قضى نص البند (د) من الفقرة أولا من المادة (4) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 بتخفيض مدة الخدمة العسكرية الإلزامية العاملة إلى سنة واحدة بالنسبة لطلبة تلك المعاهد، الذين لم يتموا دراستهم، بشرط أن يكونوا قد أمضوا بها وبنجاح سنتين دراسيتين على الأقل، وألا يكون انتهاء علاقتهم بالمعهد بسبب تأديبي أو بالاستقالة أو بسبب تعمد استنفاد مرات الرسوب، واستثنت الفقرة ثانيا من المادة (6) من هذا القانون هؤلاء الطلبة ممن يستمرون في الدراسة حتى التخرج من أداء الخدمة العسكرية والوطنية، وذلك كله باعتبار أن هؤلاء الطلبة يعدون من أفراد القوات المسلحة. وعلى ذلك فإن المنازعات الإدارية المتعلقة بطلبة هذه المعاهد، التي عقد نص المادة (3) المحال الاختصاص بالفصل فيها للجان القضائية لضباط القوات المسلحة؛ بمقتضى الصلاحيات التي أوكلها الدستور للقانون في توزيع الاختصاصات بين المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها، وفي الحدود التي عينها لكل منها، شاملة تلك التي تتصل بفصل الطلاب منها، للأسباب الواردة في القوانين واللوائح المنظمة لها، تعد من المنازعات الإدارية المتعلقة بشأن من شئونهم، وذلك لكونها تعتبر في حقيقتها منازعة في المركز القانوني لأحد أفراد القوات المسلحة، وتتعلق بشأن من شئونهم، وهو المعيار الذي اعتد به الدستور في تحديد المنازعات التي ينعقد لتلك اللجان الاختصاص بنظرها والفصل فيها، بوصفها قاضيها الطبيعي، لا ينازعها في ذلك جهة قضاء أخرى، ليغدو النص التشريعي المحال، وقد التزم هذه الضوابط، غير مصادم لأحكام المواد (97، 184، 190، 202) من الدستور، كما لا يخالف أي نص آخر فيه، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق