باســم
الشعــــب
محكمـة النقـض
دائرة السبت (أ) المدنية
ـــــــ
برئاسة
السيـد
المستشـار/
محمــد
برهـام عجيز نائب رئيـس المحكمـة
وعضوية السادة
المستشارين/ محمد رشـاد أميـن ، طارق سيد عبد الباقى
أحمــد
برغــش " نواب
رئيس المحكمة "
وياسر
شوقي الحديـدى
والسيد رئيس النيابة / عمرو خلف الله .
والسيد أمين السر / مجدى حسن على .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر
المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم السبت 7 من شعبان سنة
1437 هـ الموافق 14 من مايو سنة 2016 م .
أصدرت
الحكم الآتى
فى الطعنين المقيدين فى جدول المحكمة
رقمى 8731 ، 8840 لسنة 82 ق .
المرفوع
أولهما مــن
:
ورثة / ....
وهم : .....المقيمون ..... محافظة الجيزة . حضر عنهم الأستاذ / ... المحامى .
ضـــــد
1ـــ وزير
المالية بصفته الرئيس الأعلى لمجلس إدارة صندوق موارد تعويضات الإصلاح
الزراعــى .
موطنه القانونى
هيئة قضايا الدولة – مجمع التحرير – قسم قصر النيل - محافظة القاهرة .
2 ـــ رئيس
مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بصفته ممثلها القانونى . يعلن بمقر الهيئة
العامة للإصلاح الزراعى – الدقى – محافظة الجيزة . حضر عن المطعون ضده الأول المستشار
/ ...... .
الوقائـــع
فـى
يـوم 26/5/2012 طعن بطريق النقض فى حكم محكمـة استئنـاف القاهرة الصادر
بتاريخ 28/3/2012 فى الاستئنافين رقمى .... لسنة 123 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون
الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعنون مذكرة شارحة .
وفى 5/6/2012 أُعلن المطعون ضدهما بصحيفة
الطعن .
وفى 7/6/2012 أودع المطعون ضده الأول مذكرة
بدفاعه طلب فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها طلبت فيها قبول
الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
المرفوع
ثانيهما مــن
:
1ـــ وزير
المالية بصفته الرئيس الأعلى لمجلس إدارة صندوق موارد تعويضات الإصلاح
الزراعــــــــــى .
موطنه القانونى
هيئة قضايا الدولة – مجمع التحرير – قسم قصر النيل - محافظة القاهرة .
حضر عنه
المستشار / محمد جلهوم .
ضـــــد
........
الوقائـــع
فـى
يـوم 27/5/2012 طعن بطريق النقض فى حكم محكمـة استئناف القاهرة الصادر
بتاريخ 28/3/2012 فى الاستئنافين رقمى .......
لسنة 123 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض
الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة .
وفى 28/6/2012 أُعلن المطعون ضدهم أولا بصحيفة
الطعن .
وفى 1/7/2012 أودع المطعون ضدهم أولا مذكرة
بدفاعهم طلبوا فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن
شكلاً وفى الموضوع
برفضه .
وبجلسة 23/4/2016 عُرض الطعنان على المحكمة
فى غرفة مشورة فرأت أنهما جديرين بالنظر بعد أن قررت ضم الطعن الماثل إلى الطعن
الأول وحددت لنظرهما جلسة للمرافعة .
وبجلسة 14/5/2016 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث
صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير
الذى تلاه السيد المستشار المقرر / .......
والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم
المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مورث الطاعنين الأول والثالث والخامس
والسادس وباقى الطاعنين في الطعن رقم ..... لسنة 82 ق أقاموا الدعوى رقم ......
لسنة 2001 مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتيهما في ذات
الطعن بطلب الحكم بأن يؤديا إليهم مبلغ ستة ملايين وخمسمائة وتسعين جنيهاً قيمة
التعويض المستحق لهم عن الأطيان الزراعية وملحقاتها الموضحة بالصحيفة التى قاما بالاستيلاء
عليها من مورثهم بمقتضى القانون رقم 178 لسنة 1952 وفقاً لسعرها الحقيقى وقيمتها
السوقية وقت رفع الدعوى الراهنة والفوائد القانونية والتأخيرية من تاريخ الاستحقاق
حتى تمام السداد مع التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بهم من جراء
هذا الاستيلاء وبصفة احتياطية ندب خبير في الدعوى للانتقال إلى الأطيان الزراعية المستولى عليها لتقدير قيمتها
السوقية الفعلية وقت رفع هذه الدعوى وتقدير قيمة التعويض الفعلى المستحق لهم عن
هذه الأرض وملحقاتها وذلك من واقع محاضر الاستيلاء والحصر وقوائم الجرد الخاصة
والموجود تحت يد المطعون ضده ثانياً بصفته وقالوا بياناً لذلك : استولى المطعون
ضده ثانياً بصفته على الأطيان الزراعية وملحقاتها والمبانى الموجودة بها والمملوكة
لمورثهم استناداً إلى القانون 178 لسنة 1952 ، وتم تقدير التعويض المستحق لهم
وفقاً للمادة الخامسة من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 وكان هذا التقدير لا يعادل
القيمة الحقيقية لهذه الأطيان فضلاً على أن الأسس التى تم التقدير بناء عليها قضى
بعدم دستوريتها ، ولما كان الطاعنون خلفا عاماً لمورثيهم يحق لهم المطالبة
بالتعويض المطالب به فقد أقاموا الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع
تقريره قضت بتاريخ 25/6/2006 بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتضامن فيما بينهما
بأن يؤديا إلى الطاعنين مبلغ التعويض الذى ارتأته والفوائد القانونية ورفضت الدفوع
المبداه من المطعون ضده أولاً بصفته . استأنف مورث الطاعنين الأول والثالث والخامس
والسادس هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 123 ق كما
استأنفه المطعون ضده أولاً بصفته أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... لسنة 123
ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين ، ندبت لجنة ثلاثية من الخبراء وبعد أن أودعت
تقريرها بعد تصحيح شكل الاستئناف قضت بتاريخ 28/3/2012 برفض الاستئناف رقم ..... لسنة
123 ق وفى الاستئناف رقم ...... لسنة 123 ق بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من
تعويض عن الأضرار المادية والأدبية إلى المبلغ المقضى به والتأييد فيما عدا ذلك . طعن الطاعنون
فى هذا الحكم بالطعن رقم ..... لسنة 82 ق كما طعن المطعون ضده الأول بصفته فى هذا
الحكم بالطعن رقم ..... لسنة 82ق ، وأودعت النيابة مذكرة فى الطعن الأول أبدت فيها
الرأى فى موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه ، كما أودعت مذكرة فى الطعن الثانى وأبدت
الرأى فى موضوع الطعن برفضه ، عُرض الطعنان على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة
لنظرهما ، وفيها التزمت النيابة رأيها وقررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم
واحد .
وحيث
إنه يتعين على هذه المحكمة ومن تلقاء نفسها أن تتحقق من توافر شروط الطعن وتقضى
بعدم قبوله كلما تخلف توافر شرط الصفة والمصلحة وكان لا يكفى فيمن يختصم في الطعن
أن يكون خصماً في الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغى أن يكون خصماً
حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة ، وأن وزير الخزانة – المالية - هو صاحب الصفة
في دعوى المطالبة بالتعويض عن الأراضى المستولى عليها طبقاً لقانون الإصلاح
الزراعى رقم 178 لسنة 1952 وتعديلاته ، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول - بصفته وزير
المالية – هو وحده صاحب الصفة في الخصومة دون المطعون ضده ثانياً بصفته رئيس
الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بصفته ، ومن ثم فلا يقبل اختصام الأخير في الطعنين
ويضحى الطعنان غير مقبولين بالنسبة له .
وحيث إن الطعنين –
فيما عدا ما تقدم - قد استوفيا أوضاعهما الشكلية .
أولاً : الطعن رقم
8731 لسنة 82 ق
أقيم
الطعن على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور
في التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه قدر التعويض عن أطيان
التداعى المستولى عليها منذ قرابة ستين عاماً طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعى
بتعويض غير عادل بما يعادل لقيمتها وقت الاستيلاء عليها في حين أنه كان يجب تقدير
التعويض طبقاً لسعر الأطيان وقت رفع الدعوى بالإضافة إلى التعويض عما لحقهم من
خسارة وما فاتهم من كسب ليعكس التغيير الذى طرأ على القوة الشرائية للنقود ومن ثم
فإن الحكم يكون قد عدل بالنقصان حكم أول درجة وخالف تقارير الخبراء الذين تم ندبهم
للوقوف على التعويض المستحق للطاعنين سواء ببيان القيمة السوقية للأرض وقت رفع
الدعوى أو قيمة الفائدة على الودائع طبقاً لأسعار البنك المركزى وقضى بتعويض غير
مكافئ للضرر دون أن يبين أساساً سائغاً مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعى في محله ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لما كانت
حماية الملكية الخاصة وحرمتها تعد من المقاصد الأساسية في أى نظام قانونى ، فقد
حرصت الدساتير المتعاقبة منذ دستور 1923 على النص بأن الملكية الخاصة مصونه فلا
تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وقد تردد هذا النص في هذه الدساتير
بمدلوله ومعناه وإعمالاً لهذا المبدأ الدستورى المستقر وتقنيناً لقواعده نصت
المادة 805 من القانون المدنى على أنه " لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في
الأحوال التى يقررها القانون وبالطريقة التى يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل
" وقد كشفت الأعمال التحضيرية للقانون المدنى عن أنه قصد بهذا النص " وضع
قيود ثلاثة على حرمان المالك من ملكه دون رضاه :
1
ــ لا يحرم المالك من ملكه إلا في حالة نص عليها القانون . 2 ـــ وبالطريقة التى
رسمها القانون . 3 ـــ وبعد دفع تعويض عادل يستولى عليه مقدماً قبل أن يتخلى عن
ملكه " فأنشأ المشرع بذلك النص التزاماً مصدره المباشر القانون الذى بين
أركانه وحدد نطاقه ومداه وفرض بموجبه على الحكومة ألا تنزع الملكية الخاصة جبراً
عن أصحابها قبل استيفاء الشروط الثلاثة سالفة البيان مجتمعة فإذا تخلف أحد هذه
الشروط – التى هى في حقيقتها ضمانات تكفل حماية الملكية الخاصة – فإن نزع الملكية
يصبح عملاً من أعمال الغصب وعدواناً على حق الملكية الخاصة وإذ قضت المحكمة
الدستورية في الطعن رقم 3 لسنة 51 بعدم دستورية ما نص عليه القرار بقانون رقم 104
لسنة 1964 من أيلولة الأراضى الزراعية المستولى عليها تنفيذاً لقانون تحديد الحد
الأقصى للملكية الزراعية إلى الدولة دون مقابل وفى الطعنين رقمى 24 لسنة 15 ق و 28
لسنة 6 ق بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952 والمادة
الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 والمادة التاسعة من القرار بقانون رقم
50 لسنة 1969 فيما تضمنه من أسس تقدير التعويض عن الأراضى الزراعية التى جرى
الاستيلاء عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية ، وكان الحكم بعدم
دستورية هذه النصوص لا ينصرف أثره إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع
والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستوريتها ما لم تكن استقرت بحكم حائز قوة الأمر
المقضى أو بانقضاء مدة التقادم بما تنتفى معه صلاحيتها لترتيب أى أثر من تاريخ
نفاذها ويكشف عن وجود حكم قانونى مغاير واجب الاتباع كان معمولاً به عند صدور هذه
النصوص الباطلة يتعين على المحاكم إعماله التزاماً بحجية الحكم الصادر بعدم
الدستورية ، وكان استيلاء الحكومة على الأراضى الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى
للملكية هو نزع لملكية هذه الأراضى جبراً عن أصحابها يخضع للقيود المنصوص عليها في
المادة 805 من القانون المدنى سالفة البيان ، فإن الحكم بعدم دستورية نصوص
القوانين التى تحدد أسس تقدير التعويض عن هذه الأراضى يترتب عليه سريان نص المادة
آنفة الذكر في هذا الخصوص وكانت عبارة " مقابل تعويض عادل " الواردة في
نص المادة 805 من القانون المدنى لا تدل على رغبة المشرع في إظهار الحرص على وجوب
توخى العدالة المطلقة في تقدير المقابل لحرمان المالك من ملكه فحسب بل التأكيد على
أن هذا المقابل لا يقتصر على ثمن العين المنزوع ملكيتها وإنما يشمل كافة الأضرار
التى تصيب المالك من جراء حرمانه من ملكه باعتبار أن الأصل في التعويض أيا كان
مصدر الالتزام به أن يكون جابراً لكافة الأضرار التى تلحق المضرور . وإذ خلا نص المادة
805 من القانون المدنى من بيان أسس وضوابط تقدير التعويض العادل عن نزع الملكية
فإن أحكام القانون العام تكون هى الواجبة التطبيق والتى تقضى وفقاً لنص المادة
221/1 من القانون المدنى بأن تقدير التعويض يناط بعنصرين قوامهما ما لحق المضرور
من خسارة وما فاته من كسب ، وكانت الحكومة قد قدرت التعويض المستحق لأصحاب الأراضى
المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية بما يعادل عشرة أمثال
القيمة الايجارية وتقدير هذه القيمة بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوط بها
الأرض ، فإن تقدير التعويض بهذه الطريقة الجزافية التحكمية فضلاً عن الوفاء المتراخى
لآجال طويلة للقيمة المقدرة يتنافى مع مفهوم التعويض العادل عن الملك المنزوع الذى
عناه المشرع ويجافى الأسس التى ينبغى أن يقوم عليها تقدير التعويض العادل والذى
يوجب تقدير التعويض بالقيمة الحقيقية للأرض المنزوع ملكيتها في تاريخ الاستيلاء
بمراعاة نوع التربة وخصوبتها وطرق الرى والصرف ونوع الاستغلال ومقدار الانتاج
والقرب أو البعد عن الأسواق العامة والمدن الهامة ووسائل المواصلات المتوافرة
وغيرها من العناصر الواقعية التى تؤثر في تقدير قيمة الأرض ، كما يشمل التعويض كافة
الأضرار التى حاقت بالمالك الناجمة عن حرمانه من ملكه لأنه بذلك يتخذ التعويض
صورته العادلة ويقوم مقام الحق ذاته ويعتبر بديلاً عنه ، وإذ كان التعويض العادل –
وعلى ما سلف بيانه – يعد شرطاً لنزع الملكية جبراً عن أصحابها فإن تخلفه يجعل نزع
ملكية الأراضى الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية عدواناً على الملكية
الخاصة وعملاً من أعمال الغصب يستوجب مسئولية الحكومة عن التعويض ولا تعارض بين
هذا النظر والقول بمشروعية تحديد الحد الأقصى للملكية الزراعية لأن مشروعية هذا
التحديد لا تغنى عن اتباع الطريق الذى رسمه القانون واستيفاء الشروط التى حددها
للاستيلاء على الأراضى الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى ومنها التعويض العادل عنها
. وكان اعتبار نزع ملكية هذه الأرض غصباً يستتبع أن يكون لصاحبها استرداد عين ملكه
والتعويض عن المنفعة التى فاتت عليه من تاريخ الغصب حتى الرد فإذا تعذر الرد أو
اختار هو المطالبة بالتعويض فإنه على الحالين يكون شأن المالك في المطالبة
بالتعويض شأن المضرور من أى عمل غير مشروع له أن يطلب تعويض الضرر سواء في ذلك ما
كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك حتى تاريخ الحكم ، مما مؤداه أن
لصاحب الأراضى المستولى عليها الزائدة عن الحد الأقصى للملكية الزراعية الحق في
قيمتها الحقيقية كما صارت عليه وقت الحكم في الدعوى وليس وقت الاستيلاء أو أى وقت
آخر ، كما يكون له طلب التعويض عن أى ضرر آخر حاق به نتيجة هذا الاستيلاء وإذ قام
مالك الأرض بصرف مبالغ من الجهة نازعة الملكية تقل عن القيمة الحقيقية للأرض
المستولى عليها فإن اعتبارات العدالة توجب عند حساب التعويض المستحق له - وفقاً
للأسس سالفة البيان – أن تستبعد مساحة من الأرض تعادل المبالغ التى تم صرفها
محسوبة على أساس القيمة الحقيقية للأرض وقت الاستيلاء ، كما أنه من المقرر بقضاء
هذه المحكمة – أن تقدير التعويض عن الضرر يعد من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى
الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون التقدير قائماً على أساس سائغ مردود إلى عناصره
الثابتة بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث
يكون متكافئاً مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه وأن التعويض مقياسه الضرر المباشر
الذى أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التى لحقت
المضرور والكسب الذى فاته وهذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضى بالمال على
ألا يقل عن الضرر أو يزيد عــــــــليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد
خفض التعويض المقضى به أمام محكمة أول درجة إلى مبلغ مائة ألف جنيه دون أن يفصح عن
أسس ذلك التقدير ودون أن يأخذ في الاعتبار تفاقم الضرر الذى حاق بالطاعنين وما آل
اليه عند تاريخ الحكم بالتعويض نتيجة عدم صرف القيمة الفعلية للأرض منذ تاريخ
الاستيلاء عليها حتى الآن وما صاحب ذلك من انهيار القوة الشرائية للنقود وعلى
النحو الثابت بتقارير الخبراء والذين ندبهم الحكم المطعون فيه للوقوف عليه ثم
التفت عنها دون أن يسوق لقضائه مبرراً يرتكز عليه مما يعيبه بمخالفة القانون بما
يوجب نقضه .
ثانياً
: الطعن رقم 8840 لسنة 82 ق :
أقيم الطعن على سبب واحد ينعى به الطاعن
على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك من خمسة أوجه وفى
بيان الوجه الأول يقول إن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها
بغير الطريق الذى رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 استناداً إلى أن المطعون ضدهم
تقدموا بطلب إلى لجنة فض المنازعات في حين أن هذا الطلب قدم إلى اللجنة المختصة
بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى وليس المختصة بوزارة المالية – مما يجعل الدعوى
غير مقبولة ، ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أنه لما
كانت المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض
المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفاً فيها تنص على أن " ينشأ
في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو
أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التى تنشأ بين هذه الجهات
وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة "
وكانت المادة الرابعة من ذات القانون قد أوردت ضمن المنازعات التى تخرج عن ولاية
تلك اللجان المنازعات التى أفردتها القوانين بأنظمة خاصة في التقاضى . لما كان ذلك
، وكانت المنازعة في الدعوى المطروحة تدور حول قيام الطاعن بصفته بالاستيلاء على
أرض التداعى ومطالبة المطعون ضدهم أولاً بردها عيناً وعند استحالة الرد العينى ألزمه
بالتعويض ومن ثم تكون الدعوى الراهنة من الدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية
العقارية التى لا تخضع لأحكام القانون 7 لسنة 2000 فإن النعى على الحكم في هذا
الخصوص يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى على
الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائى
المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة
حيث إن المطعون ضدهم بالبند أولاً وهم ورثة المرحوم / محمود يوسف محمد عبد الرحمن
مالك الأطيان محل التداعى أقاموا دعواهم بطلب التعويض عن الاستيلاء على الأطيان
الزراعية المملوكة لمورثهم وفقاً لقوانين الإصلاح الزراعى دون أن يقدموا سند ملكية
مورثهم أو ما يفيد شهر حق الإرث وبالتالى فإن دعواهم تكون غير مقبولة لرفعها من
غير ذى صفة إلا ان الحكم المطعون فيه رغم ذلك قضى لهم بالتعويض الذى قدره مما
يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المقرر –
في قضاء هذه المحكمة – أن استخلاص الصفة هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب
عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في حدود سلطته
الموضوعية إلى " أن أطيان التداعى تدخل ضمن الأطيان التى استولى عليها
الإصلاح الزراعى بالقانون رقم 178 لسنة 1952 قبل مورث المطعون ضدهم بالبند أولاً
المرحوم / محمود يوسف محمد عبد الرحمن أخذاً من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وأن
المطعون ضدهم بالبند أولاً قدموا صور إعلامات الوراثة للمتوفى سالف الذكر والتى
تثبت أنهم خلف عام لمورثهم وأن الأخير هو مالك الأطيان محل التداعى وبالتالى
تتوافر لهم الصفة في إقامة الدعوى " وإذ كان الذى استخلصه الحكم سائغاً ويؤدى
إلى النتيجة التى انتهى إليها في حدود سلطته الموضوعية ومن ثم يكون النعى بهذا
الوجه على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على
الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى
برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم بالبند أولاً في المطالبة بالتعويض بالتقادم
الطويل على سند من أن سريان التقادم يبدأ من تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية
العليا في 6/6/1998 بعدم دستورية المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة
1952 والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 في حين أن ذلك المانع قد
زال بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 1 ق بجلسة 25/6/1983
بعدم دستورية القرار بقانون 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضى الزراعية التى تم
الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح
الزراعى المعدل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل فإنه من هذا
التاريخ ينفتح الباب أمامهم لإقامة دعواهم ويبدأ سريان التقادم وإذ أقاموا دعواهم
بتاريخ 30/9/2001 فإن دعواهم تكون قد سقطت بالتقادم الطويل مما يعيب الحكم المطعون
فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك بأن المقرر
– في قضاء هذه المحكمة – أنه حسب محكمة الموضوع أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين
أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من وقف أو انقطاع وأن تقدر ولو
من تلقاء نفسها وقف التقادم أو انقطاعه إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه إذ أن
حصول شئ من ذلك يحول دون اكتمال مدة التقادم وأن تحصيل الواقعة التى يبدأ بها
التقادم هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض متى كان
تحصيلها سائغاً . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن الأطيان المملوكة
للمطعون ضدهم بالبند أولاً خلفاً عن مورثهم قد تم الاستيلاء عليها بتاريخ
1/11/1955 حتى 8/9/1959 طبقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 ، وقُدر لهم
التعويض طبقاً للأسس المنصوص عليها في المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178
لسنة 1952 أى بما يعادل عشرة أمثال القيمة الايجارية لهذه الأطيان المقدرة بسبعة
أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها وفقاً للمبالغ المذكورة بنتيجة تقرير الخبرة
. وإذ صدر القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 متضمناً في مادته الأولى أيلولة ملكية
الأراضى الزراعية التى تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178
لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل له إلى الدولة دون مقابل ، فإن
حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 " دستورية " بعدم
دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 ومن ثم العودة إلى مبدأ الحق في التعويض
عن الاستيلاء وفقاً للمادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 التى تم
تقدير التعويض للمطعون ضدهم سلفاً على أساسها يكون غير ذى أثر بالنسبة لحقهم في
المطالبة بالتعويض الكامل عن الاستيلاء . ومن ثم فلا يحاجون بصدور ذلك الحكم بعد
أن تم تقدير التعويض لهم تشريعياً استناداً للمادة سالفة البيان . وإذ صدر بعد ذلك
حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 28 لسنة 6 ق " دستورية "
بتاريخ 6/6/1998 والمنشور بالجريدة الرسمية في 18/6/1998 العدد (25) قاضياً بعدم
دستورية المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 فيما تضمنه من أسس
لتقدير التعويض المستحق لأصحاب الأراضى المستولى عليها ، وبعدم دستورية المادة
الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 وذلك – وعلى ما ورد بمدونات الحكم –
لأنهما جاوزتا الحدود التى رسمتها المادتان 32 ، 34 من الدستور لصون الملكية
الخاصة وأهدرتا مفهوم التعويض الكامل القائم على الاعتداد بكل العناصر التى تتصل
بتقدير قيمة الأموال على نحو يمثل مصادرة جزئية لبعض عناصرها يمثلها الفرق بين
قيمتها الفعلية وقيمتها المقدرة تشريعياً . ومن ثم فإن هذا الحكم قد منح المطعون
ضدهم الحق في المطالبة بالتعويض الكامل عن الاستيلاء على الأطيان المملوكة لهم
وفقاً لقيمتها الفعلية ويكون هو الواقعة المنشئة لحقهم في رفع دعواهم للمطالبة
بهذا التعويض ومن تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية في 18/6/1998 يبدأ سريان
تقادم هذا الحق ، وإذ التزم الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر
حين اعتبر المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961 اللذين تم
تقدير التعويض للمطعون ضدهم أولاً وفقاً لأحكامهما وطوال فترة سريانهما يمثلان
مانعاً تعذر معه عليهم المطالبة بالتعويض عن أطيانهم المستولى عليها وفقاً لقيمتها
الحقيقية ، وزوال هذا المانع بصدور حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 28 لسنة 6 ق " دستورية " آنف البيان ،
واحتسب بدء سريان تقادم حقهم في رفع الدعوى اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة
الرسمية في 18/6/1998 وخلص إلى عدم اكتمال مدة سقوط الحق في رفعها في 30/9/2001
بالتقادم الطويل ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بصفته بسقوط الحق
في رفع الدعوى بالتقادم الطويل وبقبولها فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون
النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع على
الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن المعول عليه في
تقدير التعويض المستحق لأصحاب الأراضى المستولى عليها هو وقت الاستيلاء عليها ،
وإذ ساير الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائى في تقديره للتعويض المقضى به استناداً
لقيمة الأرض المستولى عليها وقت إقامة الدعوى وليس وقت الاستيلاء فإنه يكون معيباً
بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك بأن
المحكمة قد قضت في الطعن المنضم رقم ..... لسنة 82 ق بنقض الحكم المطعون فيه
لتقدير التعويض المستحق عن أطيان النزاع على أساس قيمتها وقت الاستيلاء عليها على
غير الأسس التى توجبها اعتبارات العدالة في حين أنه يجب تقديره وفقاً لقيمتها وقت
الحكم على ما سلف بيانه في الرد على سبب الطعن فإن ما يثيره الطاعن بوجه النعى يعد
مجادلة حول تقدير الحكم لقيمة الأطيان وقت الاستيلاء – أيا كان وجه الرأى فيه –
غير منتج ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الخامس
على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقول لا محل لإقتضاء
تعويض آخر يضاف لثمن الأرض وإذ ساير الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائى في تقديره
التعويض عن الأرض المستولى عليها بقيمتها وهو ما أثبته الخبير بتقريره وهو تقدير
كاف لجبر الأضرار التى لحقت بالملاك إلا أنه أضاف تعويض عن الضرر الأدبى وقضى به
للمطعون ضدهم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعى في غير محله ، ذلك بأن
من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن
مفاد نصوص المواد 163 ، 170 ، 221 من القانون المدنى أن الضرر ركن من أركان
المسئولية وثبوته شرط لازم لقيامها والقضاء تبعاً لذلك يستوى في ايجاب التعويض عن
الضرر أن يكون هذا الضرر مادياً أو أدبياً ولا يقصد بالتعويض عن الضرر الأدبى وهو
لا يمثل خسارة مالية – محو هذا الضرر وإزالته من الوجود إذ هو نوع من الضرر لا يمحى
ولا يزول بتعويض مادى ولكن يقصد بالتعويض أن يستحدث المضرور لنفسه بديلاً عما
أصابه من الضرر الأدبى فالخسارة لا تزول ولكن يقوم إلى جانبها كسب يعوض عنها وليس
هناك من معيار لحصر أحوال التعويض عن الضرر الأدبى إذ كل ضرر يؤذى الإنسان في شرفه
واعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره يصلح أن يكون محلاً للتعويض فيندرج في
ذلك العدوان على حق ثابت للمضرور كالاعتداء على حق الملكية . لما كان ذلك ، وكان
الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قدر التعويض عن الضرر الأدبى على ما
استخلصه سائغاً من ظروف وملابسات الدعوى وما أصاب المطعون ضدهم أولاً من حزن وأسى
جراء نزع ملكية مورثهم لأطيان النزاع ورتب على ذلك قيمة مبلغ التعويض فإن الحكم
يكون قد خلص صحيحاً إلى كفاية واقعة الاستيلاء على أطيان النزاع دون صرف التعويض المكافئ
لها لتحقق الضرر الأدبى ويضحى النعى بهذا الوجه على غير أساس .
لذلـــــك
حكمت المحكمة : أولاً : فى الطعن رقم 8731 لسنة
82 ق :
بنقض الحكم المطعون
فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضده الأول بصفته المصروفات
ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ثانياً : فى
الطعن رقم 8840 لسنة 82 ق :
رفضت المحكمة
الطعن وألزمت الطاعن بصفته المصروفات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق