الصفحات

السبت، 24 سبتمبر 2016

الطعن 2798 لسنة 81 ق جلسة 8 / 10 / 2012 مكتب فني 63 ق 77 ص 457

جلسة 8 من أكتوبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جاب الله محمد، هاني حنا، محمد هلالي نواب رئيس المحكمة ووليد حمزة.

---------------

(77)
الطعن رقم 2798 لسنة 81 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغا.
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. مادامت لا تثق بما شهدوا به. دون الإشارة إلى أقوالهم. قضاؤهم بالإدانة لأدلة الثبوت. دلالته. اطراحها.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
مثال.
(3) مواد مخدرة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "إذن التفتيش. بياناته". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
عدم بيان نوع المادة المخدرة بمحضر الضبط أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بالتحريات أو خلوها من مكان إجراء المراقبة ومصدر حصول الطاعن على المخدر وأسماء عملائه. لا يقدح في جدية التحريات. علة ذلك؟
(4) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "إذن التفتيش. بياناته". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة "الجريمة المستمرة".
جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها. من الجرائم المستمرة. أثر ذلك؟
عدم اشتراط القانون عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش. إيراده عبارة حال مروره. ينصرف إلى نتيجته باعتبارها احتمالية لا يمكن الجزم بها مقدماً. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر رداً على الدفع ببطلان الإذن واعتباره قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة. صحيح.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستلزم رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
المسئولية في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر. مناطها؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر. تحققه: بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن الركن المعنوي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر. شرط ذلك؟
مثال.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم.
----------------
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، ولها أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطه في مكان وزمان يغايران ما قرره شاهدا الإثبات ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2- لما كان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً في صدد ما ادعاه في شأن منازعته في زمان ومكان ضبطه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولا يقدح في جدية التحريات بفرض حصوله عدم بيان نوع المادة المخدرة المضبوطة بمحضر الضبط لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها، أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها أو خلوها من بيان مكان إجراء المراقبة ومصدر حصول الطاعن على المخدر وأسماء عملائه، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4- من المقرر أن جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها من الجرائم المستمرة، وبالتالي فإن وقوعها بدائرة مركز آخر، لا يخرجها عن اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، مادام تنفيذ هذا الإذن كان مقروناً باستمرارها في دائرة اختصاصه كما هو الحال في الدعوى وكان القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "حال مروره" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل، في حين أن لفظ "حال" في اللغة يفيد معنى "الوقت الذي أنت فيه" وفي النحو والصرف يفيد معنى "الزمان الحاضر خلاف الماضي والمستقبل" وهو ظرف أو وضع، وحال الإنسان "ما يختص من أموره المتغيرة الحسية والمعنوية"، إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في إنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره، وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
5- من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر أو النباتات المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال شاهدي الإثبات من أنه حال ضبط الطاعن عثر بكيس بلاستيك كان يحمله وحقيبة السيارة التي كان يستقلها على المخدر المضبوط، يسوغ به الاستدلال على إحرازه للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
6- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن مواجهته بالمضبوطات، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: (1) .... "طاعن" (2) .... (3) .... بأنهم: أولاً: المتهمان الأول والثاني أحرزا وحازا بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيشاً، نبات الحشيش الجاف) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: المتهم الثالث اشترك مع المتهمين الأول والثاني بطريق المساعدة في ارتكاب واقعة الاتجار في المواد المخدرة وذلك بأن قام بتسجيل السيارة المستخدمة في الاتجار والمملوكة للمتهم الأول باسمه خشية ضبطه حال علمه باستخدام المتهم لها في ترويج المواد المخدرة فوقعت الجريمة بناء على تلك المساعدة . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق، أولاً: حضورياً للأول بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشرة سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. ثانياً: حضورياً للثاني وغيابياً للثالث ببراءة كل منهما مما أسند إليه من اتهام، باعتبار أن الحيازة والإحراز كانا مجردين من القصود. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه عول في إدانته على أقوال شاهدي الإثبات معتنقاً تصويرهما للواقعة رغم أنه لم يضبط في الزمان والمكان المحدد بأقوالهما، بدلالة أقوال المتهم الثاني والمستندات التي قدمت في هذا الخصوص دون أن تجرى المحكمة تحقيقاً بلوغاً إلى كشف الحقيقة، ورد قاصراً على الدفع ببطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، بدليل استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها، وخلوها من بيان مكان إجراء المراقبة ونوع المادة المخدرة التي يتجر فيها ومصدر حصوله عليها وأسماء عملائه، ملتفتاً عن المستندات المقدمة منه تأييداً لدفاعه، ورد بما لا يصلح رداً على دفعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش الصادر من وكيل نيابة ..... الكلية لتعلقه بجريمة مستقبلة لم تكن وقعت بعد في نطاق اختصاصه المكاني، بدلالة أن صياغة الإذن تضمنت عبارة" حال مروره " وهي ظرف زماني مستقبلي تفيد احتمال وقوع الجريمة لا ثبوت وقوعها بالفعل، فضلاً عن عدم تواجد الطاعن بدائرة ..... وقت صدور الإذن، وأن دفاعه قام على نفي التهمة ونسبة المخدر المضبوط إليه، بيد أن الحكم اطرح دفاعه هذا دون أن يدلل على توافر القصد الجنائي في حقه، وأخيراً فقد قعدت النيابة العامة عن مواجهته بالمضبوطات التي احتفظ بها الشاهد الأول فترة طويلة دون تحريزها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، ولها أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطه في مكان وزمان يغايران ما قرره شاهدا الإثبات ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، فضلاً عن البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً في صدد ما ادعاه في شأن منازعته في زمان ومكان ضبطه، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت كما هو الحال في الدعوى الراهنة بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولا يقدح في جدية التحريات بفرض حصوله عدم بيان نوع المادة المخدرة المضبوطة بمحضر الضبط لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها، أو استبعاد المحكمة قصد الاتجار خلافاً لما ورد بها أو خلوها من بيان مكان إجراء المراقبة ومصدر حصول الطاعن على المخدر وأسماء عملائه، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة إحراز المواد المخدرة أو نقلها من الجرائم المستمرة، وبالتالي فإن وقوعها بدائرة مركز آخر، لا يخرجها عن اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش، مادام تنفيذ هذا الإذن كان مقروناً باستمرارها في دائرة اختصاصه ـ كما هو الحال في الدعوى وكان القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "حال مروره" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل، في حين أن لفظ "حال" في اللغة يفيد معني "الوقت الذي أنت فيه "وفي النحو والصرف يفيد معنى" الزمان الحاضر خلاف الماضي والمستقبل "وهو ظرف أو وضع، وحال الإنسان "ما يختص من أموره المتغيرة الحسية والمعنوية"، إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في إنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره، وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر أو النباتات المخدرة هي ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر أو النبات المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدر، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال شاهدي الإثبات من أنه حال ضبط الطاعن عثر بكيس بلاستيك كان يحمله وحقيبة السيارة التي كان يستقلها على المخدر المضبوط، يسوغ به الاستدلال على إحرازه للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة عن مواجهته بالمضبوطات، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق