الصفحات

الجمعة، 14 يوليو 2017

الطعن 1015 لسنة 43 ق جلسة 21 / 1 / 1974 مكتب فني 25 الهيئتين مجتمعتين ق 1 ص 1

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نواب رئيس المحكمة: محمد عبد المنعم حمزاوي، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وحسين سعد سامحوالسادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام, وأمين أحمد محمد فتح الله, وعباس حلمي عبد الجواد, وسعد الدين عطية, وسليم راشد أبو زيد, وحسن أبو الفتوح الشربيني, ومحمود كامل عطيفة, ومحمد سيد أحمد حماد, وعلي عبد الرحمن, وإبراهيم الديواني, وعبد العليم رزق الدهشان, وصلاح الدين حبيب, وعدلي بغدادي, ومصطفى الأسيوطي, وعبد الحميد محمد الشربيني, وحسن علي المغربي ومحمد عادل مرزوق.
------------
بطلان .  حكم " إصداره . وضعه والتوقيع عليه".
خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته . تأصيل ذلك . البين من نصوص الدساتير المصرية وقوانين السلطة القضائية المتعاقبة ، أن الشارع لم يعرض فيها البتة للبيانات التي يجب إثباتها في ورقة الحكم النص علي أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة أو الشعب يفصح عن أن هذا الصدور في ذاته أمر مفترض بقوة الدستور نفسه ، ولا يتطلب أي عمل إيجابي من أحد ولا يعتبر من بيانات الحكم طبقاً للمادتين 178 مرافعات و310 إجراءات . إيراد اسم الأمة أو الشعب بورقة الحكم ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض وليس منشئاً له .
نصت المادة السابعة من الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 ومن بعدها المادة 178 من دستور الجمهورية المصرية الصادر في 16 من يناير سنة 1956 والمادة 63 من الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر في 5 من مارس سنة 1958 والمادة 155 من الدستور الصادر في 24 من مارس سنة 1964 - نصت جميعاً على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة".  أما دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 21 من رجب سنة 1391 الموافق 11 من سبتمبر سنة 1971 فقد نص في المادة 72 على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب" وقد ردد كل من قوانين السلطة القضائية الصادرة بالقوانين أرقام 56 لسنة 1959, 43 لسنة 1965, 46 لسنة 1972 في المواد 25 و25 و20 على التوالي النص الوارد في الدستور الذي صدر كل منها في ظله, كما نصت المادة الثانية من دستور سنة 1956 على أن "السيادة للأمة". أما دستور سنة 1964 فقد نص في مادته الثانية على أن "السيادة للشعب" كما جرى نص المادة الثالثة من الدستور الراهن على أن "السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات". ولما كان يبين من استقراء هذه النصوص جميعاً, أن الشارع سواء في الدستور أو في قانون السلطة القضائية, لم يعرض البتة للبيانات التي يجب إثباتها في ورقة الحكم, وأنه إذ عبر عن قصده بنصه على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة - أو الشعب - قد أفصح عن أن هذا الصدور في ذاته لا يتطلب أي عمل إيجابي من أي أحد, لأنه لو أراد ذلك لعبر عنه بقوله "يجب أن تصدر الأحكام باسم الأمة أو الشعب". لما كان ذلك, وكانت المادتان 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - في شأن بيانات الحكم - و310 من قانون الإجراءات الجنائية في شأن مشتملاته - قد استهلتا أولاهما بعبارة "يجب أن يبين في الحكم ..." والأخرى بعبارة "يجب أن يشتمل الحكم ..." ولم يرد بأيتهما ذكر للسلطة التي تصدر الأحكام باسمها, فإن مؤدى ما تقدم أن الشارع سواء بمقتضى الدستور أو سواه من القوانين, لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الأمة أو الشعب, وأن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه, من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً - الأمة أو الشعب - لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة, كشأن الأصل الدستوري بأن الإسلام دين الدولة, وبأن الشعب المصري جزء من الأمة العربية, وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره, دون ما مقتض لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه في ورقه الحكم عند تحريره, ومن ثم فإن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره, ومن بعد صدوره بالنطق به, ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض, وليس منشئاً له. ومن ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 من أبريل سنة 1972 بدائرة مركز منوف - محافظة المنوفية - (أولاً) تسبب بخطئه في موت ... ... ... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة قانوناً وبحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر فصدم المجني عليه مما أدى إلى وفاته. (ثانيا) قاد سيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة قانوناً. (ثالثاً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/1 من قانون العقوبات والقانون رقم 449 لسنة 1955, وادعى ... ... ... (والد المجني عليه) مدنيا وطلب القضاء له قبل المتهم و... ... ... (المسئول عن الحقوق المدنية) بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح منوف الجزئية قضت حضورياً بتاريخ أول نوفمبر سنة 1972 عملاً بمواد الاتهام. (أولاً) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. (ثانياً) في الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول على الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بتاريخ 9 من أبريل سنة 1973 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم مصاريف الدعوى المدنية الاستئنافية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1973 قررت دائرة المواد الجنائية إحالة الدعوى إلى هيئتي المواد الجنائية والمواد المدنية والتجارية وغيرها مجتمعين للفصل في الدعوى وذلك عملاً بالمادة 4 من قانون السلطة القضائية.

-------------
المحكمة
من حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن أن الحكم المطعون فيه القاضي في 9 من أبريل سنة 1973 بإدانة الطاعن، قد لحق به البطلان، ذلك بأنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر أول نوفمبر سنة 1972، وأخذ بأسبابه على الرغم من خلوه مما يفيد صدوره باسم الشعب
وحيث إن الدائرة الجنائية المختصة بنظر الطعن قد رأت - بجلستها المعقودة في العاشر من ديسمبر سنة 1973 - العدول عن المبدأ الذي قررته أحكام سابقة، صادرة من دوائر المواد الجنائية ومن دوائر المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها، ببطلان الحكم عند خلوه مما يفيد صدوره باسم الأمة قبل العمل بدستور جمهورية مصر العربية الصادر في 21 من رجب سنة 1391 الموافق 11 من سبتمبر سنة 1971، وباسم الشعب بعد العمل بهذا الدستور، ومن أجل ذلك قررت تلك الدائرة إحالة الدعوى إلى هيئتي المواد الجنائية والمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها مجتمعين للفصل فيها - عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972
وحيث إن مبنى الأحكام السابقة المراد العدول عن المبدأ الذي قررته، أنه لما كان الشارع قد نص على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة أو الشعب - فإن خلو الحكم من هذا البيان يمس ذاتيته ويفقده عنصراً جوهرياً من مقومات وجوده قانوناً ويجعله باطلاً بطلاناً أصلياً
وحيث إن المادة السابعة من الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 ومن بعدها المادة 178 من دستور الجمهورية المصرية الصادر في 16 من يناير سنة 1956 والمادة 63 من الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر في 5 من مارس سنة 1958 والمادة 155 من الدستور الصادر في 24 من مارس سنة 1964 قد نصت جميعاً على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة" أما دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 21 من رجب سنة 1391 الموافق 11 من سبتمبر سنة 1971 فقد نص في المادة 72 على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب". وقد ردد كل من قوانين السلطة القضائية الصادرة بالقوانين أرقام 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965 و46 لسنة 1972 في المواد 25 و25 و20 على التوالي النص الوارد في الدستور الذي صدر كل منها في ظله, كما نصت المادة الثانية من دستور سنة 1956 على أن: "السيادة للأمة" أما دستور سنة 1964 فقد نص في مادته الثانية على أن: "السيادة للشعب" كما جرى نص المادة الثالثة من الدستور الراهن على أن: "السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات". ولما كان يبين من استقراء هذه النصوص جميعاً, أن الشارع سواء في الدستور أو في قانون السلطة القضائية, لم يعرض البتة للبيانات التي يجب إثباتها في ورقة الحكم, وأنه إذ عبر عن قصده بنصه على أن: "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة - أو الشعب" قد أفصح عن أن هذا الصدور في ذاته لا يتطلب أي عمل إيجابي من أي أحد, لأنه لو أراد ذلك لعبر عنه بقوله: "يجب أن تصدر الأحكام باسم الأمة أو الشعب". لما كان ذلك وكانت المادتان 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - في شأن بيانات الحكم - و310 من قانون الإجراءات الجنائية في شأن مشتملاته - قد استهلتا أولاهما بعبارة "يجب أن يبين في الحكم..." والأخرى بعبارة "يجب أن يشتمل الحكم..." ولم يرد بأيتهما ذكر للسلطة التي تصدر الأحكام باسمها, فإن مؤدى ما تقدم أن الشارع سواء بمقتضى الدستور أو سواه من القوانين, لا يعتبر من بيانات الحكم - صدوره باسم الأمة أو الشعب, وأن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مقضي مفترض بقوة الدستور نفسه, من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً - الأمة أو الشعب - لكون ذلك الأصل واحداً من المقومات التي ينهض عليها نظام الدولة, كشأن الأصل الدستوري بأن الإسلام دين الدولة, وبأن الشعب المصري جزء من الأمة العربية, وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره, دون ما مقتض لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه في ورقه الحكم عند تحريره, ومن ثم فإن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره, ومن بعد صدوره بالنطق به, ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض, وليس منشئاً له. ومن ثم فإن خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته
وحيث إنه لما تقدم فإن هيئة المواد الجنائية وهيئة المواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها، مجتمعتين، تقضيان بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بالعدول عن المبدأ الذي قررته الأحكام السابقة الصادرة من دوائر المواد الجنائية ومن الدوائر الأخرى ببطلان الحكم عند خلوه مما يفيد صدوره باسم الأمة قبل العمل بدستور جمهورية مصر العربية الصادر في 21 من رجب سنة 1391 الموافق 11 من سبتمبر سنة 1971 وباسم الشعب بعد العمل بهذا الدستور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق