الصفحات

الأربعاء، 17 مايو 2017

الطعن 843 لسنة 80 ق جلسة 27 / 7 / 2010 مكتب قني 61 ق 62 ص 538

جلسة 27 من يوليو سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشاريـن / عمر محمود بريك ، نافع فرغلي حسانيـن، محمود محمود عبد السلام وسامح محمد حامد نواب رئيس المحكمة .
-----------
(62)
الطعن 843 لسنة 80 ق
(1) إثبات " بوجه عام " " قرائن " .  تزوير "  أوراق رسمية  " " الاشتراك في التزوير".  محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيه . تسبيب غير معيب ".   نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
جرائم التزوير. لم يجعل القانون لإثباتها طريقًا خاصاً ولم يقصر تحقيقه على الطب الشرعي .  
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الاشتراك في التزوير . تمامه ؟  
إثبات الحكم إسهام الطاعن في ارتكاب التزوير. مفاده : توافر علمه بتزوير المحرر.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
 مثال .
(2) تزوير " أوراق رسمية " . استعمال محرر مزور . دفوع " الدفع بانتفاء القصد الجنائي".  جريمة " أركانها " . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة التزوير . موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه .
جريمة التزوير . ليست ذات قصد خاص .
الجدل في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها . غير جائز أمام محكمة النقض .    
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء القصد الجنائي في جريمة التزوير في محرر رسمي واستعماله .
(3) قانون " تفسيره " . تزوير " أوراق عرفية " " أوراق رسمية " " الاشتراك في التزوير " . عقوبة " العقوبة المبررة " . ارتباط  . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ". نقض " حالات   الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " المصلحة في الطعن ".
المواد 216 ، 224 عقوبات والأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 بشأن جوزات السفر ، 38 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1969 بتنفيذ بعض أحكام هذا القانون . مدلولها ؟
تذاكر السفر . المقصود بها ؟
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعن بجريمة الاشتراك في تزوير بيانات استمارة جواز السفر المعاقب عليها بعقوبة الجنحة بالمادتين 216 ، 224 عقوبات باعتبارها جناية . خطأ في تأويل القانون . التعرض له . غير مجد . مادام قد عاقبه بعقوبة واحدة عنها وعن جناية التزوير في محرر رسمي محل تهمة أخرى إعمالاً للمادة 32 عقوبات . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ولم يقصر تحقيقه على الطب الشرعي ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كـوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أيضاً أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، وأن إثبات الحكم إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن جريمة التزوير محل التهمة الأولى واشتراكه في جريمة التزوير محل التهمة الثانية بناء على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحررين حال استعمالهما ، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض .
2- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله " وحيث إنه عن الدفع المبدى بانتفاء القصد الجنائي فهو متوافر في الواقعة متحقق في الجريمة ثابت في حق المتهم من اعترافاته التفصيلية في التحقيق أمام النيابة العامة بما قرره من أن الكلية التي يدرس بها تمنع سفر طلابها للخارج الأمر الذي حدا به إلى نزع صورة المتهم الثاني (والسابق محاكمته) ووضع صورته بدلاً منها ثم قام بتدوين بيانات المتهم الثاني في النموذج رقم 29 جوازات الأمر الذي يقطع بتوافر أركان جريمة التزوير في حقه ، فضلاً عن قيامه باستعمال المحررين المزورين بتقديمهما إلى قسم جوازات ..... وهو ما يتحقق معه أركان جريمة استعمال المحررات المزورة " وهو رد سليم يسوغ به اطراح دفاع الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن جريمة التزوير ليس لها قصد خاص فإن النعي بخصوص ذلك يكون في غير محله.
3- لما كان ما أسند إلى الطاعن من اشتراك في تزوير أخذاً بما ورد بوصف التهمة الثانية المسندة إليه طبقاً لقرار الإحالة وما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أنه اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسني النية هما .... ، .... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو النموذج 29 جوازات وذلك بأن وضع صورة له عليه وضمنه بيانات المتهم السابق محاكمته فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة . لما كان ذلك ، وكان النص في المادة 216 من قانون العقوبات على أنه: " كل من تسمى في تذكرة سفر مزورة باسم غير اسمه الحقيقي أو كلف أحداً في استحصاله على الورقة المشتملة على الاسم المذكور وهو يعلم ذلك ، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين " والنص في المادة 224 من القانون ذاته على أن : " لا تسرى أحكام المواد 211 ، 212 ، 213 ،214 ، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216 ، 217 ، 218 ، 219 ، 220 ، 221 ، 222 ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين خاصة " . والنص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 في شأن جوازات السفر على أن : " يعين بقرار من وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وطريقة تجديده وشروط وإجراءات منحه .... " والنص في المادة 38 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1969 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 آنف الذكر على النموذج الخاص بطلب إصدار جواز السفر أو تجديده تدل في صريح ألفاظها وواضح معناها أن الشارع قد حدد على سبيل الحصر حالات التزوير المشار إليها فيها ، وعاقب على ما كان منها يشكل في الأصل جنايات تزوير في أوراق رسمية بعقوبة الجنحة ، وعاقب على ما كان منها يشكل جنح تزوير في أوراق عرفية بعقوبة أخف من تلك المقررة لجنح التزوير في الأوراق العرفية ، وأن تذكرة السفر لا يتم إصدارها إلا بعد تقديم طلب ، ولئن كان ما تقدم من نصوص مخففة للعقاب في صورتيه ـ على السياق بادى الذكر ـ هو في واقع أمره خروجاً على الأصل العام المقرر في المواد من 211 : 215 من قانون العقوبات ، إلا أنه إذ كان التزوير قد حصل في ورقة لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها ـ وهو الحال بالنسبة للتهمة الثانية في الدعوى الماثلة ـ فإنه يندرج لزوماً وحتماً في نطاق الحالات التي حددتها ، إذ لا يعقل قانوناً ـ في صورة الدعوى ـ أن يكون التسمي باسم مزور في تذكرة سفر أو صنعها معاقباً عليه بعقوبة الجنحة، ويكون التزوير في بيانات الاستمارة أو الطلب الذي لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها ، معاقباً عليه بعقوبــة أشـد ، الأمر الذي يتفق وما استهدفه الشارع من العقوبات المخففة التي أوردها عقاباً على أحوال التزوير الخاصة آنفة الذكر ، واعتباراً بأن تلك الاستمارات وما شابهها تمهد وتسلس إلى حالة التزوير الخاصة المبينة آنفاً ، وإذ كان ذلك  وكانت تذاكر السـفر يقـصد بها الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر ، وكان ما نسب إلى الطاعن في التهمة الثانية - على السياق المتقدم - لا يخرج عن نطاق المواد آنفة الذكر ، ذلك بأن الاشتراك مع آخرين في تزوير بيانات استمارة جواز السفر التي لا يتأتى الحصول على التذكرة المذكورة إلا بها يندرج في نطاق التأثيم الوارد بالمادتين 216 ، 224 من قانون العقوبات وهو ما يؤدي في التكييف الصحيح والوصف الحق إلى اعتبار الواقعة المسندة إلى الطاعن - محل التهمة الثانية - مكونة للجريمة المنصوص عليها بالمادتين باديتي الذكر المعاقب عليها بعقوبة الجنحة . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى - على ما يبين من مدوناته ومواد العقاب التي آخذ الطاعن بها - إلى اعتبار تلك الواقعة جناية ، فإنه يكون قد أخطأ في التأويل الصحيح للقانون  بيد أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أعمل في حق الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجناية التزوير في محرر رسمي محل التهمة الأولى والتي دين الطاعن بها ، ومن ثم فلا جدوى من التطرق لهذا الخطأ القانوني الذي شاب الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنه : أولاً : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الشخصية ..... ، وذلك بأن قام بنزع صورة المتهم السابق محاكمته ووضع صورته بدلاً منها . ثانياً : اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسني النية هما .....  و...... العاملين بمدرسة ..... في ارتكاب تزويرٍ في محرر رسمي هو النموذج 29 جوازات، وذلك بأن وضع صورة له عليه وضمت بيانات المتهم السابق محاكمته فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. ثالثاً : استعمل المحررين المزورين سالفي الذكر بأن قدمهما لقسم جوازات .... مع علمه بتزويرهـما . 
وأحالته إلى محكمة جنايات ..... طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات وبعد إعمال المواد 17 ، 30 ، 32 من القانون ذاته بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما أسند إليه ومصادرة المستندات المزورة وألزمته المصاريف الجنائية . 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التزوير في محرر رسمي والاشتراك في تزوير آخر واستعمالهما قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه استدل على ثبوت الاتهام في حق الطاعن بشهادة مجري التحريات في التحقيقات وضبط الأوراق المزورة في حـوزته رغم أنها لا ترقى إلى مرتبة الدليــل اليقيني على ارتكاب الطاعن للواقعة ولاسيما وقد خلت الأوراق من دليل فني يؤيد ذلك ، ولم يدلل الحكم على ثبوت اشتراكه في واقعة التزوير أو علمه به، هـذا فضلاً عن أنه اطرح دفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي العام والخاص لديه تأسيساً على عدم علمه بالتزوير بما لا يسوغ به اطراحه ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه . 
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ولم يقصر تحقيقه على الطب الشرعي ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أيضاً أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، وأن إثبات الحكم إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن جريمة التزوير محل التهمة الأولى واشتراكه في جريمة التزوير محل التهمة الثانية بناء على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحررين حال استعمالهما ، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه   ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بقوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى بانتفاء القصد الجنائي فهو متوافر في الواقعة متحقق في الجريمة ثابت في حق المتهم من اعترافاته التفصيلية في التحقيق أمام النيابة العامة بما قرره من أن الكلية التي يدرس بها تمنع سفر طلابها للخارج الأمر الذي حدا به إلى نزع صورة المتهم الثاني ( والسابق محاكمته ) ووضع صورته بدلاً منها ثم قام بتدوين بيانات المتهم الثاني في النموذج رقم 29 جوازات الأمر الذي يقطع بتوافر أركان جريمة التزوير في حقه فضلاً عن قيامه باستعمال المحررين المزورين بتقديمهما إلى قسم جوازات ..... وهو ما يتحقق معه أركان جريمة استعمال المحررات المزورة " وهو رد سليم يسوغ به اطراح دفاع الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن جريمة التزوير ليس لها قصد خاص فإن النعي بخصوص ذلك يكون في غير محله . لما كان ذلك، وكان ما أسند إلى الطاعن من اشتراك في تزوير أخذاً بما ورد بوصف التهمة الثانية المسندة إليه طبقاً لقرار الإحالة وما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أنه اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسني النية هما ... ، ..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو النموذج 29 جوازات وذلك بأن وضع صورة له عليه وضمنه بيانات المتهم السابق محاكمته فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة . لما كان ذلك، وكان النص في المادة 216 من قانون العقوبات على أنه : " كل من تسمى في تذكرة سفر مزورة باسم غير اسمه الحقيقي أو كلف أحداً في استحصاله على الورقة المشتملة على الاسم المذكور وهو يعلم ذلك ، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين " والنص في المادة 224 من القانون ذاته على أن " لا تسرى أحكام المواد 211 ، 212 ، 213 ،214 ، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216 ، 217 ، 218 ، 219 ، 220 ، 221 ، 222 ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين خاصة " . والنص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 في شأن جوازات السفر على أن : " يعين بقرار من وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وطريقة تجديده وشروط وإجراءات منحه ..... " والنص في المادة 38 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1969 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 آنف الذكر على النموذج الخاص بطلب إصدار جواز السفر أو تجديده تدل في صريح ألفاظها وواضح معناها أن الشارع قد حدد على سبيل الحصر حالات التزوير المشار إليها فيها ، وعاقب على ما كان منها يشكل في الأصل جنايات تزوير في أوراق رسمية بعقوبة الجنحة ، وعاقب على ما كان منها يشكل جنح تزوير في أوراق عرفية بعقوبة أخف من تلك المقررة لجنح التزوير في الأوراق العرفية وأن تذكرة السفر لا يتم إصدارها إلا بعد تقديم طلب ، ولئن كان ما تقدم من نصوص مخففة للعقاب في صورتيـه ـ على السياق بادي الذكر ـ هو في واقع أمره خروجاً على الأصل العام المقرر في المواد من 211 : 215 من قانون العقوبات ، إلا أنه إذ كان التزوير قد حصل في ورقة لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها ـ وهو الحال بالنسبة للتهمة الثانية في الدعوى الماثلةـ فإنه يندرج لزوماً وحتماً في نطاق الحالات التي حددتها إذ لا يعقل قانوناً ـ في صورة الدعوى ـ أن يكون التسمي باسم مزور في تذكرة سفر أو صنعها معاقباً عليه بعقوبة الجنحة ويكون التزوير في بيانات الاستمارة أو الطلب الذي لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها معاقباً عليه بعقوبة أشـد ، الأمر الذي يتفق وما استهدفه الشارع من العقوبات المخففة التي أوردها عقاباً على أحوال التزوير الخاصة آنفة الذكر ، واعتباراً بأن تلك الاستمارات وما شابهها تمهد وتسلس إلى حالة التزوير الخاصة المبينة آنفاً ، وإذ كان ذلك ، وكانت تـذاكر السفر يقصد بها الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر وكان ما نسب إلى الطاعن في التهمة الثانية - على السياق المتقدم - لا يخرج عن نطاق المواد آنفة الذكر ، ذلك بأن الاشتراك مع آخرين في تزوير بيانات استمارة جواز السفر التي لا يتأتى الحصول على التذكرة المذكورة إلا بها يندرج في نطاق التأثيم الوارد بالمادتين 216، 224 من قانون العقوبات وهو ما يؤدي في التكييف الصحيح والوصف الحق - إلى اعتبار الواقعة المسندة إلى الطاعن - محل التهمة الثانية - مكونة للجريمة المنصوص عليها بالمادتين باديتي الذكر المعاقب عليها بعقوبة الجنحة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى - على ما يبين من مدوناته ومواد العقاب التي آخذ الطاعن بها - إلى اعتبار تلك الواقعة جناية ، فإنه يكون قد أخطأ في التأويل الصحيح للقانون. بيد أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أعمل في حق الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجناية التزوير في محرر رسمي محل التهمة الأولى والتي دين الطاعن بها ، ومن ثم فلا جدوى من التطرق لهذا الخطأ القانوني الذي شاب الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق