الصفحات

الاثنين، 9 يناير 2017

الطعن 18711 لسنة 77 ق جلسة 22 / 3 / 2009 مكتب فني 60 ق 23 ص 176

جلسة 22 من مارس سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد عبد الباري سليمان، مدحت بسيوني نائبي رئيس المحكمة، وتوفيق سليم، وإبراهيم عبد الله.
----------
(23)
الطعن 18711 لسنة 77 ق
(1) إتلاف. استدلالات. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". قصد جنائي. سرقة. شروع .
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات. 
جريمة الإتلاف العمد لكابلات كهربائية مستعملة في قطارات السكك الحديدية في سرقة الكابلات الكهربائية. جريمتين عمديتين. القصد الجنائي فيهما. مناط تحققه؟ 
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
عدم استظهار الحكم لتوافر القصد الجنائي في جريمتي الإتلاف والشروع في السرقة التي دان الطاعن بهما. قصور. 
مثال.
- 2  إتلاف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قانون "تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قضاء الحكم بإلزام الطاعن بأداء مبلغ يزيد عن قيمة ما أتلفه من كابلات كهربائية خلافاً لما ورد بنص المادة 162 مكرراً فقرة أولى وثالثاً عقوبات. خطأ في تطبيق القانون. لمحكمة النقض تصحيحه من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟ 
القصور في التسبيب. له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون. 
تعرض محكمة النقض للعقوبة التكميلية لجريمة الإتلاف العمد. غير جائز. علة ذلك: ليس لمحكمة النقض تصحيح منطوق حكم قضت بنقضه.
------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، والمقصود من عبارة بيان الواقعة أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى ومؤدى أقوال شاهدي الإثبات في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر العناصر المطروحة أمامها مما جرت به في التحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما قرره الرقيب ... من أنه حال مروره بورشة ... لتفقد حالة الأمن أبصر المتهم ... يقوم بتقطيع كابلات توليد الكهرباء داخل عربة القطار رقم ... مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض وقد أقر له المتهم بالجريمة وتمكن من ضبطه، كما شهد الضابط ... أن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار." وهذا الذي أورده الحكم لا يتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما كما هما معرفين به في القانون ذلك أن جريمة الإتلاف العمد لكابلات كهربائية مستعملة في قطارات السكك الحديدية التي تنشئها الحكومة المؤثمة بنص المادة 162 مكرراً من قانون العقوبات، إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف أو التخريب وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. كما أن جريمة الشروع في سرقة الكابلات الكهربائية المشار إليها والمؤثمة بالمواد 45، 46، 316، 316 مكرراً/ ثانياً من قانون العقوبات من الجرائم العمدية أيضاً التي يقتضي القصد الجنائي فيها قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، كما أنه وإن كان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف، وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن قد تعمد إتلاف الكابلات الكهربائية محل الاتهام واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، كما لم يستظهر الحكم ركن القصد الجنائي أيضاً في جريمة الشروع في السرقة وكان لا يكفي في استظهاره ما جاء بالحكم في صدد تحصيله لواقعة الدعوى - من أن الضابط ... شهد بأن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه، وإنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة، ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن شرع في سرقة الكابلات الكهربائية محل الاتهام، فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من قيام الدليل على توافر ركن القصد الجنائي لجريمة الشروع في السرقة أيضاً لدى الطاعن، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه.
2 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في بيانه لتقرير المعاينة التي عول عليها في الإدانة أن الكابلات الثمانية المضبوطة مع المتهم سليمة ومما تستعمل في توليد التيار الكهربائي لمحركات القطار الخاصة بالإنارة والتكييف وأنها غير متداولة بالأسواق وتقدر قيمتها بحوالي ... جنيه. لما كانت المادة 162 مكرراً فقرة أولى وثالثاً من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب بالسجن كل من تسبب عمداً في إتلاف خط من خطوط الكهرباء التي تملكها الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها، أو ترخص في إنشائها لمنفعة عامة وذلك بقطع الأسلاك الموصلة للتيار الكهربائي أو الكابلات أو كسر شيء من العدد أو الآلات أو عازلات الأسلاك أو إتلاف الأبراج أو المحطات أو الشبكات المتصلة بالخطوط الكهربائية المذكورة أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأي كيفية كانت، بحيث ترتب على ذلك انقطاع التيار الكهربائي ولو مؤقتاً. وفي جميع الأحوال يجب الحكم بدفع قيمة الأشياء التي أتلفها المحكوم عليه أو قطعها أو كسرها". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للجهة المجني عليها مبلغاً وقدره ... جنيه باعتبار أنه يمثل قيمة التلفيات موضوع الدعوى، رغم أن الثابت من تقرير المعاينة التي عول عليها الحكم في الإدانة أن قيمة الكابلات الكهربائية التي أتلفها الطاعن تقدر بمبلغ ... جنيه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين الحكم بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها. لما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون مما كان يتعين معه لذلك نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها، إلا أنه نظراً لما شاب الحكم من قصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أنزله من عقوبة تكميلية عن جريمة الإتلاف العمد المشار إليها إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: شرع وآخر مجهول في سرقة كابلات توليد التيار الكهربائي من قطارات السكك الحديدية بأن قام بقطعها من مكان استخدامها إلا أن أثر الجريمة أوقف بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. ثانياً: أتلف عمداً كوابل خطوط التيار الكهربائي والمملوكة لهيئة السكك الحديدية بأن قام بقطعها وجعلها غير صالحة للاستخدام على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: أحرز بدون مسوغ حرفي أو شخصي سلاحاً أبيض "قطر". وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 45، 46، 162 مكرراً/1، 3، 316، 316 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 25 مكرراً/ أ/ أولاً، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، والبند رقم 11 من الجدول رقم "1" الملحق. بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدي للجهة المجني عليها مبلغاً وقدره ... جنيه قيمة التلفيات موضوع الدعوى
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
---------------
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الإتلاف العمدي للكابلات الكهربائية المملوكة للهيئة العامة للسكك الحديدية والمستعملة في القطارات المملوكة لها وهي إحدى الهيئات العامة المملوكة للدولة والشروع في سرقتها قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً يتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ولم يستظهر القصد الجنائي في حق الطاعن، مما يعيبه بما يستوجب نقضه
ومن حيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً، والمقصود من عبارة بيان الواقعة أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى ومؤدى أقوال شاهدي الإثبات في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من سائر العناصر المطروحة أمامها مما جرت به في التحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما قرره الرقيب ... من أنه حال مروره بورشة ... لتفقد حالة الأمن أبصر المتهم ... يقوم بتقطيع كابلات توليد الكهرباء داخل عربة القطار رقم ... مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض وقد أقر له المتهم بالجريمة وتمكن من ضبطه، كما شهد الضابط ... أن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار." وهذا الذي أورده الحكم لا يتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانه بهما كما هما معرفين به في القانون ذلك أن جريمة الإتلاف العمد لكابلات كهربائية مستعملة في قطارات السكك الحديدية التي تنشئها الحكومة المؤثمة بنص المادة 162 مكرراً من قانون العقوبات، إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف أو التخريب وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. كما أن جريمة الشروع في سرقة الكابلات الكهربائية المشار إليها والمؤثمة بالمواد 45، 46، 316، 316 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات من الجرائم العمدية أيضاً التي يقتضي القصد الجنائي فيها قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، كما أنه وإن كان تحدث الحكم استقلالاً عن نية السرقة ليس شرطاً لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة إلا أنه إذا كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، فإنه يتعين على المحكمة أن تبين هذه النية صراحة في حكمها وأن تورد الدليل على توافرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف، وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن قد تعهد إتلاف الكابلات الكهربائية محل الاتهام واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، كما لم يستظهر الحكم ركن القصد الجنائي أيضاً في جريمة الشروع في السرقة وكان لا يكفي في استظهاره ما جاء بالحكم في صدد تحصيله لواقعة الدعوى - من أن الضابط ... شهد بأن تحرياته السرية أكدت قيام المتهم بالشروع في سرقة كابلات النحاس الخاصة بهيئة السكك الحديدية إلا أنه تم ضبطه بمعرفة الشاهد الأول وكان برفقته شخص مجهول تمكن من الفرار - ذلك أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه، وإنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة، ولما كان الثابت أن محرر المحضر لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن شرع في سرقة الكابلات الكهربائية محل الاتهام، فإن التحريات بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأي محرر المحضر، فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه خلا من قيام الدليل على توافر ركن القصد الجنائي لجريمة الشروع في السرقة أيضاً لدى الطاعن، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في بيانه لتقرير المعاينة التي عول عليها في الإدانة أن الكابلات ... المضبوطة مع المتهم سليمة ومما تستعمل في توليد التيار الكهربائي لمحركات القطار الخاصة بالإنارة والتكييف وأنها غير متداولة بالأسواق وتقدر قيمتها بحوالي ... جنيه
لما كان ذلك، وكانت المادة 162 مكرراً فقرة أولى وثالثاً من قانون العقوبات تنص على أن "يعاقب بالسجن كل من تسبب عمداً في إتلاف خط من خطوط الكهرباء التي تملكها الحكومة أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها، أو ترخص في إنشائها لمنفعة عامة وذلك بقطع الأسلاك الموصلة للتيار الكهربائي أو الكابلات أو كسر شيء من العدد أو الآلات أو عازلات الأسلاك أو إتلاف الأبراج أو المحطات أو الشبكات المتصلة بالخطوط الكهربائية المذكورة أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأي كيفية كانت، بحيث ترتب على ذلك انقطاع التيار الكهربائي ولو مؤقتاً، وفي جميع الأحوال يجب الحكم بدفع قيمة الأشياء التي أتلفها المحكوم عليه أو قطعها أو كسرها". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للجهة المجني عليها مبلغاً وقدره ... جنيه باعتبار أنه يمثل قيمة التلفيات موضوع الدعوى، رغم أن الثابت من تقرير المعاينة التي عول عليها الحكم في الإدانة أن قيمة الكابلات الكهربائية التي أتلفها الطاعن تقدر بمبلغ ... جنيه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين الحكم بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها. ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون مما كان يتعين معه لذلك نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلزام الطاعن بدفع مبلغ وقدره ... جنيه فقط قيمة الأموال التي أتلفها إلا أنه نظراً لما شاب الحكم من قصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أنزله من عقوبة تكميلية عن جريمة الإتلاف العمد المشار إليها إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق