الصفحات

الأحد، 16 يوليو 2017

عدم اختصاص مجلس الدولة بنظر الاستبعاد من كشوف المقبولين بالكلية الحربية (اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة )

الطعن 168 لسنة 36 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 6 / 5 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر أ في 15/ 5/ 2017 ص 86
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مايو سنة 2017م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمي نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 168 لسنة 36 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري - الدائرة السادسة - ملف الدعوى رقم 33250 لسنة 68 قضائية.

-----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي بصفته وليا طبيعيا على نجله القاصر "....."، كان قد أقام الدعوى رقم 33250 لسنة 68 قضائية، ضد السيد وزير الدفاع، أمام محكمة القضاء الإداري - الدائرة السادسة - بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبول نجله بالكلية الحربية عام 2013، مع ما يترتب على ذلك من أثار، على سند من بطلان هذا القرار لعدم قيامه على سبب صحيح يبرره واقعا وقانونا، وإخلاله بمبدأ تكافؤ الفرص الذي كفله الدستور، هذا وقد حددت محكمة القضاء الإداري التكييف القانوني لطلبات المدعي في الدعوى الموضوعية، ومقصده من دعواه في طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان نتيجة القبول للكليات والمعاهد العسكرية لعام 2014/2013، فيما تضمنه من استبعاد نجل المدعي من كشوف المقبولين بالكلية الحربية رغم اجتيازه لكافة الاختبارات، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 2014/6/15 قضت المحكمة بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014، لما ارتأته من مخالفة هذا النص لنصي المادتين (97، 190) من الدستور

وحيث إن هذه المحكمة قررت بجلسة 2016/10/1 - إعمالا للرخصة المقررة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير في شأن المادة (2) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 - قبل تعديلها بالقانون رقم 5 لسنة 2017 -، وبعد تحضير الدعوى في هذا الخصوص، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
بتاريخ 27 سبتمبر سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب هذه المحكمة ملف الدعوى رقم 33250 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري - الدائرة السادسة - بجلسة 2014/6/15 بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المستبدلة بمقتضى نص المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014، فيما تضمنه من منح اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة

وحيث أن المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014 تنص على أن "تختص كل لجنة من اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة المنصوص عليها في البنود (ب، ج، د، هـ، و) من المادة (1) دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوة وطلبة الكليات والمعاهد العسكرية التابعين لها والمنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية". 
وحيث إن الخصومة الأصلية في الدعوى الدستورية هي المقصودة أصلا بالتداعي، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية التي تتصل بها، الناشئة عن استخدام المحكمة الدستورية العليا لرخصة التصدي المقررة لها بمقتضى نصف المادة (2) من قانونها، إنما يبلور إطارا للخصومة الفرعية الناشئة عن قرارها بالتصدي، والذي محله في الدعوى المعروضة نص المادة (2) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه المستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014، المحدد لتشكيل اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بدرجتيها، وإذ كان الثابت أنه قد تم استبدال هذا النص بمقتضى نص المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 2017، وتضمن النص الجديد تعديل تشكيل تلك اللجان بدرجتيها، والذي عمل به اعتبارا من 2017/2/6، اليوم التالي لتاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية، طبقا لنص المادة الرابعة من هذا القانون - وأيا كان وجه الرأي في شأن مدى دستورية هذا التعديل - فإن مؤدى ذلك إلغاء النص المذكور اعتبارا من التاريخ المشار إليه، لينتفي بذلك مناط تطبيقه على حالة المدعي في الدعوى الموضوعية، ومن ثم فإن الخصومة الفرعية الناشئة عن قرار التصدي لذلك النص تغدو منتهية بالنسبة له
وحيث إن المصلحة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو شق منها في الدعوى الموضوعية. لما كان ذلك، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه، ومن أجل ذلك كان التعرض له سابقا بالضرورة على البحث في موضوعه، وكانت المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع إنما تتعلق بتحديد الجهة المختصة بالفصل في النزاع الموضوعي، الذي يدور حول الطعن على قرار إعلان نتيجة القبول للكليات والمعاهد العسكرية لعام 2014/2013، فيما تضمنه من استبعاد نجل المدعي من كشوف المقبولين بالكلية الحربية، وما يترتب على ذلك من آثار، والذي تضمن عجز المادة (3) من القانون رقم 71 لسنة 1975 المشار إليه المستبدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 11 لسنة 2014، المحال من محكمة الموضوع، التنظيم القانوني الحاكم لتلك المسألة، ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى تكون متحققة في الطعن على عجز المادة (3) من القانون المار ذكره فيما نص عليه من اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية في قرارات مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية، المتعلقة بالقبول بتلك الكليات، بحسبان القضاء في مدى دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها، وولاية محكمة الموضوع في نظرها والفصل فيها
وحيث إن حكم الإحالة ينعي على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المادتين (97، 190) من الدستور، تأسيسا على أن القرار محل المنازعة المطروحة على محكمة الموضوع، الصادر من مكتب تنسيق القبول بالكليات والمعاهد العسكرية، بإعلان نتيجة القبول بالكليات العسكرية لعام 2014/2013 فيما تضمنه من استبعاد نجل المدعي - في الدعوى الموضوعية - من القبول بالكلية الحربية، صدر من مكتب التنسيق بوصفه سلطة عامة، وأنه يعد بذلك قرارا إداريا يدخل الفصل في المنازعة فيه في اختصاص مجلس الدولة، بوصفه صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي لكافة المنازعات الإدارية، وأن منح اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة هذا الاختصاص، حال كون الأفراد المتقدمين للالتحاق بإحدى الكليات العسكرية، ضمن ضباط أو أفراد القوات المسلحة، يمثل اعتداء على اختصاص مجلس الدولة مما يتصادم وأحكام الدستور
حيث إن المادة (190) من الدستور قد عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، بوصفه صاحب الولاية العامة بالفصل في هذه المنازعات، إلا أن الدستور أقام إلى جواره بمقتضى نص المادة (202) منه، قضاء إداريا عسكريا متخصصا يتمثل في اللجان القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة، والتي عهد إليها بقسط من هذه المنازعات، فأوسد إليها الاختصاص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات الإدارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شأن ضباط وأفراد القوات المسلحة، وهي تلك القرارات المتعلقة بشئون خدمتهم العسكرية، بدءا بقرار إلحاقهم بهذه الخدمة، وما يثار في هذا الشأن من منازعات تتصل به، أو تؤثر فيه، وانتهاء بقرار إنهاء هذه الخدمة، بوصف هذه اللجان هي القاضي الطبيعي صاحب الولاية بنظر هذه المنازعات والفصل فيها، والأكثر دراية بشئون ضباط وأفراد القوات المسلحة، والأقدر على الإحاطة بها، وكفالة البت في أمرها، بما يتفق وطبيعة الوظيفة العسكرية والمهام الموكلة للقوات المسلحة بمقتضى نص المادة (200) من الدستور في حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، ومن ثم كان الالتجاء إلى هذه اللجان والمحاكمة أمامها حقا لهذه الفئة، وغدا كفالة ذلك التزاما دستوريا على عاتق الدولة حرص الدستور على توكيده في المادة (97) منه، هذا ويندرج ضمن هذه الفئة طلبة الكليات العسكرية التي تعدهم - طبقا لنص المادة (1) من القانون رقم 92 لسنة 1975 في شأن النظام الأساسي للكليات العسكرية - للخدمة كضباط في القوات المسلحة، وقادة للوحدات الصغرى بها، وهم بذلك يعدون خلال فترة دراستهم بها في خدمة القوات المسلحة، ومن الأفراد المنتمين إليها، ومن أجل ذلك حرص المشرع على النص في البند (ي) من المادة (4) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 129 لسنة 2009 على حساب المدة التي قضاها الطالب بنجاح بالكليات العسكرية ضمن مدة الخدمة التي تعطي الحق في المعاش أو المكافأة، كما يعامل من يصاب من هؤلاء الطلبة أو يتوفى أو يستشهد أو يفقد أثناء الدراسة وبسببها أو بسبب الخدمة أو بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها بالمادة (31) من القانون المذكور، أو بسبب العمليات الحربية، طبقا لنص المادة (90) من هذا القانون، معاملة الملازم خريج كليته، من حيث المعاش والتأمين الإضافي وتعويض الإصابة ومكافأة الاستشهاد، كما قضى نص البند (د) من أولا من المادة (4) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 بتخفيض مدة الخدمة العسكرية الإلزامية العاملة إلى سنة واحدة بالنسبة لطلبة تلك الكليات، الذين لم يتموا دراستهم، بشرط أن يكونوا قد أمضوا بها وبنجاح سنتين دراسيتين على الأقل، وألا يكون انتهاء علاقتهم بالكلية بسبب تأديبي أو بالاستقالة أو بسبب تعمد استنفاد مرات الرسوب، واستثنت المادة (6) من هذا القانون هؤلاء الطلبة ممن يستمرون في الدراسة حتى التخرج من أداء الخدمة العسكرية والوطنية، وذلك كله باعتبار أن هؤلاء الطلبة يعدون من أفراد القوات المسلحة، وعلى ذلك فإن المنازعات الإدارية المتعلقة بقرارات مكتب تنسيق القبول بهذه الكليات - التي عقد عجز نص المادة (3) المطعون فيه الاختصاص بالفصل فيها للجان القضائية لضباط القوات المسلحة بمقتضى الصلاحيات التي أوكلها نص المادة (184) من الدستور للقانون في توزيع الاختصاصات بين المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها وفي الحدود التي عينها الدستور لكل منها - شاملة تلك التي تتصل بالقبول بها، في ضوء انتقاء أفضل العناصر التي تتوافر لها الشروط اللازمة للقبول، وإعمال مقومات التفضيل التي تتصل بصلاحيتهم للحياة العسكرية، تعد من المنازعات الإدارية المتعلقة بشأن من شئونهم، لارتباطها بالصلاحية لاكتساب هذا المركز القانوني، والانخراط في الخدمة العسكرية، وتؤثر فيه، ولو كانت مقدمة من غيرهم، وذلك لكونها تعتبر في حقيقتها منازعة في المركز القانوني لأحد أفراد القوات المسلحة، وتتعلق بشأن من شئونهم، وهو المعيار الذي أعتد به الدستور في تحديد المنازعات التي ينعقد لتلك اللجان الاختصاص بنظرها والفصل فيها، بوصفها قاضيها الطبيعي، لا ينازعها في ذلك جهة قضاء أخرى، ليغدو النص المطعون فيه، وقد التزم هذه الضوابط، غير مصادم لأحكام المواد (97، 184، 190، 202) من الدستور، كما لا يخالف أي نص آخر فيه، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق