الصفحات

الأحد، 18 ديسمبر 2016

الطعن 18765 لسنة 71 ق جلسة 26 / 1 / 2009 مكتب فني 60 ق 12 ص 96

جلسة 26 من يناير سنة 2009
برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى كامل، هاني حنا، علي حسن ومحمد هلالي نواب رئيس المحكمة.
----------
(12)
الطعن 18765 لسنة 71 ق
(1) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". سرقة. إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً. 
تجزئة الدليل. من إطلاقات محكمة الموضوع. إغفال إيراد بعض تفصيلاته. مفاده: اطراحها. 
الاختلاف بين أقوال الشهود وتقرير الطب الشرعي في تقدير مسافة إطلاق النار. ليست من وجوه الدفاع الجوهرية. لا تقتضي رداً خاصاً. أساس وعلة ذلك؟ 
النعي بتناقض أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي بشأن مسافة إطلاق الأعيرة النارية. لا محل له. ما دام الحكم أدان الطاعنين بجريمة السرقة مع التعدد بالطريق العام وحمل السلاح وليس السرقة بالإكراه. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(2) طرق عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سرقة. ظروف مشددة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطريق العام. ماهيته؟ 
الحكمة من تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطريق العام؟ 
المكان المسور. ماهيته: هو كل مكان محاط بسياج يضع به الحائز عقبة حقيقية تعترض كل داخل إليه. إحاطة المكان بسياج من ثلاث جهات فقط أو جميع الجهات مع ترك فتحة كبيرة يمكن الدخول منها أو كان السياج منخفضاً. أثره: عدم اعتباره مكاناً مسوراً. علة ذلك؟ 
اعتبار الحكم مكان الواقعة طريق عام. صحيح. علة ذلك؟
(3) استدلالات. إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. 
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية.
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(4) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
الطلب المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته. 
قرار المحكمة الذي يصدر في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. لا تتولد عنه أية حقوق للخصوم. 
مثال.
(5) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. لا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم. متى كانت مطروحة على بساط البحث. أساس ذلك. 
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
(6) عقوبة "تطبيقها". مصادرة. سلاح. ذخائر. محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
 إغفال الحكم القضاء بمصادرة الأسلحة والذخائر. خطأ. لا يجوز لمحكمة النقض تصحيحه من تلقاء نفسها إلا أن يكون لمصلحة المتهم. وجوب القضاء بالمصادرة في هذه الحالة إدارياً كتدبير وقائي. علة ذلك؟
----------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن تجزئة الدليل من إطلاقات محكمة الموضوع وفي إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة للدليل ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها، وما دامت قد أوردت عناصر قضائها وخلصت منها بما لا تناقض فيه، وكان مجرد الاختلاف في تقدير مسافة إطلاق النار بين أقوال الشهود في التحقيق وبين ما قال به التقرير الطبي الشرعي ليس من شأنه أن يهدر شهادة هؤلاء الشهود، وإنما الأمر في ذلك كله مرجعه لتقدير المحكمة، وليس هو من وجوه الدفاع الجوهرية التي تقتضي رداً خاصاً ما دام حكمها مبنياً على أصل ثابت في الدعوى، وما دام لها أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطمئن إليه وتطرح منها ما لا ترتاح إليه، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها إلى صحة الدليل الذي تبني عليه عقيدتها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها شهود الإثبات والتي تأيدت بباقي الأدلة التي أوردتها، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عٍقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة السرقة مع التعدد بالطريق العام مع حمل سلاح المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 315 من قانون العقوبات، وليس بجريمة السرقة بإكراه فإن النعي بخصوص تناقض أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي بشأن مسافة إطلاق الأعيرة النارية وعدد الطلقات لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن الطريق العام هو كل طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت وبغير قيد سواء كانت الأرض مملوكة للحكومة أم للأفراد، وأن مفهوم الطريق العام يسري على ما في داخل المدن أو القرى أو خارجها سواء بسواء، وأن الحكمة في تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية هي تأمين المواصلات، وكان من المقرر أيضاً أن المكان المسور هو كل مكان محاط بسياج يضع به الحائز عقبة حقيقة تعترض كل داخل إليه عن غير طرق بابه المعد لذلك، وعليه فإن العنصر الأساسي في فكرة التسور هو العقبة التي تعترض الداخل إليه من غير بابه، بحيث يتعين عليه أن يبذل مجهوداً غير عادياً للدخول إليه، فإذا كان المكان محاط بسياج ولكن من ثلاث جهات فقط أو أحاط به من جميع الجهات ولكن تركت فيه فتحة كبيرة يستطيع أي شخص أن يدخل بدون صعوبة أو كان السياج منخفضاً وكان القصد منه أن يكون بمثابة حدود ترسم به أبعاد المكان، فإن المكان لا يعتبر مسوراً، ذلك أن المشرع لم يعرف المكان المسور ولكن اقتصر في المادة 317 من قانون العقوبات على بيان أماكن مسورة صنعت بمواد أوردها على سبيل المثال وعليه فقد تكون مادة التسور حديداً أو أسلاكاً أو زجاجاً أو غيرها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مكان وقوع الجريمة طريقاً عاماً لما أورده من مؤدي معاينة النيابة العامة أن الطريق يصلح لمرور المركبات والدواب والمارة، وهو ما لا يتناقض مع ما أشار إليه الطاعنين بأسباب الطعن - على فرض صحته - من أن المعاينة محاطة بالبراميل، إذ أن رسم السياج على هذا النحو لا يشكل عقبة حقيقية تعترض كل داخل إليه، ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي في هذا المقام تأويلاً غير صحيح في القانون.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها اطمأنت إلى جديتها، وأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعنين للجريمة المسندة إليهم استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وأطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منهم، ومن ثم يكون النعي على الحكم بخصوص ما تقدم حرياً بالاطراح.
4 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب ندب مهندس فني لبيان مدى إمكانية تحميل المهمات على السيارتين محل الضبط، إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة، ومن ثم فإن كلا الطلبين لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنهما والتفتت عن إجابتهما، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله.
5 - من المقرر أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة ...... أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعنين في أسباب الطعن - قد استغنى صراحة عن سماع شاهد الإثبات ... واختتم المدافع عنهم مرافعته بطلب البراءة فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هذا الشاهد أو ترد على طلب سماعه، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً.
6 - من المقرر أنه وإن أخطأ الحكم المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة السلاحين المضبوطين وذخائرها، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم، الأمر المنتفي في هذه الدعوى، إلا أنه لما كانت مصادرة السلاحين المضبوطين وذخائرهما يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروع حيازته، فإنه من المتعين أن تصادر إدارياً كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة دفعاً للضرر ودفعاً للخطر.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كل من 1- ... 2- ... "طاعن" 3- ... "طاعن" 4- ... "طاعن" 5- ... "طاعن" 6- ... "طاعن" 7- ... "طاعن" بأنهم: سرقوا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة لشركة ...... للبترول حال كونهم أكثر من شخصين وحال كون المتهمين الثاني والسابع يحملان أسلحة نارية ظاهرة "بندقية خرطوش غير مششخنة" سلاح ناري يدوي غير مششخن وطلقات نارية مما تستعمل على تلك الأسلحة وكان ذلك في إحدى الطريق العامة
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للباقين وعملاً بالمادة 315/ أولاً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 30 من ذات القانون بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات ومصادرة السيارتين رقمي ...... 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة السرقة بالطريق العام مع التعدد وحمل سلاح قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه عول على أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي رغم ما بينها من تناقض بخصوص مسافة إطلاق الأعيرة النارية وعدد الطلقات، واتخذ من معاينة النيابة العامة سنداً لرفض دفاعهم بأن مكان الواقعة مسور بسياج ولا ينطبق عليه ظرف وقوع السرقة في طريق عام، بالرغم من اختلاف مقدمة تلك المعاينة مع نتيجتها فيما أوردته من أن مكان الواقعة أرض فضاء محاطة بالبراميل، وضرب مفصحاً عن المستندات المقدمة في الدعوى والتي تقطع بعدم جدية التحريات لكون السيارة المتحرى عنها كانت محجوزة بقسم شرطة ... قبل يوم 2000/4/29 وأخيراً فإن المدافع عن الطاعنين التمس من المحكمة طلباً احتياطياً هو ندب مهندس فني لبيان مدى إمكانية تحميل المهمات على السيارتين محل الضبط، وضم دفتر أحوال القسم عن يومي 29، 2000/4/30 وسماع شاهد الإثبات ...، بيد أن المحكمة لم تجبه لطلبه الأول وردت عليه رداً قاصراً، والتفتت عن طلبه الثاني رغم جوهريته لتعلقه بمشروعية الضبط، كما أغفلت طلبه الأخير، كل هذا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال الرائد ... والعقيد ... والمقدم ... والرائد ... و... و... و... وما ثبت من تقرير الأدلة الجنائية ومن تقرير الطب الشرعي ومن معاينة النيابة العامة لمسرح الجريمة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن تجزئة الدليل من إطلاقات محكمة الموضوع وفي إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة للدليل ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها، وما دامت قد أوردت عناصر قضائها وخلصت منها بما لا تناقض فيه، وكان مجرد الاختلاف في تقدير مسافة إطلاق النار بين أقوال الشهود في التحقيق وبين ما قال به التقرير الطبي الشرعي ليس من شأنه أن يهدر شهادة هؤلاء الشهود، وإنما الأمر في ذلك كله مرجعه لتقدير المحكمة، وليس هو من وجوه الدفاع الجوهرية التي تقتضي رداً خاصاً ما دام حكمها مبنياً على أصل ثابت في الدعوى، وما دام لها أن تأخذ من شهادة الشاهد ما تطمئن إليه وتطرح منها ما لا ترتاح إليه، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها إلى صحة الدليل الذي تبني عليه عقيدتها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها شهود الإثبات والتي تأيدت بباقي الأدلة التي أوردتها، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عٍقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، فضلاً عن أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة السرقة مع التعدد بالطريق العام مع حمل سلاح المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 315 من قانون العقوبات، وليس بجريمة السرقة بإكراه فإن النعي بخصوص تناقض أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي بشأن مسافة إطلاق الأعيرة النارية وعدد الطلقات لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطريق العام هو كل طريق يباح للجمهور المرور فيه في كل وقت وبغير قيد سواء كانت الأرض مملوكة للحكومة أم للأفراد، وأن مفهوم الطريق العام يسري على ما في داخل المدن أو القرى أو خارجها سواء بسواء، وأن الحكمة في تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية هي تأمين المواصلات، وكان من المقرر أيضاً أن المكان المسور هو كل مكان محاط بسياج يضع به الحائز عقبة حقيقية تعترض كل داخل إليه عن غير طرق بابه المعد لذلك، وعليه فإن العنصر الأساسي في فكرة التسور هو العقبة التي تعترض الداخل إليه من غير بابه، بحيث يتعين عليه أن يبذل مجهوداً غير عادياً للدخول إليه، فإذا كان المكان محاط بسياج ولكن من ثلاث جهات فقط أو أحاط به من جميع الجهات ولكن تركت فيه فتحة كبيرة يستطيع أي شخص أن يدخل بدون صعوبة أو كان السياج منخفضاً وكان القصد منه أن يكون بمثابة حدود ترسم به أبعاد المكان، فإن المكان لا يعتبر مسوراً، ذلك أن المشرع لم يعرف المكان المسور ولكن اقتصر في المادة 317 من قانون العقوبات على بيان أماكن مسورة صنعت بمواد أوردها على سبيل المثال وعليه فقد تكون مادة التسور حديداً أو أسلاكاً أو زجاجاً أو غيرها, وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مكان وقوع الجريمة طريقاً عاماً لما أورده من مؤدي معاينة النيابة العامة أن الطريق يصلح لمرور المركبات والدواب والمارة، وهو ما لا يتناقض مع ما أشار إليه الطاعنون بأسباب الطعن. على فرض صحته - من أن المعاينة أوردت أن مكان الواقعة أرض فضاء محاطة بالبراميل، إذ أن رسم السياج على هذا النحو لا يشكل عقبة حقيقية تعترض كل داخل إليه، ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي في هذا المقام تأويلاً غير صحيح في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دام أنها اطمأنت إلى جديتها، وأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعنين للجريمة المسندة إليهم استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، واطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها من تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منهم، ومن ثم يكون النعي على الحكم بخصوص ما تقدم حرياً بالاطراح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب ندب مهندس فني لبيان مدى إمكانية تحميل المهمات على السيارتين محل الضبط، إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة، ومن ثم فإن كلا الطلبين لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنهما والتفتت عن إجابتهما، ولا ينال من ذلك أن تكون المحكمة قد قررت تأجيل نظر الدعوى لضم دفتر الأحوال دون أن تنفذ القرار حتى فصلت فيها لما هو مقرر أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة ..... أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعنون في أسباب الطعن - قد استغنى صراحة عن سماع شاهد الإثبات ... واختتم المدافع عنهم مرافعته بطلب البراءة فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هذا الشاهد أو ترد على طلب سماعه، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وإنه وإن أخطأ الحكم المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة السلاحين المضبوطين وذخائرهما، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم الأمر المنتفي في هذه الدعوى، إلا أنه لما كانت مصادرة السلاحين المضبوطين وذخائرهما يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروع حيازته، فإنه من المتعين أن تصادر إدارياً كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة دفعاً للضرر ودفعاً للخطر. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق