الصفحات

الاثنين، 27 مارس 2017

الطعن 12313 لسنة 77 ق جلسة 12 / 5 / 2008

برئاسة السيد القاضي/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة  وعضوية السادة القضاة/ عبد الرحمن هيكل وهشام البسطويسي ورفعت حنا ومحمود مكي نواب رئيس المحكمة 
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد رمضان
وأمين السر السيد/ حنا جرجس.

-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل من 1- ........ "طاعن" 2- ........ 3- ........ 4- ........ 5- ......... 6- ......... 7- ......... 8- .......... 9- ......... 10- .........11- ............ 12- .......... 13- .......... 14- ............ 15- ........... 16- ........ 17- .......... 18- ......... 19- .......... 20- ....... في قضية الجناية رقم 4479 لسنة 2005 قسم الوايلي (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 569 لسنة 2005 القاهرة) بوصف أنهم في غضون الفترة من عام 2002 حتى عام 2004 بدائرة قسم الوايلي. محافظة القاهرة. أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محررين رسميين هما بياني واقعتي الميلاد المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية باسمي ......... و.......... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل البيانين السابقين على الحاسب الآلي التابع لجهة عمله سالفة الذكر خلافاً للحقيقة مع عمله بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثاني: بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البيان المدخل على الحاسب الآلي لمصلحة الأحول المدنية باسم .......... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريره المختص بوظيفته بأن عدل بيان سالف الذكر على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية على خلاف الحقيقة على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهم الثالث: بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي بيانات وقائع الميلاد المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية بأسماء ........ و...... و........ و...... و........ و......... و....... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل تلك البيانات السالفة على الحاسب الآلي لجهة عمله آنفة البيان خلافاً للحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: المتهم الرابع: بصفة موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي بيانات وقائع الميلاد المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية بأسماء ......، .......، .........، ........ وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة وقائع صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل تلك البيانات السالفة على الحاسب الآلي لجهة عمله على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. خامساً: المتهم الخامس: بصفة موظفاً عمومياً (أمين سجل مدني العجوزة) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هي بيانات البطاقتين القوميتين المدخلة على الحاسب الآلي لمصلحة الأحوال المدنية باسمي .......... و........... وكان ذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تحريرها المختص بوظيفته بأن أدخل تلك بيانات سالفي على الحاسب الآلي التابع لجهة عمله على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. سادساً: المتهمان السادس والسابع: السادس بصفته موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) المتهم السابع وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب جنايتي التزوير موضوع التهمة بالبند أولاً وثانياً بأن اتفقا على ارتكابها وساعدهما بأن أمداهما بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. سابعاً: المتهمان السادس والثامنة: المتهم السادس: بصفة موظفاً عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) والمتهمة الثامنة وهي ليست من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند أولاً وثانياً بأن اتفقا على ارتكابها وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثامناً: المتهمون السادس والتاسع حتى الحادي عشر والثالث عشر والرابع عشر: المتهم السادس بصفة موظفا عمومياً (موظف بالحاسب الآلي بمصلحة الأحوال المدنية) والباقون وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثالث في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند ثالثاً بأن اتفقوا على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة
تاسعاً: المتهمان السادس عشر والسابع عشر: وهم ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الرابع في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند رابعاً بأن اتفقوا على ارتكابها وساعداه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. عاشراً: المتهمون الخامس والثانية عشر والتاسع عشر والعشرون: المتهم الخامس: بصفته موظفاً عمومياً (أمين سجل مدني العجوزة) والباقون وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثالث في ارتكاب جناية التزوير موضوع التهمة بالبند ثالثاً بأن اتفقوا على ارتكابها وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. الثاني عشر: المتهم الثامن عشر: 1- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو استمارة طلب الحصول على بطاقة قومية وكان ذلك بطريق تغيير المحررات بأن قام بمحو البيانات الثابتة بتلك الاستمارة وأثبت بياناته بالمخالفة للحقيقة مع علمه بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات. 2- استعمل المحرر المزور موضوع التهمة السابقة بأن قدمه لسجل مدني العجوزة محتجاً بما دون به من بيانات مزورة مع علمه بتزويرها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت في 17 من يناير سنة 2007 عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/1، 211، 213، 214 من قانون العقوبات المعدل والمواد 1، 2، 3، 72 من القانون رقم 134 سنة 1994 والمواد 2، 12/1، 140 من القانون رقم 12 سنة 1996 مع إعمال المواد 17، 25/1، 30/2، 32، 56/1 من قانون العقوبات. أولاً: حضورياً بمعاقبة المتهمين الأول والثالث والرابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما أسند إليه وبمعاقبة كل من المتهمين الرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما أسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها بالنسبة للثلاثة الآخر لمدة ثلاث سنوات. ثانياً: غيابياً بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والخامس والسادس بالسجن لمدة خمس سنوات لما أسند إليه وبمعاقبة كل من المتهمين السابع والثامنة والتاسع والعاشر والحادي عشر والثانية عشر والثالث عشر والخامس عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما أسند إليه. ثالثاً: بمصادرة المحررات المزور المضبوطة
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض الأول في 5 مارس سنة 2007 كما طعن الأستاذ/ ........... المحامي بصفته وكيلاً عن ........ بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه الأول (الطاعن الأول ) في 8 من مارس سنة 2007 وطعن الأستاذ/ ........ بصفة وكيلاً عن المحكوم عليه الثالث (الطاعن الثاني) في 13 من مارس سنة 2007 وبتاريخي 8، 13 من مارس سنة 2007 قدمت مذكرتين بأسباب الطعن الأولى عن الطاعن الأول وموقعاً عليها من الأستاذ/ ...... المحامي والثانية عن الطاعن الثاني موقعاً عليها من الأستاذ/ ...... المحامي
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

-------------
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بتزوير محررات رسمية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهما بها ولم يورد أدلة ثبوتها في حقهما، ولم تحفل المحكمة بما أبداه الطاعنان من دفاع جوهري من انتفاء أركان تلك الجريمة المسندة إليها ولخلو الأوراق مما يفيد وجود الدليل المادي على ذلك وأطرحته برد قاصر ومعيب ودون أن تجري تحقيقاً في هذا الشأن سيما وأن الطاعن الأول لم يضبط حال إدخاله البيانات المزورة، وشاب الحكم الغموض والإبهام والاضطراب في بيان الأسباب التي بنى عليها إدانة الطاعن الثاني، فلم يبين الأفعال والوقائع التي أتاها على نحو دقيق، وتاريخ كل منها، ولم يستظهر على وجه خاص نية المساهمة في التزوير والأدلة عليها، ولم يورد أوجه دفاعه وموقفه من التهمة، وعول الحكم في إدانته على روايات غير متجانسة لشهود الإثبات لم يقم بترجيح إحداها أو استخلاص نتيجة منها، وقد دفع الطاعن الثاني بشيوع الاتهام وكيديته وتلفيقه وساق شواهد ذلك مما تضمنه تقرير اللجنة ومن أقوال مدير الإصدار من عدم الجزم بشخص مرتكب الواقعة ومن إمكانية إدخال أية بيانات على جهاز الحاسب دون علم صاحبه أو العامل عليه في حالة تركه مفتوحاً فرد الحكم على دفعه هذا بما لا يصلح لطرحه، واستند في إدانته – ضمن ما استند إليه – إلى الدليل المستمد من استجوابه الباطل في محضر الضبط لمواجهة مأمور الضبط القضائي له بإقراري المتهمين الأول والثاني وإسناده إقراراً إلى ذلك الطاعن بصحة ما قرراه، كما أطرح إنكار الطاعن الأول للاتهام المسند إليه دون أن يبين سبب إطراحه له، ولم يبين بالنسبة له عناصر الاشتراك وطريقته أو يورد الأدلة اليقينية عليه، كما استند على التحريات رغم عدم تحديد مصدرها وأنها مجرد ترديد لأقوال محررها، وأطرح برد قاصر وغير سائغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي المؤسس على عدم توافر نية تغيير الحقيقة لديه، هذا إلى أن الحكم رد بما لا يصلح رداً على دفعه ببطلان إقرار المتهمين بمحضر الضبط، فضلاً عن أن الطاعن هذا دفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر الدلائل الكافية على اتهامه ولإجرائهما دون إذن من النيابة العامة ودون قيام حالة من حالات التلبس بالنسبة إليه لعدم مشاهدة الضابط له حال إدخاله البيانات المزورة المار بيانها والتي تم إدخالها قبل واقعة الضبط بعدة أسابيع، فرد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه، وعلاوة على ذلك فإن الطاعن الأول لا يعتبر مرتكباً لجريمة التزوير التي دين بها إذ أن التزوير وقع على البيانات المخزنة إلكترونياً بالحاسب الآلي وهو ليس من المحررات، ويضاف إلى ذلك أن الحكم تساند في قضائه بإدانة الطاعن الأول إلى أقوال شهود مفادها أنهم لم يدركوا الواقعة بإحدى حواسهم، وهي مجرد افتراضات واستنتاجات لا يصح الاستناد إليها في الإدانة لأنها مبنية على الظن والتخمين وخاصة وأن الضابطين ........ و......... شاهدا ذلك الطاعن حال استعلامه عن البيانات التي لم يتضمنها أمر الشغل وهو في واقعة على هذه الصورة لا يشكل بمجرده جريمة تزوير لعدم ثبوت وجود ذلك الأمر بالأوراق، كما أن رغبة الضابطين في إلصاق تلك الجريمة بالطاعن الأول حملتهما على الزعم بإقرار الطاعن هذا لهما بارتكابه الجريمة سيما وأن الشاهدين الثالث والرابع لم يقطعا باقترافه للجريمة وأن أعضاء اللجنة الفنية انتهى رأيهم إلى إمكانية التوصل إلى تغيير البيانات على الحاسب الآلي بأكثر من طريقة دون الجزم بتبادل الطاعن الأول كلمة السر مع المتهم الثاني، كما أن هناك برامج يمكنها تخطي الحماية الفنية في أجهزة الحاسب الآلي عند الطوارئ حسبما قرر أقدم الموظفين. بيد أن الحكم جزم بتبادل كلمة السر بين الطاعن الأول والمتهم الثاني دون أن يبين سنده في ذلك، وأخيراً فإن الحكم رد رداً قاصراً وغير سائغ على دفع الطاعن الثاني ببطلان القبض لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وفي غير الأحوال المقررة قانوناً إذا اعتبر هذا القبض مجرد استدعاء وأن اصطحاب الطاعن الثاني هو والمتهم الثاني مع الطاعن الأول لعرضهم على النيابة داخل في هذا الإطار رغم مخالفة ذلك لما أورده نقلاً عن الضابط من أن ما قام به هو قبض مبرر، وهذا وكان من المتعين – في ضوء تمسك الطاعن الثاني والمتهم الثاني بالتحقيقات ببطلان حجزهما وتقييد حركتهما بغير إذن من السلطة المختصة – أن تستبعد المحكمة كافة الآثار المترتبة على هذا الإجراء الباطل لا سيما شهادة من أجراه، وقد استند الحكم إلى أقوال محرر محضر الضبط وأقوال الطاعنين بالتحقيقات فيما يتعلق بظروف الضبط وملابساته رغم أن مؤدى تلك الأقوال هو انتفاء حالة التلبس بالنسبة إلى الطعن الثاني وعدم توافر الدلائل الكافية على اتهامه إلا من مجرد شهادة سماعية منسوبة إلى المتهمين الأول والثاني بمحضر جميع الاستدلالات عدلاً عنها أمام النيابة العامة – نسباً إلى الطاعن الثاني فيها تقابله مع المتهم السادس، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما لا تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعنان من القصور والغموض والإبهام والاضطراب، ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى في معرض ردها على دفاع الطاعنين بانتفاء أركان الجريمة المسندة إليهما وأحاطت بالاتهام المسند إليهما ودانتهما بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتهما في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ولما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة تحقيق دفاعه بشأن انتفاء أركان الجريمة المسندة إليه، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن أوجه عدم التجانس بين أقوال شهود الإثبات التي عول عليها في إدانته، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً، هذا فضلاً عن أن من المقرر قانوناً أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ما دام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها وكيدتيها لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وذلك فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ، ولما كان لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من عدم جزم أعضاء لجنة الفحص، ومدير مركز إصدار بطاقات الرقم القومي بمصلحة الأحوال المدنية بشخصية مرتكب الواقعة، وذكرهم لعدة احتمالات يمكن من خلالها إدخال البيانات المزورة إلى الحاسب الآلي بالمصلحة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بخصوص بطلان إقراره لمأمور الضبط بالجريمة – لأنه كان وليد استجواب له – فلا يقبل منه طرح هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. أما ما يثيره الطاعن الأول من إطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه فمردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يدن الطاعن الأول بجريمة الاشتراك في التزوير التي دان بها بعض المتهمين الآخرين، بل دانه باعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة، فإن ما يثيره الطاعن هذا في شأن الاشتراك يكون وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة لما ساقته من أدلة أساسية، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن الأول لجريمة التزوير في محررين رسميين مع علمه بتزويرهما التي دين بها، فإن ما يثيره في هذا الصدد ومن أن التحريات مرجعها أقوال محررها يكون محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن نعي الطاعن الأول على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن الأول بانتفاء القصد الجنائي لديه ورد عليه في منطق سائغ بما يفنده. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للرد على دفع الطاعن الأول والمتهمين الثاني والرابع ببطلان إقرارهم للضابط بمحضر الضبط وذلك بقوله: وحيث إنه عن الدفع ببطلان إقرار المتهمين بمحضر الضبط فمردود بأن المحكمة تطمئن لإقرارهم بحسبانه وليد إرادة حرة واعية خلت وقائع الدعوى مما يفيد تأثرها بوعد أو وعيد" وإذا كان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه – القضائي وغير القضائي – بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وكانت المحكمة قد تحققت – للأسباب السائغة التي أوردتها على النحو المتقدم بيانه – من أن إقرار الطاعن الأول وباقي المتهمين للرائد ............. مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع، فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه – بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها – وإن كان الطاعن الأول قد عدل عنه بعد ذلك، أو دفع بعدم صدوره عنه أصلاً، ولما كان من المقرر أن الاعتراض في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمته في الإثبات ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك بعد أن اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكانت المحكمة قد خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإنه لا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع. أما ما يثيره الطاعنان من وقوع القبض عليهما قبل صدور أمر من النيابة العامة وفي غير حالات التلبس فإنه لما كان الثابت مما حصله الحكم أن الرائد .......... الضابط بمصلحة الأحوال المدنية وأثناء تفقده سير العمل بالحاسب الآلي لتلك المصلحة أبصر الطاعن الأول، وهو من مرؤوسيه – يستعلم عن بيان ميلاد المتهم .......... دون مبرر، وإذ سأله عن ذلك لم يبد تعليلاً مقبولاً فكلف أحد الموظفين الفنيين بفحص الأمر وتبين له أن البيان المستعلم عنه أدخل بمعرفة الطاعن هذا دون مسوغ قانوني، وأقر له الأخير بذلك، كما أقر له بإدخاله بيانات أخرى مقابل مبالغ مالية، ومفاد ذلك أن الضابط المذكور كان يباشر عمله الإداري واختصاصه الأصيل بمراقبة أداء مرؤوسيه لأعمالهم ضماناً لحسن سير العمل وانتظامه فانكشفت له الجريمة دون مساس منه بحرمة من حرمات الطاعن الأول أو تفتيش لموضع السر منه، وأضحى أمام جناية متلبس بها فحق له القبض عليه وعلى كل من قامت الدلائل على صلته بارتكابها، ومن ثم فإن القول بانتفاء حالة التلبس أو بالحاجة إلى إذن من النيابة العامة قبل إجراء شيء من ذلك لهو دفاع قانوني ظاهر البطلان، وما كان الحكم بحاجة إلى الرد عليه، ولا جدوى للطاعنين من النعي على موقف الحكم من هذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وكان في اطمئنانها لها ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا المنعى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقدموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغة إليهم أو التي شاهدوها بأنفسهم، كما وأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جميع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الحكم عرض للدفع المبدى من الطاعن الثاني وأطرحه تأسيساً على أن مأمور الضبط القضائي بعد أن علم الجريمة وضبط الطاعن الأول وأسفرت استدلالاته عن أن الطاعن الثاني هو الذي ارتكب الواقعة – قام باستدعائه ومناقشته ومن ثم فاستدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن الثاني بسبب اتهامه لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جميع الاستدلالات والتحفظ عليه منعاً من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة في خلال الميعاد المحدد قانوناً دون أن يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذ لم تكن الجريمة في حالة تلبس، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان القبض بما تنتفي معه قالة الخطأ في تطبيق القانون، ولما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من استدعاء الطاعن الثاني بسبب اتهامه فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن الثاني، ولما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع، ولما كان القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن تعويل الحكم في إدانته على أقوال المتهمين الأول "الطاعن الأول" والثاني في محضر جمع الاستدلالات وعلى أقوال شاهد الإثبات الرائد .......... مع أنها سماعية لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادة 72 من القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية أنه: في تطبيق أحكام هذا القانون وقانون العقوبات تعتبر البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية وملحقاتها بمراكز معلومات الأحوال المدنية ومحطات الإصدار الخاصة بها المستخدمة في إصدار الوثائق وبطاقات تحقيق الشخصية بيانات واردة في محررات رسمية، ولما كان الحد الأدنى لعقوبة السجن المقررة لجريمة تزوير البيانات المسجلة بالحاسبات الآلية الخاصة بمصلحة الأحوال المدنية طبقاً للمادة 72 سالفة الذكر لا يقل عن خمس سنوات وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة المحررات المزورة، وكانت عقوبة السجن المقضي بها تقل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً مما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل إلى تصحيحه ما دام أن النيابة لم تطعن في الحكم حتى لا يضار الطاعن الأول بطعنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق