الصفحات

الأحد، 14 أغسطس 2016

الطعن 13590 لسنة 64 ق جلسة 24 / 7 / 1996 مكتب فني 47 ق 117 ص 812

جلسة 24 من يوليو سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي ومصطفى محمد صادق نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

-----------------

(117)
الطعن رقم 13590 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(3) هتك عرض. قانون "تفسيره". أحداث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التقيد بأحكام قانون الأحداث في شأن تحديد سن المجني عليه غير واجب. أساس ذلك؟
تعويل الحكم في إثبات سن المجني عليه على تاريخ ميلاده المثبت ببطاقة والده العائلية. لا يعيبه. ما دام الطاعنون لا ينازعون في صحة هذا التاريخ.
(4) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إشارة الحكم إلى مواد القانون التي آخذ الطاعنين بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها.
(5) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر من جانبها حاجة لاتخاذه. غير مقبول.
(6) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود والدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال.
(7) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. كفاية أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
تجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة. غير مقبول أمام النقض.
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة. ما دام الرد مستفاداً ضمناًً من قضائها بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن". الخطأ في تطبيق القانون".
حق محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. متى تبين لها أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله. المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(10) قانون "تفسيره". هتك عرض. جريمة "أركانها".
وجوب الأخذ بالتقويم الهجري في احتساب سن المجني عليه في جريمة هتك العرض لاتفاقه مع صالح المتهم.
ورود النص العقابي ناقصاً أو غامضاً. ينبغي معه تفسيره بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته.
عدم جواز الأخذ في تفسير قانون العقوبات بطريق القياس لغير صالح المتهم. أساس ذلك.
(11) محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" عقوبة.
انطواء الحكم على خطأ في تطبيق القانون. يوجب على محكمة النقض تصحيحه والحكم بمقتضى القانون. دون حاجة لإعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع. ما دام العوار الذي شابه لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات أثر فيه.
حق محكمة النقض في تقدير العقوبة عند تصحيحها للحكم.

-------------------
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
3 - لما كان نص المادة الأولى من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث من أنه "يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للانحراف" في صريح عباراتها وواضح دلالتها ومن استقراء سائر نصوص هذا القانون، أن أحكامه قد انصبت جميعها على فئة معينة من المتهمين رأى الشارع أن يخصهم فيما يتعلق بإجراءات محاكمتهم وما يوقع عليهم من تدابير وجزاءات وعقوبات بمعاملة مغايرة لغيرهم من المتهمين بالنظر إلى حداثة سنهم، دون أن تمتد أحكامه إلى غير هؤلاء من صغار السن، ومن ثم فلا وجه لما يتذرع به الطاعنون من وجوب التقيد بأحكام قانون الأحداث في شأن تحديد سن المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات أن المجني عليه لم يكن قد بلغ السادسة عشرة من عمره وقت الحادث على تاريخ ميلاده المثبت ببطاقة والده العائلية، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة تاريخ ميلاد المجني عليه المثبت بتلك البطاقة، فإن منعاهم على الحكم في هذا الصدد يكون غير صائب.
4 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه أشار إلى نصوص المواد 242/ 1، 3 و268 من قانون العقوبات و1/ 1 و25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقمي 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 - التي آخذ الطاعنين بها - فإن ذلك يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
5 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، فليس لهم من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبوه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه.
6 - لما كان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه من أن كلاً من الطاعنين الثلاثة الأول قام بحك قضيبه في دبره من الخارج وقام الطاعن الثاني بإيلاج قضيبه في دبره وذلك حال إمساك الطاعن الرابع به وتعديه عليه بمطواة في صدره، لا يتعارض مع ما نقله من التقرير الطبي الشرعي من أن بالمجني عليه جروحاً سطحية قطعية بالعضد الأيمن والصدر تنشأ من الإصابة بأداة صلبة حادة كمطواة أو سكين، وأن منطقة الدبر بها تكدم واضح حول فتحة الشرج نتيجة إيلاج عضو ذكرى بالغ منتصب، فإن ما يثيره الطاعنون في خصوص التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون لا محل له.
7 - لما كان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون في شأن قدم إصابات المجني عليه لكونه متكرر الاستعمال، وعدم قدرة الطاعن الثالث صحياً على ارتكاب الفعل، لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
8 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل في المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - من المقرر أن الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
10 - لما كانت المادة 268 من قانون العقوبات تنص على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع. وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم في الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة. وإذا اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة"، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة هتك عرض المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد وقضى بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر عاماً طبقاً لنص الفقرة الثانية من هذه المادة محتسباً سن المجني عليه بالتقويم الميلادي على أساس ما ثبت لديه من بطاقة والده العائلية من أنه مولود بتاريخ 11 من مارس سنة 1978 وأن الطاعنين قد اقترفوا ما أسند إليهم بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1993. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 سالفة الذكر إذ سكتت عن النص على التقويم الذي يعتد به في احتساب سن المجني عليه فيها - وهو شرط لازم لإيقاع العقوبة المبينة بها - فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجري الذي يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي التي تقضي بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لما هو مقرر من أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص.
11 - لما كان الثابت من الرجوع إلى التقويم الهجري أن تاريخ ميلاد المجني عليه يوافق الثاني مع ربيع الأخر لعام 1398 الهجري وأن تاريخ الواقعة يوافق الثالث من ربيع الأخر لعام 1414 الهجري، فإن المجني عليه يكون وقت ارتكاب الجريمة قد بلغ السادسة عشرة سنة هجرية بما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات التي تعاقب كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أنزل بالطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة على اعتبار أن المجني عليه لم يكن وقت وقوع الجريمة عليه قد بلغ السادسة عشرة من عمره متخذاً من التقويم الميلادي أساساً لتحديد سنه، مخالفاً بذلك القاعدة القانونية سالفة البيان وهي أصل عام من أصول تأويل النصوص العقابية فإنه يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة - على نحو ما سلف - قد انتهت إلى رفض الطعن المقدم من المحكوم عليهم، فإن العيب الذي شاب الحكم يكون مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم فإنه يتعين - حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة إليه - أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وذلك دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع ما دام أن العوار الذي شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي العودة إلى النظر في موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض - عند تصحيحها الحكم المطعون فيه - أن تقدر العقوبة، فإن هذه المحكمة تقضي بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم 1 - هتكوا عرض...... الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد بأن أشهر كل منهم سلاحاً أبيض "مطواة - سكين" على النحو المبين بالتحقيقات واقتادوه عنوة لمكان الحادث وأمسك به الرابع وشل حركته وخلع عنه سرواله ثم حك كل من الطاعنين قضيبه في دبره. 2 - أحرز كل منهم دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض "مطواة - سكين". 3 - الرابع: أحدث عمداً بالمجني عليه سالف الذكر الإصابة الواردة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستعمال سلاح "مطواة". وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وأدعى..... والد المجني عليه مدنياً قبل الطاعنين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 242/ 1 - 3، 268 من قانون العقوبات و1/ 1، 25 مكرراً/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق به مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي هتك عرض المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد وإحراز سلاحين أبيضين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ودان الطاعن الرابع بجريمة الضرب، قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والبطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن عول على أقوال المجني عليه وحده رغم تناقضها وعدم معقوليتها، واستند في إثبات سن المجني عليه إلى تاريخ ميلاده الثابت ببطاقة والده العائلية مع أنها لا تعد وثيقة رسمية وفقاً لما توجبه المادة 32 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث، وخلا من بيان نص القانون الذي حكم بموجبه، والتفت عن طلب الطاعنين مناقشة الطبيب الشرعي بشأن التناقض بين ما ورد بتقريره وبين أقوال المجني عليه بصدد الأفعال التي وقعت عليه وقدم إصاباته وعدم قدرة الطاعن الثالث على ارتكاب ما نسب إليه، ودلالة دفاعهم المذكور على تلفيق الاتهام، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين اعترضوا المجني عليه حال سيره بالطريق وهددوه بما كان معهم من أسلحة بيضاء، ثم طرحوه أرضاً وخلعوا عنه ملابسه وتناوب الثلاثة الأول الاعتداء عليه بهتك عرضه من الدبر، وساق الحكم على ثبوت الواقعة أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - ومن ثم يضحى منعى الطاعنين في الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين مما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث من أنه "يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للانحراف" في صريح عباراتها وواضح دلالتها ومن استقراء سائر نصوص هذا القانون، أن أحكامه قد انصبت جميعها على فئة معينة من المتهمين رأى الشارع أن يخصهم فيما يتعلق بإجراءات محاكمتهم وما يوقع عليها من تدابير وجزاءات وعقوبات بمعاملة مغايرة لغيرهم من المتهمين بالنظر إلى حداثة سنهم، دون أن تمتد أحكامه إلى غير هؤلاء من صغار السن، ومن ثم فلا وجه لما يتذرع به الطاعنون من وجوب التقيد بأحكام قانون الأحداث في شأن تحديد سن المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات أن المجني عليه لم يكن قد بلغ السادسة عشرة من عمره وقت الحادث على تاريخ ميلاده المثبت ببطاقة والده العائلية، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة تاريخ ميلاد المجني عليه المثبت بتلك البطاقة، فإن منعاهم على الحكم في هذا الصدد يكون غير صائب. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أشار إلى نصوص المواد 242/ 1 - 3 و268 من قانون العقوبات و1/ 1 و25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 و165 لسنة 1981 - التي آخذ الطاعنين بها - فإن ذلك يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، فليس لهم من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبوه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه من أن كلاً من الطاعنين الثلاثة الأول قام بحك قضيبه في دبره من الخارج وقام الطاعن الثاني بإيلاج قضيبه في دبره وذلك حال إمساك الطاعن الرابع به وتعديه عليه بمطواة في صدره، لا يتعارض مع ما نقله من التقرير الطبي الشرعي من أن بالمجني عليه جروحاً سطحية قطعية بالعضد الأيمن والصدر تنشأ من الإصابة بأداة صلبة حادة كمطواة أو سكين، وأن منطقة الدبر بها تكدم واضح حول فتحة الشرج نتيجة إيلاج عضو ذكري بالغ منتصب، فإن ما يثيره الطاعنون في خصوص التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون في شأن قدم إصابات المجني عليه لكونه متكرر الاستعمال، وعدم قدرة الطاعن الثالث صحياً على ارتكاب الفعل، لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة السائغة التي أوردتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوع، غير أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت المادة 268 من قانون العقوبات تنص على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع. وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم في الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة. وإذا اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة"، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة هتك عرض المجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد وقضى بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً طبقاً لنص الفقرة الثانية من هذه المادة محتسباً سن المجني عليه بالتقويم الميلادي على أساس ما ثبت لديه من بطاقة والده العائلية من أنه مولود بتاريخ 11 من مارس سنة 1978 وأن الطاعنين قد اقترفوا ما أسند إليهم بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1993. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 سالفة الذكر إذ سكتت عن النص على التقويم الذي يعتد به في احتساب سن المجني عليه فيها - وهو شرط لازم لإيقاع العقوبة المبينة بها - فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجري الذي يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي التي تقضي بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لما هو مقرر من أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص. لما كان ذلك، وكان الثابت من الرجوع إلى التقويم الهجري أن تاريخ ميلاد المجني عليه يوافق الثاني من ربيع الأخر لعام 1398 الهجري وأن تاريخ الواقعة يوافق الثالث من ربيع الأخر لعام 1414 الهجري، فإن المجني عليه يكون وقت ارتكاب الجريمة قد بلغ السادسة عشرة هجرية بما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات التي تعاقب كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أنزل بالطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة على اعتبار أن المجني عليه لم يكن وقت وقوع الجريمة عليه قد بلغ السادسة عشرة من عمره متخذاً من التقويم الميلادي أساساً لتحديد سنه، مخالفاً بذلك القاعدة القانونية سالفة البيان وهي أصل عام من أصول تأويل النصوص العقابية فإنه يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة - على نحو ما سلف - قد انتهت إلى رفض الطعن المقدم من المحكوم عليهم، فإن العيب الذي شاب الحكم يكون مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم فإنه يتعين - حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة إليه - أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وذلك دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع ما دام أن العوار الذي شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي العودة إلى النظر في موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض - عند تصحيحها الحكم المطعون فيه - أن تقدر العقوبة، فإن هذه المحكمة تقضي بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات، مع إلزامهم المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق