الصفحات

الجمعة، 7 أغسطس 2015

الطعن 9314 لسنة 70 ق جلسة 13 / 9 / 2007 مكتب فني 58 ق 101 ص 501

جلسة 13 سبتمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نير عثمان ، أحمد عبد القوى أحمد ، نجاح موسي ومصطفى الصادق نواب رئيس المحكمة
--------------
(101)
الطعن 9314 لسنة 70 ق
(1) إثبات " بوجه عام ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع . لا يمنع من الإدانة . ما دامت الأدلة القائمة في الدعوى كافية للثبوت .
مثال .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثبات المحكمة في حدود سلطتها التقديرية تمتع الشاهد بكامل قواه العقلية واتزانه النفسي وقدرته على التمييز . موضوعي . الجدل فيه أمام محكمة النقض . غير جائز .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بأن الشاهد مختل عقلياً.
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها على إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر لزوماً لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
دفاع الطاعنين بضعف إبصار الشاهد . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح منازعة دفاع الطاعن بقدرة الشاهد على الرؤية .
(5) إثبات " خبرة " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
للمحكمة الالتفات عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لاستطلاع رأيه . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء .
مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح . غير مقبولة لدى محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بتناقض الدليلين القولي والفني.
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
مثال .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير مقبول . أمام محكمة النقض .
مثال .
(9) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تحديد وقت وقوع الحادث . لا أثر له في ثبوت الواقعة . ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى الأدلة التي ساقتها إلى تحقق وقوعها من الطاعنين .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال .
(10) إثبات " بوجه عام " . دفاع الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفاع الموضوعي . لا يستلزم رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم .
مثال .
(11) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .
(12) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(13) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان إذن القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وببطلان تفتيش المسكن لعدم اشتمال الإذن عليه . من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع . عدم جواز اثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض . حد ذلك ؟
الدفع ببطلان إذن التفتيش . وجوب إبداءه في عبارة صريحة يشتمل على بيان المراد منه .
مثال .
(14) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن الضبط والتفتيش . موضوعي .
(15) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قبض . تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
التفتيش المحظور . ماهيته ؟
دخول المنازل وغيرها من الأماكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من جهة الاختصاص . صحيح .
(16) إثبات " اعتراف " . استدلالات . استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان الاستجواب " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
حق مأموري الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون استجوابه وإثبات ما يقرره في محضر . اعتبار محضره من عناصر الدعوى . حق المحكمة في التعويل عليه متى اطمأنت إليه . أساس وعلة ذلك ؟
(17) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استدعاء الضباط وقضاة التحقيق وأعضاء النيابة شهوداً في القضايا التي لهم عمل فيها . جائز . متى رأت المحكمة محلاً لذلك .
اكتفاء المحكمة بأقوال المبلغ رداً على طلب سماع شهادة الضابط الذي تلقى البلاغ . صحيح .
(18) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة عدم إجابتها طلب سماع شهود نفي دون سلوك الطريق القانوني المرسوم لذلك . غير مقبول .
(19) قضاة " رد القضاة ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
إثارة قيام سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
(20) قتل عمد . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . ظروف مشددة . سبق إصرار . ترصد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني . استفادته من وقائع خارجية يستخلصها القاضي .
ظرف الترصد . مناط تحققه ؟
البحث في توافق ظرف سبق الإصرار والترصد . موضوعي . ما دام سائغاً .
مثال لتسبيب سائغ في استخلاص نية القتل وتوافر ظرف سبق الإصرار والترصد في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد .
(21) باعث . جريمة " أركانها " .
إشارة الحكم إلى أن الباعث على الجريمة هو الرغبة في الأخذ بالثأر دون بيان صلة الجناة والمجني عليه بكل ممن يراد الثأر له ومنه . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(22) إثبات " بوجه عام " . اشتراك . اتفاق . فاعل أصلي . سبق إصرار . جريمة " أركانها " .
مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين . يلزم عنه بالضرورة توافر الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها . عدم التزام المحكمة ببيان وقائع خاصة تفيد الاتفاق .
متى يعتبر الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة ؟
(23) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . كفاية أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم مع ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال .
(24) إثبات " بوجه عام " . استدلالات . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .
(25) قانون " القانون الأصلح " " تطبيقه " . عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " .
صدور القانون 95 لسنة 2003 واستبداله عقوبتي السجن المؤبد والمشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة . ظاهره . أصلح للمتهم . نصه على تنفيذ الأحكام الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون . مفاده : زوال آثار عقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها . أثر ذلك ؟
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استجابت لطلب الدفاع وأعلنت شاهد الإثبات الأول للحضور ثم أمرت بضبطه وإحضاره واستعجلت ذلك مرات عديدة بطرق شتى على مدار سنة كاملة ولم يتم الاستدلال عليه ، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اتخذت من جانبها كافة الوسائل الممكنة لتحقيق دفاع المتهم بشأن طلب سماع شاهد إلا أنه استحال عليها تحقيق هذا الطلب بسبب عدم استدلالها عليه فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعه ولا تكون قد أخطأت في الإجراءات أو أخلت بحق الدفاع إذ إن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من الإدانة ما دامت الأدلة القائمة في الدعوى كافية للثبوت - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره دفاع الطاعنين من أن الشاهد الأول مختل عقلياً ورد عليه بقوله :- " وحيث إنه عن تمسك الدفاع بأن الشاهد الأول مختل عقلياً فإن الثابت عند سؤاله بالتحقيقات أنه أدلى بأقواله أمام السيد الأستاذ وكيل النيابة المحقق بتعقل ، وقد خلت التحقيقات مما يدل على عدم سلامة القوى العقلية للشاهد فضلاً عن أن الرائد ..... قد شهد بالجلسة أمام المحكمة أن الشاهد الأول كان بكامل قواه العقلية ومتزناً نفسياً عند سؤاله بالتحقيقات وأنه بعد ذلك بنحو عشرين يوماً عندما تُوُفِّي أخوه حزناً على مقتل والده أصيب الشاهد " بتعب نفسي " الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعه أن الشاهد الأول عند سؤاله بالاستدلالات والتحقيقات والمعاينة كان بكامل قواه العقلية ومتزناً نفسياً ومن ثم يضحى هذا الدفاع على غير أساس خليقاً بالرفض ". لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أثبتت - في حدود سلطتها التقديرية - تمتع الشاهد الأول بكامل قواه العقلية واتزانه النفسي بما في ذلك قدرته على التمييز وذلك من واقع ما استدلت به من تحقيقات النيابة العامة وأقواله بها وما شهد به الضابط .... أمام المحكمة في هذا الخصوص ، وهو استدلال سليم لا غبار عليه ويخرج عن نطاق ما هو محظور على المحكمة من إقحام نفسها في أمر فني لا تستطيع أن تشق طريقها فيه دون استعانة بأهل الخبرة ، بل لا يعدو أن يكون من الأمور التى تتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه إذ المرجع في شأنه إلى ما تطمئن إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا من المحكمة إجراء تحقيق حول مدى خلو الشاهد الأول من الآفات العقلية فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول ـ
4- لما كان الثابت من محاضر الجلسات أن المدافع عن الطاعنين اقتصر على تجريح شهادة الشاهد الأول بسبب ضعف إبصاره ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ما في هذا الشأن ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بقوله :-" وحيث إنه عن منازعة الدفاع في قدرة الشاهد على الرؤية فإنه فضلاً عن أن هذه المنازعة جاءت قولاً مرسلاً لا سند له فإن المعاينة التى أجرتها النيابة العامة لمكان الحادث وصور لها الشاهد الأول كيفية حدوثه قد خلت مما يشير إلى ضعف بصره أو عدم قدرته على الرؤية للمسافات التى حددها أثناء المعاينة الأمر الذي تستخلص منه المحكمة قدرة الشاهد على رؤية الحادث وكل من المتهمين أثناء اعتدائهم على والده ومن ثم يضحى هذا الدفاع على غير أساس خليقاً بالرفض . " ، وكان هذا الذي أورده الحكم مما يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين وهو في هذا الخصوص دفاع موضوعي متعلق بواقعة يمكن إدراكها بالحس بغير ما حاجة للجوء إلى ذوى الخبرة بشأنها ، فلا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات ما قنعت به في خصوصها على تصوير الشاهد لكيفية ارتكاب المتهمين للحادث بمعاينة النيابة العامة ، خاصة وأن الطاعنين قد سكتوا عن طلب إجراء أي تحقيق فيها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به .
5- لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول دفاع الطاعنين بشأن الإدعاء بوجود تعارض بين الدليلين القولي والفني ورد عليه بقوله :- " وحيث إنه عن تمسك الدفاع الحاضر مع المتهمين بتناقض وصف الشاهد للواقعة مع تقرير الصفة التشريحية فإن الثابت من جماع شهادة شهود الإثبات الثلاثة الأول ومن تقريري الصفة التشريحية وفحص السلاح الناري والأداة الصلبة المضبوطين أن كلاً من المتهمين الثلاثة عندما ظفروا بالمجني عليه عاجله المتهم الأول بضربة من الخلف على رأسه بالأداة الصلبة التى كان يحملها " فأس " فسقط على الأرض على ظهره فانهال على وجه ورأسه بذات الأداة ، بينما قام المتهم الثاني بإطلاق عيارين ناريين على مقدم عنق ووجه المجني عليه ووقف المتهم الثالث معهما على مسرح الجريمة لشد أزرهما قاصدين من ذلك قتل المجني عليه ، وقد كشف تقرير الصفة التشريحية عن وجود تسعة جروح قطعية منتشرة بمقدم فروة رأس المجني عليه من الناحيتين وبيسار ويمين الجبهة وبأعلى يسار الوجه وبأعلى الحافة الخارجية لصيوان الأذن اليمنى مع وجود كسور قطعية ومفتتة بالعظم الجداري والجبهي على الناحيتين مع تهتك بالسحابا وبالمخ الأمر الذي ترى معه المحكمة أن الضربة الأولى التي كالها المتهم الأول للمجني عليه من الخلف على رأسه هي التي أصابت أعلى الحافة الخارجية لصيوان الأذن اليمنى وأن عنف الضربات التي كالها المتهم الأول للمجني عليه بعد أن سقط أرضاً على ظهره فأصابت مقدم فروة رأسه من الناحيتين ويسار ويمين الجبهة وأعلى يسار الوجه أدى إلى تغير وضع رأس ووجه وعنق المجني عليه - وهي أعضاء متحركة بطبيعتها - قبل أن يطلق المتهم الثاني العيارين الناريين مما جعل اتجاههما ومسارهما مختلفا بالنسبة للوضع الطبيعي القائم للجسم وهو ما حدا بالطبيب الشرعي إلى التنويه بأن وصفه لاتجاه إطلاق الأعيرة النارية ومسارها في الوضع الطبيعي القائم للجسم ومما يؤكد ذلك أن الطبيب الشرعي أثبت بصدر تقريره مذكرة النيابة والتي جاء بها أن المجني عليه بعد أن تلقى الضربة الأولى وسقط أرضاً أحدث به " المتهمان " الأول والثاني باقي الإصابات القطعية والنارية وأنها في مجموعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة ومن مثل الأداة والسلاح الناري المضبوطين موضحاً أن السلاح الناري مششخن مميز بششخان يميني ذو ستة ميازيب ويطلق الأعيرة النارية عيار 9 مم طويل وأن المقذوف الناري المستخرج من رأس المجني عليه من عيار 9 مم طويل على سطحه ستة انطباعات ميزابية يمينية الاتجاه الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعه عدم وجود تعارض بين جماع الدليل القولي المتمثل في شهادة شهود الإثبات الثلاثة الأول وبين الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية وفحص الأداة والسلاح الناري المضبوطين ، ومن ثم يضحى هذا الدفاع على غير أساس خليقاً بالرفض " . وهذا الذي رد به الحكم على قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني سائغ ويستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى التي اطمأنت إليها عقيدة المحكمة وينهض كافياً لدحض تلك القالة ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لاستطلاع رأيه في هذا الصدد أو إجراء مزيد من التحقيقات في أمر تبنته من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيقات ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء خاصة وأن جسم الإنسان متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على دفاع الطاعنين بالتناقض بين الدليلين القولي والفني هو جماع كليهما وإذ كانوا لا يمارون في أن ما حصله الحكم - عند إيراده مؤدى الأدلة - من أقوال الشاهد الأول له معينة من الأوراق فلا يعدو الطعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض .
6- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس .
7- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا تحقيق الطعن بالتزوير على أقوال الشاهد الأول بمضاهاة بصمته على البصمة المنسوبة إليه على محضر تحقيقات النيابة العامة أو بأية وسيلة أخرى ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة عدم قيامها بإجراء لم يطلبونه منها .
8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة وتقريري الصفة التشريحية وفحص السلاح الناري والأداة المستخدمين في الجريمة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، ولا ينازع الطاعنون في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيرونه من أن للواقعة صورة أخرى غير التي رواها الشهود ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على المنازعة في وقت وقوع الحادث واطرحه بقوله : " .... الثابت من شهادة شهود الإثبات سالفة البيان أن مقتل المجني عليه كان بحقله الكائن بناحية ... بمركز ... في نحو الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 23/5/1998 وهو الأمر الذي تأيّد بما ورد بتقرير الصفة التشريحية المثبت به انتقال الطبيب الشرعي الساعة 12,30 ظهر يوم 23/5/1998 إلى مشرحة مستشفى ... العام لتوقيع الكشف الطبي الظاهري وإجراء الصفة التشريحية على جثة المجني عليه وأنه قد صار على الوفاة لحين إجراء فحص الجثة طبياً شرعياً حوالى عدة ساعات ..... لما كان ذلك ، وكان الوقت الذي مضى بين قتل المجني عليه وتوقيع الكشف الظاهري وإجراء الصفة التشريحية على جثته نحو ست ساعات وهو ما قدره الطبيب الشرعي في تقريره بعدة ساعات ". لما كان ذلك ، وكان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى تحقق وقوعها من الطاعنين - كالحال في الدعوى المطروحة - ومع ذلك فقد رد الحكم على دفاع الطاعنين في هذا الشأن - على السياق المتقدم - وهو رد كافٍ وسائغ فإن المنازعة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض .
10- لما كانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنون من دفاع مؤداه أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته بدلالة خلو معاينة الشرطة من وجود ثمة دماء أسفل الجثة وأطرحته بما مفاده أنه قد ثبت من معاينة النيابة العامة وجود دماء غزيرة أسفل رأس المجني عليه ، وانتهت المحكمة من ذلك إلى رفض دفاعهم وهو قول يسوغ به اطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ومن بينهما أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
11- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التى أوردتها ، وكانت المحكمة في الدعوى الراهنة قد اقتنعت بناءً على الأدلة السائغة التى أوردتها بأن الضبط والتفتيش تما بناءً على إذن النيابة العامة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
12- من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن البرقية المرفقة بالتحقيقات والتى تساند إليها الطاعنون للتدليل على أن القبض عليهم تم قبل صدور الإذن لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كالحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
13- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا ببطلان إذن القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وببطلان تفتيش مسكن الطاعن الثاني لعدم اشتمال الإذن عليه وكان هذان الدفعان من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماتهما لأنهما يقتضيان تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنين قد ضمن مرافعته قوله : " عدم جدية التحريات لأن هناك أمرًا ضمنيًّا بشأن المتهم الرابع .... " إذ هو قول مرسل على إطلاقه يفيد الترجيح ولا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه .
14- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بُنى عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
15- من المقرر أن الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن ، أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون ولا محل له .
16- من المقرر أنه طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى تحقيقه منه ، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان محاضر جمع الاستدلالات والضبط وما تضمنته من اعترافات الطاعنين بالجرائم المسندة إليهم فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد .
17- من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع استدعاء الضباط وقضاة التحقيق وأعضاء النيابة شهوداً في القضايا التي لهم عمل فيها إلا أن استدعاء أي منهم لا يكون إلا متى رأت المحكمة أو السلطة التي تؤدي الشهادة أمامها محلاً لذلك ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة لم تر مبرراً لإجابة الطاعنين باستدعاء الضابط الذي تلقى بلاغ الحادث بعد أن اطمأنت إلى أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة - ومن بينهم المبلغ بالحادث - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
18- لما كان الدفاع وإن طلب في ختام مرافعته سماع الجيران الملاصقين لمكان الحادث وشيخ وعمدة الناحية ، وهم بهذه المثابة شهود نفي ، إلا أنه لما كان الطاعنون لم يسلكوا الطريق الذي رسمه الشارع في المواد 185 ، 186 ، 187 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ذلك ضرورة إعلانهم قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل طالما لم يدرجوا في قائمة الشهود ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة عدم إجابتهم إلى طلب سماعهم .
19- من المقرر أنه إذ أقام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية - وهو ما يلوح به الطاعنون في طعنهم - فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً لكي يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع فإن لم يفعل - ـكما هو الحال في المطروحة - فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
20- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض على استقلال لنية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد واستظهر توافرها في حق الطاعنين في قوله : " ... لما كان ذلك ، وكان الثابت من شهادة شهود الإثبات ومن تقريري الصفة التشريحية وفحص الأداة والسلاح الناري المضبوطين ومن المعاينة التى أجرتها النيابة لمكان الحادث ومن ظروف وملابسات الواقعة وجود خصومة ثأرية بين عائلة المجني عليه والمتهمين وأن المتهمين فكروا في هدوء وتروٍ ووازنوا بين عواقب الإقدام على الأخذ بالثأر وعواقب التراجع عن ذلك إلى أن استقر رأيهم على الأخذ بالثأر بقتل المجني عليه فبيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أداة صلبة وسلاحاً نارياً مششخناً محشوا بالطلقات ولعلمهم اليقيني بأن المجني عليه يتوجه كل يوم في الصباح الباكر إلى حقله ، حمل المتهم الأول الأداة والمتهم الثاني السلاح الناري وذهب ثلاثتهم إلى مكان حقل المجني عليه وترصدوه في الطريق الترابي القريب من الحقل وما إن حضر المجني عليه ونزل إلى حقله حتى أسرع كل من المتهمين الثلاثة من خلفه وعاجله المتهم الأول بضربة بتلك الأداة من الخلف على رأسه فسقط أرضاً على ظهره فكال له ذات المتهم بتلك الأداة عدة ضربات على رأسه ووجهه ، بينما قام المتهم الثاني بإطلاق عيارين ناريين من السلاح الناري الذي يحمله أصاب عنق ووجه المجني عليه ووقف المتهم الثالث على مسرح الجريمة لشد أزرهما قاصدين من ذلك قتله ، الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعة بيقين لا يداخله شك توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق كل من المتهمين الثلاثة " . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكلاً إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي ، كما أن ظرف الترصد يتحقق بتربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالإعتداء ، وكان البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب هذه الظروف والعناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق سالف البيان كافياً في استظهار نية القتل وثبوت قيامها في حق الطاعنين كما يسوغ به استخلاص توافر ظرفي في سبق الإصرار والترصد فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد .
21- من المقرر أنه لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى أن الباعث على الجريمة هو الرغبة في الأخذ بالثأر دون أن يوضح الصلة بين من اقترفوا القتل وبين من يراد الثأر له والرابطة بين المجني عليه وبين من يراد الثأر منه لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنا من أركانها أو عنصراً من عناصرها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
 22 - من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبنيته من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم الطاعنين جميعاً على قتل المجني عليه كما أثبت قيام الطاعن الثالث بشد أزر الأول والثاني على مسرح الجريمة فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه ، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كافٍ بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين الثلاثة على قتل المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعنين جميعاً فاعلين أصليين في جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لهذا التصميم وذلك الاتفاق ، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله .
23- لما كان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم مع ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينة لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن أقوال الشاهد الثالث لا تجزم بسيطرته على مكان ضبط السلاح لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته محكمة النقض .
24- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون له محل.
25- لما كان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهر معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن معه لمحكمة النقض لهذه المحكمة أن تصحح الحكم الصادر في هذه الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه : " ..... واعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال " . بما يعني أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها ، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم : المتهمين قتلوا ..... عمداً من غير سبق إصرار أو ترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً وفأساً وترصدوه في الطريق الموصل إلى زراعته والذي أيقنوا سلفاً مرور فيه وما أن ظفروا به حتى ضربه المتهم الأول بالفأس على رأسه ، بينما أطلق عليه المتهم الثاني عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتله ، فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته بينما كان المتهم الثالث يراقب الطريق ويشد من أزرهما . المتهم الثاني أيضاً : 1- أحرز بغـير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً مسدساً فردياً . 2- أحرز ذخيرة عدد (ثلاث طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سـالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته وإحرازه . المتهم الأول أيضاً :- أحرز سلاحاً أبيض " فأساً " مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازه أو حمله مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكرراً / 2 ، 5 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981والبند رقم (11) من الجدول رقم (1) والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحقين به ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 /1 من قانون العقوبات . بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليه مع مصادرة السلاح الناري والسلاح الأبيض (الفأس) المضبوطين ومعاقبة الثالث بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة بلا مصاريف .
فطعن المحكوم عليهم جميعاً في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيـث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان ثلاثتهم بجريمة القتل العمد مـع سبـق الإصرار والترصد كما دان الثاني أيضاً بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بغير ترخيص والثالث بجريمة إحراز سلاح أبيض دون مسوغ حرفي أو مهني قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن المحكمة لم تجبهم إلى طلبهم الجازم سماع أقوال شاهد الإثبات الأول باعتباره شاهد الرؤية الوحيد وقد خلا بلاغه في بادئ الأمر من تحديد الجناة ولم تقم بما كان ينبغي عليها القيام به لاستدعائه وردت في حكمها المطعون فيه على طلبهم هذا برد غير سائغ ، كما رد الحكم بما لا يصلح رداً على دفاعهم القائم على أن الشاهد المذكور به آفة عقلية بدلالة ما ذكره ضابط المباحث من أنه فقد صوابه وهام على وجهه وأنه لا يستطيع الرؤية من المسافة التي ذكرها لضعف إبصاره ، واستند الحكم في رده على هذا الدفاع إلى أقوال ذلك الشاهد بتحقيقات النيابة العامة رغم أنها محل النعي ، وإلى ما شهد به الضابط أمام المحكمة في هذا الشأن وهو ليس من أهل الفن المختصين ، وإلى ما ورد بمعاينة النيابة العامة من إمكانية رؤية مكان الحادث من المسافة التي قدرها الشاهد رغم أن ذلك لا يعني اختبار قدرته على الإبصار ، ولم تقم المحكمة بتحقيق هذا الدفاع عن طريق أهل الفن أو بسؤال أهل الشاهد وذويه ورجال الإدارة ومن عساه أن يكون قد باشر حالته من الأطباء للوقوف على مدى سلامة عقله وقدرته على الإبصار ، وقام دفاع الطاعنين على التناقض بين الدليلين القولي والفني من حيث عدد الضربات التي كالها الطاعن الأول للمجني عليه ومواضعها وعدد الطلقات النارية التي أصابه بها الطاعن الثاني ومسافة إطلاقها إلا أن الحكم عول على الدليلين رغم تعارضهما ، وفي مقام المواءمة بينهما جاء استخلاصه لأقوال الشاهد الأول مخالفاً لصريح روايته وبما لا يصلح رداً على هذا الدفاع واطرح بما لا يسوغ دفاعهم القائم على أن شخصاً آخر خلاف الشاهد الأول هو الذي أبلغ بالواقعة وأدلى بالشهادة منتحلاً شخصيته بدلالة إخفاء ذلك الشاهد وحجبه عن المثول أمام المحكمة حتى لا تظهر الحقيقة ، ولم تقم المحكمة بتحقيق هذا الدفاع عن طريق مضاهاة البصمة الموضوعية على محضر التحقيق ببصمة الشاهد الأول أو في القليل بسؤال رجال الإدارة ، وعلى دفاعهم بأن للواقعة صورة أخرى ، وأن الحادث وقع في زمان ومكان مختلفين عن الثابت بالأوراق بدلالة التطورات الرمية التى بدت على الجثة رغم حفظها بثلاجة المشرحة ووضع الثلج عليها قبل معاينة النيابة وخلو معاينة الشرطة - وهي المعاينة الأولى - من وجود آثار دماء أسفل الجثة ولم تقم المحكمة بواجبها في تحقيق هذا الدفاع عن طريق مناقشة الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين ، واطرح الحكم بما لا يسوغ دفاع الطاعنين ببطلان القبـض عليهـم لحصولـه قبـل صدور الإذن به بدلالة البرقية التلغرافية المرفقة بالأوراق ، وببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة استبعاد النيابة لمتهم رابع أشارت تلك التحريات إلى مساهمته في اقتـراف الجريمة ، ورد الحكم بما لا يصلح رداً على دفعهم ببطلان إقراراتهم بارتكاب الواقعــة بمحضر جمع الاستدلالات لكونها وليدة استجواب باطل ولحصولها نتيجة إكراه معنوي تمثل في حجز نسائهم بمقر الشرطة ، والتفتت المحكمة عن طلبهم سؤال الضابط الذي تلقى البلاغ بالواقعة وحرر محضر جمع الاستدلالات وعمدة الناحية وشيخها والجيران الملاصقين لمكان الحادث ، هذا إلى أن فصل المحكمة في الدعوى دون أن تحقق دفاع الطاعنين من شأنه أن يفصح عن رغبتها الجامحة في القضاء بإدانتهم ، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد وعلى توافر الاتفاق بين الطاعنين سيما وأن الطاعن الثالث لم يكن له دور مؤثر في ارتكاب الجريمة ، وأسند الحكم للطاعن الثاني جريمة إحراز سلاح وذخيرة بغير ترخيص ودانه بها رغم عدم جزم الضابط بسيطرته على مكان ضبط السلاح ، وأخيراً فقد عول الحكم على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجـب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استجابت لطلب الدفاع وأعلنت شاهد الإثبات الأول للحضور ثم أمرت بضبطه وإحضاره واستعجلت ذلك مرات عديدة بطرق شتى على مدار سنة كاملة ولم يتم الاستدلال عليه ، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اتخذت من جانبها كافة الوسائل الممكنة لتحقيق دفاع المتهم بشأن طلب سماع شاهد إلا أنه استحال عليها تحقيق هذا الطلب بسبب عدم استدلالها عليه فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعه ولا تكون قد أخطأت في الإجراءات أو أخلت بحق الدفاع إذ إن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من الإدانة ما دامت الأدلة القائمة في الدعوى كافية للثبوت - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره دفاع الطاعنين من أن الشاهد الأول مختل عقليا ورد عليه بقوله :- " وحيث إنه عن تمسك الدفاع بأن الشاهد الأول مختل عقلياً فإن الثابت عند سؤاله بالتحقيقات أنه أدلى بأقواله أمام السيد الأستاذ وكيل النيابة المحقق بتعقل ، وقد خلت التحقيقات مما يدل على عدم سلامة القوى العقلية للشاهد فضلاً عن أن الرائد ...... قد شهد بالجلسة أمام المحكمة أن الشاهد الأول كان بكامل قواه العقلية ومتزناً نفسياً عند سؤاله بالتحقيقات وأنه بعد ذلك بنحو عشرين يوماً عندما تُوُفِّي أخوه حزناً على مقتل والده أصيب الشاهد " بتعب نفسي " الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعه أن الشاهد الأول عند سؤاله بالاستدلالات والتحقيقات والمعاينة كان بكامل قواه العقلية ومتزناً نفسياً ومن ثم يضحى هذا الدفاع على غير أساس خليقاً بالرفض ". لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أثبتت - في حدود سلطتها التقديرية - تمتع الشاهد الأول بكامل قواه العقلية واتزانه النفسي بما في ذلك قدرته على التمييز وذلك من واقع ما استدلت به من تحقيقات النيابة العامة وأقواله بها وما شهد به الضابط .... أمام المحكمة في هذا الخصوص ، وهو استدلال سليم لا غبار عليه ويخرج عن نطاق ما هو محظور على المحكمة من إقحام نفسها في أمر فني لا تستطيع أن تشق طريقها فيه دون استعانة بأهل الخبرة ، بل لا يعدو أن يكون من الأمور التى تتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه إذ المرجع في شأنه إلى ما تطمئن إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا من المحكمة إجراء تحقيق حول مدى خلو الشاهد الأول من الآفات العقلية فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول - لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر الجلسات أن المدافع عن الطاعنين اقتصر على تجريح شهادة الشاهد الأول بسبب ضعف إبصاره ولم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ما في هذا الشأن ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع واطرحه بقوله :-" وحيث إنه عن منازعة الدفاع في قدرة الشاهد على الرؤية فإنه فضلاً عن أن هذه المنازعة جاءت قولاً مرسلاً لا سند له فإن المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الحادث وصور لها الشاهد الأول كيفية حدوثه قد خلت مما يشير إلى ضعف بصره أو عدم قدرته على الرؤية للمسافات التي حددها أثناء المعاينة الأمر الذي تستخلص منه المحكمة قدرة الشاهد على رؤية الحادث وكل من المتهمين أثناء اعتدائهم على والده ومن ثم يضحى هذا الدفاع على غير أساس خليقاً بالرفض . " ، وكان هذا الذي أورده الحكم مما يسوغ به إطراح دفاع الطاعنين وهو في هذا الخصوص دفاع موضوعي متعلق بواقعة يمكن إدراكها بالحس بغير ما حاجة للجوء إلى ذوى الخبرة بشأنها ، فلا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات ما قنعت به في خصوصها على تصوير الشاهد لكيفية ارتكاب المتهمين للحادث بمعاينة النيابة العامة ، خاصة وأن الطاعنين قد سكتوا عن طلب إجراء أي تحقيق فيها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول دفاع الطاعنين بشأن الادعاء بوجود تعارض بين الدليلين القولي والفني ورد عليه بقوله :- " وحيث إنه عن تمسك الدفاع الحاضر مع المتهمين بتناقض وصف الشاهد للواقعة مع تقرير الصفة التشريحية فإن الثابت من جماع شهادة شهود الإثبات الثلاثة الأول ومن تقريري الصفة التشريحية وفحص السلاح الناري والأداة الصلبة المضبوطين أن كلاً من المتهمين الثلاثة عندما ظفروا بالمجني عليه عاجله المتهم الأول بضربة من الخلف على رأسه بالأداة الصلبة التي كان يحملها " فأس " فسقط على الأرض على ظهره فانهال على وجه ورأسه بذات الأداة ، بينما قام المتهم الثاني بإطلاق عيارين ناريين على مقدم عنق ووجه المجني عليه ووقف المتهم الثالث معهما على مسرح الجريمة لشد أزرهما قاصدين من ذلك قتل المجني عليه ، وقد كشف تقرير الصفة التشريحية عن وجود تسعة جروح قطعية منتشرة بمقدم فروة رأس المجني عليه من الناحيتين وبيسار ويمين الجبهة وبأعلى يسار الوجه وبأعلى الحافة الخارجية لصيوان الأذن اليمنى مع وجود كسور قطعية ومفتتة بالعظم الجداري والجبهي على الناحيتين مع تهتك بالسحابا وبالمخ الأمر الذي ترى معه المحكمة أن الضربة الأولى التي كالها المتهم الأول للمجني عليه من الخلف على رأسه هي التي أصابت أعلى الحافة الخارجية لصيوان الأذن اليمنى وأن عنف الضربات التي كالها المتهم الأول للمجني عليه بعد أن سقط أرضاً على ظهره فأصابت مقدم فروة رأسه من الناحيتين ويسار ويمين الجبهة وأعلى يسار الوجه أدى إلى تغير وضع رأس ووجه وعنق المجني عليه - وهي أعضاء متحركة بطبيعتها - قبل أن يطلق المتهم الثاني العيارين الناريين مما جعل اتجاههما ومسارهما مختلفا بالنسبة للوضع الطبيعي القائم للجسم وهو ما حدا بالطبيب الشرعي إلى التنويه بأن وصفه لاتجاه إطلاق الأعيرة النارية ومسارها في الوضع الطبيعي القائم للجسم ومما يؤكد ذلك أن الطبيب الشرعي أثبت بصدر تقريره مذكرة النيابة والتي جاء بها أن المجني عليه بعد أن تلقى الضربة الأولى وسقط أرضاً أحدث به " المتهمان " الأول والثاني باقي الإصابات القطعية والنارية وأنها في مجموعها جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة ومن مثل الأداة والسلاح الناري المضبوطين موضحاً أن السلاح الناري مششخن مميز بششخان يميني ذو ستة ميازيب ويطلق الأعيرة النارية عيار 9 مم طويل وأن المقذوف الناري المستخرج من رأس المجني عليه من عيار 9 مم طويل على سطحه ستة انطباعات ميزابية يمينية الاتجاه الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعه عدم وجود تعارض بين جماع الدليل القولي المتمثل في شهادة شهود الإثبات الثلاثة الأول وبين الدليل الفني المتمثل في تقريري الصفة التشريحية وفحص الأداة والسلاح الناري المضبوطين ، ومن ثم يضحى هذا الدفاع على غير أساس خليقاً بالرفض " . وهذا الذي رد به الحكم على قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني سائغ ويستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى التي اطمأنت إليها عقيدة المحكمة وينهض كافياً لدحض تلك القالة ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لاستطلاع رأيه في هذا الصدد أو إجراء مزيد من التحقيقات في أمر تبنته من عناصر الدعوى وما بوشر فيها من تحقيقات ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء خاصة وأن جسم الإنسان متحرك ولا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مقام الرد على دفاع الطاعنين بالتناقض بين الدليلين القولي والفني هو جماع كليهما وإذ كانوا لا يمارون في أن ما حصله الحكم - عند إيراده مؤدى الأدلة - من أقوال الشاهد الأول له معينة من الأوراق فلا يعدو الطعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا تحقيق الطعن بالتزوير على أقوال الشاهد الأول بمضاهاة بصمته على البصمة المنسوبة إليه على محضر تحقيقات النيابة العامة أو بأية وسيلة أخرى ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة عدم قيامها بإجراء لم يطلبونه منها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة وتقريري الصفة التشريحية وفحص السلاح الناري والأداة المستخدمين في الجريمة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، ولا ينازع الطاعنون في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيرونه من أن للواقعة صورة أخرى غير التي رواها الشهود ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على المنازعة في وقت وقوع الحادث واطرحه بقوله : " .... الثابت من شهادة شهود الإثبات سالفة البيان أن مقتل المجني عليه كان بحقله الكائن بناحية ... بمركز ... في نحو الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 23/5/1998 وهو الأمر الذي تأيّد بما ورد بتقرير الصفة التشريحية المثبت به انتقال الطبيب الشرعي الساعة 12,30 ظهر يوم 23/5/1998 إلى مشرحة مستشفى ... العام لتوقيع الكشف الطبي الظاهري وإجراء الصفة التشريحية على جثة المجني عليه وأنه قد صار على الوفاة لحين إجراء فحص الجثة طبياً شرعياً حوالى عدة ساعات ..... لما كان ذلك ، وكان الوقت الذي مضى بين قتل المجني عليه وتوقيع الكشف الظاهري وإجراء الصفة التشريحية على جثته نحو ست ساعات وهو ما قدره الطبيب الشرعي في تقريره بعدة ساعات ". لما كان ذلك ، وكان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى تحقق وقوعها من الطاعنين - كالحال في الدعوى المطروحة - ومع ذلك فقد رد الحكم على دفاع الطاعنين في هذا الشأن - على السياق المتقدم - وهو رد كافٍ وسائغ فإن المنازعة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الطاعنون من دفاع مؤداه أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته بدلالة خلو معاينة الشرطة من وجود ثمة دماء أسفل الجثة واطرحته بما مفاده أنه قد ثبت من معاينة النيابة العامة وجود دماء غزيرة أسفل رأس المجني عليه ، وانتهت المحكمة من ذلك إلى رفض دفاعهم وهو قول يسوغ به اطراح دفاع الطاعنين في هذا الشأن هذا إلى أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم ومن بينهما أقوال الشهود التى اطمأنت إليها المحكمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة في الدعوى الراهنة قد اقتنعت بناءً على الأدلة السائغة التي أوردتها بأن الضبط والتفتيش تما بناءً على إذن النيابة العامة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد ، ولا ينال من سلامة الحكم التفاته عن البرقية المرفقة بالتحقيقات والتي تساند إليها الطاعنون للتدليل على أن القبض عليهم تم قبل صدور الإذن لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كالحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا ببطلان إذن القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وببطلان تفتيش مسكن الطاعن الثاني لعدم اشتمال الإذن عليه وكان هذان الدفعان من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماتهما لأنهما يقتضيان تحقيقا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنين قد ضمن مرافعته قوله : " عدم جدية التحريات لأن هناك أمرًا ضمنيًّا بشأن المتهم الرابع ..... " إذ هو قول مرسل على إطلاقه يفيد الترجيح ولا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، كما أنه من المقرر أن الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المساكن ، أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه وتفتيشه من الجهة صاحبة الاختصاص - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على ذلك الشخص ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى تحقيقه منه ، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان محاضر جمع الاستدلالات والضبط وما تضمنته من اعترافات الطاعنين بالجرائم المسندة إليهم فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع استدعاء الضباط وقضاة التحقيق وأعضاء النيابة شهوداً في القضايا التي لهم عمل فيها إلا أن استدعاء أي منهم لا يكون إلا متى رأت المحكمة أو السلطة التي تؤدي الشهادة أمامها محلاً لذلك ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة لم تر مبرراً لإجابة الطاعنين باستدعاء الضابط الذي تلقى بلاغ الحادث بعد أن اطمأنت إلى أقوال الشهود بتحقيقات النيابة العامة - ومن بينهم المبلغ بالحادث - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الدفاع وإن طلب في ختام مرافعته سماع الجيران الملاصقين لمكان الحادث وشيخ وعمدة الناحية ، وهم بهذه المثابة شهود نفي ، إلا أنه لما كان الطاعنون لم يسلكوا الطريق الذي رسمه الشارع في المواد 185 ، 186 ، 187 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ذلك ضرورة إعلانهم قبل الجلسة بثلاثة أيام على الأقل طالما لم يدرجوا في قائمة الشهود ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة عدم إجابتهم إلى طلب سماعهم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذ أقام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية - وهو ما يلوح به الطاعنون في طعنهم - فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً لكي يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع فإن لم يفعل - ـكما هو الحال في المطروحة - فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض على استقلال لنية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد واستظهر توافرها في حق الطاعنين في قوله : " ... لما كان ذلك ، وكان الثابت من شهادة شهود الإثبات ومن تقريري الصفة التشريحية وفحص الأداة والسلاح الناري المضبوطين ومن المعاينة التى أجرتها النيابة لمكان الحادث ومن ظروف وملابسات الواقعة وجود خصومة ثأرية بين عائلة المجني عليه والمتهمين وأن المتهمين فكروا في هدوء وتروٍ ووازنوا بين عواقب الإقدام على الأخذ بالثأر وعواقب التراجع عن ذلك إلى أن استقر رأيهم على الأخذ بالثأر بقتل المجني عليه فبيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أداة صلبة وسلاحاً نارياً مششخناً محشوا بالطلقات ولعلمهم اليقيني بأن المجني عليه يتوجه كل يوم في الصباح الباكر إلى حقله ، حمل المتهم الأول الأداة والمتهم الثاني السلاح الناري وذهب ثلاثتهم إلى مكان حقل المجني عليه وترصدوه في الطريق الترابي القريب من الحقل وما إن حضر المجني عليه ونزل إلى حقله حتى أسرع كل من المتهمين الثلاثة من خلفه وعاجله المتهم الأول بضربة بتلك الأداة من الخلف على رأسه فسقط أرضاً على ظهره فكال له ذات المتهم بتلك الأداة عدة ضربات على رأسه ووجهه ، بينما قام المتهم الثاني بإطلاق عيارين ناريين من السلاح الناري الذي يحمله أصاب عنق ووجه المجني عليه ووقف المتهم الثالث على مسرح الجريمة لشد أزرهما قاصدين من ذلك قتله ، الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعة بيقين لا يداخله شك توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق كل من المتهمين الثلاثة " . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذا القصد موكلاً إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، بل هي تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها منها القاضي ، كما أن ظرف الترصد يتحقق بتربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالإعتداء ، وكان البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب هذه الظروف والعناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق سالف البيان كافياً في استظهار نية القتل وثبوت قيامها في حق الطاعنين كما يسوغ به استخلاص توافر ظرفي في سبق الإصرار والترصد فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يضير الحكم أن يكون قد أشار إلى أن الباعث على الجريمة هو الرغبة في الأخذ بالثأر دون أن يوضح الصلة بين من اقترفوا القتل وبين من يراد الثأر له والرابطة بين المجني عليه وبين من يراد الثأر منه لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركنا من أركانها أو عنصراً من عناصرها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبنيته من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم الطاعنين جميعاً على قتل المجني عليه كما أثبت قيام الطاعن الثالث بشد أزر الأول والثاني على مسرح الجريمة فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهم محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه ، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كافٍ بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين الثلاثة على قتل المجني عليه من معيتهم في الزمان والمكان وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعنين جميعاً فاعلين أصليين في جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لهذا التصميم وذلك الاتفاق ، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم مع ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينة لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أن أقوال الشاهد الثالث لا تجزم بسيطرته على مكان ضبط السلاح لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث - كالحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبـتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهر معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن معه لمحكمة النقض لهذه المحكمة أن تصحح الحكم الصادر في هذه الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه : " ..... واعتباراً من تاريخ صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال " . بما يعني أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها ، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق