الصفحات

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

الطعن 29348 لسنة 59 ق جلسة 2 / 5 / 1996 مكتب فني 47 ق 79 ص 565

جلسة 2 من مايو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمود شريف فهمي وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(79)
الطعن رقم 29348 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بموجبه. م 310 إجراءات.
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم.
إشارة الحكم المطعون فيه إلى نص القانون الذي عوقب الطاعن بموجبه. كفايته في بيان مادة القانون التي حكم بمقتضاها.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة".
جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة. بدون حلف يمين والأخذ بأقوالهم على سبيل الاستدلال. إذا آنس القاضي فيها الصدق. نعى الطاعن على الحكم أخذه بأقوال الشاهد دون حلف يمين على سبيل الاستدلال. غير مقبول. ما دام لا يماري في قدرته على التمييز وتحمل الشهادة.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بارتكاب أخر للجريمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بارتكاب آخر للجريمة. موضوعي. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. كفاية أخذ المحكمة بأدلة الثبوت رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) ضرب "أحدث عاهة". رابطة السببية. مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية في المواد الجنائية. علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. تقدير توافرها. موضوعي.
(7) ضرب "أحدث عاهة". إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها".
ضعف قوة الإبصار أصلاً. لا يؤثر في قيام جريمة ضرب أحدث عاهة مستديمة. حد ذلك؟
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تمسك الطاعن بإجراء تحقيق ما عن طريق المختص فنياً. إثارته أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". عقوبة "العقوبة المبررة". ضرب "أحدث عاهة". نقض "المصلحة في الطعن".
نعى الطاعن على الحكم بالقصور لإدانته بجناية إحداث عاهة مستديمة دون الوقوف على حالة العين المرضية وضعف إبصارها قبل الإصابة. غير مجد. طالما أن العقوبة الموقعة مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق عليها المادة 242/ 1 عقوبات.
(10) صلح. محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير عقد الصلح". دعوى مدنية "انقضاؤها بالتنازل".
عقد الصلح. ماهيته؟
استخلاص نية الطرفين والنتائج المبتغاة من الصلح. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.

------------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، قد أشار إلى نص القانون الذي آخذ الطاعن به بقوله "الأمر المعاقب عليه قانوناً بمقتضى المادة 240/ 1 من قانون العقوبات". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
4 - لما كان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم تبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، ولم يُحِّرم على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشاهد الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال... كشاهد في الدعوى بحجة أن سؤاله كان بغير حلف يمين على سبيل الاستدلال ما دام أن الطاعن لا يماري في قدرة هذا الشاهد على التمييز وتحمل الشهادة، إذ أن عدم حلفه اليمين لا ينفي عن الأقوال التي يدلى بها أنها شهادة.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن من احتمال أن تكون العاهة المستديمة من فعل شخص غيره - وبفرض أنه أثار ذلك أمام محكمة الموضوع - مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها، مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه استقلالاً، اكتفاء بأخذها بأدلة الإثبات القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن كل ما تقدم إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - لما كان من المقرر أن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بعصا على عينه اليسرى فأحدث بها الإصابة التي نشأت عنها العاهة ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابة العين اليسرى بما أثبته التقريران الطبيان الابتدائي والشرعي من أن إصابة المجني عليه بعينه اليسرى يجوز حدوثها من الضرب بعصا وقد تخلف لديه من جرائها اتساع بالحدقة وانخلاع بالعدسة وإعتامها وارتفاع ضغط العين وفقد الإبصار بها، ويعتبر فقد إبصار عين سليمة عاهة مستديمة تقدر بنحو 35%، فإن في ذلك ما يحقق مسئولية الطاعن - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها.
7 - لما كان ما يثيره الطاعن من مرض هذه العين وضعف إبصارها أصلاً لا يؤثر في قيام أركان جريمة ضرب أحدث عاهة مستديمة. ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كانت فاقدة الإبصار قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها.
8 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بإجراء تحقيق ما عن طريق المختصين فنياً في خصوص ما أثاره - من مرض المجني عليه بعينه وضعف قوة إبصارها قبل الإصابة - فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها.
9 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن إدانته بجناية العاهة المستديمة دون الوقوف على حالة العين المرضية وضعف إبصارها قبل الإصابة طالما أن العقوبة المقضى بها عليه مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات.
10 - من المقرر أن الصلح عقد ينحسم به النزاع بين الطرفين في أمر معين وبشروط معينة ولهذا وجب ألا يتوسع في تأويله، وأن يقتصر تفسيره على موضوع النزاع، على أن ذلك لا يحول بين قاضي النزاع وبين حقه في أن يستخلص من عبارات الصلح ومن الظروف التي تم فيها نية الطرفين والنتائج المبتغاة من الصلح ويحدد نطاق النزاع الذي أراد الطرفان وضع حد له باتفاقهما عليه - شأنه في ذلك شأن باقي العقود - إذ أن ذلك من سلطته وله رقابة عليه فيه ما دامت عبارات العقد والملابسات التي تم فيها تحتمل ما استخلصه منها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عبارات التصالح الواردة في محضر جمع الاستدلالات على لسان المجني عليه أنها لا تحمل معنى التنازل عن حقه في التعويض وكان استخلاصه سائغاً في العقل تحمله عبارات التصالح وملابساته فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن حقه يكون قد اقترن بالصواب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب...... عمداً بأداة صلبة راضة "عصا" على عينة اليسرى فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد إبصار العين اليسرى تقدر بنحو 35% خمسة وثلاثين في المائة. وأحالته على محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبإلزامه أن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة ضرب نشأ عنه عاهة مستديمة وألزمه التعويض قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه اكتفى بالإشارة إلى مادة القانون المنطبقة على واقعة الدعوى دون أن يفصح عن أخذه بها، كما اعتمد الحكم في إدانته على أقوال المجني عليه والشاهد..... على الرغم من أن الأخير سُئل بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال لأن سنه كانت أحد عشر عاماً ونصفاً في تاريخ الحادث، وأغفل دفاعه باحتمال أن تكون العاهة المستديمة من فعل شخص غيره إذ أن آخرين يتسمون باسمه كانوا من بين المتشاجرين الموجودين على مسرح الحادث، كذلك خلص الحكم إلى توافر رابطة السببية بين فعل الضرب الذي أسنده إلى الطاعن والعاهة رغم معاناة العين اليسرى للمجني عليه من حالة مرضية وضعف في الإبصار وكان أولى بالمحكمة أن تتحقق من هذا الأمر عن طريق المختص فنياً ليستجلي حقيقته لا أن تحل نفسها محله في مسألة فنية، وأخيراً رفضت المحكمة الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق تصالح المجني عليه مع الطاعن والثابت بمحضر الشرطة مما يعد تنازلاً منه عنها وكان يتعين معه القضاء برفضها. كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال المجني عليه والشاهد...... وما أورده التقريران الطبيان الابتدائي والشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، قد أشار إلى نص القانون الذي آخذ الطاعن به بقوله "الأمر المعاقب عليه قانوناً بمقتضى المادة 240/ 1 من قانون العقوبات". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم تبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال، ولم يُحِّرم على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشاهد الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال..... كشاهد في الدعوى بحجة أن سؤاله كان بغير حلف يمين على سبيل الاستدلال ما دام أن الطاعن لا يماري في قدرة هذا الشاهد على التمييز وتحمل الشهادة، إذ أن عدم حلفه اليمين لا ينفي عن الأقوال التي يدلى بها أنها شهادة، ولما كان ما يثيره الطاعن من احتمال أن تكون العاهة المستديمة من فعل - شخص غيره - وبفرض أنه أثار ذلك أمام محكمة الموضوع - مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها، مما لا تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه استقلالاً، اكتفاء بأخذها بأدلة الإثبات القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن كل ما تقدم إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ضرب المجني عليه بعصا على عينه اليسرى فأحدث بها الإصابة التي نشأت عنها العاهة ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابة العين اليسرى بما أثبته التقريران الطبيان الابتدائي والشرعي من أن إصابة المجني عليه بعينه اليسرى يجوز حدوثها من الضرب بعصا وقد تخلف لديه من جرائها اتساع بالحدقة وانخلاع بالعدسة وإعتامها وارتفاع ضغط العين وفقد الإبصار بها، ويعتبر فقد إبصار عين سليمة عاهة مستديمة تقدر بنحو 35%، فإن في ذلك ما يحقق مسئولية الطاعن - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان من واجبه أن يتوقع حصولها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من مرض هذه العين وضعف إبصارها أصلاً لا يؤثر في قيام أركان هذه الجريمة ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كانت فاقدة الإبصار قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها، فضلاً عن أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بإجراء تحقيق ما عن طريق المختصين فنياً في خصوص ما أثاره فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها. ومع ذلك، فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في هذا الخصوص (في شأن إدانته بجناية العاهة المستديمة دون الوقوف على حالة العين المرضية وضعف إبصارها قبل الإصابة) طالما أن العقوبة المقضى بها عليه مقررة لجريمة الضرب البسيط المنطبق على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الصلح عقد ينحسم به النزاع بين الطرفين في أمر معين وبشروط معينة ولهذا وجب ألا يتوسع في تأويله، وأن يقتصر تفسيره على موضوع النزاع، على أن ذلك لا يحول بين قاضي النزاع وبين حقه في أن يستخلص من عبارات الصلح ومن الظروف التي تم فيها نية الطرفين والنتائج المبتغاة من الصلح ويحدد نطاق النزاع الذي أراد الطرفان وضع حد له باتفاقهما عليه - شأنه في ذلك شأن باقي العقود - إذ أن ذلك من سلطته وله رقابة عليه فيه ما دامت عبارات العقد والملابسات التي تم فيها تحتمل ما استخلصه منها، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عبارات التصالح الواردة في محضر جمع الاستدلالات على لسان المجني عليه أنها لا تحمل معنى التنازل عن حقه في التعويض وكان استخلاصه سائغاً في العقل تحمله عبارات التصالح وملابساته، فإن ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن حقه يكون قد اقترن بالصواب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق