الصفحات

الثلاثاء، 24 مايو 2016

اختصاص القضاء العادي بنظر منازعات صناديق التامين الخاصة

القضية 25 لسنة36 قضائية  "تنازع".جلسة 2 /1 /2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 36 قضائية "تنازع"

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليهم في الدعوى الماثلة كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 566 لسنة 2001 عمال كلي أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليه الأول "بصفته" بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم التعويض المناسب، على أن يتضمن المبالغ التي تم خصمها على النحو الموضح تفصيلاً بعريضة تلك الدعوى، على سند من أنه في عام 1990 أنشأت وزارة الدفاع صندوقاً يطلق عليه "عملاق 4" يهدف إلى منح الضباط العاملين الموجودين في الخدمة في 1/11/1990 مكافأة مقدارها خمسون ألف جنيه عند بلوغ أي منهم سن الثماني والخمسين أو عند انتهاء خدمته بالقوات المسلحة (أيهما أكبر) أو في حالة الوفاة قبل هذا التاريخ، وأنه قد توافرت فيهم جميعاً الشروط المتطلبة لاستحقاق المكافأة المقررة بهذا الصندوق، إلا إنه قد تم انتقاص تلك المكافأة بجعلها عشرين ألف جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه، بما يتعين معه تعويضهم ماديا وأدبيا عن هذا الضرر الذي أصابهم، وهو الأمر الذي دعاهم لإقامة دعواهم الموضوعية بطلباتهم سالفة البيان، وبجلسة 25/12/2001 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، حيث تم قيدها برقم 19550 لسنة 56 قضائية، وبجلسة 18/11/2007 قضت تلك المحكمة بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي لكل مدع من المدعين مبلغ خمسين ألف جنيه مخصوماً منه ما يكون قد تم صرفه لكل منهم من مكافأة نهاية الخدمة من الصندوق المنشأ بالمنشور رقم 11 لسنة 1990 بشأن المشروع عملاق رقم "4" وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/4/2001 حتى تمام السداد. وبجلسة 28/9/2014 أيدت المحكمة الإدارية العليا هذا القضاء برفضها للطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا؛ ومن جهة أخرى أقام الممثل القانوني لصندوق التأمين الخاص بضباط القوات المسلحة "بصفته" - المدعي الثاني في الدعوى الماثلة - دعوى أمام اللجنة القضائية لضباط الدفاع الجوي ضد الرائد بالمعاش علي أحمد عبد النبي - المدعى عليه رقم (60) في الدعوى الماثلة - طلب في ختامها الحكم بعدم أحقية المذكور في صرف مستحقات مشروع (4) للمرحلة الأولى والخاص بالضباط العاملين لعدم انطباق شروط الاستحقاق على حالته، وبتاريخ 29/9/2010 أصدرت تلك اللجنة قرارها بعدم أحقية المدعى عليه والمشترك في صندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة بالمشروع عملاق "4" في صرف مستحقات الاشتراك في هذا المشروع بالمرحلة الأولى، وبتاريخ 7/4/2011 أصدرت اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية كذلك قراراً بعدم أحقية الضباط الفنيين (المدعى عليهم في الدعوى الماثلة) في صرف مستحقات الاشتراك في مشروع عملاق "4" بالمرحلة الأولى على سند من عدم انطباق الشروط المتطلبة للاستحقاق على حالاتهم، وإذ ارتأى المدعيان "بصفتيهما" أن ثمة تناقضاً بين الحكم الرقيم 19550 لسنة 56 قضائية الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 18/11/2007، والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا، والحكمين الصادر أولهما من اللجنة القضائية لضباط الدفاع الجوي بتاريخ 29/9/2010، والمصدق عليه في 20/12/2010؛ والصادر ثانيهما من اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية بجلسة 7/4/2011، والمصدق عليه في 28/7/2011، يستحيل معه تنفيذهما معاً، فقد أقاما الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، متى كان ذلك، وكان يتبين من الأوراق أن محكمة القضاء الإداري قضت في الدعوى رقم 19550 لسنة 56 قضائية بإلزام المدعى عليه الأول "بصفته" بأن يؤدي لكل مدع من المدعين مبلغ خمسين ألف جنيه مخصوماً منه ما يكون قد تم صرفه لكل منهم من مكافأة نهاية الخدمة من الصندوق المنشأ بالمنشور رقم 11 لسنة 1990 بشأن المشروع عملاق "4" وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 21/4/2001 حتى تمام السداد، وقد تأيد هذا القضاء برفض المحكمة الإدارية العليا للطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا، كما أقام الممثل القانوني لصندوق التأمين الخاص بضباط القوات المسلحة "بصفته" - المدعي الثاني في الدعوى الماثلة - دعويين عن الموضوع ذاته، أولاهما ضد المدعى عليه رقم (60) في الدعوى الماثلة أمام اللجنة القضائية لضباط الدفاع الجوي، وثانيهما ضد المدعى عليهم في الدعوى الماثلة، أمام اللجنة القضائية لضباط القوات الجوية، وقد انتهت اللجنتان في تلك الدعويين إلى عدم أحقية المذكورين في صرف المستحقات المطالب بها عن اشتراكهم في مشروع عملاق "4" المشار إليه؛ ومن ثم فإن حكم محكمة القضاء الإداري سالف الذكر، والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا من ناحية، وحكمي اللجنتين القضائيتين لضباط القوات المسلحة المشار إليهما من ناحية أخرى - وقد انصبا على مدى استحقاق المدعى عليهم لتلك المكافأة التي يمنحها ذلك الصندوق - يكونان - والحال كذلك - قد اتحدا نطاقاً وتعامدا على محل واحد، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، وتحقق بالتالي مناط قبول طلب فض التناقض الماثل
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المفاضلة التي تجريها بين الحكمين النهائيين المتناقضين، لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة
وحيث إن الثابت من الرجوع للائحة النظام الأساسي لصندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة، أنه قد أُنشئ وفقاً لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة، ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 78 لسنة 1977، وقد نصت المادة رقم (1) من هذا القانون على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بصندوق التأمين الخاص كل نظام في أي جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى تتألف بغير رأس المال ويكون الغرض منها وفقاً لنظامه الأساسي أن تؤدي إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة وذلك في إحدى الحالات الآتية
(أ) زواج العضو وذريته أو بلوغه سن معينة أو وفاة العضو أو من يعوله
(ب) التقاعد عن العمل أو ضياع مورد الرزق
(ج) عدم القدرة على العمل بسبب المرض أو الحوادث
(د) أية أغراض أخرى توافق عليها المؤسسة المصرية العامة للتأمين". 
كما نصت المادة (2) على أنه "يحدد وزير التأمينات بقرار يصدره بعد أخذ رأي مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للتأمين الشروط الواجب توافرها في النظم الأساسية للصناديق الخاصة". 
وقد نصت المادة (3) على أنه "يجب أن تسجل صناديق التأمين الخاصة بمجرد إنشائها وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون
وتكتسب تلك الصناديق الشخصية القانونية بمجرد تسجيلها
ولا يجوز للصناديق أن تمارس نشاطها قبل التسجيل". 
كذلك نصت المادة (4) منه على "يقدم طلب التسجيل إلى المؤسسة المصرية العامة للتأمين مصحوباً بالأوراق والمستندات الآتية: .............". 
وقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للتأمين قرارها رقم 64 لسنة 1977 بقبول تسجيل صندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة في سجل صناديق التأمين الخاصة، كما صدر القانون رقم 10 لسنة 1981 بإصدار قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر ناصاً في المادة (23) منه على أن "يقصد بصندوق التأمين الخاص في تطبيق أحكام هذا القانون كل نظام في هيئة أو شركة أو نقابة أو جمعية من أفراد تربطهم مهنة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى يتكون بغير رأسمال، ويمول باشتراكات أو خلافه بغرض أن يؤدي أو يرتب لأعضائه أو المستفيدين منه حقوقاً تأمينية في شكل تعويضات أو معاشات دورية أو مزايا مالية محددة
ويطبق في شأن هذه الصناديق أحكام صناديق التأمين الخاصة الصادرة بالقانون رقم 54 لسنة 1975". 
وحيث إن الثابت من أحكام لائحة النظام الأساسي لصندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة المشار إليها أنها قد نصت في المادة الأولى منها على أن "تكون هذا الصندوق بقصد تنمية روح الادخار بين الأعضاء، والمعاونة على تحسين حالهم اجتماعياً واقتصادياً. وذلك بأن يؤدي إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة في إحدى الحالات الآتية: أ- وفاة العضو أو بلوغه سناً معينة أو مضي مدة محددة. ب- إصابة العضو ........ ج- أية عمليات تأمين أو أغراض أخرى ...... وتوافق عليها الهيئة المصرية العامة للتأمين"، وتنص المادة (39) منها على أن "أ- التصرفات التي يقوم بها مجلس الإدارة متجاوزاً حدود اختصاصه أو مخالفاً أحكام القانون أو نظام الصندوق أو قرارات الجمعية العمومية يجوز إبطالها بحكم من المحكمة. ب- وكل نزاع مهما كان نوعه ينشأ عن هذا النظام يكون من اختصاص محكمة الوايلي الجزئية الوطنية أو محكمة مصر الابتدائية الوطنية كل حسب اختصاصه". بينما نصت المادة (40) منها على أن "يخضع هذا الصندوق لأحكام القانون رقم 54 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية وأي تعديلات لاحقة له". 
ومن حيث إن حاصل ما تقدم أن صندوق التأمين الخاص لضباط القوات المسلحة - الذي أنشأ المشروع المسمى "عملاق 4" بالمنشور رقم 11 لسنة 1990 محل المنازعة الماثلة - هو كيان قانوني مستقل يتمتع بشخصية معنوية، خاضع بصريح أحكام القوانين واللوائح - وعلى الأخص لائحة نظامه الأساسي - لأحكام القانون الخاص تنظمه أحكامه وولاية قضائه، مما مؤداه أن القضاء العادي هو الجهة صاحبة الاختصاص بالنظر في المنازعات الناشئة عنه دون أي من الجهتين القضائيتين الآخريين وهما جهة القضاء الإداري أو اللجان القضائية للقوات المسلحة
وحيث إنه عن طلب المدعيين وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 19550 لسنة 56 قضائية سالف الذكر والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4982 لسنة 54 قضائية عليا، فإنه يعد فرعاً من أصل النزاع حول فض التناقض بين الأحكام القضائية في المنازعة الماثلة، عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة (32) من قانون المحكمة الدستورية العليا، وإذ تهيأ ذلك النزاع للفصل في موضوعه، فإن هذا الطلب يكون قد صار غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق