الصفحات

الخميس، 26 مايو 2016

الاغفال التشريعي لتنظيم الاجازة الخاصة

الطعن 47 لسنة 31 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه.
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 31 قضائية "دستورية".
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد التحق بالعمل بمؤسسة الأهرام في 1/6/1998، وحصل على إجازة بدون مرتب لمدة عام اعتبارا من 1/1/2004, ثم تجددت هذه الإجازة بناء على طلبه حتى 30/6/2008، حيث تم التنبيه عليه بضرورة الانتظام في العمل اعتبارا من 1/7/2008, إلا أنه تغيب عن العمل دون إذن أو عذر مقبول، فأنذرته المؤسسة بتاريخ 16, 26/7/2008 بضرورة الانتظام في العمل وإلا فسيتم إنهاء خدمته، وأخطرت نقابة الصحفيين بعزمها على إنهاء خدمة المذكور، وإزاء استمراره في الانقطاع عن العمل، أقامت المؤسسة الدعوى رقم 8339 لسنة 2008 عمال كلي شمال القاهرة طلبا للحكم بفصل المدعي من الخدمة إعمالاً لنص المادة (69/ 4) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، كما أقام المدعي الدعوى رقم 8423 لسنة 2008 عمال كلي شمال القاهرة طلبا للحكم بإلزام مؤسسة الأهرام بتجديد الإجازة الممنوحة له لمدة سنة قابلة للتجديد، وقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وأثناء نظرهما دفع الحاضر عن المدعي بجلسة 26/11/2008 بعدم دستورية نص المادة (69) وما بعدها من قانون العمل، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية فقد أقام المدعي دعواه الماثلة.
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى الماثلة، فمردود أولاً: بأن المدعي كشف عن أنه لا يتوخى بدعواه هذه، غير مجرد الحكم بعدم دستورية نص المادة (69) المطعون عليها، فيما لم يتضمنه من تنظيم الإجازة الخاصة، ليكون إبطالها مؤديا بالضرورة - ودون تدخل تشريعي - إلى مساواته بالعاملين المدنيين في الدولة الذين يمنحون الإجازة الخاصة دون قيد. ومردود ثانيا: بأن الدستور، وإن خول السلطة التشريعية أصلاً اختصاص إقرار النصوص القانونية، باعتبار أن ذلك مما يدخل في نطاق الدائرة الطبيعية لنشاطها، إلا أن إقرار هذه النصوص لا يعصمها من الخضوع للرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن دستوريتها، وهي رقابة غايتها إبطال ما يكون منها مخالفًا للدستور، ولا سيما ما كان منها متصلاً بالحقوق التي أهدرتها ضمنًا، سواء كان إخلالها بها مقصودا ابتداء، أم كان قد وقع عرضا.
وحيث إن الثابت من مطالعة نص المادة (69) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 يتبين أنه يتعلق بتحديد الحالات التي يجوز فيها فصل العامل، وقد ورد هذا النص ضمن أحكام الفصل الثاني من الباب الخامس من قانون العمل تحت عنوان "التحقيق مع العمال ومساءلتهم" بينما وردت أحكام الإجازات في الباب الرابع من الكتاب الثاني من ذلك القانون.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة إلا باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعي - وفي الحدود التي اختصم فيها النص التشريعي المطعون عليه - الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا مستقلا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية. ثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة في مخاصمته، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن الدفع المبدى من المدعي بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع انصب على نص المادة (69) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 باعتباره النص الذي تطلب مؤسسة الأهرام فصل المدعي من العمل استنادا إلى البند الرابع منه، لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة الإجازة الخاصة السابق منحها له لرعاية والده المريض، إلا أن مناعيه في صحيفة دعواه الدستورية خلت من أية مثالب دستورية توجه إلى هذا النص سوى خلوه من تنظيم الإجازة الخاصة، والتي قد يكون موضعها - إذا تضمنها ذلك القانون - الباب الرابع من الكتاب الثاني الوارد تحت عنوان "الإجازات" وهو ما لم يكن محل طعن المدعي، ومن ثم فإن ما يتصوره المدعي من إخلال هذا النص بحقوقه لا يعود إليه، مما تنتفي معه مصلحة المدعي في الطعن عليه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحيث إنه عن الدفع بعدم الدستورية عن المواد التالية للمادة (69) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 توجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها، بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى مخالفته، وأوجه المخالفة، باعتبار أن هذه البيانات تعد من البيانات الجوهرية التي تنبئ عن جدية الدعوى بما يمكن معها تحديد موضوعها، وإلا كان هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها.
متى كان ما تقدم وكان ما ورد بدفع المدعي أمام محكمة الموضوع، وردده بصحيفة دعواه الدستورية من الطعن بعدم الدستورية على المواد التالية للمادة (69) قد جاء دون تحديد لهذه المواد وأوجه الطعن عليها، ومن ثم يكون هذا الدفع وتلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى أيضا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق