الصفحات

الأربعاء، 15 مارس 2017

الطعن 47790 لسنة 72 ق جلسة 17 / 11 / 2009 مكتب فني 60 ق 61 ص 446

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم, هادي عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة ووليد عادل.
---------------
(61)
الطعن 47790 لسنة 72 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها. 
مثال.
(2) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه. 
مثال.
(3) استدلالات. حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم مؤدى تحريات الشرطة التي استند إليها. لا قصور. أساس ذلك؟
(4) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. موضوعي. 
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) قصد جنائي. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. تقدير توافره. موضوعي. 
مثال لتسبيب سائغ في توافر نية القتل لدى الطاعن في جريمة قتل عمد.
(6) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". عقوبة "العقوبة المبررة".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. حد ذلك؟ 
نعي الطاعن على الحكم في خصوص سبق الإصرار. غير مقبول. ما دام قد دانه بعقوبة القتل العمد دون سبق إصرار.
(7) إثبات "خبرة" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق الدليلين القولي والفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق. 
ليس للمحكمة التعرض لإصابات لم يكن لها أثر في إحداث الوفاة. متى أنصب الحكم على إصابة بعينها نسب للمتهم إحداثها وأثبتها التقرير الطبي واطمأنت أنه محدثها. 
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأطباء الشرعيون. مناط تعيينهم؟ 
للمحكمة المفاضلة بين تقارير الخبراء والأخذ منها بما تراه واطراح ما عداه. علة ذلك؟ 
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. 
النعي على المحكمة قعودها عن إجابة طلب لم يبد أمامها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز. 
الجدل في تقدير المحكمة لعمل الخبير. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفاع الموضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. 
مثال.
(10) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. 
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال.
(12) حكم "بيانات الديباجة". دعوى مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم اشتراط القانون إيراد بيانات المدعين بالحقوق المدنية في مكان معين من الحكم. 
المنازعة في صفة المدعين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(13) دعوى مدنية. تعويض. ضرر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله. كفايته لبيان وجه الضرر المستوجب للتعويض. 
عدم بيان الحكم الضرر بنوعيه المادي والأدبي. لا يعيبه. علة ومفاد ذلك؟
(14) قانون "القانون الأصلح" "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها".
صدور القانون 95 لسنة 2003 واستبداله عقوبتي السجن المؤبد والمشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة. ظاهره. أصلح للمتهم. نصه على تنفيذ الأحكام الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون. مفاده: زوال آثار عقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها. أثر ذلك؟
--------------
1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، كذلك فإن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن الحكم من قصور لا محل له.
2 - لما كان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية "وحيث أورى تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه مصاب بجرح رضي بشكل حرف "U" بأبعاد نحو 12 سم ويقع بيمين مقدم فروة الرأس إلى الخط المنصف مباشرة عند مستوى منبت الشعر الأمامي ولأعلى ومصاب بتكدم منسحج بلون محمر بأبعاد نحو 7×8 سم ويقع بيسار الجبهة إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم ومن عند أسفل مستوى حاجب العين اليسرى مباشرة وحتى يسار مقدم فروة الرأس مع وجود انخساف عظمي مقابل التكدم وتهتك وانفجار بمقلة العين اليسرى وكذلك جرح رضي سطحي بطول 1 سم ويقع بيسار أعلى خلفية فروه الرأس إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم وأعلى مستوى منبت الشعر الخلفي بحوالي 11 سم وأن إصابتيه الأولى والثانية حيوية وحديثة وذات طبيعة رضية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب راض وذو ثقل أياً كان نوعه وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان زوجة المجني عليه بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة أما إصابته الأخيرة فهي سطحية وبسيطة ولا دخل لها بإحداث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، وتعزى وفاته لإصاباته الرضية الحيوية الحديثة بيمين مقدم الفروة وبيسار الجبهة وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة قبوة وقاعدة وبأعلى عظام الحجاب الأيسر وتهتكات بالسحايا وبأنسجة سطح المخ وما صاحب ذلك من نزيف دماغي وهبوط بالمراكز الحيوية الدماغية"، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير الصفة التشريحية يكون في غير محله، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
3 - لما كان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن على غير أساس.
4 - لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات معززة بما أسفرت عنه تحريات الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
5 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله "وحيث إن جريمة القتل العمد تختلف عن غيرها من جرائم الاعتداء على النفس بعنصر خاص هو أن يتعمد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن المحكمة تستظهره من وقائع الدعوى وملابساتها، وقد تجلى ذلك من وجود خلاف سابق بين المتهم والمجني عليه واستدراج المتهم للأخير واستئجاره له لكي يقوم بري أرضه في غيبته ثم حضوره له خلسة حاملاً فأس ومباغتته له بالضرب على رأسه بالجزء الحديدي الثقيل من الفأس أكثر من مرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته"، لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمر داخلي يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغاً يكفي لإثبات توافر هذه النية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على قيام نية القتل - من الظروف والملابسات التي أوضحتها - هو تدليل سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه وفقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
7 - من المقرر أنه ليس بلازم قيام التطابق بين الدليلين القولي والفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه منقولاً عن شهود الإثبات - زوجة المجني عليه ونجليه - أنهم شاهدوا الطاعن يضرب المجني عليه على رأسه بفأس ضربتين فكان أن أحدث به الإصابتين اللتين كشف عنهما تقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته، ومن ثم فلا يقدح في سلامة هذا الاستخلاص ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من حدوث جرح رضي سطحي بفروة الرأس لا دخل لها في حدوث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، ويكون ما يثيره الطاعن في شأن تناقض الدليل القولي مع الدليل الفني غير سديد، ذلك أن الأصل أنه متى كان الحكم قد أنصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم يكن لها من أثر في إحداث الوفاة، هذا إلى أن الحكم قد فطن إلى وجود الإصابة الرضية السطحية الثالثة برأس المجني عليه وأرجعها إلى سقوطه أرضاً عقب إصابته طبقاً لما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية بشأنها، بما ينحسر عن الحكم قالة التناقض في هذا الصدد.
8 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بتشريح جثة المجني عليه من أطباء مصلحة الطب الشرعي، وكان هؤلاء الأطباء لا يعينون إلا بعد التأكد من كفايتهم وصلاحيتهم لأعمال القسم الذي يعينون به وذلك طبقاً لما تقضي به المادتان 18، 35 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام القضاء، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقرير هذا الطبيب الشرعي، فإن منعى الطاعن بعدم خبرته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير، وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه، إذ الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي في هذا الخصوص، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً، إذ أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله، ولما كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاعه الذي لم يستهدف منه في الواقع سوى التشكيك في أدلة الثبوت القائمة في الدعوى، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبد أمامها، ولا تثريب على المحكمة وقد وضحت لديها الواقعة مثار المنازعة إن هي لم تر من جانبها ضرورة لاتخاذ هذا الإجراء.
9 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعن من منازعة في مكان الحادث - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه - وأطرحته في قولها "وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن أن المتهم الحقيقي بارتكاب الواقعة هو.... شقيق المتهم الماثل، فأن المحكمة تلتفت عن ذلك ولا تطمئن إليه ولا تعول عليه ولا تأخذ به لأن اعتراف المدعو/ .... جاء متناقضاً مع باقي الأدلة خاصة أن المكان الذي أشار إليه المذكور لم يعثر به على آثار دماء والمكان الذي أشار إليه باقي الشهود عثر السيد وكيل النيابة به أثناء المعاينة على آثار دماء أخذ منها عينة ثبت من تقرير الطب الشرعي أنها دماء آدمية سيما وأن المذكور عدل عن اعترافه بارتكاب الواقعة"، وهو قول يسوغ به اطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة.
10 - لما كان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
11 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال زوجة المجني عليه وولديه وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض.
12 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدعيين بالحقوق المدنية هما والد المجني عليه/ .... وزوجته/ .... عن نفسها وبصفتها وصية على ولدي المجني عليه القصر.... و....، وقد ادعيا مدنياً قِبل المتهم بمبلغ 501 جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المؤقت، وكان القانون لا يشترط إيراد تلك البيانات في مكان معين من الحكم، فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول، فضلاً عن أنه لا يجوز المنازعة في صفة المدعيين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض.
13 - لما كان يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي، ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفة بالتعويض، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها، وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه، فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم.
14 - لما كان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهره معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن لمحكمة النقض أن تصحح الحكم الصادر في هذه الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه "... واعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال"، بما يعني أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل/ .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض أداة "فأس" وتوجه إلى المكان الذي أيقن سلفاً وجوده به وما إن ظفر به حتى كال له ضربتين على رأسه بالأداة سالفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى مدنياً والد وزوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر كل على حدة قِبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات، بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحق المدني والد المجني عليه وزوجته عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر منه تعويضاً مؤقتاً مبلغاً وقدره خمسمائة وواحد جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المدني المؤقت
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مبنى أوجه الطعن التي وردت بتقرير الأسباب المقدم من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان، ذلك بأنه لم يحط بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة، واكتفى بإيراد نتيجة تقرير الصفة التشريحية - الذي عول عليه كدليل إثبات - دون بيان مضمونه من حيث موقف الضارب والمضروب وتاريخ حدوث الوفاة والفترة الزمنية بين حدوث الإصابات وحصول وفاة المجني عليه، كما استند الحكم إلى تحريات الشرطة دون أن يورد مضمونها وكيف خلص إلى سلامتها وسنده في ذلك رغم ما ساقه الطاعن من قرائن على عدم صحتها، وما ساقه الحكم تدليلاً على نية القتل لدى الطاعن لا يعدو أن يكون تحديداً للأفعال المادية التي قارفها والأداة التي استخدمها وإصابات المجني عليه الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهو ما لا يصلح لإثبات توافر هذه النية لديه، فضلاً عن أن الحكم لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر سبق الإصرار والتي تؤكد ظروف الحادث انتفاءه، وأثار الدفاع عن الطاعن قيام تعارض بين الدليلين القولي والفني لأن مفاد أقوال شهود الإثبات - زوجة المجني عليه وولديه - أن الطاعن ضرب المجني عليه بالفأس على رأسه ضربتين يتناقض مع ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من وجود ثلاث إصابات بالمجني عليه وهي بهذه المثابة لا تحدث من ضربتين وقدم الدفاع تقريراً استشارياً - أغفلته المحكمة - يفيد أن الإصابة الثالثة لا تحدث من السقوط على الأرض كما جاء بتقرير الصفة التشريحية وهو ما يدل على عدم خبرة الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح الجثة غير أن المحكمة أطرحت دفاعه بعبارة مجملة لا تنهض رداً عليه وقعدت عن تحقيقه عن طريق كبير الأطباء الشرعيين بلوغاً لوجه الحق فيه، كما التفتت المحكمة عن دفاع الطاعن المبني على المنازعة في مكان الحادث تأسيساً على أن شقيقه.... اعترف بالتحقيقات بأنه هو الذي قتل المجني عليه في مكان آخر غير ذلك الذي حدده شهود الإثبات سالفي الذكر بما يناقض الصورة التي ألبسها الحكم للواقعة خاصة وأن الطبيب الشرعي لم يحدد المكان الذي أخذ منه عينة الدماء، هذا إلى أن الحكم ومحضر الجلسة خلا كلاهما من أسماء المدعين بالحقوق المدنية وصفاتهم وصلتهم بالمجني عليه، وأن المحكمة في قضائها في الدعوى المدنية بالتعويض لم تبين وجه الضرر بشقيه المادي والأدبي الذي أصاب المدعين بالحقوق المدنية ولم يستظهر ما إذا كان هذا الضرر ناشئاً عن الجريمة التي دان الطاعن بها، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، كذلك فإن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن الحكم من قصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية "وحيث أورى تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه مصاب بجرح رضي بشكل حرف "U" بأبعاد نحو 12 سم ويقع بيمين مقدم فروة الرأس إلى الخط المنصف مباشرة عند مستوى منبت الشعر الأمامي ولأعلى ومصاب بتكدم منسحج بلون محمر بأبعاد نحو 7×8 سم ويقع بيسار الجبهة إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم ومن عند أسفل مستوى حاجب العين اليسرى مباشرة وحتى يسار مقدم فروة الرأس مع وجود انخساف عظمي مقابل التكدم وتهتك وانفجار بمقلة العين اليسرى وكذلك جرح رضي سطحي بطول 1 سم ويقع بيسار أعلى خلفية فروة الرأس إلى يسار الخط المنصف بحوالي 2 سم وأعلى مستوى منبت الشعر الخلفي بحوالي 11 سم وأن إصابتيه الأولى والثانية حيوية وحديثة وذات طبيعة رضية حدثت من التعدي عليه بجسم صلب راض وذو ثقل أياً كان نوعه وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد على لسان زوجة المجني عليه بمذكرة النيابة وبتاريخ يتفق وتاريخ الواقعة أما إصابته الأخيرة فهي سطحية وبسيطة ولا دخل لها بإحداث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، وتعزى وفاته لإصاباته الرضية الحيوية الحديثة بيمين مقدم الفروة وبيسار الجبهة وما أحدثته من كسور بعظام الجمجمة قبوة وقاعدة وبأعلى عظام الحجاب الأيسر وتهتكات بالسحايا وبأنسجة سطح المخ وما صاحب ذلك من نزيف دماغي وهبوط بالمراكز الحيوية الدماغية"، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير الصفة التشريحية يكون في غير محله، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات معززة بما أسفرت عنه تحريات الشرطة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في قوله "وحيث إن جريمة القتل العمد تختلف عن غيرها من جرائم الاعتداء على النفس بعنصر خاص هو أن يتعمد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، ومن ثم فإن المحكمة تستظهره من وقائع الدعوى وملابساتها، وقد تجلى ذلك من وجود خلاف سابق بين المتهم والمجني عليه واستدراج المتهم للأخير واستئجاره له لكي يقوم بري أرضه في غيبته ثم حضوره له خلسة حاملاً فأس ومباغتته له بالضرب على رأسه بالجزء الحديدي الثقيل من الفأس أكثر من مرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته"، لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمر داخلي يتعلق بالإرادة ويرجع تقدير توافره أو عدم توافره إلى سلطة محكمة الموضوع وحريتها في تقدير الوقائع متى كانت ما أوردته من الظروف والملابسات سائغاً يكفي لإثبات توافر هذه النية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على قيام نية القتل - من الظروف والملابسات التي أوضحتها - هو تدليل سائغ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه وفقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم قيام التطابق بين الدليلين القولي والفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه منقولاً عن شهود الإثبات - زوجة المجني عليه ونجليه - أنهم شاهدوا الطاعن يضرب المجني عليه على رأسه بفأس ضربتين فكان أن أحدث به الإصابتين اللتين كشف عنهما تقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته، ومن ثم فلا يقدح في سلامة هذا الاستخلاص ما ورد بتقرير الصفة التشريحية من حدوث جرح رضي سطحي بفروة الرأس لا دخل لها في حدوث الوفاة وجائزة الحدوث من سقوطه أرضاً عقب إصابته، ويكون ما يثيره الطاعن في شأن تناقض الدليل القولي مع الدليل الفني غير سديد، ذلك أن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم يكن لها من أثر في إحداث الوفاة، هذا إلى أن الحكم قد فطن إلى وجود الإصابة الرضية السطحية الثالثة برأس المجني عليه وأرجعها إلى سقوطه أرضاً عقب إصابته طبقاً لما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية بشأنها، بما ينحسر عن الحكم قالة التناقض في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بتشريح جثة المجني عليه من أطباء مصلحة الطب الشرعي، وكان هؤلاء الأطباء لا يعينون إلا بعد التأكد من كفايتهم وصلاحيتهم لأعمال القسم الذي يعينون به وذلك طبقاً لما تقضي به المادتان 18، 35 من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام القضاء، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقرير هذا الطبيب الشرعي، فإن منعى الطاعن بعدم خبرته لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير، وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه، إذ الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وإذ أخذت المحكمة بتقرير الطبيب الشرعي في هذا الخصوص، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن دون أن تلتزم بأن تعرض له في حكمها أو ترد عليه استقلالاً، إذ إن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله، ولما كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب ندب كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاعه الذي لم يستهدف منه في الواقع سوى التشكيك في أدلة الثبوت القائمة في الدعوى، فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبد أمامها، ولا تثريب على المحكمة وقد وضحت لديها الواقعة مثار المنازعة إن هي لم تر من جانبها ضرورة لاتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعن من منازعة في مكان الحادث - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه - وأطرحته في قولها "وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن أن المتهم الحقيقي بارتكاب الواقعة هو.... شقيق المتهم الماثل، فأن المحكمة تلتفت عن ذلك ولا تطمئن إليه ولا تعول عليه ولا تأخذ به لأن اعتراف المدعو/ .... جاء متناقضاً مع باقي الأدلة خاصة أن المكان الذي أشار إليه المذكور لم يعثر به على آثار دماء والمكان الذي أشار إليه باقي الشهود عثر السيد وكيل النيابة به أثناء المعاينة على آثار دماء أخذ منها عينة ثبت من تقرير الطب الشرعي أنها دماء آدمية سيما وأن المذكور عدل عن اعترافه بارتكاب الواقعة"، وهو قول يسوغ به أطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن، هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال زوجة المجني عليه وولديه وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله، إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، طالما كان استخلاصها سائغاً - كما هو الحال في واقع الدعوى - فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدعيين بالحقوق المدنية هما والد المجني عليه/ ..... وزوجته/ ..... عن نفسها وبصفتها وصية على ولدي المجني عليه القصر.... و....، وقد ادعيا مدنياً قِبل المتهم بمبلغ 501 جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المؤقت، وكان القانون لا يشترط إيراد تلك البيانات في مكان معين من الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول، فضلاً عن أنه لا يجوز المنازعة في صفة المدعيين بالحقوق المدنية لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة الطاعن عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي، ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفة بالتعويض، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها، وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه، فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصاريف المدنية. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهرة معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن لمحكمة النقض أن تصحح الحكم الصادر في هذه الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه "... واعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال"، بما يعني أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق