الصفحات

الأحد، 19 أبريل 2015

الطعن 20640 لسنة 67 ق جلسة 25 / 3 / 2007 مكتب فني 58 ق 59 ص 311

جلسة 25 مارس سنة 2007
برئاسة السيد المستشار/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مجدي أبو العلا ، هاني خليل ، طلعت عبد الله نواب رئيس المحكمة وعلي حسنين.
------------
(59)
الطعن 20640 لسنة 67 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قبض . احتجاز بدون أمر أحد الحكام . تعذيب . جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القبض دون وجه حق . ماهيته ؟
التعذيبات البدنية . عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها . تقدير توافرها . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بانتفاء أركان جريمة القبض والاحتجاز بدون وجه حق .
(3) جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
جريمة القبض دون وجه حق . توافرها : بمجرد حرمان المجني عليه من حريته فترة من الزمن طالت أم قصرت .
مثال لتدليل سائغ على انتفاء التناقض بين أقوال الشهود التي استخلصتها المحكمة في حكم صادر بالإدانة بجريمة القبض بدون وجه حق .
 (4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها . ما دام سائغا .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
ورود أقوال الشاهد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها. غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
 (5) إثبات " شهود ". إجراءات " إجراءات التحقيق" " إجراءات المحاكمة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
اكتمال عناصر الشهادة قانوناً بحلف الشاهد اليمين .
حق المحكمة الاعتماد على أقوال شاهد بغير حلفه اليمين . موضوعي . أساس ذلك ؟
 (6) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها " .
الاستعانة بمترجم يتولى أعمال الترجمة . لا يعيب إجراءات التحقيق . علة ذلك ؟
(7) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات . إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً . لا يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات . مادامت أقوالهم مطروحة على بساط البحث .
مثال .
(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأصل في الإجراءات الصحة . اكتساب محضر الجلسة حجيته بما ورد به . ما لم يجر تصحيحه بالطريق القانوني . 
مثال .
(9) إثبات " بوجه عام ". جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم العثور على جثة المجني عليها . غير قادح في ثبوت جريمة الضرب المفضي إلى الموت .
النعي بأن الجثة التي تم تشريحها ليست جثة للمجني عليها . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال لتدليل سائغ على استدلال المحكمة بأن الجثة التي تم تشريحها للمجني عليها .
(10) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
التناقض الذي يبطل الحكم . ماهيته ؟
خلو تقريري مصلحة الطب الشرعي من شبهة التناقض . استناد الحكم إليهما في الإدانة . لا يعيبه .
مثال .
(11) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(12) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . الـتفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير جائز .
(14) إثبات " معاينة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة . دفاع موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابته .
 (15) إثبات " بوجه عام " . اتفاق . فاعل أصلي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . مسئولية جنائية .
مسئولية الجاني بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . مناط تحققها ؟
الاتفاق . ماهيته ؟
الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن . جائز . إثبات الحكم تقابل إرادة المتهمين على التداخل في الجريمتين اللتين دانهم بها لا مجرد التوافق بينهم عليها . لا قصور . ما دام سائغاً .
 (16) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " العقوبة المبررة ". سبق إصرار . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنين بشأن عدم التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . غير مجد . ما دامت المحكمة أدانتهم بجريمة القبض دون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية وأوقعت عليهم عقوبتها بوصفها الأشد .
(17) نقض " أسباب الطعن . تحديدها ".
وضوح وجه الطعن وتحديده . شرط لقبوله . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تقهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قبضوا على المجني عليها واحتجزوها بإحدى غرف مسكنهم ، وجرى تعذيبها بتعذيبات بدنية أحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أفضت إلى موتها ، وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق المقترن بالتعذيبات البدنية والاحتجاز وجريمة الضرب المفضي إلى الموت المنصوص عليها فى المواد 236 ،280 ، 282/2 من قانون العقوبات ، ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين أركان الجريمتين اللتين دانهم بارتكابهما ، ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثار في هذا الصدد في غير محله . فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء جريمتي القبض والاحتجاز بقوله : " .... ما ذهب إليه الدفاع من أن الشخص لا يحتجز في مسكنه ولأن المجني عليها كانت تتحرك بحرية داخل السكن فهو قول فيه مخالفة للقانون ومردود عليه بأن هذه الجريمة تتحقق بمجرد حرمان المجني عليه من حريته في التجول ولا عبرة بالمكان الذي يتم فيه القبض والاحتجاز فيستوي إيداع المجني عليه في سجن أو اقتياده إلى الشرطة أو المنع من مغادرة المسكن على نحو ما تحقق بالنسبة للمجني عليها كذلك لا عبره بوسيلة القبض إذ يستوي استعمال الإكراه أو حتى مجرد إصدار أمر شفوي إلى المقبوض عليه بعدم الحركة أو مغادرة مكانه وكل ما يلزم في هذا أن يكون القبض والاحتجاز قد جاء على غير إرادة المجني عليها كما سلف بيانه فإن ما رد به الحكم سائغ وكان ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد في غير محله .
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قــصدته المحكمة ، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الثالث من أنه كان يتحدث مع المجني ، عليها ومن أقوال الشاهدة الرابعة من شهود الإثبات من أن المجني عليها اتصلت بها تليفونياً وهي تبكي من اعتداء المتهمين عليها بالضرب كما أن المجني عليها ليس لها محل إقامة أخر لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعنين من أنهم قبضوا على المجني عليها واحتجزوها بإحدى غرف المسكن ، إذ المقرر قانوناً بشأن الجريمة التي أثبتها الحكم في حقهم توافرها بمجرد حرمانها من حريتها فترة من الزمن طالت أو قصرت .
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق . وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن تكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها . كما انه المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة واستحالة حدوثها أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5 - لما كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانونياً إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلفه أنها شهادة وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ومن حق محكمة الموضوع أن تعتمد على أقوال هؤلاء الشهود إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال .
6 - لما كان الأصل أن تجري المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها – فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمترجم كي يتولى أعمال الترجمة ، إذ هو متعلق بظروفه ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره ، وكان رد الحكم على دفع الطاعن في هذا الخصوص كافياً ويستقم به ما خلص إليه إطراحه ، فإن منعى الطاعن عليه يكون غير سديد .
7 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعنين قد اعترضوا على ذلك فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن سماعهم .
8 - لما كان البيّن من محضر الجلسة أنه خلا من طلب سماع شهود الإثبات – خلافاً لما يزعمه الطاعنون بأسباب طعنهم – وكان من المقرر أن الأصل في الإجـراءات الصحة ، وأن محضر جلسة المحاكمة يكتسب حجيته بما ورد به ما دام لم يجر تصحيح ما اشتمل عليه بالطريق القانوني ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل .
9 - لما كان الحكم عرض لدفاع الطاعنين القائم على التشكيك في أن الجثة للمجني عليها ورد عليه بقوله : " وحيث أن المحكمة تلتفت عن الدفاع المتناقض والقول المتنافر تارة بأن الجثة التي أجرى الطبيب الشرعي تشريحها ليست جثة المجني عليها .... وإنما هي جثة امرأة أخرى من ذات جنسيتها ... أيضاً ولا يعرف كيف وصلت إلى المشرحة وتارة بمقولة إن الجثة جثتها الأحشاء أحشاؤها وإن تطايرت منها المواد التي كانت سبباً في وفاتها منتحرة وتطرح المحكمة كافة التقارير الاستشارية التي أعدت لخدمة هذا الرأي أو ذاك اطمئناناً من المحكمة واقتناعاً بسلامة عمل الطبيب الشرعي ..... وصحـة ودقة ما اتخذه من إجراءات منذ تلقي قرار النيابة العامة ومذكرتيها بشأن تشريح جثة المجني عليها .... وما ضمنه تقريره وشهد به أمام المحكمة من استظهاره وتمييزه لشخصية المجني عليها وقيامه بوصف حالتها وما بها من إصابات سواء تلك التي بينها من الكشف الطبي الشرعي عليها أو تلك التي كشفت عنها عملية التشريح والسالف وصفها تفصيلاً عند استعراض التقرير المقدم منه ... وحيث إن ما يثيره الدفاع من أن المجني عليها كانت عليها من الملابس عند التشريح غير ما كانت ترتديه في معاينة الشرطة والنيابة العامة فإنه فضلاً عن اطمئنان المحكمة إلى إجراءات الطبيب الشرعي التي أجراها للتأكد من الجثة المطلوب تشريحها ، فإن الثابت بالأوراق أن وكيل النيابة المحقق بعد أن أجرى معاينة الجثة على النحو السالف أنهى محضره بقرار العودة إلى ديوان قسم الشرطة لاستكمال التحقيق دون أن يصدر قرار بشأنها وتركها بموضع العثور عليها داخل الشقة ، فإذا ما كان ذلك وكان الثابت من معاينة الرائد / ..... أن ملابس المجني عليها كانت مبللة من الخارج وكانت الشاهدة الثانية ... قد اعتادت على نحو ما شهدت به فى التحقيق إبدال ثياب المجني عليها لعجزها عن ذلك ، فإنه لم يكن هناك ما يحول بينها وبين هذا وقد انصرفت الشرطة والنيابة ودولاب ملابس المجني عليها إلى جوار الجثة " فإن ما قاله الحكم بشأن استدلاله بأن الجثة للمجني عليها – سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض فضلاً عن أنه لا يقدح في ثبوت جريمة الضرب المفضي إلى الموت عدم العثور على جثة المجني عليها .
10 - لما كان الحكم أورد مؤدى التقرير الطب الشرعي في قوله : " ويشير شكل وطبيعة الإصابات أنها من طراز رضي نشأت من الاصطدام بجسم أو مجموعة أجسام صلبة راضة أياً كان نوعها كعصا أو ما في حكمها وتشير تعدد الإصابات الرضية ومواضعها وتقارب حدوثها وطبيعتها إلى نشأتها نتيجة تعذيب متكرر في أوقات متقاربة باستخدام جسم أو أجسام راضة .... وقد تبين خلو الأحشاء من المواد السامة المختلفة والمخدرات والمهدئات والمنشطات وعليه فإن وفاة المجني عليها .... حدثت من إصاباتها الرضية الحديثة المتعددة وما أحدثته من كسور بالأضلاع وتكدم بالمساريقا وصدمه عصبية ثم أورد مؤدى تقرير الإدارة العامة للمعامل الكيماويـة بمصلحة الطب الشرعي والذي أثبت خلو الأحشاء من أي مواد سامة ثم أورد مؤدى تقرير لجنة أساتذة الطب الشرعي بجامعة ..... في قوله ... انتهى التقرير إلى تأييد ما ورد بتقريري الصفة التشريحية وإدارة المعمل الجنائي بمصلحة الطب الشرعي وعلى هذا فلا محل للقول بأن وفاة المجني عليها سمية انتحارية وإنما هي وفاة إصابية ". لما كان ذلك ، وكان التقرير الطبي الشرعي وتقرير لجنة الخبراء أساتذة الطب الشرعي بجامعة ..... المنتدبة من المحكمة قد خلا كلاهما من شبهة التناقض الذي يسقطه ، ومن ثم فإن استناد الحكم إليهما كدليلين في الدعوى يشهد على إدانة الطاعنين لا يعيبه ، لما هو مقرر من أن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي يكون واقعاً في الدليل الذي تأخذ به المحكمة فيجعله متهادماً متساقطاً لا شيء منه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها وهو ما برئ منه الحكم ، ومن ثم كان هذا النعي غير سديد .
11- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولما كانت المحكمة في الدعوى الماثلة – قد استخلصت من التقارير الطبية الشرعية أن وفاة المجني عليها إنما كانت بسبب الإصابات التي حدثت بها نتيجة اعتداء الطاعنين ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن بطلان التقارير ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
12 - لما كان ما ينعاه الطاعنون بالتفات الحكم عن دفاعهم بشأن تلفيق الاتهام وعدم إجراء معاينة لإثبات وجود سلم خشبي بالشقة والتحقق من وجود أدوات التعذيب من سياط وعصى مردوداً بما هو مقرر من أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهـو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
13 - لما كان المدافع عن الطاعنين لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشار إليها بأسباب طعنه ، فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
14 - من المقرر أن طلب المعاينة إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم بالإخلال بحق الدفاع .
15 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أسند للطاعنين جميعاً فعل الضرب المفضي إلى الموت والقبض والحجز ورتب مسئوليتهم جميعاً عن هاتين الجريمتين اللتين وقعتا بناءً على اتفاقهم لما هو مقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذ كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليها ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معه هو الذي أحدثها . كما انه من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات تقابل إرادة المتهمين على التداخل في الجريمتين – لا مجرد التوافق بينهم بناء على استقراء سائغ من المحكمة لا يتنافى وحكم المنطق مما ينتفي معه عن الحكم قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .
16 - لما كان لا مصلحة فيما يثيره الطاعنون بشأن ظرف سبق الإصرار في جريمة الضرب المفضي إلى موت ، ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة القبض دون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
17 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنون لم يبينوا ماهية أوجه الدفاع التي أبدوها في مذكرتهم ولم يحددوها وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من الأصل رداً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية ... بأنهم .. : قبضوا على ... بدون وجه حق واحتجزوها بإحدى حجرات مسكنهم وعذبوها بتعذيبات بدنية ، بأن أوثقوا يديها وقدميها وتبادلوا لفترات متكررة خلال عدة أيام ضربها بسوط وبعصا خشبية . ثانياً : ضربوا المجني عليها سالفة الذكر عمداً ومع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم فيما بينهم على ضربها وأعدو لهذا الغرض سوطاً وقطعة خشبية وما إن ظفروا بها حتى أوثقوا يديها وقدميها وانهالوا عليها ضرباً بما أعدوا فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موتها . وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعى نجل المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 236 ، 280 ، 282/ 2 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 32 ، 55 /1 ، 56 /1 من ذات القانون . أولاً : بمعاقبة المتهمة الأولى بالسجن لمدة خمس سنوات . وبمعاقبة كل من المتهمين الثانية والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهما والإيقاف لعـــقوبة الحــبس . ثالثاً : بإلزامهم جميعاً بأن يؤدوا إلى المدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وتلك المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة – قضت حضورياً عملاً بالمواد 236 ، 280 ، 282 /2 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 32 ، 55 /1 ، 56 /1 من ذات القانون . أولاً : بمعاقبة المتهمة الأولى بالسجن لمدة خمس سنوات وبمعاقبة كلاً من المتهمين الثانية والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهم والإيقاف لعقوبة الحبس . ثالثاً : إحالة الادعاء المدني إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن الأستاذ/ .... عن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية ... إلـخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي القبض والاحتجاز دون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية والضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين دفع بانتفاء أركان جريمة القبض والاحتجاز بدون وجه حق في حقهم ودانهم بها رغم أن المجني عليها كانت تتحرك بمحل إقامتها وتتصل بالشهود مباشرة وتليفونياً ورد الحكم على دفاعه في هذا الصدد برد قاصر كما رد بما لا يسوغ على الدفع باستحالة حدوث الواقعة وببطلان شهادة شاهدات الإثبات لعدم حلف المترجم الذي ترجم أقوالهن اليمين القانونية ولم تحقق المحكمة دفاعه بسماع أقوال شهود الإثبات رغم أنها اعتنقت تصويرهم للحادث وأثبت على خلاف الحقيقة أن الطاعنين اكتفوا بتلاوة هذه الأقوال فضلاً عن تناقض أقوال الشهود بالتحقيقات بشأن احتجاز المجني عليها كما لم تحقق دفاع الطاعنين بأن الجثة التي شرحت ليست جثة المجني عليها بدلالة اختلاف الإصابات التي وصفتها النيابة العامة لدى مناظرتها لها عن الإصابات التي وصفها الطبيب الشرعي واختلاف ملابسها وحالة التيبس الرمي بالجثة التي شرحت وعدم وجود أثار قيديها ولم تتحقق من وجود أدوات التعذيب من سياط وعصي ولم تجر معاينة لإثبات وجود سلم خشبي بالشقة من عدمه فضلاً عن تلفيق الاتهام لوجود خلافات بين الطاعنين وآخرين وردت على دفاعه في هذا الشأن وأطرحته بما لا يسوغ وعولت في ردها على تقرير الطب الشرعي وتقرير لجنة جامعة ... رغم تناقضهما في سبب الوفاة وما شابها من عوار والتفتت عن دفاعه ببطلان تقرير الطب الشرعي لخروج الطبيب عن المهمة المـحددة له وأثبت في حق الطاعنين الاتفاق على الجريمتين مع الطاعنة الأولى رغم عدم توافره ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين وأخيراً أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعنين الوارد بمذكرات أسباب الطعن الأولى والمستندات المقدمة منهم ، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونيـة لجريمتي القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية والضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما أوردته تقارير دار التشريح والإدارة العامة للمعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي ولجنة الخبراء المنتدبة من المحكمة ، وهي أدلة سائغة وكافية فى حمل قضاءه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكـان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – كافياً في تقهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قبضوا على المجني عليها واحتجزوها بإحدى غرف مسكنهم وجرى تعذيبها بتعذيبات بدنية أحدثت بهـا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أفضت إلى موتها وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق المقترن بالتعذيبات البدنية والاحتجاز وجريمة الضرب المفضي إلى الموت المنصوص عليها في المواد 236، 280، 282 /2 من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين أركان الجريمتين اللتين دانهم بارتكابهما ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثار في هذا الصدد في غير محله . فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء جريمتي القبض والاحتجاز بقوله : " .... ما ذهب إليه الدفاع من أن الشخص لا يحتجز في مسكنه ولأن المجني عليها كانت تتحرك بحرية داخل السكن فهو قول فيه مخالفة للقانون ومردود عليه بأن هذه الجريمة تتحقق بمجرد حرمان المجني عليه من حريته في التجول ولا عبرة بالمكان الذي يتم فيه القبض والاحتجاز فيستوي إيداع المجني عليه في سجن أو اقتياده إلى الشرطة أو المنع من مغادرة المسكن على نحو ما تحقق بالنسبة للمجني عليها كذلك لا عبره بوسيلة القبض إذ يستوى استعمال الإكراه أو حتى مجرد إصدار أمر شفوي إلى المقبوض عليه بعدم الحركة أو مغادرة مكانه وكل ما يلزم في هذا أن يكون القبض والاحتجاز قد جاء على غير إرادة المجني عليها كما سلف بيانه " فإن ما رد به الحكم سائغ وكان ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الثالث من أنه كان يتحدث مع المجني عليها ومن أقوال الشاهدة الرابعة من شهود الإثبات من أن المجني عليها اتصلت بها تليفونياً وهي تبكي من اعتداء المتهمين عليها بالضرب كما أن المجني عليها ليس لها محل إقامة أخر لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعنين من أنهم قبضوا على المجني عليها واحتجزوها بإحدى غرف المسكن إذ المقرر قانوناً بشأن الجريمة التي أثبتها الحكم في حقهم توافرها بمجرد حرمانها من حريتها فترة من الزمن طالت أو قصرت . لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفى أن تكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة واستحالة حدوثها أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانونياً إلا بحلف الشاهد اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلفه أنها شهادة وقد اعتبر القانون في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهد بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها ومن حق محكمة الموضوع أن تعتمد على أقوال هؤلاء الشهود إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها – فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمترجم كي يتولى أعمال الترجمة ، إذ هو متعلق بظروفه ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره ، وكان رد الحكم على دفع الطاعن في هذا الخصوص كافياً ويستقم به ما خلص إليه إطراحه ، فإن منعى الطاعن عليه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعنين قد اعترضوا على ذلك فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن سماعهم . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر الجلسة أنه خلا من طلب سماع شهود الإثبات – خلافاً لما يزعمه الطاعنون بأسباب طعنهم – وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ، وأن محضر جلسة المحاكمة يكتسب حجيته بما ورد به ما دام لم يجر تصحيح ما اشتمل عليه بالطريق القانوني فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك ، وكان الحكم عرض لدفاع الطاعنين القائم على التشكيك في أن الجثة للمجني عليها ورد عليه بقوله : " وحيث إن المحكمة تلتفت عن الدفاع المتناقض والقول المتنافر تارة بأن الجثة التي أجرى الطبيب الشرعي تشريحها ليست جثة المجني عليها .... وإنما هي جثة امرأة أخرى من ذات جنسيتها ... أيضاً ولا يعرف كيف وصلت إلى المشرحة وتارة بمقولة إن الجثة جثتها الأحشاء أحشاؤها وإن تطايرت منها المواد التي كانت سبباً في وفاتها منتحرة وتطرح المحكمة كافة التقارير الاستشارية التي أعدت لخدمة هذا الرأي أو ذاك اطمئناناً من المحكمة واقتناعاً بسلامة عمل الطبيب الشرعي .... وصحـة ودقة ما اتخذه من إجراءات منذ تلقي قرار النيابة العامة ومذكرتيها بشأن تشريح جثة المجني عليها ..... وما ضمنه تقريره وشهد به أمام المحكمة من استظهاره وتمييزه لشخصية المجني عليها وقيامه بوصف حالتها وما بها من إصابات سواء تلك التي بينها من الكشف الطبي الشرعي عليها أو تلك التي كشفت عنها عملية التشريح والسالف وصفها تفصيلاً عند استعراض التقرير المقدم منه ... وحيث إن ما يثيره الدفاع من أن المجني عليها كانت عليها من الملابس عند التشريح غير ما كانت ترتديه في معاينة الشرطة والنيابة العامة فإنه فضلاً عن اطمئنان المحكمة إلى إجراءات الطبيب الشرعي التي أجراها للتأكد من الجثة المطلوب تشريحها فإن الثابت بالأوراق أن وكيل النيابة المحقق بعد أن أجرى معاينة الجثة على النحو السالف أنهى محضره بقرار العودة إلى ديوان قسم الشرطة لاستكمال التحقيق دون أن يصدر قرار بشأنها وتركها بموضع العثور عليها داخل الشقة فإذا ما كان ذلك وكان الثابت من معاينة الرائد / .... أن ملابس المجني عليها كانت مبللة من الخارج وكانت الشاهدة الثانية ... قد اعتادت على نحو ما شهدت به في التحقيق إبدال ثياب المجني عليها لعجزها عن ذلك فإنه لم يكن هناك ما يحول بينها وبين هذا وقد انصرفت الشرطة والنيابة ودولاب ملابس المجني عليها إلى جوار الجثة " فإن ما قاله الحكم بشأن استدلاله بأن الجثة للمجني عليها – سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض فضلاً عن أنه لا يقدح في ثبوت جريمة الضرب المفضي إلى الموت عدم العثور على جثة المجني عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم أورد مؤدى التقرير الطب الشرعي في قوله : " ويشير شكل وطبيعة الإصابات أنها من طراز رضى نشأت من الاصطدام بجسم أو مجموعة أجسام صلبة راضة أياً كان نوعها كعصا أو ما في حكمها وتشير تعدد الإصابات الرضية ومواضعها وتقارب حدوثها وطبيعتها إلى نشأتها نتيجة تعذيب متكرر في أوقات متقاربة باستخدام جسم أو أجسام راضة .... وقد تبين خلو الأحشاء من المواد السامة المختلفة والمخدرات والمهدئات والمنشطات وعليه فإن وفاة المجني عليها .... حدثت من إصاباتها الرضية الحديثة المتعددة وما أحدثته من كسور بالأضلاع وتكدم بالمساريقا وصدمه عصبية ثم أورد مؤدى تقرير الإدارة العامة للمعامل الكيماويـة بمصلحة الطب الشرعي والذى أثبت خلو الأحشاء من أي مواد سامة ثم أورد مؤدى تقرير لجنة أساتذة الطب الشرعي بجامعة ..... في قوله .... انتهى التقرير إلى تأييد ما ورد بتقريري الصفة التشريحية وإدارة المعمل الجنائي بمصلحة الطب الشرعي وعلى هذا فلا محل للقول بأن وفاة المجني عليها سمية انتحارية وإنما هي وفاة إصابية " . لما كان ذلك ، وكان التقرير الطبي الشرعي وتقرير لجنة الخبراء أساتذة الطب الشرعي بجامعة ..... المنتدبة من المحكمة قد خلا كلاهما من شبهة التناقض الذي يسقطه ، ومن ثم فإن استناد الحكم إليهما كدليلين في الدعوى يشهد على إدانة الطاعنين لا يعيبه ، لما هو مقرر من أن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذى يكون واقعاً في الدليل الذي تأخذ به المحكمة فيجعله متهادماً متساقطاً لا شيء منه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها وهو ما برئ منه الحكم ومن ثم كان هذا النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير أداء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولما كانت المحكمة في الدعوى الماثلة – قد استخلصت من التقارير الطبية الشرعية أن وفاة المجني عليها إنما كانت بسبب الإصابات التي حدثت بها نتيجة اعتداء الطاعنين ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن بطلان التقارير ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعنون بالتفات الحكم عن دفاعهم بشأن تلفيق الاتهام وعدم إجراء معاينة لإثبات وجود سلم خشبي بالشقة والتحقق من وجود أدوات التعذيب من سياط وعصى مردوداً بما هو مقرر من أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهـو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشار إليها بأسباب طعنه ، فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، وفضلاً عن ذلك وكان من المقرر أن طلب المعاينة إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ومن ثم فلا محل لتعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسند للطاعنين جميعاً فعل الضرب المفضي إلى الموت والقبض والحجز ورتب مسئوليتهم جميعاً عن هاتين الجريمتين اللتين وقعتا بناءً على اتفاقهم لما هو مقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذ كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك ، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليها ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة ، بل كان غيره ممن اتفق معه هو الذى أحدثها – لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات تقابل إرادة المتهمين على التداخل في الجريمتين – لا مجرد التوافق بينهم بناء على استقراء سائغ من المحكمة لا يتنافى وحكم المنطق مما ينتفي معه عن الحكم قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة فيما يثيره الطاعنون بشأن ظرف سبق الإصرار في جريمة الضرب المفضي إلى موت ، ما دامت المحكمة قد دانتهم بجريمة القبض دون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية وأوقعت عليهم عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنون لم يبينوا ماهية أوجه الدفاع التي أبدوها في مذكرتهم ولم يحددوها وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد من عدمه وهل كان الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من الأصل رداً ، بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق