الصفحات

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

لا حجية لحكم الدستورية حول القضاء المتخصص على اختصاص دوائر النقض بنظر الطعون الاقتصادية

الطعن لسنة 37 ق "منازعة تنفيذ " جلسة 1 / 10 / 2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أكتوبر سنة 2016م، الموافق التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمي ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 333 لسنة 4 قضائية أمام الدائرة الخاصة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية ضد الممثل القانوني للشركة المدعى عليها طلبا للحكم بإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي مبلغ التعويض المناسب لما أصابه من أضرار مادية وأدبية ومعنوية، ولما فاته من كسب نتيجة استيلاء المدعى عليه على حقوق الملكية الفكرية له. وبجلسة 8/ 5/ 2013، قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ مليون وخمسمائة ألف جنيه كتعويض مادي وأدبي، فطعن المدعى عليه على هذا الحكم بالنقض رقم 11357 لسنة 83 قضائية. وبجلسة 24/ 11/ 2014، قضت الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض، بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الدعوى برفضها
ويرى المدعي أن هذا الحكم الصادر من محكمة النقض في مسألة من المسائل المنصوص عليها في قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 يعد عقبة في تنفيذ مؤدى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5/ 8/ 2012، في القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية" لمخالفته ما تضمنه حكم المحكمة الدستورية العليا المذكور من ربط التنظيم الإجرائي للخصومة في الدعاوى التي تختص بها المحاكم الاقتصادية بالغايات التي استهدفها المشرع من إنشائها والتي تتمثل في تحقيق المصلحة العامة عن طريق إقامة قضاء متخصص في نظر المنازعات ذات الطابع الاقتصادي
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن منازعة التنفيذ التي يدخل الفصل فيها في اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل تبعا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثار كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك الخصومة التي تتوخى في غاياتها النهائية إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، فإن مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازما لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، يفترض أمرين: أولهما: أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيا بها، ممكنا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية – قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحريا لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية، التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة، فصلا حاسما، بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من أسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان حكم محكمة النقض في الطعن رقم 11357 لسنة 83 قضائية، الذي يطلب المدعي القضاء باعتباره عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية"، قد أعمل نص المادة (12) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 فيما تضمنه من إسناد الاختصاص لدائرة أو أكثر من دوائر محكمة النقض بالفصل في الطعون على الأحكام الصادرة ابتداء من الدوائر الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية، وأوجب على محكمة النقض – استثناء من أحكام الفقرة الثانية من المادة(269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية – إذا قضت بنقض الحكم المطعون فيه أن تحكم في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة، حال أن حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، قضى برفض الدعوى المقامة طعنا على نصي المادتين (6، 11) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 فيما تضمناه من اختصاص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية دون غيرها بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (6) إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه، وجواز الطعن عليها بطريق النقض. وكان محل الحكم الصادر في القضية الدستورية الفائت بيانها – على ما ورد بمنطوقه – يتحدد بماهية النصوص التشريعية المطعون بعدم دستوريتها، لا يبارحه إلى نصوص أخرى، وتبعا لذلك فلا يتصور أن ترد عوائق التنفيذ على غير ذلك المحل، ومن ثم فإن ما يدعيه المدعي من كون الحكم الصادر من محكمة النقض المار بيانه يشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 31 قضائية "دستورية"، لا يستند على أساس صحيح من الواقع أو القانون، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى
وحيث إنه عن الطلب العاجل في الدعوى، فإنه وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء بعدم قبول الدعوى على النحو المتقدم ذكره، فإن هذا الطلب يضحى غير ذي موضوع متعينا لذلك الالتفات عنه
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق