الصفحات

الجمعة، 20 مارس 2015

الطعن 19478 لسنة 70 ق جلسة 15 / 11 / 2007 مكتب فني 58 ق 133 ص 700

جلسة 15 من نوفمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / رضا القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد محجوب ، أبو بكر البسيوني أبو زيد ولاشين إبراهيم نواب رئيس المحكمة ونبيل الكشكي .
------------
(133)
الطعن 19478 لسنة 70 ق
 (1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع الأسباب . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . أساس ذلك ؟
(2) رشوة . جريمة " أركانها " . موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مدلول الإخلال بواجبات الوظيفة في مجال الرشوة ؟
اختصاص الموظف الذي عرضت عليه الرشوة وحده بجميع العمل المتعلق بالرشوة . غير لازم . كفاية أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة .
مثال لتدليل سائغ في حكم صادر بالإدانة بجريمة الرشوة يتحقق به معنى الإخلال بواجبات الوظيفة في حكم المادة 104 عقوبات .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير حالة التلبس " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . تلبس . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(5) إثبات " اعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعنين على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش . غير مجد . ما دامت المحكمة قد أخذت باعترافهم بالتحقيقات .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان احتجازه وعدم عرضه على النيابة العامة في الميعاد القانوني . غير مجد . ما دام الحكم لم يستنـد إلى دليل مستمد من هذا الحجز .
(7) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائيـة لرفعها بالمخالفة لنص المادة 63/ 3 إجراءات .
(8) نيابة عامة . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . ارتباط . استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . رشوة . اشتراك . موظفون عموميون . إجراءات " إجراءات التحقيق " . تسجيل المحادثات . دفوع " الدفع ببطلان إذن التسجيل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية . استثناء . اقتصاره على الجريمة التي حددها القانون دون سواها ولو ارتبطت بها .
جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أوراق أميرية وقبول وعد بالرشوة والاشتراك فيها . ليست من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات التحقيق فيها على طلب المجني عليه .
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لمخالفته لنص المادة 9 /2 إجراءات .
(9) إثبات " بوجه عام " . بطلان . تسجيل المحادثات . دفوع " الدفع ببطلان إذن التسجيل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بطلان التسجيلات . لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنها والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل . لها التعويل على الإقرار اللاحق للمتهمين والأخذ بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونما إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل .
نعي الطاعنين ببطلان الإذن بالتسجيل . غير منتج . ما دام الحكم لم يستند إلى دليل مستمد من هذا التسجيل .
(10) رشوة . جريمة " أركانها " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التسجيل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة الرشوة . مناط تحققها ؟
تنفيذ الغرض من الرشوة . ليس ركناً في الجريمة . علة ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلة في حكم صادر بالإدانة بجريمة الرشوة .
(11) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في المسائل الجنائية . موضوعي .
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك . ما دامت اطمأنت إلى صدقها .
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها . غير لازم . كفاية وروده على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن .... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين من القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
2- لما كان الشارع قد نص في المادة 104 من قانون العقوبات - التي عددت صور الرشوة - على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة للموظف ومن في حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته فكل انحراف عن واجب من واجبات الوظيفة أو الامتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع في النص . وكان من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح - أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة - وكان الحكم المطعون فيه قد أثبـت أن الطاعنين معينان سعاة بمأمورية ضرائب .... واتفقا مع المتهم .... المحاسب لدى الممول ..... من الاستيلاء على الملف الضريبي الخاص بالممول والمحفوظ في أرشيف مأمورية ضرائب .... وتسليمه له عقب الاستيلاء على هذا الملف مقابل حصولهما على مبلغ الرشوة المتفق عليه وقدره خمسمائة جنيه ونفاذاً لهذا الاتفاق تمكن المتهم ..... من الاستيلاء على الملف الضريبي الخاص بالممول وسلمه للمتهم ..... الذي طلب منه التوجه معه لمقابلة المتهم .... أثناء تسليمه الملف حتى يتمكن من زيادة مبلغ الرشوة المتفق عليه إلا أن ضبط المتهم ....... حال دون تنفيذ ذلك مما يكون لازمه أن الطاعنين حال كونهما سعاة بمأمورية ضرائب ..... وأن مقتضيات وظيفتهما داخل المأموريـة تسمح لهما بدخول كافة حجرات المأمورية وتلك تؤكد العلاقة الوظيفية التي سمحت لهما بتنفيذ الغرض من الاتفاق وهو الاستيلاء على الملف الضريبي وتسهيل الاستلاء عليه والحصول على مبلغ الرشوة الذي وعدهما به المتهم .... وأنه لولا تلك العلاقة الوظيفية ما اتجر معهما الأخير على الإخلال بواجبات وظيفتهما ويكون ما قارفاه يعد إخلالاً بواجبات وظيفتهما في حكم المادة 104 من قانون العقوبات ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح ويكون منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص لا سند له .
3- لما كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية قبول وعد بالرشوة كما هي معرفة به في القانون ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة سرقة أو الشروع فيها أو أن الأفعال غير مؤثمة جنائياً لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول .
4- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش للطاعن .... ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن بطلان القبض على المتهم الثاني لانتفاء حالة التلبس وعدم وجود إذن بالقبض عليه فمردود كذلك بأن حالة التلبس قائمة في حقه متوافرة على نحو صحيح إذ إن المتهم الثاني لدى استيقاف السيارة التي كان يستقلها مع آخرين بمعرفة ضابط الكمين الليلي لم يقدم ذلك المتهم ثمة ما يدل على شخصه وجهة عمله وإنما قدم طواعية واختياراً لضابط الواقعة الملف الضريبي موضوع الجريمة مقرراً أنه في طريقه لتسليمه للمتهم الثالث مقابل مبلغ الرشوة الذي سيقتسمه مع المتهم الأول ومن ثم توافرت في حقه حالة التلبس التي استشفها ضابط الواقعة بحاستي السمع والبصر ومن ثم يكون القبض على المتهم الثاني صحيحاً ويصح ما يترتب عليه من إجراءات ومن ثم يضحى الدفع ببطلان ذلك القبض مجافياً لصحيح القانون ويتعين رفضه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن .... هو الذي قدم الملف الضريبي محل الجريمة وكان ذلك منه طواعية واختياراً فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون الدليل على ثبوت الواقعة ضده مستمداً من واقعة ضبط الملف الضريبي على هذه الصورة ولم يكن وليد قبض أو تفتيش وقع عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس ليصحح الإجراء الباطل لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش للطاعن .... ما دام أن الحكم أخذ الطاعنين الأول والثاني باعترافهما في التحقيقات باستيلاء الطاعن ..... على الملف الضريبي من مأمورية ضرائب .... بالاتفاق مع الطاعن .... وبتحريض منه وتسليمه إياه لتسليمه للمحكوم عليه .... لقاء وعد بالحصول على مبلغ خمسمائة جنيه يقتسمانها مما تنتفي به مصلحة الطاعنين في تمسكهما ببطلان القبض والتفتيش طالما أن المحكمة أخذت باعترافهما الذي اطمأنت إليه .
6- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان احتجاز الطاعن ..... وعدم عرضه على النيابة العامة في الميعاد القانوني ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الحجز المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعنين بالتحقيقات وهى أدلة مستقلة عن الحجز المدعى ببطلانه ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائيـة لرفعها بالمخالفة لنص المادة 63 /3 إجراءات جنائية واطرحه في قوله : " إذ إن المادة 63/ 3 إجراءات جنائية لا تجيز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف عام أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها إذ إن مناط الحظر على غير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة هو فقط رفع الدعوى الجنائية لكن تحقيقها وضبطها والسير في إجراءاتها غير مقصور على من عددتهم المادة وإنما يختص به كل أعضاء النيابة العامة من غير هؤلاء ومن ثم فإن الدفع المبدى من المتهمين الأول والثاني بهذا الخصوص يكون على غير سند خليقاً بالرفض " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيحاً في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس .
8- لما كان الحكم قد رد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لمخالفته لنص المادة 9 /2 إجراءات جنائية واطرحه في قوله : " فإن ذلك مردود عليه بأن المادة 9 /2 إجراءات جنائية لا تجيز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 عقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها وعددت تلك المادة الجهات المجني عليها بأنها مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة التي كانت محلاً للإهانة أو السب والتي تحميها المادة المذكورة ومن ثم فإن الدفع بمخالفة نص المادة 9 /2 إجراءات جنائية يكون على غير سند " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون سواها ولو كانت مرتبطة بها وكانت جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أوراق أميرية وقبول وعد بالرشوة والاشتراك فيها المعاقب عليها بالمواد 40 /1 ، 41 ، 104 ، 107 مكرر ، 113 /1 ، 119 من قانون العقوبات ليست إحدى الجرائم التي عددت حصراً في المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات التحقيق فيها على تقديم طلب من المجني عليه وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون .
9- من المقرر أن بطلان التسجيلات - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل ومن بينها إقرار المتهمين اللاحق بالاستيلاء على الملف الضريبي لتسليمه للمتهم الثالث لقاء الوعد بالحصول على مبلغ خمسمائة جنيه يقتسمانه سوياً ، كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونما إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه . ومع ذلك ، فإن ما يثيره الطاعنان من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعنين إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة العامة في ..... ومن ثم فلم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن على نحو ما فعل بأسباب سائغة .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلة واطرحه في قوله : " فإن ذلك مردود عليه أيضاً من أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية وتقع الجريمة تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله وأن تنفيذ الغرض من الرشوة ليس ركناً من أركانها . لما كان ذلك ، وكان المتهم الثاني وقت ضبطه في 5/8/1998 قد قدم طواعية الملف الضريبي موضوع الجريمة مقرراً أنه في طريقه لتسليمه للمتهم الثالث مقابل خمسمائة جنيه يقتسمانها مع المتهم الأول فإذا ما صدر إذن النيابة في 6/8/1998 بتسجيل المحادثات يكون قد صدر لضبط جريمة وقعت بالفعل ويكون الدفع ببطلان الإذن استناداً إلى ما سلف على غير سند ويتعين رفضه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن إذن النيابة بضبط الطاعن ..... وتفتيشه وتسجيل لقاءات الطاعنين قد صدر بعد أن ضبط الطاعن .... وهو في طريقه لتسليم الملف الضريبي للمتهم ..... لقاء مبلغ الرشوة الذي يقتسمه والطاعن ...... فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعنين لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى إلى ذلك في معرض رده على دفع الطاعنين في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يؤثر في ذلك ما يقول به الطاعنان من أن الجريمة لم تكن ثابتة قبل كل المتهمين قبل اتخاذ إجراءات التسجيل ذلك أنه من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه حقاً أو غيـر حق ولا يستطيع الموظف أو لا ينتوى القيام به لمخالفته لأحكام القانون لأن تنفيذ الغرض مـن الرشوة ليس ركناً في الجريمة ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها وأن الشارع قد رأى أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم منه حيث يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء ، ومن ثم فلا حجة لما يثيره الطاعنان عن نيتهما في الارتشاء أو أن تسليمهما الملف الضريبي للطاعن الثالث بغرض مطالعته ما دام قد طلبا الجعل ثمناً لاتجارهما بوظيفتهما واستغلالهما ولو لم يكونا منتويين القيام بهذا العمل وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أحاط بالمعاني القانونية المتقدمة في رده على دفاع الطاعنين فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله .
11- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع . كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فلا يجدي الطاعنين نعيهما على الحكم من أنهما اعترفا بأن القصد من استيلائهما على الملف الضريبي هو مطالعة المتهم الثالث له ، طالما استدل الحكم على أن الغرض من الاستيلاء على الملف الضريبي هو تسليمه للمتهم الثالث للحصول على مبلغ الرشوة المتفق عليه فإن نعيهما على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـــع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم (1) المتهمان الأول والثاني : بصفتهما موظفين عموميين " سعاة بمأمورية ضرائب ... " قبلا وعداً بالحصول على مبالغ مالية على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن قبلا وعداً من المتهم الثالث بدفع مبلغ خمسمائة جنيه لهما على سبيل الرشوة مقابل استيلائهما على الملف الضريبي الخاص بالممول ..... من أرشيف مأمورية ضرائب .... وتسليمه له . (2) المتهم الأول: (أ) بصفته سالفة البيان استولى بغير حق على أوراق مالية بأن استولى على الملف الضريبي الخاص بالممول ..... من أرشيف مأمورية ضرائب ..... . (ب) بصفته سالفة البيان سهل لغيره الاستيلاء بغير حق على أوراق أميرية بأن سلم للمتهم الثاني الملف الضريبي المبين بالتهمة السابقة لتسليمه إلى المتهم الثالث . (3) المتهم الثاني : اشترك بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول على الاستيلاء بغير حق على أوراق أميرية بأن اتفق معه وحرضه على الاستيلاء على الملف الضريبي الخاص بالممول ..... مأمورية ضرائب ..... فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض . (4) المتهم الثالث : (أ) قدم وعداً برشوة لموظفين عموميين للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن وعد المتهمين الأول والثاني بإعطائهما مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل الاستيلاء بغير حق على الملف الضريبي الخاص بالممول .... من أرشيف مأمورية ضرائب .... . (ب) اشترك بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الثاني على الاستيلاء بغير حق على أوراق أميرية بأن اتفق معه وحرضه على الاستيلاء على الملف الضريبي الخاص بالممول ....... من أرشيف مأمورية ضرائب ...... فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض . وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304 /2 إجراءات جنائية والمواد 40 /2،1 ، 41 ، 103 ، 104 ، 107 مكرر ، 113 /1 ، 119 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم وتغريمهم مبلغ ألفي جنيه .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعن .... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين من القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
وحيث ينعى الطاعنان .... على الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجرائم قبول وعد بالحصول على الرشوة للإخلال بواجبات وظيفتهما والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أوراق أميرية والاشتراك فيها قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأن دفاعهما قام على أنهما سعاه بمأمورية ضرائب .... وغير مختصين بالعمل الذي يقبل وعد الحصول على رشوة من أجله وليس من عمل الساعي حفظ الملفات بالأرشيف بل ذلك لغيره من موظفي مأمورية الضرائب في أماكن مخصوصة ، ويكون ما وقع من الطاعنين في حقيقته جنحة سرقة أو الشروع فيها أو أنها أفعال غير مؤثمة جنائياً ، كما رد بما لا يصلح رداً على دفوعهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وعدم عرض الطاعن .... على النيابة خلال الميعاد القانوني ، وعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، وبطلان التسجيلات التليفونية إذ صدر بناء على إذن من وكيل نيابة غير مختص ، ولضبط جريمة مستقبلة ، وعول في قضائه على اعتراف الطاعنين بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة رغم أنها وليدة إكراه معنوي ولا يقطع بارتكابهما الواقعة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم قبول وعد بالحصول على الرشوة للإخلال بواجبات وظيفتهما واستيـلاء وتسهيل الاستيلاء على أوراق أميرية والاشتراك فيها التي دان الطاعنين بها وأقام عليها في حقهما أدلة مستمدة من شهادة النقيب .... والعقيد ...... والرائد ..... و..... واعتراف المتهمين الثلاثة وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الشارع قد نص في المادة 104 من قانون العقوبات - التي عددت صور الرشوة - على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة للموظف ومن في حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته فكل انحراف عن واجب من واجبات الوظيفة أو الامتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذي عناه الشارع في النص . وكان من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح - أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة - وكان الحكم المطعون فيه قد أثبـت أن الطاعنين معينان سعاة بمأمورية ضرائب .... واتفقا مع المتهم ..... المحاسب لدى الممول ..... من الاستيلاء على الملف الضريبي الخاص بالممول والمحفوظ في أرشيف مأمورية ضرائب .... وتسليمه له عقب الاستيلاء على هذا الملف مقابل حصولهما على مبلغ الرشوة المتفق عليه وقدره خمسمائة جنيه ونفاذاً لهذا الاتفاق تمكن المتهم ..... من الاستيلاء على الملف الضريبي الخاص بالممول وسلمه للمتهم ..... الذي طلب منه التوجه معه لمقابلة المتهم .... أثناء تسليمه الملف حتى يتمكن من زيادة مبلغ الرشوة المتفق عليه إلا أن ضبط المتهم ..... حال دون تنفيذ ذلك مما يكون لازمه أن الطاعنين حال كونهما سعاة بمأمورية ضرائب ..... وأن مقتضيات وظيفتهما داخل المأمورية تسمح لهما بدخول كافة حجرات المأمورية وتلك تؤكد العلاقة الوظيفية التي سمحت لهمــا بتنفيذ الغرض من الاتفاق وهو الاستيلاء على الملف الضريبي وتسهيل الاستيلاء عليه والحصول على مبلغ الرشوة الذي وعدهما به المتهم .... وأنه لولا تلك العلاقة الوظيفية ما اتجر معهما الأخير على الإخلال بواجبات وظيفتهما ويكون ما قارفاه يعد إخلالاً بواجبات وظيفتهما في حكم المادة 104 من قانون العقوبات ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح ويكون منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص لا سند له . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية قبول وعد بالرشوة كما هي معرفة به في القانون ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة سرقة أو الشروع فيها أو أن الأفعال غير مؤثمة جنائياً لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وقد عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش للطاعن ...... ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن بطلان القبض على المتهم الثاني لانتفاء حالة التلبس وعدم وجود إذن بالقبض عليه فمردود كذلك بأن حالة التلبس قائمة في حقه متوافرة على نحو صحيح إذ إن المتهم الثاني لدى استيقاف السيارة التي كان يستقلها مع آخرين بمعرفة ضابط الكمين الليلي لم يقدم ذلك المتهم ثمة ما يدل على شخصه وجهة عمله وإنما قدم طواعية واختياراً لضابط الواقعة الملف الضريبي موضوع الجريمة مقرراً أنه في طريقه لتسليمه للمتهم الثالث مقابل مبلغ الرشوة الذي سيقتسمه مع المتهم الأول ومن ثم توافرت في حقه حالة التلبس التي استشفها ضابط الواقعة بحاستي السمع والبصر ومن ثم يكون القبض على المتهم الثاني صحيحاً ويصح ما يترتب عليه من إجراءات ومن ثم يضحى الدفع ببطلان ذلك القبض مجافياً لصحيح القانون ويتعين رفضه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن ..... هو الذي قدم الملف الضريبي محل الجريمة وكان ذلك منه طواعية واختياراً فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون الدليل على ثبوت الواقعة ضده مستمداً من واقعة ضبط الملف الضريبي على هذه الصورة ولم يكن وليد قبض أو تفتيش وقع عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس ليصحح الإجراء الباطل لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش للطاعن .... ما دام أن الحكم أخذ الطاعنين الأول والثاني باعترافهما في التحقيقات باستيلاء الطاعن .... على الملف الضريبي من مأمورية ضرائب .... بالاتفاق مع الطاعن .... وبتحريض منه وتسليمه إياه لتسليمه للمحكوم عليه .... لقاء وعد بالحصول على مبلغ خمسمائة جنيه يقتسمانها مما تنتفي به مصلحة الطاعنين في تمسكهما ببطلان القبض والتفتيش طالما أن المحكمة أخذت باعترافهما الذي اطمأنت إليه . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان احتجاز الطاعن .... وعدم عرضه على النيابة العامة في الميعاد القانوني ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الحجز المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعنين بالتحقيقات وهي أدلة مستقلة عن الحجز المدعى ببطلانه ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم قبول الدعوى الجنائيـة لرفعها بالمخالفة لنص المادة 63/ 3 إجراءات جنائية واطرحه في قوله : " إذ إن المادة 63/ 3 إجراءات جنائية لا تجيز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف عام أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها إذ إن مناط الحظر على غير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة هو فقط رفع الدعوى الجنائية لكن تحقيقها وضبطها والسير في إجراءاتها غير مقصور على من عددتهم المادة وإنما يختص به كل أعضاء النيابة العامة من غير هؤلاء ومن ثم فإن الدفع المبدى من المتهمين الأول والثاني بهذا الخصوص يكون على غير سند خليقاً بالرفض " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيحاً في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لمخالفته لنص المادة 9/ 2 إجراءات جنائية واطرحه في قوله : " فإن ذلك مردود عليه بأن المادة 9/ 2 إجراءات جنائية لا تجيز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 عقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها وعددت تلك المادة الجهات المجني عليها بأنها مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة التي كانت محلاً للإهانة أو السب والتي تحميها المادة المذكورة ومن ثم فإن الدفع بمخالفة نص المادة 9 /2 إجراءات جنائية يكون على غير سند " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب دون سواها ولو كانت مرتبطة بها وكانت جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أوراق أميرية وقبول وعد بالرشوة والاشتراك فيها المعاقب عليها بالمواد 40 /1 ، 41 ، 104 ، 107 مكرر ، 113/ 1 ، 119 من قانون العقوبات ليست إحدى الجرائم التي عددت حصراً في المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات التحقيق فيها على تقديم طلب من المجني عليه وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون . هذا فضلاً عن أن المقرر أن بطلان التسجيلات - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل ومن بينها إقرار المتهمين اللاحق بالاستيلاء على الملف الضريبي لتسليمه للمتهم الثالث لقاء الوعد بالحصول على مبلغ خمسمائة جنيه يقتسمانه سوياً ، كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونما إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه . ومع ذلك ، فإن ما يثيره الطاعنان من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعنين إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة العامة في .... ومن ثم فلم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن - على نحو ما فعل بأسباب سائغة - . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلة واطرحه في قوله : " فإن ذلك مردود عليه أيضاً من أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف ومن في حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية وتقع الجريمة تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله وأن تنفيذ الغرض من الرشوة ليس ركناً من أركانها . لما كان ذلك ، وكان المتهم الثاني وقت ضبطه في 5/8/1998 قد قدم طواعية الملف الضريبي موضوع الجريمة مقرراً أنه في طريقه لتسليمه للمتهم الثالث مقابل خمسمائة جنيه يقتسمانها مع المتهم الأول فإذا ما صدر إذن النيابة في 6/8/1998 بتسجيل المحادثات يكون قد صدر لضبط جريمة وقعت بالفعل ويكون الدفع ببطلان الإذن استناداً إلى ما سلف على غير سند ويتعين رفضه " . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن إذن النيابة بضبط الطاعن ..... وتفتيشه وتسجيل لقاءات الطاعنين قد صدر بعد أن ضبط الطاعن .... وهو في طريقه لتسليم الملف الضريبي للمتهم ..... لقاء مبلغ الرشوة الذي يقتسمه والطاعن ...... فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعنين لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى إلى ذلك في معرض رده على دفع الطاعنين في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يؤثر في ذلك ما يقول به الطاعنان من أن الجريمة لم تكن ثابتة قبل كل المتهمين قبل اتخاذ إجراءات التسجيل ذلك أنه من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله سواء كان العمل الذي يدفع الجعل لتنفيذه حقاً أو غيـر حق ولا يستطيع الموظف أو لا ينتوي القيام به لمخالفته لأحكام القانون لأن تنفيذ الغرض مـن الرشوة ليس ركناً في الجريمة ولأن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها وأن الشارع قد رأى أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس موهوم منه حيث يتجر فيها على أساس من الواقع إذ هو يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء ، ومن ثم فلا حجة لما يثيره الطاعنان عن نيتهما في الارتشاء أو أن تسليمهما الملف الضريبي للطاعن الثالث بغرض مطالعته ما دام قد طلبا الجعل ثمناً لاتجارهما بوظيفتهما واستغلالهما ولو لم يكونا منتويين القيام بهذا العمل وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أحاط بالمعاني القانونية المتقدمة في رده على دفاع الطاعنين فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع . كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فلا يجدي الطاعنين نعيهما على الحكم من أنهما اعترفا بأن القصد من استيلائهما على الملف الضريبي هو مطالعة المتهم الثالث له ، طالما استدل الحكم على أن الغرض من الاستيلاء على الملف الضريبي هو تسليمه للمتهم الثالث للحصول على مبلغ الرشوة المتفق عليه فإن نعيهما على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق