الصفحات

الثلاثاء، 9 مايو 2017

الطعن 18 لسنة 79 ق جلسة 10 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 29 ص 242

جلسة 10 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمود ، محمد عـبد الحليم ، محمد سليمان وعبد الرحيم الفيل نواب رئيس المحكمة .
---------
(29)
الطعن 18 لسنة 79 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) هتك عرض . جريمة "أركانها" . إكراه . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
توافر ركن القوة في جريمة هتك العرض . شرطه ؟
تحدث الحكم عن ركن القوة في جريمة هتك العرض استقلالاً . غير لازم . متى أورد من الوقائع والظروف ما يكفي لقيامه .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة هتك عرض بالقوة .
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل" . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . دفاع "الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" .
   استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وكل شبهة يثيرها والرد عليها. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
مثال .
(5) إثبات " بوجه عام " . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تــقدير حــالة الــتلبس " . حــكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
    القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . مادام سائغاً.
    مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم إذن النيابة العامة به .
(6) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة . دفاع بنفي التهمة . موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب " .
تأخر والدة المجني عليه في الإبلاغ . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها . مادامت قد اطمأنت إليها .
اطمئنان المحكمة لأقوال والدة المجني عليه . مفاده ؟
(8) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .      
نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن الرد على دفاعه بعدم جدية التحريات والذي لم يثره أمامها . غير مقبول .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
نعي الطاعن بالتفات محكمة الموضوع عن دفاعه الذي لم يكشف في طعنه عن ماهيته . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصّل واقعة الدعوى في قوله : " ... إنه بتاريخ ..... عاد المجني عليه / ..... البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً ، ولما استفسر منه والداه أنهى إليهما أنه تعرض لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص ، فقامت والدته باصطحابه وأرشدها عن مكان ارتكاب الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم / ....، وقامت بدورها بإبلاغ الشرطة التي تولت القبض عليه ، وتم عرض المجني عليه على الطب الشرعي الذي أفاد بوجود العلامات الدالة على إتيانه من الخلف لواطاً بإيلاج في تاريخ يتفق والتاريخ المعطى للواقعة ، وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان المجني عليه " . وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الــواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
2- من المقرر أنه يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه ، وكانت المحكمة قد استخلصت من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال المجني عليه ووالديه أن الطاعن استغل صغر سن المجني عليه واستدرجه إلى مسكنه ، واعتدى عليه جنسياً بإيلاج عضوه الذكري في دبره ، وهدده بالإيذاء باستعمال سلاح أبيض " سكين " إذا أفشى هذه الواقعة لوالديه ، فإن الذي أورده الحكم كافياً لإثبات جريمة هتك العرض بأركانها بما فيها ركن القوة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عن هذا الركن على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
3- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فــيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حـاصلها أنه بتاريخ ..... عاد المجني عليه البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً وأبلغ والدته بتعرضه لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص فاصطحبته والدته إلى مكان الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم فقامت والدته بعد ذلك بإبلاغ الشرطة، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض على النحو المبين بمدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة على النحو المار ذكره ، فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- لما كان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض على الطاعن لانتفاء حالة التلبس ولعدم إذن النيابة العامة به ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وهو دفع غير سديد ذلك أن والدة المجني عليه فور أن أبلغها بالواقـــعة التي تعــرض لـــها اصطحبته حتى أرشدها عن موقع تلك الواقعة وهي شقة المتهم الذي كان متواجداً بها ، فأبلغت علـى التـو الشرطـة التي حضرت من فورها وألقت القبض عليه " . وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها عن توافر حالة التلبس التي تبيح القبض على الطاعن ، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- لما كان نعي الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون قويماً .
7- من المقرر أن تأخر والدة المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة - بفرض حصوله - لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها . لما كان ذلك ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال والدة المجني عليه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.                            
8- لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار شيئاً حول عدم جدية التحريات أمام محكمة الموضوع ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن ماهية الدفاع الذي أعرضت محكمة الموضوع عن التعرض له والرد عليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : هتك عرض / ...... البالغ من العمر ست سنوات بأن استغل صغر سنه واستدرجه لمسكنه وقام بإيلاج عضوه الذكري بدبره وهدده بالإيذاء باستعمال سلاح أبيض ( سكين ) حتى لا يذكره لوالديه ، ونتج عن ذلك الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي .
وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكـورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض بالقوة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة مجملة ، ولم يستظهر أركان الجريمة ، ولم يدلل على توافر ركن القوة ، ولم يبين مؤدى أدلة الإدانة ووجه استدلاله بها ، وجاءت أسبابه متناقضة مع بعضها البعض واعتنق تصويراً للواقعة لا يتفق مع العقل والمنطق ، واطرح الحكم دفعه ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس ، إذ الواقعة كانت يوم ..... بينما تم ضبطه مساء يوم .... بما لا يسوغ به اطراحه ، وأعرضت المحكمة عن دفاعه القائم على عدم ارتكاب الجريمة ، وعولت على أقوال والدة المجني عليه رغم تراخيها في الإبلاغ، وردت على دفعه بعدم جدية التحريات بما لا يصلح رداً ، وصدفت عن سائر أوجه دفاعه الجوهرية التي أبداها بجلسة المحاكمة، وذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصّل واقعة الدعوى في قوله : " ... إنه بتاريخ ... عاد المجني عليه / ... البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً ، ولما استفسر منه والداه أنهى إليهما أنه تعرض لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص فقامت والدته باصطحابه وأرشدها عن مكان ارتكاب الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم / ...، وقامت بدورها بإبلاغ الشرطة التي تولت القبض عليه ، وتم عرض المجني عليه على الطب الشرعي الذي أفاد بوجود العلامات الدالة على إتيانه من الخلف لواطاً بإيلاج في تاريخ يتفق والتاريخ المعطى للواقعة ، وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان المجني عليه " . وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف . لـــما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانـــون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ـ- كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه ، وكانت المحكمة قد استخلصت من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال المجني عليه ووالديه أن الطاعن استغل صغر سن المجني عليه واستدرجه إلى مـسكنه ، واعتدى عليه جنسياً بإيلاج عضوه الذكري في دبره ، وهدده بالإيذاء باستعمال سلاح أبيض "سكين" إذا أفشى هذه الواقعة لوالديه ، فإن الذي أورده الحكم كافياً لإثبات جريمة هتك العرض بأركانها بما فيها ركن القوة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عن هذا الركن على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي لقيامه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة  والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها : أنه بتاريخ ..... عاد المجني عليه البالغ من العمر ست سنوات إلى منزله باكياً وأبلغ والدته بتعرضه لاعتداء جنسي وإيلاج من أحد الأشخاص فاصطحبته والدته إلى مكان الواقعة بالشقة التي يقطنها المتهم فقامت والدته بعد ذلك بإبلاغ الشرطة ، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض على النحو المبين بمدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد . لمـا كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العـقل والــمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة على النحو المار ذكره ، فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض على الطاعن لانتفاء حالة التلبس ولعدم إذن النيابة العامة به ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الـدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وهو دفع غير سديد ، ذلك أن والدة المجني عليه فور أن أبلغها بالواقعة التي تعرض لها اصطحبته حتى أرشدها عن موقع تلك الواقعة وهي شقة المتهم الذي كان متواجداً بها ، فأبلغت على التو الشرطة التي حضرت من فورها وألقت القبض عليه ". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة السائغة التي أوردتها عن توافر حالة التلبس التي تبيح القبض على الطاعن ، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبيحه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تأخر والدة المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة - بفرض حصوله - لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها . لما كان ذلك،  وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال والدة المجني عليه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد أثار شيئاً حول عدم جدية التحريات أمام محكمة الموضوع ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن ماهية الدفاع الذي أعرضت محكمة الموضوع عن التعرض له والرد عليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق