الصفحات

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

الطعن 677 لسنة 69 ق جلسة 10 / 4 / 2012 مكتب فني 63 ق 88 ص 589

برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني، د. خالد عبد الحميد، عمران عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وعبد الرحيم الشاهد.
------------
- 1  مسئولية "المسئولية التقصيرية: السبب الأجنبي الذي يعدم المسئولية".
السبب الأجنبي الذي يعدم المسئولية. هو بوجه عام الحادث الفجائي أو القوة القاهرة أو خطأ المضرور أو الغير. م 165 مدني. عدم ورود هذا التعداد على سبيل الحصر. أثره. عدم انتفاء المسئولية لانعدام السببية وحدها. انعدامها كذلك مع الضرر والخطأ.
النص في المادة 165 من التقنين المدني يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن السبب الأجنبي الذي يعدم رابطة السببية في المسئولية المدنية، يكون بوجه عام حادثا فجائيا أو قوة قاهرة - وليس ثمة محل للتفريق بينهما - أو خطأ وقع من المضرور أو من الغير، وهذا البيان غير وارد على سبيل الحصر، فلا تنتفى المسئولية لانعدام السببية وحدها، بل تارة لانعدامها مع الضرر، وطورا لانعدامها مع الخطأ.
- 2  قوة قاهرة "شروط توافرها". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية: سلطتها بالنسبة للقوة القاهرة".
توافر القوة القاهرة. شرطه. عدم إمكان توقع الحادث واستحالة دفعه. وجوب أن يكون عدم إمكان التوقع من جانب أشد الناس يقظة وبصرا. شرط استحالة دفع الحادث. ماهيته.
إذ كان نص المادة 165 من التقنين المدني يصف القوة القاهرة والحادث الفجائي بأنهما سبب أجنبي لا يد للشخص فيه، إلا أنه يحتاج إلى تحديد، فيشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة أو حادثا فجائيا - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، فيجب أن يكون الحادث غير مستطاع التوقع لا من جانب المدعى عليه فحسب، بل من جانب أشد الناس يقظة وبصرا بالأمور، والمعيار هنا موضوعي ذاتي، ويعني شرط استحالة دفع الحادث أنه إذا أمكن دفعه حتى لو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة أو حادثا فجائيا، ويجب أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا استحالة مطلقة، فلا تكون استحالة بالنسبة إلى المدين وحده بل استحالة بالنسبة لأي شخص يكون في موقف المدين.
- 3  قوة قاهرة "شروط توافرها". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية: سلطتها بالنسبة للقوة القاهرة".
شرطا عدم إمكان توقع الحادث واستحالة دفعه. وجوب توافرهما وقت الحادث. سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهمه. شرطه. استخلاصها من واقع الدعوى وإقامة قضائها على أسباب سائغة تكفى لحمله. تكييف هذه الوقائع بأنها قوة قاهرة أو نفيها. مسألة قانونية. خضوعها لرقابة محكمة النقض.
شرطا عدم إمكان توقع الحادث واستحالة دفعه يتعين توافرهما وقت الحادث، ويستمدان من واقع الدعوى الذي تستقل محكمة الموضوع بتحصيل فهمه من أوراقها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، أما تكييف هذه الوقائع بأنها قوة قاهرة أو نفي هذا التكييف عنها، فيعتبر مسألة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض كي تتحقق من توافر ركني السبب الأجنبي في هذه الوقائع.
- 4  قوة قاهرة "شروط توافرها". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية: سلطتها بالنسبة للقوة القاهرة".
وجوب بيان محكمة الموضوع للوقائع والأدلة التي اقتنعت بثبوتها. عدم كفاية التقرير بثبوت الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيفية التثبت منها بأدلة صحيحة قانونا. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم توافر القوة القاهرة دون بيان مصدره أو إيراد العناصر الواقعية لتبرير ما انتهى إليه. قصور.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبين الوقائع التي يستند إليها الحكم والأدلة التي أقنعتها بثبوتها، فلا يكفى أن تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة مما يصح قانونا الأخذ به
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقد انتهى بعبارة غامضة إلى عدم توافر القوة القاهرة في الواقعة محل النزاع رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على سبب الحريق وهو ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك ولم يورد العناصر الواقعية اللازمة لتبرير ما انتهى إليه، مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وسلامة تطبيق القانون عليها، فيكون قد ران عليه القصور.

----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ..... لسنة 56 تجاري الإسكندرية الابتدائية على البنك المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 96438,674 جنيه. وقال بياناً لذلك أنه في غضون عام 1980 حصل على تسهيلات مصرفية من البنك المطعون ضده لتمويل شراء فول سوداني من السوق المحلي لتعبئته وتصديره للأسواق الخارجية وقد نشأ عن ذلك في 30 من أبريل سنة 1985 دين مقداره 316561,3260 جنيه وقد احترقت البضائع داخل المخزن احتراقاً ذاتياً مما أدى إلى هلاكها ومواد التعبئة والآلات والمعدات (مصنع بالكامل لفرز وتعبئة الفول السوداني) بسبب أجنبي لا يد له فيه وهو ما يعد قوة قاهرة تعفيه من تنفيذ التزاماته قبل البنك فلا يستحق إلا الدين الثابت وقت حصول الحريق والذي يخصم من مبلغ التأمين فيتبقى له المبلغ المطالب به، ولما كانت هذه البضائع مؤمن عليها لدى شركة ..... التي قُضي في الدعوى رقم ..... لسنة 1991 مدني الجيزة الابتدائية بإلزامها بأن تؤدي للبنك المطعون ضده 413000 جنيه استناداً إلى وثيقة التأمين وقد تأيد ذلك القضاء بالحكم في الاستئناف رقم . . . . . لسنة 109 ق القاهرة. وبإجراء المقاصة القانونية بين الرصيد المدين في 30 من أبريل سنة 1985 الناتج عن عقد التشغيل والمبلغ المقضي به للبنك فإن ذمة البنك تكون مشغولة بالمبلغ المطالب به، فأقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1998 برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 54 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 5 من يونيه سنة 1999 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن احتراق بضاعته من محصول الفول السوداني لا يمكن للشخص العادي توقع حدوثه وغير محتمل باعتباره نبات، خاصة وأن الجهات الفنية لم تتوصل إلى سببه على وجه اليقين فيكون مما يستحيل دفعه كما خلت الأوراق من ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض دعواه استناداً إلى أن القوة القاهرة تستلزم عدم توقيعها ويستحيل دفعها وهذا أمر غير متوافر في الواقعة محل النزاع، دون بيان الدليل الذي استقى منه هذا الاستنتاج فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك بأن النص في المادة 165 من التقنين المدني يدل – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – على أن السبب الأجنبي الذي يعدم رابطة السببية في المسئولية المدنية، يكون بوجه عام حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة – وليس ثمة محل للتفريق بينهما – أو خطأ وقع من المضرور أو من الغير، وهذا البيان غير وارد على سبيل الحصر، فلا تنتفي المسئولية لانعدام السببية وحدها، بل تارة لانعدامها مع الضرر، وطوراً لانعدامها مع الخطأ، وإذا كان النص يصف القوة القاهرة والحادث الفجائي بأنهما سبب أجنبي لا يد للشخص فيه، إلا أنه يحتاج إلى تحديد، فيشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، فيجب أن يكون الحادث غير مُستطاع التوقع لا من جانب المدعى عليه فحسب، بل من جانب أشد الناس يقظة وبصراً بالأمور، والمعيار هنا موضوعي ذاتي، ويعني شرط استحالة دفع الحادث أنه إذا أمكن دفعه حتى لو استحال توقعه لم يكن قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً، ويجب أن يكون الحادث من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة، فلا تكون استحالة بالنسبة إلى المدين وحده بل استحالة بالنسبة لأي شخص يكون في موقف المدين، وهذان الشرطان يتعين توافرهما وقت الحادث، ويستمدان من واقع الدعوى الذي تستقل محكمة الموضوع بتحصيل فهمه من أوراقها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، أما تكييف هذه الوقائع بأنها قوة قاهرة أو نفي هذا التكييف عنها، فيعتبر مسألة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض كي تتحقق من توافر ركني السبب الأجنبي في هذه الوقائع، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبين الوقائع التي يستند إليها الحكم والأدلة التي أقنعتها بثبوتها، فلا يكفي أن تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة أو عدم وجودها دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة مما يصح قانوناً الأخذ به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقد انتهى بعبارة غامضة إلى عدم توافر القوة القاهرة في الواقعة محل النزاع - رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على سبب الحريق وهو ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع – دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك ولم يورد العناصر الواقعية اللازمة لتبرير ما انتهى إليه، مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وسلامة تطبيق القانون عليها، فيكون قد ران عليه القصور ويوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق