الصفحات

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

التعرض لدستورية مواد قانون الاسرة قضاء ضمني باستيفاء القانون لأوضاعه الشكلية

الطعن 174 لسنة 32 ق جلسة 7 / 5 / 2016 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مايو سنة 2016م، الموافق الثلاثين من رجب سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 174 لسنة 32 قضائية "دستورية".

-------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث أن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليها السادسة كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 551 لسنة 2010 أسرة أمام محكمة بندر دمنهور لشئون الأسرة، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها نفقة زوجية بأنواعها اعتبارا من 20/8/2009، تاريخ امتناعه عن الإنفاق عليها، بعد أن قام بطردها من منزل الزوجية، وأمتنع عن الإنفاق عليها رغم كونها ما زالت على ذمته وطاعته. وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه لمخالفته نص المادة (195) من دستور سنة 1971، فقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة
وحيث إن المدعي نعى على قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، بعدم الدستورية لعدم عرضه على مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، بالمخالفة لنص المادة (195) من دستور سنة 1971. وبالإضافة إلى ذلك، فقد ضمن المدعي صحيفة دعواه جملة مناع موضوعية على القانون ذاته؛ إذ نعى على نص المادة (14) منه أنها تحظر الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محاكم الأسرة، بالمخالفة لنص الفقرة (5) من المادة (14) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المصدق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981؛ كما نعى على مجمل أحكامه – دون تعيين لنص بذاته – إيجابه إشراك عنصرين غير قضائيين في تشكيل محكمة الأسرة، وعدم إنشاء محاكم أسرة استئنافية، وإسناده الاختصاص بنظر استئناف أحكام محاكم الأسرة إلى محاكم الاستئناف العادية؛ كما نعى على هذا القانون أنه أوجب لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة أن يتقدم المدعي بطلب تسوية قبل رفع دعواه، فضلاً عن مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية برفع سن الحضانة عن الحدود الشرعية، ولعدم توحيد إجراءات التقاضي أمام قاض واحد، وهو ما رأى فيه انتهاكا لنصوص دستور سنة 1971 أرقام (2 و40 و41 و68 و151 و165 و166 و167 و188 و195). 
وحيث إنه عما نعى به المدعي من عدم دستورية قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، لعدم عرضه علي مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، فمردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفصل فيما يُدَّعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعي وقاعدة موضوعية في الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعي بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء في موضوعها منطوياً لزوماً على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور، ومانعاً من العودة إلى بحثها مرة أخرى؛ ذلك أن العيوب الشكلية، وبالنظر إلى طبيعتها، لا يتصور أن يكون بحثها تالياً للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على هذه المحكمة بالتالي أن تتحراها بلوغا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها محدداً في إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. ومن ثم، تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوماً؛ إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأي مطاعن موضوعية
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة سبق أن عرض عليها بعض نصوص القانون ذاته فقضت برفض الطعن بعدم دستورية نص المادة (14) منه، في القضية رقم 24 لسنة 23 قضائية "دستورية" بجلسة 6 إبريل 2014، كما قضت برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (2)، في القضية رقم 56 لسنة 27 قضائية "دستورية" بجلسة 11 أبريل 2015، كما قضت برفض الطعن على نص المادتين (2، 9) منه في القضية رقم 177 لسنة 27 قضائية "دستورية" بجلسة 9 مايو 2015؛ فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا، وقد صدر في شأن مطاعن موضوعية، يكون متضمناً لزوماً تحققها من استيفاء نصوص هذا القانون لأوضاعه الشكلية؛ إذ لو كان الدليل قد قام على تخلفها، لامتنع عليها أن تفصل في اتفاقه أو مخالفته لأحكام الدستور الموضوعية. ومن ثم، فإن الادعاء بصدور هذا القانون على خلاف الأوضاع الشكلية التي تطلبها نص المادة (195) من دستور سنة 1971 الذي صدر في ظله، يكون قائما على غير أساس حريا بالالتفات عنه
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ولايتها في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا؛ وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها. متى كان ما تقدم، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة 16/10/2010، أمام محكمة بندر دمنهور لشئون الأسرة (نفس) في الدعوى الموضوعية التي أثير فيها الدفع، أن المدعي دفع بعدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2004 المشار إليه لمخالفته نص المادة (195) من الدستور، وهو ما انصب عليه تصريح محكمة الموضوع دون غيره، وهو عيب إجرائي يعود إلى كيفية إصدار هذا القانون دون أن يستطيل إلى أحكامه الموضوعية، إلا أن المدعي بعد أن أقام دعواه أضاف عيوباً موضوعية تتعلق بنصوص معينة في هذا القانون كانت في غيبة عن محكمة الموضوع وقت أن صرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فلم تجل بصرها بشأنها لتقدير مدى جدية الدفع بعدم دستوريتها على النحو الذي تطلبه القانون. ومن ثم، فإن ما أثاره من عيوب موضوعية لا تعدو أن تكون دعوى دستورية مباشرة أقيمت من المدعي دون تصريح من محكمة الموضوع، بالمخالفة للقواعد الإجرائية المنظمة للتداعي أمام المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبولها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق