الصفحات

الخميس، 18 مايو 2017

الطعن 6904 لسنة 79 ق جلسة 3 / 11 / 2010 مكتب قني 61 ق 76 ص 609

جلسة 3 من نوفمبر سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ علي الصادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الـفتاح حبيب ، هاني مصطفى، محمود عبد الحفيظ ونبيل مسعود نواب رئيس المحكمة .
------------
(76)
الطعن 6904 لسنة 79 ق
(1) استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التسجيل" . الإذن بمراقبة المحادثات .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بمراقبة المحادثات الشفوية السلكية واللاسلكية وتسجيلها . المادتان 95 ، 206 /2 إجراءات .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتسجيل لابتنائه على تحريات غير جدية ولخلوه من التسبيب .
(2) رشوة . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " بوجه عام " .
جريمة الرشوة . لا يؤثر في قيام أركانها وثبوتها أن تقع نتيجة تدبير سابق وأن لا يكون الراشي غير جاد في عرضه . متى كان عرض الرشوة جدي ظاهر والمرتشي جاد في قبوله منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي .
جريمة الرشوة . تمامها : بمجرد طلبها من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ . تسليم المبلغ بعد ذلك . نتيجة لما تم الاتفاق بينهما .
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بتواطؤ المبلغ وعضو الرقابة الإدارية على خلق الجريمة والتحريض على ارتكابها في جريمة رشوة . 
(3) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . تسجيل المحادثات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع ببطلان التسجيلات " .
للمحكمة بناء قضائها على الدليل المستمد من التسجيلات كقرينة معززة لأدلة الثبوت التي أوردتها . ما دامت لم تتخذ منها دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام .
إثارة الطاعن الدفع ببطلان التسجيلات أمام المحكمة دون طلبه إجراء معيناً بشأنه . إثارته له في طعنه . غير صحيح .
إيجاب الشارع مراعاة إجراءات تحريز الأشياء المنصوص عليها في قانون الإجراءات. هدفه ؟
 (4) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيراد الحكم المطعون فيه مضمون تقرير خبير الأصوات وما انتهى إليه من تطابق أصوات وصور المتهم في التسجيلات الصوتية والمرئية المأذون بها من النيابة العامة . النعي عليه بخلاف ذلك . غير صحيح .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
 (5) دفوع " الدفع ببطلان قرار الإحالة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . إحالة . محكمة الموضوع " الإجراءات أمامها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . أمر الإحالة . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
التفات المحكمة عن الرد على دفع الطاعن ببطلان قرار الإحالة . صحيح . ما دام قد أبداه في عبارة مرسلة ولم يبين أساسه ومقصده ومرماه .
الإحالة . من مراحل التحقيق .
محكمة الموضوع . هي جهة التحقيق النهائي . للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات تحقيق وإبداء دفاعه بشأنه أمامها .
نعي الطاعن بوجود ضرر يستدعي بطلان قرار الإحالة . غير جائز . علة ذلك : أن بطلانه يترتب عليه إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بالمحكمة .
(6) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات الديباجة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نيابة عامة .
مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها . ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم .
وجوب إشارة الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه . المادة 310 إجراءات .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتسجيل والمراقبة لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولخلوه من التسبيب ورد عليه بقوله : " وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره ، وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ..... لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن المبلغ/ .... أراد استخراج ترخيص من وزارة الري والموارد المائية بإحلال وتجديد العقار المملوك له فلجأ إلى المتهم ... المفتش بالإدارة العامة لحماية نهر النيل لمعرفة الإجراءات الواجب اتباعها والمستندات المطلوب تقديمها في هذا الشأن فطلب منه المتهم مقابلته بمقر شركته وخلال تلك المقابلة قام المتهم بتحرير صيغة الطلب والمستندات الواجب تقديمها ورسم كروكي للعقار محل الواقعة ، وطلب منه عشرة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات استخراج ذلك الترخيص وإجراء معاينة للعقار محل الواقعة ، فبادر إلى إبلاغ هيئة الرقابة الإدارية ... حيث تلقى .... عضو هيئة الرقابة الإدارية بلاغه ، فبادر إلى إجراء التحريات التي أسفرت عن صحة ما تبلغ إليه ... وبناء على هذه المعلومات وتلك التحريات وتضمنها وقوع جريمة الرشوة أصدرت النيابة العامة في ... إذنها بتسجيل وتصوير وقائع ومجريات اللقاءات والمحادثات الهاتفية التي تتم بين المبلغ والمتهم بعد أن انتهت إلى أن ما حوته تلك المعلومات وأكدته التحريات من وجود نشاط مؤثم يسوغ إصدار الإذن ، وكانت المحكمة تقر سلطة التحقيق على إجرائها ، فمن ثم يكون هذا الإذن قد صدر صحيحاً وما بُني عليه من إجراءات الأمر الذي يكون معه الدفع غير قائم على سند من صحيح الواقع والقانون جديراً بالرفض" . لما كان ذلك ، وكان البين من نص المادتين 95 ، 206 /2 من قانون الإجراءات الجنائية أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بمراقبة المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية وتسجيلها ، وكان البين مما أورده الحكم على المساق المتقدم أن النيابة العامة إنما أصدرت الإذن بالمراقبة والتسجيل بعد اطلاعها على ما ورد في محضر عضو هيئة الرقابة الإدارية من أقوال للمبلغ وما تضمنته من معلومات وما تبع ذلك من تحريات ومن ثم ما تضمنه من أسبابه توطئة وتسويقاً لإصدار الإذن ، فإن ذلك حسب الإذن لكي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءً منه وبغير حاجة إلى إيراد ذلك كله في الإذن نفسه ، ومن ثم يكون هذا الإذن قد صدر مسبباً تسبيباً كافياً مبيناً به الجريمة التي ارتكبها الطاعن ويكون الحكم المطعون فيه على صواب فيما انتهى إليه من رفــض الدفع ببطلان الإذن لهذا السبب لما أورده من أسباب سائغة ، ويضحى نعي الطاعن في هذا المنحى غير صائب .
2- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بتواطؤ المبلغ وعضو الرقابة الإدارية على خلق الجريمة والتحريض على ارتكابها واطرحه في قوله : ".... وكان الثابت من بلاغ المبلغ لهيئة الرقابة الإدارية وما أجرى من تحريات بشأنه أن جريمة الرشوة قد انعقدت بطلب المتهم مبلغ الرشوة من المبلغ ، ولم يبق إلا إقامة الدليل على هذا الطلب وتنفيذ مقتضاه بتسليم المبلغ النقدي ، وهو ما هدف إليه مأمور الضبط القضائي عضو هيئة الرقابة الإدارية من استصداره الإذن بالتسجيلات والضبط عند استلام المتهم لمبلغ الرشوة السابق أن طلبه من المبلغ وهو ذاته ما قصده عضو النيابة العامة من إصداره الإذن ، ومن ثم كان لعضو الرقابة الإدارية أن يقوم بإجراءات جمع الأدلة بالطريقة التي يراها مؤدية إلى الهدف المقصود ، وله في سبيل ذلك ترتيب طريقة ومكان ومواعيد لقاءات المبلغ بالمتهم لانتزاع الدليل طالما أن إرادة المتهم تبقى حرة غير معدومة ، وهو ما تم بالفعل إلى أن أدت تلك الإجراءات إلى ضبط المتهم عقب تسلمه مبلغ الرشوة السابق له أن طلبه من المبلغ ، ومن ثم فإن ما قام بـه عضو هيئة الرقابة الإدارة والمبلغ ليس فــيه خلقاً لجريمة أو التحريض عليها.... الأمر الذي يكون معه هذا الدفاع غير قائم على سـند من الواقع أو الـقـانون تطرحه المحكمة " . لما كان ذلك ، وكان ما قام به عضو الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغ بها ، وكان لا يؤثر في قيام أركانها وثبوتها في حق الطاعن نتيجة تدبير لضبط الجريمة ، وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره ، وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي ، هذا فضلاً عن أن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق بينهما . لما كان ذلك،  وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً كافياً وسائغاً ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون قد جانب الصواب .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان التسجيلات رداً سائغاً ويتفق وصحيح القانون لما تضمنه من اطمئنان المحكمة لما أثبت في تفريغه الأشرطة المسجلة صوتاً وصورة عن لقاءات الطاعن بالمبلغ وعدم جحد الطاعن لما تضمنته أو تدليله على صحة ما يدعيه ، هذا فضلاً عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات ، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ، ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، إضافة إلى أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار هذا الدفاع إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن  فإن ما أثاره في هذا الشأن لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان الهدف الذي قصد إليه الشارع من وجوب مراعاة الإجراءات الخاصة بتحريز الأشياء التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية هو الاستيثاق من عدم حصول عبث بتلك الأشياء والأدلة ، فإذا اطمأنت المحكمة إلى ذلك كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، فإن قصد الشارع يكون قد تحقق .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض تحصيله لأدلة الدعوى مضمون تقرير خبير الأصوات وما انتهى إليه من تطابق أصوات وصور المتهم في التسجيلات الصوتية والمرئية المأذون بها من النيابة العامة ، خلافاً لما ورد بوجه النعي في هذا الشأن ، فإنه لا محـل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ، هذا فضلاً عن أن ما يثيره من تشكيك في مؤدى الحديث المسجل لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن دفع ببطلان أمر الإحالة لمخالفة الثابت بالأوراق ، إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تـشتمل على بيان المراد منه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه  ويضحى ما يـثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد ، هـذا فضلاً على أن قضاء محكمة النقض قد استقر على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق وأن محكمة الموضوع هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات تحقيق وإبداء دفاعه بشأنه أمامها وهو ما لم يفعله الطاعن ، ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعي بطلان قرار الإحالة وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
6- من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي آخذه بها وهما المادتان 103 ، 104 من قانون العقوبات ، فإن ما أورده الحكم في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاه يكون كافياً ، ويكون النعي في هذا المقام غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : بصفته موظفاً عمومياً "مفتشاً بالإدارة العامة لحماية نهر النيل بالقاهرة الكبرى بوزارة الموارد المائية والري" طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها ، بأن طلب من ..... مبلغ عشرة آلاف جنيه أخذ منه مبلغ خمسة آلاف جنيه  على سبيل الرشوة مقابل إجراء معاينة للعقار الخاص به بمنطقة .... وإثبات بيانات في تلك المعاينة عن موقع العقار على خلاف الحقيقة ، وإعداد مذكرة بنتيجة المعاينة تمهيداً لعرضها على الجهة المختصة وتسهيل إجراءات استخراج ترخيص بإحلال وتجديد ذلك العقار. 
وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .      
  والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103 ، 104 من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسه آلاف جنيه عما أسند إليه ، وعزله من وظيفته .
  فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الارتشاء ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع والبطلان ذلك بأن المدافع عـنه دفع بـبطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل والمراقبة لخلوه مـن الأسباب الكافية ولتجهيله بالجريمة ، بيد أن الحكم لم يرد عليه وتساند في قضائه بالإدانة من بين ما تساند إليه على تحريات وأقوال عضوي الرقابة الإدارية والمبلغ رغم تواطؤهما مع الأخير على خلق الجريمة والتحريض عليها لما عدده من شواهد ، بيد أن الحكم رد على دفاعه برد غير سائغ ، كما عوَّل في قضائه بالإدانة على تقرير خبير الأصوات رغم ما شابه من قصور بشأن عدم تنفيذ قرار النيابة العامة بأخذ بصمة صوت المبلغ لمضاهاتها بالصوت المسجل له بالأشرطة ، فضلاً عن امتداد يد العبث لإحراز شرائط التسجيلات التي فرغت وأثبتها التقرير ، بدلالة اختلاف عددها الوارد بمحضر الضبط عنه بالتحقيقات وتقرير الخبير ذاك ، ولما قرره الطاعن بالتحقيقات بشأن مقابلة يوم ..... من إغفال الحديث المسجل ما ذكره للمبلغ من عدم طلبه شيئا منه واطرح الحكم دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ ودون أن يعنى بـتحقيقه ، كما التفت عن الدفع ببطلان أمر الإحالة لاشتماله على واقعة تخالف الثابت بالأوراق ، وأخيراً خلا محضر الجلسة والحكم المطعون فيه من بيان مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، وكل أولئك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
 وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الارتشاء التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المبلغ وشهود الإثبات ، وما أسفر عنه تفريغ التسجيلات الصوتية والمرئية للقاءات التي تمت بين المبلغ والطاعن ، وما قرره الطاعن بالتحقيقات ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتسجيل والمراقبة لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولخلوه من التسبيب ورد عليه بقوله : " وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن .... لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن المبلغ / .... أراد استخراج ترخيص من وزارة الري والموارد المائية بإحلال وتجديد العقار المملوك له فلجأ إلى المتهم ... المفتش بالإدارة العامة لحماية نهر النيل لمعرفة الإجراءات الواجب اتباعها والمستندات المطلوب تقديمها في هذا الشأن ، فطلب منه المتهم مقابلته بمقر شركته وخلال تلك المقابلة قام المتهم بتحرير صـيغة الطلب والمستندات الواجب تقديمها ورسم كروكي للعقار محل الواقعة ، وطلب منه عشرة آلاف جنيه على سـبيل الرشـوة مقابل إنهاء إجراءات استخراج ذلك الترخيص وإجراء معاينة للعقار محل الواقعة ، فبادر إلى إبلاغ هيئة الرقابة الإدارية .... حيث تلقى .... عضو هيئة الرقابة الإدارية بلاغه فبادر إلى إجراء التحريات التي أسفرت عن صحة ما تبلغ إليه .... وبناء على هذه المعلومات وتلك التحريات وتضمنها وقوع جريمة الرشوة ، أصدرت النيابة العامة في ..... إذنها بتسجيل وتصوير وقائع ومجريات اللقاءات والمحادثات الهاتفية التي تتم بين المبلغ والمتهم بعد أن انتهت إلى أن ما حوته تلك المعلومات وأكدته التحريات من وجود نشاط مؤثم يسوغ إصدار الإذن ، وكانت المحكمة تقر سلطة التحقيق على إجرائها ، فمن ثم يكون هذا الإذن قد صدر صحيحاً وما بُني عليه من إجراءات ، الأمر الذي يكون معه الدفع غير قائم على سند من صحيح الواقع والقانون جديراً بالرفض" . لما كان ذلك ، وكان البين من نص المادتين 95 ، 206/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بمراقبة المحادثات الشفوية والسلكية واللاسلكية وتسجيلها ، وكان البين مما أورده الحكم عـلى المساق المتقدم أن النيابة العامة إنما أصدرت الإذن بالمراقبة والتسجيل بعد اطلاعها على ما ورد في محضر عضو هيئة الرقابة الإدارية من أقوال للمبلغ وما تضمنته من معلومات وما تبع ذلك من تحريات ، ومن ثم ما تضمنه من أسبابه توطئة وتسويغاً لإصدار الإذن ، فإن ذلك حسب الإذن لكي يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءً منه وبغير حاجة إلى إيراد ذلك كله في الإذن نفسه ، ومن ثم يكون هذا الإذن قد صدر مسبباً تسبيباً كافياً مبيناً به الجريمة التي ارتكبها الطاعن ، ويكون الحكم المطعون فيه على صواب فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان الإذن لهذا السبب ، لما أورده من أسباب سائغة ، ويضحى نعي الطاعن في هذا المنحى غير صائب . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بتواطؤ المبلغ وعضو الرقابة الإدارية على خلق الجريمة والتحريض على ارتكابها واطرحه في قوله : ".... وكان الثابت من بلاغ المبلغ لهيئة الرقابة الإدارية وما أجرى من تحريات بشأنه أن جريمة الرشوة قد انعقدت بطلب المتهم مبلغ الرشوة من المبلغ ولم يبق إلا إقامة الدليل على هذا الطلب وتنفيذ مقتضاه بتسليم المبلغ النقدي وهو ما هدف إليه مأمور الضبط القضائي عضو هيئة الرقابة الإدارية من استصداره الإذن بالتسجيلات والضبط عند استلام المتهم لمبلغ الرشوة السابق أن طلبه من المبلغ ، وهو ذاته ما قصده عضو النيابة العامة من إصداره الإذن ، ومن ثم كان لعضو الرقابة الإدارية أن يقوم بإجراءات جمع الأدلة بالطريقة التي يراها مؤدية إلى الهدف المقصود ، وله في سبيل ذلك ترتيب طريقة ومكان ومواعيد لقاءات المبلغ بالمتهم لانــتزاع الدليل طالما أن إرادة المتهم تبقى حرة غير معدومة ، وهـو ما تم بالفعل إلى أن أدت تلك الإجراءات إلى ضبط المتهم عقب تسلمه مبلغ الرشوة السابق له أن طلبه من المبلغ ومن ثم فإن ما قام به عضو هيئة الرقابة الإدارية والمبلغ ليس فيه خلقاً لجريمة أو التحريض عليها.... الأمر الذي يكون معه هذا الدفاع غير قائم على سند من الواقع أو القانون تطرحه المحكمة ". لما كان ذلك ، وكان ما قام به عضو الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغ بها ، وكان لا يؤثر في قيام أركانها وثبوتها في حق الطاعن نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهره ، وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي ، هذا فضلاً عن أن جريمة الرشوة - طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى - قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ ، ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق بينهما . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً كافياً وسائغاً ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون قد جانب الصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان التسجيلات رداً سائغاً يتفق وصحيح القانون لما تضمنه من اطمئنـان المحكمة لما أثبت في تفريغه الأشرطة المسجلة صوتاً وصورة عن لقاءات الطاعن بالمبلغ وعدم جحد الطاعن لما تضمنته أو تدليله على صحة ما يدعيه ، هذا فضلاً عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات ، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، إضافة إلى أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار هذا الدفاع إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن ما أثاره في هذا الشأن لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان الهدف الذي قصد إليه الشارع من وجوب مراعاة الإجراءات الخاصة بتحريز الأشياء التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية هو الاستيثاق من عدم  حصول عبث بتلك الأشياء والأدلة  فإذا اطمأنت المحكمة إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن قصد الشارع يكون قد تحقق . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في معرض تحصيله لأدلة الدعـوى مضمون تــقرير خبير الأصوات وما انتهى إليه من تطابق أصوات وصور المتهم في التسجيلات الصوتية والمرئية المأذون بها من النيابة العامة ، خلافاً لما ورد بوجه النعي في هذا الشأن ، فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ، هذا فضلاً عن أن ما يثيره من تشكيك في مؤدى الحديث المسجل لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن دفع ببطلان أمر الإحالة لمخالفة الثابت بالأوراق ، إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه ، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد ، هذا فضلاً على أن قضاء محكمة النقض قد استقر على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق ، وأن محكمة الموضوع هي جهة التحقيق النهائي ، ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات تحقيق وإبداء دفاعه بشأنه أمامها وهو ما لم يفعله الطاعن ، ومن ثم فلا محل للقول بوجود ضرر يستدعي بطلان قرار الإحالة وإلا ترتـب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي آخذه بها وهما المادتان 103 ، 104 من قانون العقوبات ، فإن ما أورده الحكم في بيان مواد القانون الذي حكم يكون كافياً ، ويكون النعي في هذا المقام غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .                 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق