الصفحات

السبت، 4 نوفمبر 2017

الطعن 25614 لسنة 63 ق جلسة 7 / 3 / 1996 مكتب فني 47 ق 46 ص 316

جلسة 7 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(46)
الطعن رقم 25614 لسنة 63 القضائية

(1) بناء. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
واقعة مخالفة البناء لأحكام القانون وإقامة بناء بدون ترخيص. وصفان ملازمان لفعل البناء.
(2) بناء. قانون "سريانه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". "أثر الطعن" عقوبة "تطبيقها". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة البناء بغير ترخيص. متتابعة الأفعال. متى كانت أعمال البناء متعاقبة ومتوالية ولو لم يكشف عن بعضها إلا بعد الحكم في بعضها الآخر. أثر ذلك؟
لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. وجوب امتداد أثر نقض الحكم لطاعنين آخرين.
مثال لتسبيب معيب لرفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.

------------------
1 - من المقرر أن مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، إذ هما قرينان متلازمان لفعل البناء ويتداخلان في وصفه القانوني.
2 - لما كانت جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية، إذ هي حينئذ تقوم على نشاط وإن اقترف في أزمنة متوالية إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والاعتداء فيه يسقط على حق واحد مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون بمعنى أنه إذا صدر حكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو لم يكتشف أمرها إلا بعد صدور الحكم، ومفاد ذلك أن الحكم نهائياً بإدانة متهم في جريمة إقامة بناء بغير ترخيص يحول دون محاكمته مرة أخرى عنها، أو عن أية جريمة أخرى من جرائم مخالفة البناء لأحكام القانون، إذ هما - البناء بغير ترخيص، ومخالفة البناء لأحكام القانون - قرينان متلازمان يتداخلان في وصفه القانوني، حتى ولو لم يكتشف أمر أيهما إلا بعد صدور الحكم في جريمة منهما سواء كانت الجريمة إقامة بناء بدون ترخيص أو إقامته مخالفاً لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنح التي بينها. على أن موضوع هذه الجنح إقامة عدة أدوار متكررة بغير ترخيص والبناء في الردود وأن هناك مغايرة بينه وبين موضوع الاتهام المسند للطاعنين في الدعوى المطروحة على خلاف ما أثبته الحكم بمدوناته فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين عن التهمة الأولى التي عاقبهم عنها بالمادة 22 مكرراً المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 إلى القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء باعتبارها الجريمة الأشد في قوله عنهم "أنهم لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم .... شارع...... الأصول الفنية المقررة وذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطاء واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة، كما استخدموا مواد بناء (زلط) غير مطابق للمواصفات المقررة، وسوء توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان المرخص بها رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات" إذ أن هذه الأفعال التي أوردها الحكم - في الاتهام الأول الذي أنزل عقوبته على الطاعنين، يندرج في أفعال الدعاوى التي سبق الحكم على الطاعنين فيها، وهي إقامة أدوار متكررة بدون ترخيص والبناء في الردود - حسبما أشار الحكم - وذلك بحسب الأصل المقرر - السابق بيانه - في حدود الأدوار التي أقامها الطاعنون بدون ترخيص حتى ولو لم تكن قد اكتشفت إلا بعد الحكم فيها ولم يستظهر الحكم، فيما عدا ذلك، ما إذا كانت مخالفات التنفيذ الأخرى تتعلق بأدوار أخرى أقيمت بعد الحكم على الطاعنين في آخر ما أسند إليهم من أعمال التعلية أو قبله فيندرج فيها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباً فوق تناقضه فيما أورده بشأن المغايرة في أفعال الأدوار المقامة بغير ترخيص، بالقصور في البيان بعدم استظهاره أساس المغايرة - في غيرها - مما أورده بشأن عيوب التنفيذ، التي تدخل وتندرج في إقامة الأدوار الأخرى بغير ترخيص، إذا تعلقت بها وكانت مما تندمج فيها، وقد أسلس هذا العيب الحكم إلى خطأ آخر، هو أنه أنزل حكم المادة 22 مكرراً - المار بيانها - على الطاعنين قبل أن يستظهر أن الغش وسوء التنفيذ - كانا متعلقين بمبان أخرى لاحقة في إقامتها على تلك التي أقامها الطاعنون بغير ترخيص، وعلى بدء سريان حكم المادة المنوه عنها، مما يعيبه كذلك بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان. لما كان ما تقدم، فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين وكذلك بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)...... "طاعنة" (2)..... "طاعن" (3)..... "طاعن" (4) ..... "طاعن" (5).... (6)..... أولاً: المتهمون الأول والثاني والثالث: (1) لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم... شارع..... الأصول الفنية المقررة وذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطاء واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة واستخدموا مواد بناء (زلط وحديد تسليح) غير مطابق للمواصفات المقررة مع سوء في توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد من بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو الموضح بالتحقيقات. (2) أقاموا البناء - آنف البيان - مخالفاً للرسومات المعتمدة من شركة......... ومن إدارة......... والتي منح الترخيص على أساسها وقاموا بتعلية ستة طوابق دون الحصول على ترخيص بذلك. ثانياً: المتهمون الرابع والخامس والسادس: (1) أهملوا والمتهم المتوفى....... إهمالاً جسيماً في تصميم البناء سالف البيان - ولم يلتزموا في إعداد الرسومات بالأصول الفنية والمواصفات القياسية المصرية المعمول بها بأن صمموا قطاعات أعمدة لا تتحمل بأمان الأحمال الرأسية التي كانت قائمة عليها وأساءوا توزيعها على مساحة البناء، ولم يراعوا في اختيار النظام الإنشائي مقاومة القوى الأفقية الناتجة عن تأثير الرياح فأضاف ذلك إجهادات إضافية على الأعمدة علاوة على الإجهادات الناتجة عن الأحمال الرأسية. (2) أهملوا والمتهم المتوفى ..... إهمالاً جسيماً في الإشراف على تنفيذ بناء على العقار سالف البيان فسمحوا للمتهمين من الأول إلى الثالث باستخدام مواد بناء غير مطابقة للمواصفات ودون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات مع سوء توزيع الحديد بالهيكل الخرساني للبناء وعدم جودة الخلط لمكونات الخرسانة المسلحة، وسمحوا لهم أيضاً بتعلية ستة طوابق دون ترخيص وأشرفوا على تنفيذ بنائها رغم أن الهيكل الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها. ثالثاً: المتهمون جميعاً: (1) تسببوا بأخطائهم - موضوع التهم السابقة - وبإهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح المنظمة لأعمال البناء وبإخلالهم إخلالاً جسيماً بما يفرضه عليهم أصول عملهم في زيادة الإجهادات الكلية على قطاعات أعمدة العقار - سالف البيان - مما أفقد البناء معامل الأمان الذي تقتضيه المواصفات المصرية القياسية وجعله في حالة اتزان لحظي بحيث انهار فور وقوع الزلزال يوم 12/ 10/ 1992 دون أن يتمكن شاغلوه من النجاة بحياتهم وقد أدى ما وقع منهم من خطأ وإهمال وإخلال إلى وفاة سبعة وستين شخصاً وإصابة ثمانية أشخاص - المبينة أسماؤهم بالتحقيقات. (2) تسببوا بأخطائهم موضوع التهمة السابقة - في إتلاف المنقولات المملوكة لشاغلي وحدات العقار - وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 4/ 1، 5/ 3، 11/ 1، 12/ 6، 22/ 1، 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 والمواد 238/ 1 - 2 - 3، 244/ 1 - 2 - 3، 378/ 6 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهمين الأولى والثاني والثالث بالسجن لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الرابع والسادس بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمهم مليون جنيه عما أسند إليهم. ثانياً: بحظر التعامل نهائياً مع كل من الأولى حتى الثالث. ثالثاً: بشطب اسم كل من المتهم الرابع والسادس من سجلات نقابة المهندسين لمدة خمس سنوات. رابعاً: براءة المتهم الخامس مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليهم الأولى والثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان الأولى والثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم عدم مراعاة الأصول الفنية في إقامة بناء بتنفيذ تصميم مخالف لرسومات الترخيص رغم علمهما بما شابه من أخطاء واستخدام مواد بناء بالمخالفة للمواصفات المقررة من حيث الكمية والنوع وطريقة الاستخدام وتعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم عدم صلاحية الهيكل الخرساني الإنشائي لإقامتها وذلك بطريق العمد وإقامته بالمخالفة للرسوم المعتمدة والقتل والإصابة الخطأ والإتلاف بإهمال، قد شابه فساد في الاستدلال وتناقض وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم أطرح دفعهما بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنح التي بينها، استناداً إلى أن الأحكام في هذه الجنح صدرت عن مخالفتها للترخيص الممنوح للطاعنة الأولى بتعلية عدة أدوار متكررة بغير ترخيص والبناء في الردود وأنها تختلف عن الجرائم المسندة إليهما في هذه الدعوى وهي عدم الالتزام بالأصول الفنية المقرر باستخدام كميات من مواد البناء دون الحد الأدنى المقرر طبقاً للمواصفات، مع أن الواقعة المعروضة منسوب للطاعنين فيها إضافة مبان ستة أدوار بدون ترخيص، كما أن باقي الوقائع فيها تدخل في وقائع الجنح السابقة لوحدة الغرض الذي قصدوا إليه. وأنزل عليهما الحكم أقصى العقوبة المنصوص عليها في المادة 22 مكرراً المضافة إلى قانون المباني بالقانون رقم 30 لسنة 1983. باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد، مع أن هذا القانون صدر بعد إتمامهم أعمال البناء، فلا تسري عليهما أحكامه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بموجب محاضر الجنح المقيدة ضد المتهمين الأولى والثاني أرقام..... لسنة .... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... جنح...... فإن هذا الدفع أيضاً ظاهر الفساد ولا يستقيم وصحيح القانون، ذلك أن هذه الأحكام صدرت عن مخالفة المتهمين الأولى والثاني للترخيص الممنوح للأولى وذلك بتعلية عدة أدوار متكررة بغير ترخيص وبالبناء في الردود التي كان يتعين تركها بغير بناء، وهي جميعاً جرائم تختلف عن الجرائم المسندة إليهما بموجب قرار الاتهام في هذه الدعوى، كان أن الواقعة في هذه الدعاوى تختلف عن تلك التي تحرر عنها الجنح آنفة الذكر فالأولى عن عدم التزام بالأصول الفنية المقررة وذلك باستخدام كميات من مواد البناء دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية القياسية في حين أن الأخيرة كما سلف القول عن تعلية البناء بموجب الترخيص الصادر للمتهمة الأولى ومن ثم لا يمكن القول بوحدة الواقعة حتى يستطيع المتهم التمسك بقوة الأمر المقضي للأحكام السابقة، يضاف إلى ذلك أن المحضر المقيد برقم.... لسنة.... جنح......... لم يصبح فيه الحكم باتاً بعد وهو المحضر المحرر عن استكمال الدور الرابع عشر ومخالفة الترخيص بالنسبة للتعديلات في البدروم والدور الأرضي، وبالترتيب على ذلك فإنه لا يجوز الدفع بقوة الأمر المقضي إذا كان الدعاوى الجديدة مؤسسة على واقعة مختلفة في عناصرها عن الواقعات السابقة، وفضلاً عن جماع ما تقدم فإن الجرائم التي تقع بالمخالفة لقوانين البناء هي كما سلف القول جرائم متتابعة الأفعال لأن السلوك الإجرامي يمتد فيها مدة من الزمن وأن الأحكام السابقة التي يحتج بها المتهمان الأولى والثاني تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على تلك الأحكام أما ما يحصل بعد ذلك من تدخل لإرادة المتهمين في استمرار الحالة الجنائية يكون جريمة جديدة يجوز محاكمتهما من أجلها ولا تكون للأحكام السابقة أية حجية أو اعتبار في صدورها لأن جرائم البناء تتكون من جملة أفعال متعاقبة ترتكب لغرض واحد ولا يصح القول بوحدة الواقعة فيما يختص بهذه الأفعال عند تكرارها إلا إذا اتحد الحق المنصوص عليه المحمي بنص واحد فإذا اختلف وكان الاعتداء قد وقع بناء على نشاط إجرامي خاص عن طريق تكرار الفعل المترتب في مناسبات مختلفة فإن السبب لا يكون واحداً رغم وحدة الغرض أو كان الغرض واحداً أو الحق واحداً إلا أن لكل منهما ذاتية مستقلة وبتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين بجلاء أن الوقائع التي يتم محاكمة المتهمين عنها لها ذاتية مستقلة عن ذاتية الواقعة المطروحة، ومن ثم يضحى هذا الدفع على غير ركاز من الواقع أو القانون خليقاً بالرفض". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، إذ هما قرينان متلازمان لفعل البناء ويتداخلان في وصفه القانوني، وأن جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية، إذ هي حينئذ تقوم على نشاط وإن اقترف في أزمنة متوالية إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والاعتداء فيه يسقط على حق واحد مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون بمعنى أنه أصدر حكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو لم يكتشف أمرها إلا بعد صدور الحكم، ومفاد ذلك أن الحكم نهائياً بإدانة متهم في جريمة إقامة بناء بغير ترخيص يحول دون محاكمته مرة أخرى عنها أو عن أية جريمة أخرى من جرائم مخالفة البناء لأحكام القانون، إذ هما - البناء بغير ترخيص، ومخالفة البناء لأحكام القانون - قرينان متلازمان يتداخلان في وصفه القانوني، حتى ولو لم يكتشف أمر أيهما إلا بعد صدور الحكم في جريمة منهما سواء كانت الجريمة إقامة بناء بدون ترخيص أو إقامته مخالفاً لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنح التي بينها على أن موضوع هذه الجنح إقامة عدة أدوار متكررة بغير ترخيص والبناء في الردود وأن هناك مغايرة بينه وبين موضوع الاتهام المسند للطاعنين في الدعوى المطروحة على خلاف ما أثبته الحكم بمدوناته فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين عن التهمة الأولى التي عاقبهم عنها بالمادة 22 مكرراً المضافة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 إلى القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء باعتبارها الجريمة الأشد في قوله عنهم "إنهم لم يراعوا في تنفيذ البناء رقم... شارع....... الأصول الفنية المقررة وذلك بأن نفذوا التصميمات التي أعدت بمعرفة باقي المتهمين والمخالفة لرسومات الترخيص رغم علمهم بما شابها من أخطاء واستخدموا كميات من مواد البناء (أسمنت وحديد تسليح) دون الحد الأدنى الذي تقتضيه المواصفات المصرية المقررة، كما استخدموا مواد بناء (زلط) غير مطابق للمواصفات المقررة، وسوء توزيع ورص الحديد وعدم جودة خلط مكونات الخرسانة المسلحة وأجروا أعمال تعلية ستة طوابق على الأدوار المرخص بها رغم أن الهيكل الخرساني الإنشائي للبناء لم يكن صالحاً لإقامتها وكان ذلك بطريق العمد بغية تخفيض نفقات إنشاء العقار وتحقيق عائد بيع الوحدات السكنية المخالفة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات" إذ أن هذه الأفعال التي أوردها الحكم - في الاتهام الأول الذي أنزل عقوبته على الطاعنين، يندرج في أفعال الدعاوى التي سبق الحكم على الطاعنين فيها، وهي إقامة أدوار متكررة بدون ترخيص والبناء في الردود - حسبما أشار الحكم - وذلك بحسب الأصل المقرر - السابق بيانه - في حدود الأدوار التي أقامها الطاعنون بدون ترخيص حتى ولو لم تكن قد اكتشفت إلا بعد الحكم فيها ولم يستظهر الحكم، فيما عدا ذلك، ما إذا كانت مخالفات التنفيذ الأخرى تتعلق بأدوار أخرى أقيمت بعد الحكم على الطاعنين في آخر ما أسند إليهم من أعمال التعلية أو قبله فيندرج فيها. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون مشوباً فوق تناقضه فيما أورده بشأن المغايرة في أفعال الأدوار المقامة بغير ترخيص، بالقصور في البيان بعدم استظهاره أساس المغايرة - في غيرها - مما أورده بشأن عيوب التنفيذ، التي تدخل وتندرج في إقامة الأدوار الأخرى بغير ترخيص، إذ تعلقت بها وكانت مما تندمج فيها، وقد أسلس هذا العيب الحكم إلى خطأ آخر، هو أنه أنزل حكم المادة 22 مكرراً - المار بيانها - على الطاعنين قبل أن يستظهر أن الغش وسوء التنفيذ - كانا متعلقين بمبان أخرى لاحقه في إقامتها على تلك التي أقامها الطاعنون بغير ترخيص، وعلى بدء سريان حكم المادة المنوه عنها مما يعيبه كذلك بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان. لما كان ما تقدم، فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة - بغير حاجه إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعنين وكذلك بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة منهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق