الصفحات

الخميس، 5 يناير 2017

الطعن 31330 لسنة 83 ق جلسة 5 / 5 / 2015

باسم الشعب 
محكمة النقض 
الدائرة الجنائية 
الثلاثاء (أ(
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ فتحي جوده عبد المقصود "نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد سعيد ومحمد متولي عامر 
أحمد أحمد محمد خليل ورضا سالم بسيوني "نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ تامر عاطف
وأمين السر السيد/ محمد علي محمد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة
في يوم الثلاثاء 16 من رجب سنة 1436 ه الموافق 5 من مايو سنة 2015 م
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 31330 لسنة 83 القضائية.

-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجناية رقم 4431 لسنة 2012 السيدة زينب (المقيدة بالجدول الكلي برقم 1402 لسنة 2012) بأنهم في غضون الفترة من عام 2011 حتى 5 من فبراير سنة 2012 بدائرة قسم السيدة زينب - محافظة القاهرة
أولا: المتهم الأول: أنشأ وتولى قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بأن أنشأ وتولى قيادة جماعة تدعو إلى تكفير مؤسسات الدولة وشرعية الخروج عليها، ومنعها من أداء عملها، واستهداف المنشآت العامة بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها على النحو المبين بالأوراق
ثانيا: المتهمون من الثاني "الطاعن" إلى الخامس: انضموا إلى جماعة أسست على خلاف القانون، بأن انضموا للجماعة المشار إليها بالبند أولا مع علمهم بأغراضها على النحو المبين بالتحقيقات
ثالثا: المتهمان الأول والثالث: أمدا جماعة أسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مالية، بأن أمدا الجماعة المشار إليها بالبند أولا بأموال تمثلت في المبالغ المالية المرسلة إلى المتهم الأول بحوالات بريدية على مكتب بريد السيدة زينب وحصيلة أرباح المتهم الثالث من اتجاره غير المشروع في الأسلحة، وذلك مع علمهما بأهداف الجماعة المشار إليها وما تدعو إليه من أغراض
رابعا: المتهم الثاني
1- أحرز مفرقعات ومواد تعتبر من المفرقعات – قنبلة يدوية مخاليط نارية – قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام على النحو المبين بالتحقيقات
2- أحرز سلاحين ناريين – مسدسين غير مششخنين – بقصد استعمالهما في نشاط يخل بالأمن والنظام العام
3- أحرز ذخائر – عدد اثنين وخمسين طلقة – مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي البيان دون أن يكون مرخصا له بحيازتها أو إحرازها بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام
4- تسلل إلى داخل البلاد وخارجها عبر حدودها الشرقية بطريقة غير مشروعة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات
وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للمتهم الثاني – الطاعن – وغيابيا للباقين في 26 من أغسطس سنة 2013 عملا بالمواد 86, 86 مكررا/1, 2, 3, 86 مكررا (1)/1, 102/أ من قانون العقوبات, والمواد 1/1, 6, 26/1, 5, 6, 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل, والجدول رقم 2 المرفق، والبند 77 من الجدول رقم 1 الملحق، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالسجن المؤبد عما أسند إليه، وبمصادرة المضبوطات
فطعن المحكوم عليه الثاني/ ……….. في هذا الحكم بطريق النقض في 10, 26 من أكتوبر سنة 2013، وأودعت مذكرتين بأسباب الطعن في 23, 26 من الشهر ذاته الأولى موقع عليها من المحامي/ طاهر عطيه أبو النصر، والثانية موقع عليها من المحامي/ ………… 
وبجلسة اليوم سُمِعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة قانونا
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسبابه – أنه إذ دانه بجرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون تستخدم الإرهاب مع علمه بأغراضها، وإحراز مفرقعات ومواد تعتبر كذلك – قنابل يدوية ومخاليط نارية – وسلاحين ناريين – مسدسين غير مششخنين – وذخائر نارية مما تستخدم في السلاحين الناريين المشار إليهما دون ترخيص، وبقصد استخدام ذلك في أنشطة تخل بالأمن والنظام العام، والتسلل إلى خارج البلاد عبر الحدود الشرقية بطرق غير مشروعة، قد شابه القصور في التسبيب، وران عليه الفساد في الاستدلال، وعابه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين أسباب وأدلة الإدانة وماهية الجريمة التي ضبط بشأنها والتي انتفت أركانها، ودفع ببطلان استيقافه واحتجازه دون مبرر، ومن ثم بطلان القبض عليه وتفتيشه لكونه مستمد من إجراء باطل واختلاق الضابط لها، كما دفع ببطلان تفتيش مسكنه لعدم اختصاص الضابط مكانيا وعدم رضائه بذلك التفتيش والذي تم أيضا في غيبته بدلالة ما قرره شهود النفي، هذا فضلا عن إنكاره للاتهام ونفي صلته بالمضبوطات أمام المحكمة التي لم تعن بتحقيق الأمر في هذا الشأن، كما أن الدليل المستمد من اتصاله بآخر ومحادثته إياه ناتج عن إجراء غير مشروع لمخالفة نص المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن الاتصالات ولشواهد أخرى عددها، وجاءت تحقيقات النيابة العامة باطلة لعدم حضور محام بها وبرر الحكم ذلك بما لا يسوغ، كما جاء اعترافه أمام النيابة العامة باطلا لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي، ولم يعن الحكم ببحث ذلك رغم أنه عدل عن ذلك الاعتراف أثناء التحقيقات، واطرح الحكم بما لا يصلح على دفعه بعدم جدية تحريات الأمن الوطني وبطلانها، وركن في الإدانة على تحريات الشرطة رغم عدم كفايتها، وعلى محادثته لآخر معتبرا إياها جناية رغم أن ذلك غير مجرم، وخلو قرار الإحالة من تلك الجريمة غافلا عن أن تلك المحادثة لا تعدو أن تكون عملا تحضيريا لم يدخل حيز التنفيذ ولا تعد جريمة، فضلا عن عدول الطاعن عنها، هذا إلى أنه دفع باختلاف الرقم المدون على حرز الحاسب الآلي عن ذلك المرسل إلى النيابة العامة، فضلا عن انتفاء صلته وتلفيق الاتهام بموجبه، إذ تم تبديل برامجه والقرص الصلب المرفق به، وعدم معقولية الواقعة، كما أن المأمورية الخاصة بالضبط لم يتم إثباتها بدفتر أحوال القسم المختص، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى فيما مفاده أن المتهم الأول أنشأ جماعة وأسسها على خلاف أحكام القانون، وتولى قيادتها بغرض تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على حرية المواطنين الشخصية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وذلك بالدعوى إلى تكفير تلك المؤسسات وإباحة الخروج عليها ومنعها من أداء عملها، واستهداف المنشآت العامة للإخلال بالنظام العام وتعريض المجتمع للخطر، وأن الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها، وأن المتهم الطاعن وباقي المتهمين قد انضموا إلى هذه الجماعة مع علمهم بأغراضها، وأن المتهمين الأول والثالث أمدا تلك الجماعة بالأموال عالمين بأهدافها وأغراضها، وقد أحرز المتهم الثاني "الطاعن" مفرقعات – قنابل ومخاليط نارية – وأسلحة نارية – مسدسين غير مششخنين – واثنتان وخمسون "طلقة" نارية مما يستعمل في السلاحين الناريين المشار إليهما دون ترخيص، وبقصد استعمال ذلك فيما يخل بالأمن والنظام العام، كما أن المتهم تسلل بطريقة غير مشروعة إلى داخل وخارج البلاد عبر الحدود الشرقية، وقد أقام الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن وصحة نسبتها إليه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات، وإقراره، وتقرير إدارة مكافحة جرائم الحاسب الآلي، وتقرير المعمل الجنائي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها – حسبما استخلصتها المحكمة – كان ذلك محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن ما أورده الحكم في تحصيله للواقعة وأقوال الشهود، وإقرار الطاعن، وتقريري إدارة مكافحة جرائم الحاسب الآلي والمعمل الجنائي يكفي بيانا لأركان ما نسب إلى الطاعن من جرائم وتتكامل به عناصرها القانونية كافة، وينفي عن الحكم قالة القصور، هذا فضلا عن أنه لا جدوى من النعي بقصور ينعت به الحكم في تدليله على جريمة الانتساب لجماعة تأسست على خلاف القانون من وسائل الإرهاب مع علمه بأغراضها، ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إحراز مفرقعات دون ترخيص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الاستيقاف ومن ثم الاحتجاز واطرحه فيما مفاده أن المقرر بنص المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لكل من شاهد جانيا متلبسا بجناية أو جنحة يجوز فيها حبسه احتياطيا أن يسلمه لأقرب رجال السلطة العامة دون حاجة إلى أمر بضبطه، وتلك مكنة مخولة لآحاد الناس دون اشتراط ثمة صفة أو وظيفة معينة، وهي مكنة تنتهي بتسليم الجاني إلى أقرب رجل شرطة، فقط يلزم أن يشاهد الجاني في حالة تلبس، فضلا عن مشاهدة الجريمة ذاتها في حالة تلبس، وإذ ثبت بالأوراق ومما قرره شاهدي الواقعة الأول والثاني أن الأول منهما حال تواجده في محله العام شاهد المتهم الثاني "الطاعن" وسمع حواره مع آخر في أمر يشكل جناية مؤثمة قانونا قام بإبلاغ الشاهد الثاني بوصف الأخير من مأموري الضبط القضائي، فحضر وقام بضبط الطاعن بعد أن تأكد من توافر أركان الجريمة في حقه، ومن ثم يكون ما قام به شاهد الإثبات الأول – المبلغ – قد وافق صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم ورد به على الدفع يوافق صحيح القانون، إذ أن المادتين 37, 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة إحضار المتهم وتسليمه إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات والجنح التي يجوز فيها الحبس احتياطيا، أو الحبس بحسب الأحوال متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس، وتقتضي هذه السلطة أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة أو ما يحويه بحسبان ذلك الإجراء ضروريا ولازما للقيام بالإجراء الذي سنه القانون، وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي، ومن ثم لا يكون ما أثير في هذا الشأن مقبولا. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس واطرحه فيما مفاده أن ما قام به ضابط الواقعة – شاهد الإثبات الثاني – من إجراء القبض على المتهم وتفتيشه تم صحيحا وفقا لأحكام القانون، إذ أن المبلغ شاهد المتهم في حالة تلبس بجناية، فأبلغ مأمور الضبط القضائي الذي انتقل إلى مكان الواقعة وشاهد الواقعة متلبس بها والمتهم في حالة تلبس وفق مضمون المحادثة بينه وشخص آخر ثابتة بجهاز الحاسب الآلي الذي جرت به وما قدمه المبلغ من "اسطوانة" تحمل تلك المحادثة، فقام بضبطه وتفتيشه. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم في بيانه للواقعة ومضمون ما شهد به ضابطها من أنه إذ سمع مضمون نسخة المحادثة التي أجراها المتهم الطاعن على شبكة المعلومات الدولية وتبينه ما احتوت عليه من عبارات تثبت حيازته لمواد مفرقعة وقنابل وأسلحة نارية وذخائر دون ترخيص، وإقراره له باعتناقه لأفكار "جهادية" متطرفة بتكفير مؤسسات الدولة وبحيازة المضبوطات التي أشار إليها الحكم، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم تدليلا على قيام حالة التلبس وردا على دفع الطاعن كافيا وسائغا ويتفق وصحيح القانون، فإن ما أثاره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان تفتيش مسكنه لعدم اختصاص الضابط مجريه مكانيا بإجرائه واطرحه فيما حاصله أن الثابت من الأوراق وما قرره مأمور الضبط القضائي وهو أيضا شاهد الإثبات الثاني الذي اطمأنت إليه محكمة الموضوع أنه إذ أُبْلِغَ بالواقعة من شاهد الإثبات الأول وانتقاله إلى حيث ضبط المتهم الطاعن والجريمة متلبسا بها، وإذ ناقشه أقر له بأنه يحتفظ في مسكنه بدائرة قسم المطرية بالمضبوطات التي أشار إليها الحكم وأبدى رغبته في تسليمها له وذلك قبل أن يدخل الضابط إلى مسكنه في الوقت الذي كان يعلم أن ذلك الضابط لا يملك دخول مسكنه قانونا، وإنما بموجب رضاه بالتفتيش بكامل إرادته دون إكراه، ومن ثم فقد انتقل الضابط إلى حيث مسكن المتهم وبإرشاده، ولدى وصولهم أحضر له المضبوطات التي أشار إليها الحكم وسلمها له ومعها "كيسة كمبيوتر" كان يحتفظ بها في غرفته وقرر له أنه سبق له استخدامها في محادثات مع آخرين يشاركونه الجريمة، ومن ثم فإن القبض على المتهم وتفتيش مسكنه يكونان قد تما وفق أحكام القانون. لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم سائغا وصحيحا في القانون، ذلك أن الرضاء بالتفتيش يكفي أن تتبينه المحكمة من وقائع الدعوى وظروفها وتستنتجه من دلائل مؤدية إليه، كما أنه من المقرر أنه متى استوجبت ظروف التفتيش ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج دائرة الاختصاص المكاني أو كانت هناك ظروف اضطرارية مفاجئة أو حالة ضرورة دعت مأمور الضبط إلى مجاوزة حدود اختصاصه المكاني للقيام بواجبه المكلف به، فإن هذه الإجراءات تكون صحيحة، ومن ثم يكون التفتيش – في صورة هذه الدعوى – وفقا لما انتهت إليه محكمة الموضوع صحيحا ومشروعا، وإذ اعتبرته المحكمة كذلك وأخذت به دليلا في الإدانة، فإنها لا تكون قد خالفت القانون. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم – خلافا لزعم الطاعن – أنه ثبت تواجده مع الضابط أثناء تفتيش مسكنه وقام بإحضار المضبوطات وسلمها له، هذا فضلا عن أنه من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم لا يترتب عليه بطلانه قانونا؛ لأنه ليس شرطا جوهريا لصحته. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي، ما دامت لم تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها ردا صريحا، فقضاؤها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فاطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، كما أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثار من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها أو اختلاق حالة التلبس ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، هذا فضلا عن أن الطاعن لم يطلب إلى محكمة الموضوع إجراء ثمة تحقيق، وليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الدليل المستمد من المحادثة بين الطاعن وآخرين واطرحه فيما مفاده أن الدليل يوحي بعدم المشروعية إذا تم الحصول عليه بإهدار كرامة الإنسان وحقه في الدفاع، إذ يلزم أن يتم الحصول عليه بطريقة مشروعة، وأن الثابت أن المتهم ضبط حال تواجده في محل شاهد الإثبات الأول وهو محل عام يتم ارتياده بشكل عام، ومن ثم فإن مشاهدته وسماع حديثه وآخر تم لكل رواد ذلك المحل العام ومنهم صاحب المحل الذي علم بأن المحادثة تشكل جريمة مما دعاه للإبلاغ عنها، فإن ذلك لا ينال من كرامة الطاعن أو حقه في الدفاع، ومن ثم يكون الدليل المستمد من تلك الشهادة قد تم الحصول عليه بطريقة مشروعة، وإذ انتهى الحكم إلى ذلك سائغا ويوافق صحيح القانون، فإن ما أثير في هذا لا يكون مقبولا، هذا فضلا عن أنه من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها، وإذ كانت الأدلة التي ساقها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم المسندة إليه، فإن ما يثار بشأن الدليل المستمد من المحادثة المشار إليها ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان التحقيقات لعدم حضور محام في التحقيقات معه واطرحه فيما مفاده أن رئيسا بالنيابة العامة قام باستجوابه بتاريخ 6 فبراير سنة 2012 في الثانية مساء بسراي النيابة، وأن الغاية من حضور محام بالتحقيقات هي تمكين المتهم من الاعتراض على ما يخالف القانون من الإجراءات وتقديم الطلبات والدفوع وحمايته من الإكراه المادي والمعنوي أو التغرير به للحصول على ثمة اعتراف منه، وأن الثابت أن المحقق قد سأل المتهم في بداية التحقيق فبادر الأخير إلى الاعتراف بارتكاب الجريمة وأنه ليس معه محاميا أو مدافع عنه وأنه لا يرغب في تأجيل التحقيق ليحضر معه محاميا به، وأثبت المحقق أنه إذ أرسل إلى نقابة المحامين لإحضار محام ليحضر مع المتهم وجدها مغلقة ولم يجد محاميا لندبه، ومن ثم قام بإجراء التحقيق محافظة على الأدلة، وخلص الحكم من ذلك إلى أن الإجراءات جميعا تمت وفق صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم ردا على الدفع سائغ، إذ أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية قد استثنت من وجوب حضور محام بالتحقيقات في اتهام أي متهم بجناية حالتي التلبس والسرعة خشية ضياع الأدلة، وأن تقدير الأمر متروك للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع، وإذ أقرت محكمة الموضوع الإجراءات التي قام بها المحقق بأسباب سائغة أوردتها، فلا يجوز مجادلتها في ذلك أو مصادرة عقيدتها فيما انتهت إليه، هذا أن الطاعن لم يزعم أنه أعلن اسم محام عنه بالطريق المرسوم في المادة 124 سالفة البيان بتقرير في قلم الكتاب أو إلى مأمور السجن، وهو مناط الحماية التي تشير إليها المادة المذكورة، ومن ثم لا يكون ما يثار في هذا الشأن مقبولا. لما كان ذلك، وكان لا تناقض في رد الحكم على الدفع ببطلان التحقيقات بدعوى عدم حضور محام مع الطاعن بها في خصوص ما إذا كان المتهم يرغب في تأجيل تلك التحقيقات وإجابته عن ذلك نفيا، في حين وجود خشية من ضياع الدليل المستمد من اعترافه إذ تأجلت التحقيقات، إذ أنه من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما لم يتردى فيه الحكم فيه، هذا فضلا عن أنه لا أثر لتزيد الحكم في رده من أن المحقق قد سأل الطاعن عما إذ كان يرغب في تأجيل التحقيقات حتى يندب محام له، فلم يكن بحاجة إلى ما استطرد إليه ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطرح دفع الطاعن ببطلان اعترافه فيما مفاده أن الاعتراف كدليل من طرق الاستدلال هو عنصر تملك المحكمة تقدير حجيته وقيمته في الإثبات شأن سائر الأدلة، وأنه إذا كان المتهم قد بادر بالاعتراف بجريمته فإن المحكمة ترى ذلك الاعتراف سليما ومطابقا للواقع والحقيقة، ولم يثبت بأي دليل أو قرينة أن إكراها من أي نوع قد وقع على المتهم حال استجوابه والذي لم تر فيه النيابة عند مناظرته ثمة إصابات، كما أنه أصر على بدء الاستجواب وأقر بالواقعة تفصيلا رافضا تأجيل التحقيقات حتى يندب له محام، كما لم يقدم دفاع الطاعن ثمة دليل يؤيد صدق ما ادعاه ، فضلا عن أن المتهم كان بحالة بدنية وذهنية جيدة وأصر على اعترافه تفصيلا، ومن ثم خلصت المحكمة إلى أن ذلك الاعتراف – رغم عدول المتهم عنه لدى تجديد حبسه – كان وليد إرادة حرة لا إكراه فيه، ومن ثم أخذت به وعولت عليه كدليل لإدانة المتهم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع المذكور، وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب عليها، ما دامت تقيمه على أسباب سائغة – كحال الحكم المطعون فيه – ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من ذلك الاعتراف، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنعى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات فيما مفاده أن شاهد الإثبات الثالث أجرى تحرياته بنفسه وبمصادره السرية وتوصل إلى أن المتهم الطاعن انضم إلى جماعة تأسست على خلاف القانون يقودها المتهم الأول الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها من ممارسة عملها، والاعتداء على حرية الأشخاص والإضرار بالسلام الاجتماعي، وتكفير مؤسسات الدولة وإباحة الخروج عليها، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وأنه كان يعلم بأغراض تلك الجماعة، وأحرز ما تم ضبطه من أسلحة ومفرقعات بقصد استعمالها في أغراض تلك الجماعة، وأنه تسلل إلى داخل وخارج البلاد عبر الحدود الشرقية بطريقة غير شرعية، وقد اتفقت تلك التحريات مع باقي أدلة الدعوى، ومن ثم اطمأنت محكمة الموضوع إلى جدية تلك التحريات وصدقها ومن ثم خلصت إلى رفض الدفع بعدم جديتها أو بطلانها، وذلك منها رد كاف وسائغ، هذا فضلا عن أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال الشرطة ضمن ما استندت إليه من أدلة، فللمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة – كحال الحكم المطعون فيه – وليس من اللازم أن يفصح الضابط عن مصدر تحرياته ولا يعدو ما يثار في هذا الشأن أن يكون جدلا في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع
لما كان ذلك، وكان الحكم لم يبين بصفة أصلية على دليل مستمد من محادثة الطاعن لآخرين من خلال شبكة المعلومات الدولية، لكنه استند إليها كقرينة معززة لأدلة الثبوت، ولا جناح على الحكم في ذلك ما دام لم يتخذ من ذلك دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام قبل المتهم، ومن ثم لا يكون ما أثاره الطاعن بكونها مجرد أعمال تحضيرية مقبولا، ولا يعدو ما يثار بأن أمر الإحالة لم يشتمل على تلك المحادثة أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر شيئا بشأن اختلاف الرقم المثبت على جهاز الحاسب الآلي عن الرقم المرسل إلى النيابة العامة وهو دفاع موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان إنكار الاتهام، وانتفاء الصلة بالمضبوطات، وتلفيق الاتهام، وعدم معقولية الواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها، وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على سلامة ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، لا يعدو ما يثار في هذا أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال، فإن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة، بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق