الصفحات

الثلاثاء، 24 مايو 2016

الشركة شخص معنوي لا ينطبق عليها استثناء أسرة صاحب العمل

القضية 101 لسنة36 قضائية  "دستورية".جلسة 2/1/2016 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من يناير سنة 2016م، الموافق الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 101 لسنة 36 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن السيد/ أحمد عادل محمود خليل، كان قد تقدم بشكوى إلى مديرية القوى العاملة بالجيزة (إدارة 6 أكتوبر)، متضرراً فيها من قيام شركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية "المصريين"، بفصله تعسفياً من عمله، كمدير للتسويق بها بتاريخ 4/9/2009 ولتعذر التسوية الودية، أحال مكتب العمل النزاع إلى المحكمة العمالية، وقيدت لديها الدعوى برقم 187 لسنة 2009 عمال، أمام محكمة أكتوبر الابتدائية، وحدد العامل المذكور طلباته الموضوعية فيها، بتعويضه عن قرار فصله تعسفياً. وبجلسة 26/10/2009، قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تؤدي له مبلغ مائة وعشرة آلاف من الجنيهات، تعويضاً مادياً وأدبياً عن فصله تعسفياً. وإذ لم يصادف هذا القضاء قبول طرفي النزاع، فطعن عليه العامل بالاستئناف رقم 2721 لسنة 126 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، بطلب زيادة مبلغ التعويض المحكوم به للحد الجابر للضرر، وطعنت عليه الشركة بالاستئناف رقم 2743 لسنة 126 قضائية، بطلب إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، على سند من أن إنهاء خدمة العامل يرجع لانقطاعه عن العمل دون مبرر، رغم تكرار إنذاره، فقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، وحال نظرهما دفع محامي الشركة بعدم خضوع ذلك العامل لأحكام قانون العمل، المشار إليه، وفقاً لنص البند (ج) من المادة (4) من ذلك القانون، لكونه ابناً لأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة
وإذ تراءى لمحكمة الاستئناف شبهة عدم دستورية ذلك النص، لما تضمنه من تقييد لحق العمل، وإخلال بمبدأ المساواة، بالمخالفة لنص المادتين (12، 53) من الدستور، فقد قضت بجلسة 15/4/2014، بوقف الفصل في موضوع الاستئنافين، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستوريته.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، تنص على أن "يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها: (أ) العامل: ...... (ب) صاحب العمل: كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر. (ج) الأجر: ..........". 
وتنص المادة (3) من ذلك القانون على أن "يعتبر هذا القانون، القانون العام الذي يحكم علاقات العمل، وذلك مع مراعاة اتفاقيات العمل الجماعية، ....". 
وتنص المادة (4) من القانون ذاته على أن "لا تسري أحكام هذا القانون على
(أ) ........ (ب) ..... (ج) أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً
وذلك ما لم يرد نص على خلاف ذلك". 
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها، للتثبت من توافر هذا الشرط، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه. ومن ثم، فإنه لا تلازم بين اتصال الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع، وتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغني عن الثانية، فإذا انتهت هذه المحكمة إلى أن الفصل في دستورية النص المحال الذي تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته، ليس له من أثر مباشر على الطلبات المبداة في النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النص القانوني واضحاً جلي المعنى، قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره، ذلك أن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، مما يكون معه القاضي مُضطرا في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها، لا مع حكمتها. ومن ثم، فلا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وضوح النص
وحيث إن من المقرر أنه إذا ورد النص التشريعي مطلقاً، فإنه يُحمل على إطلاقه، إلا إذا ورد نص آخر يقيده، فإن قام الدليل على ما يقيده، كان هذا الدليل صارفاً له عن إطلاقه، ومبيناً المراد منه، فيكون المطلق مقيداً بقيد المقيد، كل ذلك إذا كان موضوع النصين واحداً، فإن اختلف النصان في الحكم، فلا يحمل المطلق على المقيد بل يعمل بالمطلق على إطلاقه في موضعه، والمقيد على قيده في موضعه
وحيث إن المادة (3) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قد صرحت بالقاعدة العامة في شأن سريان أحكامه على الأشخاص، بأن اعتبرته "القانون العام الذي يحكم علاقات العمل"، بينما أوردت المادة (4) من ذلك القانون ثلاث طوائف من العاملين لا تسري عليهم أحكامه، من بينهم ما نص عليه البند (ج) وهم "أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً"، ومن ثم فهذا الاستثناء - طبقاً للقواعد الأصولية - لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه. ومن ناحية أخرى، فقد بين البند (ب) من المادة (1) من قانون العمل المشار إليه، المقصود بصاحب العمل بأنه "كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر"، وقد وردت عبارة هذا النص مطلقة في موضعها، حال أن ما نص عليه البند (ج) من المادة (4) من ذلك القانون - في شأن استثناء أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً، من الخضوع لأحكام ذلك القانون - يُعد بمثابة قيد صارف لإطلاق عبارة نص المادة (1) في شأن المقصود بصاحب العمل، ومبيناً للمراد منه في خصوص هذا الاستثناء. وقد جاءت عبارة البند (ج) من المادة (4) واضحة جلية المعنى، قاطعة في الدلالة على المراد منها، فلا محل للخروج عليها أو تأويلها، بدعوى تفسيرها، فينصرف حكمها إلى صاحب العمل من الأشخاص الطبيعيين، دون سواهم، ذلك أن الشخص الطبيعي هو الذي تكون له أسرة، تربطه بأفرادها صلة قرابة، يتولى إعالتهم فعليا، وذلك في ضوء ما ورد النص عليه في المادتين (34 و35) من القانون المدني، من أنه "تتكون أسرة الشخص من ذوي قرباه، ويعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك"، وأن "القرابة المباشرة، هي الصلة ما بين الأصول والفروع. وقرابة الحواشي، هي الرابطة ما بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك، دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر"، وهو ما لا يتوافر للشخص الاعتباري، إذ لا يتصور في شأنه أن تكون له أسرة، تربطه بأفرادها صلة قرابة، يتولى الإنفاق عليهم وإعالتهم إعالة فعلية بحكم هذه الصلة، فالشخص الاعتباري وإن كان يتمتع بجميع الحقوق، إلا أن ذلك - وعلى ما نصت عليه المادة (53) من القانون المدني - لا يشمل "ما كان ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية". 
متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن صاحب العمل في الدعوى الموضوعية، "شركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية"، شركة مساهمة، ومن ثم فهي شخص اعتباري، لا يسري على العلاقة التي تربطها بالعاملين فيها الاستثناء الوارد النص عليه في البند (ج) من المادة (4) من قانون العمل المشار إليه، بل تظل تلك العلاقة خاضعة لأحكام ذلك القانون، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة في الدعوى المعروضة، لعدم وجود انعكاس للفصل في دستورية ذلك النص على الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق