الصفحات

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

الطعن 25649 لسنة 64 ق جلسة 17 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 196 ص 1362

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وطه سيد قاسم نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

-----------------

(196)
الطعن رقم 25649 لسنة 64 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". قضاة "صلاحيتهم".
الغضب والرغبة في الإدانة واستشعار الحرج ليست من أسباب عدم الصلاحية. تقديرها للقاضي وما يطمئن إليه وجدانه. قيام إحداها. لا يحول دون نظر الدعوى. حد ذلك؟
قيام ما عدا أسباب الصلاحية. لا يؤثر في سلامة الحكم.
(2) نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
للنيابة العامة تكليف أحد معاونيها بتحقيق قضية بأكملها. التحقيق الذي يجريه معاون النيابة له صفة التحقيق القضائي الذي يباشره سائر أعضاء النيابة العامة. المادة 22 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية.
إصدار معاون النيابة الإذن بالتفتيش بناء على قرار الندب من رئيس النيابة. لا مخالفة للقانون. المادة 200 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام". تزوير "الادعاء بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الأصل في الإجراءات الصحة. لا يجوز الادعاء بما يخالف الثابت منها. إلا بطريق الطعن بالتزوير.
مثال.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
(5) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
الخطأ في اسم الشارع الذي به مسكن المتهم بمحضر التحريات. لا ينال بذاته من جدية ما تضمنه من تحر.
(6) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بشيوع التهمة.
(7) نقص "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط في حجرة نومه. ما دام أن الحكم أثبت مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيبه.
(8) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر قصد الاتجار. موضوعي.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز أمام النقض.
(11) إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. أساس ذلك؟
(12) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف. غير مجد. ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(13) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
توكيل المتهم أكثر من محام للدفاع عنه. عدم تقسيم الدفاع بينهم وحضور أحدهم دون الآخر. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء وعدم تمسكه بالتأجيل لحضور محاميه. لا إخلال بحق الدفاع.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع المتعلق بحكم آخر غير الحكم المطعون فيه. أثره. عدم قبوله.

---------------------
1 - لما كانت حالة الغضب والرغبة في الإدانة واستشعار الحرج كلها مسائل داخلية تقول في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقريرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر لدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغضب وتلك الرغبة لم يقوما في نفسه. ولم يستشعر مثل هذا الحرج في نظرها. لما كان ذلك، وكان طلب رد المحكمة الذي تقدم به الطاعن قد رفض وكانت المحكمة لم تر من جهتها سبباً لتنحيها عن نظر الدعوى، وكانت أسباب عدم الصلاحية قد وردت في المواد 247 من قانون الإجراءات الجنائية و146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية و75 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية. وليس من بينها السبب الوارد بالطعن - الغضب والرغبة في الإدانة - وكان قيام ما عدا تلك الأسباب لا يؤثر على صحة الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صلاحية المحكمة لنظر الدعوى يكون لا سند له من القانون.
2 - لما كانت المادة 22 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية قد أجازت للنيابة العامة عند الضرورة تكليف معاون النيابة بتحقيق قضية بأكملها. فجعلت لما يجريه معاون النيابة من تحقيق صفة التحقيق القضائي الذي يباشره سائر أعضاء النيابة العامة في حدود اختصاصهم و أزالت التفريق بين التحقيق الذي كان يباشره معاون النيابة وتحقيق غيره من أعضائها. وأصبح ما يقوم به معاون النيابة من إجراءات التحقيق لا يختلف في أثره عما يقوم به غيره من زملائه. وكانت المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أياً من مأموري الضبط القضائي بعض الأعمال التي من اختصاصه. وكان قيام رئيس النيابة بندب معاون النيابة المقيم معه في استراحة النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون، وليس فيه ما يحمل على الشك في صحة الإذن أو يقدح في سلامة إجراءاته. ما دام أن رئيس النيابة قد رأى من المبررات ما يسوغ هذا الندب.
3 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف الثابت منها إلا بطريق الطعن بالتزوير. وإذ كان الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بإذن التفتيش من أن الأستاذ....... قد أصدره بناء على انتداب الأستاذ........ رئيس النيابة له في ذلك. فإن الإذن بالتفتيش يكون قد صدر صحيحاً ممن يملك إصداره.
4 - لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان إذن التفتيش على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه، ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأنه، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثيره أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
5 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذي يقع فيه مسكن الطاعن في حضر التحريات - بفرض ثبوته - لا يقطع بذاته على عدم جدية ما تضمنه من تحر.
6 - لما كان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بانعدام سيطرته على مكان الضبط وشيوع التهمة بقوله "أن المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به الضابطان من أن تفتيش شخصه قد أسفر عن ضبط المخدرات في جيب بنطاله الأيمن الأمامي وفي الجيب الآخر المبلغ النقدي. ثم أن تفتيش مسكنه جاء بعد اصطحابهما له. وأن الدولاب الخاص بالمتهم قد تم فتحه بواحد من المفتاحين اللذين تم ضبطهما معه وأن الدولاب في حجرة نومه، فدل ذلك يقيناً على أن السيطرة الفعلية للدولاب وما به من مخدرات هي للمتهم وحده دون سواه. هذا فضلاً عن إقرار المتهم للضابطين بملكيته لجميع المضبوطات. ومن ثم فإن قالة شيوع الاتهام تضحى بلا سند بما يتعين رفضها". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط. كما رد على ما أثير من دفع بشيوع التهمة رداً سائغاً - على النحو المتقدم بيانه - فإن ما يعيبه الطاعن على هذا الرد لا يكون له من وجه.
7 - انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط في حجرة نومه ما دام أن وصف التهمة يبقى سليماً لما أثبته الحكم عن مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيب بنطاله الذي كان يرتديه.
8 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام يقيم قضاءه في شأنها على أسباب تحمله. وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم سائغاً في العقل والمنطق وكافياً فيما خلص إليه الحكم من أن حيازة وإحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار.
9 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
10 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين وصحة تصويرهما للواقعة وكان ما أورده الحكم بمدوناته يكفي ويسوغ به الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن. فإن ما يثيره من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وتصديقها لأقوال ضابطي الواقعة أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الثابت من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب سؤال...... على سبيل الجزم وإنما إثارة في صورة تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ومن ثم فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون غير قائمة.
12 - لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه ما دام أن البين من الواقعة كما صار إثابتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف الطاعن المدعي ببطلانه، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الاعتراف. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابطي الواقعة - حسبما حصلها الحكم - من أنهما واجها الطاعن بالمضبوطات فأقر بملكيتها بقصد الاتجار فيها، إذ هو لا يعد اعترافاً من الطاعن بما أسند إليه، وإنما مجرد قول للضابطين يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن. هذا إلى أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
13 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة....... أن الأستاذ...... المحامي الموكل حضر مع الطاعن ولم يقل أن هناك محامياً آخر في الدعوى ولم يطلب التأجيل لحضوره، بل التأجيل لليوم التالي لاستمرار المرافعة وأجابته المحكمة وفي الجلسة المحددة ترافع في الدعوى حسبما هو ثابت بمحضر الجلسة، ولم يطلب التأجيل لحضور المحامي الأصيل، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن طلب أمسك عن إبدائه، ولما كان الطاعن لم يشر بأسباب طعنه إلى أن المحاميين عنه - بفرض أن هناك محامياً آخر - اتفقا على المشاركة في الدفاع وتقسيمه بينهما، فإن المحكمة إذ قضت في الدعوى بإدانة الطاعن دون استجابة لطلب التأجيل - على فرض صحة ما يقرره - لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع ما دام أن القانون لا يوجب أن يكون مع كل متهم بجناية أكثر من محام واحد يتولى الدفاع عنه.
14 - لما كان ما يثيره الطاعن بخصوص طلب ضم دفتر الأحوال وسؤال كل من....... و...... غير موجه إلى قضاء الحكم المطعون فيه ولا يتصل به. إنما هو موجه لقضاء الحكم الصادر في الجناية رقم........ لسنة..... قسم أول المنصورة التي دين فيها الطاعن بتهمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها. فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعي لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 بند أ فقرة 2 بند 7، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة ألف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها، حالة كونه سبق الحكم عليه في جناية مماثلة. قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن تطاول على الهيئة التي أصدرت الحكم فتملكها الغضب واستبدت بها الرغبة في الإدانة، مما يفقدها الصلاحية لنظر الدعوى. وأغفل الحكم الدفع ببطلان إذن النيابة لصدوره من معاون نيابة دون مبرر لندبه، ورد على الدفع ببطلان ذلك الإذن لعدم جدية التحريات، بما لا يصلح رداً. وقام دفاع الطاعن على انعدام سيطرته على مكان الضبط وأن زوجته وأولاده يشاركونه الإقامة في الحجرة واستعمال الصوان الذي ضبط به المخدر، ودفع بشيوع التهمة ورد الحكم عليه بما لا يسوغ ودلل الحكم على قصد الاتجار لدى الطاعن بما لا يوفره كما قام دفاع الطاعن على عدم صحة تصوير الضابطين لواقعة الدعوى وأن المقهى كان مغلقاً لتعرضه لحادث حريق قبل الضبط بثلاثة أيام، وأن الضابطين استدعياه من محل..... وأنه كان يتعين تحقيق دفاعه بسؤال...... بيد أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح رداً ولم تجر المحكمة تحقيقاً بشأنه، والتفت الحكم على الدفاع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه، ولم يعرض له بالإيراد أو الرد. كما التفت عن طلب المدافع عن الطاعن التأجيل لحضور المحامي الأصيل، ولم تجبه المحكمة لطلبه وأصرت على نظر الدعوى مما اضطره للانسحاب. ولم تجبه لطلبه في الجناية رقم..... لسنة...... قسم أول المنصورة ضم دفتر الأحوال وسؤال كل من...... و....... مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة وإحراز مخدر الحشيش بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق - مستمدة من أقوال ضابطي الواقعة، ومن تقرير المعمل الكيماوي ومن الحكم الصادر في الجناية رقم.... لسنة...... قسم أول المنصورة، ومن الشهادة الصادرة من نيابة المنصورة الكلية. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن حالة الغضب والرغبة في الإدانة واستشعار الحرج كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقريرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن ذلك الغصب وتلك الرغبة لم يقوما في نفسه، ولم يستشعر مثل هذا الحرج في نظرها. لما كان ذلك، وكان طلب رد المحكمة الذي تقدم به الطاعن قد رفض وكانت المحكمة لم تر من جهتها سبباً لتنحيها عن نظر الدعوى، وكانت أسباب عدم الصلاحية قد وردت في المواد 247 من قانون الإجراءات الجنائية و146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية و75 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية، وليس من بينها السبب الوارد بالطعن - الغضب والرغبة في الإدانة - وكان قيام ما عدا تلك الأسباب لا يؤثر على صحة الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صلاحية المحكمة لنظر الدعوى يكون لا سند له من القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 22 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية قد أجازت للنيابة العامة عند الضرورة تكليف معاون النيابة بتحقيق قضية بأكملها، فجعلت لما يجريه معاون النيابة من تحقيق صفة التحقيق القضائي الذي يباشره سائر أعضاء النيابة العامة في حدود اختصاصهم وأزالت التفريق بين التحقيق الذي كان يباشره معاون النيابة وتحقيق غيره من أعضائها. وأصبح ما يقوم به معاون النيابة من إجراءات التحقيق لا يختلف في أثره عما يقوم به غيره من زملائه، وكانت المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أياً من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من اختصاصه، وكان قيام رئيس النيابة بندب معاون النيابة المقيم معه في استراحة النيابة لإصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون، وليس فيه ما يحمل على الشك في صحة الإذن أو يقدح في سلامة إجراءاته، ما دام أن رئيس النيابة قد رأى من المبررات ما يسوغ هذا الندب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف الثابت منها إلا بطريق الطعن بالتزوير، وإذ كان الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بإذن التفتيش من أن الأستاذ..... قد أصدره بناء على انتداب الأستاذ...... رئيس النيابة له في ذلك، فإن الإذن بالتفتيش يكون قد صدر صحيحاً ممن يملك إصداره، ويكون النعي على الحكم بهذا الوجه من الطعن غير سديد. هذا إلى أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان إذن التفتيش على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه، ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأنه، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثره أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله "أنه دفع مردود بما ثبت للمحكمة من أن التحريات التي قام بها الضابطان قد انصبت على المتهم نفسه وليس سواه وعلى نشاطه الذي يمارسه وهو الاتجار في المواد الخدرة وحددت موقع نشاطه هذا وهو مقهاه المجاور لمسكنه وأنه يقيم في شارع...... المتفرع من شارع....... بعزبة...... دائرة قسم أول المنصورة وقد أكدت مراقبتهما للمتهم في مقهاه كل ذلك وفق ما شهد به المذكوران في تحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة ولا يقدح في جدية التحريات ما قاله الدفاع من أن المتهم يقيم في شارع العدل وليس شارع....... إذ جاء قولاً مرسلاً لم يؤيده دليل على صدقه، وتطرح المحكمة ما قاله المتهم في التحقيق من أنه يقيم بشارع العدل إذ يدحض ذلك ما ثبت من المعاينة والرسم التخطيطي المرفق بها أن مسكن المتهم يقع بشارع....... وأن المقهى الذي ضبط فيه المتهم يقع بمنزله، وأن باباها يفتح على حارة متفرعة من شارع........ هي حارة...... وأن هذه التحريات قد استقامت عناصرها وكفايتها لإصدار الإذن وهو عين ما اطمأنت إليه النيابة العامة مصدرة الإذن وتشاركها المحكمة هذا الاطمئنان ومن ثم يضحى الدفع قائماً بغير سند من الواقع أو القانون خليق برفضه". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان مجرد الخطأ في ذكر اسم الشارع الذي يقع فيه مسكن الطاعن في محضر التحريات - بفرض ثبوته - لا يقطع بذاته على عدم جدية ما تضمنه من تحر، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بانعدام سيطرته على مكان الضبط وشيوع التهمة بقوله "أن المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به الضابطان من أن تفتيش شخصه قد أسفر عن ضبط المخدرات في جيب بنطاله الأيمن الأمامي وفي الجيب الآخر المبلغ النقدي، ثم أن تفتيش مسكنه جاء بعد اصطحابهما له، وأن الدولاب الخاص بالمتهم قد تم فتحه بواحد من المفتاحين اللذين تم ضبطهما معه وأن الدولاب في حجرة نومه، فدل ذلك يقيناً على أن السيطرة الفعلية للدولاب وما به من مخدرات هي للمتهم وحده دون سواه، هذا فضلاً عن إقرار المتهم للضابطين بملكيته لجميع المضبوطات، ومن ثم فإن قالة شيوع الاتهام تضحى بلا سند بما يتعين رفضها". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط، كما رد على ما أثير من دفع بشيوع التهمة رداً سائغاً - على النحو المتقدم بيانه - فإن ما يعيبه الطاعن على هذا الرد لا يكون له من وجه. هذا بالإضافة إلى انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن المخدر المضبوط في حجرة نومه ما دام أن وصف التهمة يبقى سليماً لما أثبته الحكم عن مسئوليته عن المخدر المضبوط في جيب بنطاله الذي كان يرتديه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر قصد الاتجار لدى الطاعن بقوله "وحيث إنه وقد ثبت أن المتهم قد حاز وأحرز المواد المخدرة بقصد الاتجار فيها وذلك أخذاً من الأدلة اليقينية التي قامت لدى المحكمة بقيام هذا القصد مما شهد به شاهدا الإثبات من أن تحرياتهما السرية المؤكدة بالمراقبة الشخصية للمتهم خلال فترة التحري دلت على أنه يحرز المواد المخدر للاتجار فيها هذا فضلاً عن ضبط المواد المخدرة مجزأة في لفافات عديدة بلغت أربعاً وتسعين لفافة وحجم الكمية المضبوطة وهي 240.2 جراماً إضافة إلى ضبط ميزان صغير مما يستعمل في الوزن وكمية من ورق السلوفان مما يستخدم في تغليف هذه المواد وكون المتهم مسجل فئة ( أ ) اتجار في المخدرات، وفوق ذلك ثابت أن المتهم حكم على لاتجاره في المخدرات، كل ذلك يقطع بقيام قصد الاتجار لديه". وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل ما دام يقيم قضاءه في شأنها على أسباب تحمله. وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم سائغاً في العقل والمنطق وكافياً فيما خلص إليه الحكم من أن حيازة وإحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان النعي بعدم صحة تصوير الضابطين لواقعة الدعوى وأن المقهى كانت مغلقة لتعرضها لحادث حريق قبل الضبط بثلاثة أيام، مردوداً بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين وصحة تصويرهما للواقعة وكان ما أورده الحكم بمدوناته يكفي ويسوغ به الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن. فإن ما يثيره من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وتصديقها لأقوال ضابطي الواقعة أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بنفي التهمة وعدم تواجده في المكان الذي قال به شاهدي الإثبات وقت الضبط ورد عليه بأنه "قول يدحضه ما ثبت للمحكمة من شهادة شاهدي الإثبات أن المتهم وقت ضبطه كان موجوداً بالمقهى الخاص به، وهو ما يؤيده ما جاء في أقوال شاهدي المتهم بالتحقيقات..... و..... من نفي ما ذكره المتهم من أنهما استدعياه للضابطين من محل..... الكهربائي". لما كان ذلك، وكان الثابت من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب سؤال..... على سبيل الجزم، وإنما أثاره في صورة تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع تكون غير قائمة. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه، ما دام أن البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف الطاعن المدعي ببطلانه، وإنما قام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الاعتراف. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله، ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابطي الواقعة - حسبما حصلها الحكم - من أنهما واجها الطاعن بالمضبوطات فأقر بملكيتها بقصد الاتجار فيها، إذ هو لا يعد اعترافاً من الطاعن بما أسند إليه، وإنما مجرد قول للضابطين يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن. هذا إلى أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة..... أن الأستاذ..... المحامي الموكل حضر مع الطاعن ولم يقل أن هناك محامياً آخر في الدعوى ولم يطلب التأجيل لحضوره، بل التأجيل لليوم التالي لاستمرار المرافعة وأجابته المحكمة، وفي الجلسة المحددة ترافع في الدعوى حسبما هو ثابت بمحضر الجلسة، ولم يطلب التأجيل لحضور المحامي الأصيل، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن طلب أمسك عن إبدائه، ولما كان الطاعن لم يشر بأسباب طعنه إلى أن المحاميين عنه - بفرض أن هناك محامياً آخر - اتفقا على المشاركة في الدفاع وتقسيمه بينهما، فإن المحكمة إذ قضت في الدعوى بإدانة الطاعن دون استجابة لطلب التأجيل - على فرض صحة ما يقرره - لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع ما دام أن القانون لا يوجب أن يكون مع كل متهم بجناية أكثر من محام واحد يتولى الدفاع عنه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بخصوص طلب ضم دفتر الأحوال وسؤال كل من...... و.....، غير موجه إلى قضاء الحكم المطعون فيه ولا يتصل به، إنما هو موجه لقضاء الحكم الصادر في الجناية رقم..... لسنة..... قسم أول المنصورة التي دين فيها الطاعن بتهمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها، فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعي لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق