الصفحات

الأحد، 1 فبراير 2015

الطعن 24 لسنة 2 ق (2007) زنا

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة


برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل      رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  /
محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  / أحــمـــد محمــــــــد صـــابـــر   رئــيــس الــنـيـابــــة
والسيــــــــــــــــــــــــــــد
  / سعـــــد محمـــــــد توكـــــل    أميـــــن الســــــر
            
في الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد 24 مـن صفر سنة 1429هـ الموافق 2 من مارس سنة 2008 م
في الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 24 لسنـــة 2 ق (2007 م) جـزائي

المرفــــوع مـــن

الطاعن/......... بصفته ولياً طبيعياً على المحكوم عليها القاصرة : .....
ضـــــــــــــد

المطعون ضده /  النيابة العامة
الـــوقـــائــــــــع

       اتهمت النيابة العامة  1- .........  2- ..........  أنهما في غضون شهر أكتوبر سنة 2006م   بدائرة رأس الخيمة
ـــ حال كونهما مسلمين بالغين عاقلين مختارين غير محصنين ارتكبا فاحشة الزنى دون وجود شبهة أو رابطة شرعية تبيح لهما ذلك.
ـــ وطلبت معاقبتها بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية.
ـــ وبجلسة 29 من أغسطس سنة 2007 م  قضت المحكمة حضورياً  بمعاقبة ........ بالجلد مائة جلدة حداً شرعياً عن تهمة الزنى وأمرت بإبعادها عن الدولة وبمعاقبة المتهم ........ بالجلد تسعين جلده والحبس لمدة خمس سنوات تعزيراً ــ استأنفت المحكوم عليها ، ومحكمة استئناف جنايات رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة  13 من نوفمبر سنة 2007 م  بقبول الاستئناف شكلاً ، ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف .
ـــ طعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ  12 / 12 / 2007م  .

المحكــــــــمة

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها  ـــ وآخر ـــ  بارتكابهما فاحشة الزنى حال كونهما مسلمين بالغين غير محصنين قد شابه الخطأ في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء و القانون ذلك بأنه لم يلتفت إلى أن وطء الطاعنة قد شابته شبهه تدرأ توقيع الحد عليها هي خِطبتها للمحكوم عليه الآخر في حضور وليها الشرعي وذويها ولما أوهمها به خطيبها من أن زواجها به قد تم شرعاً ، هذا إلى أن الحكم قد أوقع عليها عقوبة الجلد المقررة لزنى غير المحصن على حين انه كان يتعين معاقبتها بإحدى العقوبات المبينة بقانون الأحداث الجانحين و المشردين لكونها لم تجاوز السادسة عشرة من عمرها وقت ارتكاب الواقعة ، وأخيراً فقد قضى الحكم بإبعاد الطاعنة إلى خارج البلاد على حين أن القانون لا يُوجب توقيع هذا التدبير عليها وعلى الرغم من أنه يؤدي إلى انقطاع دراستها بمدارس الدولة وإبعادها عن ذويها المقيمين بها كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
    ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه و المكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر الشرعية والقانونية لجريمة زنى غير المحصنين التي دان الطاعنة  ـــ وآخر ـــ  بها و أورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من إقرار المحكوم عليها بمحضر الضبط ، وتحقيقات النيابة ، وأمام المحكمة ، ومن ثبوت حملها وإنجابها لوليد  سفاحاً  .  لما كان ذلك , وكان ما نص عليه دستور دولة الإمارات العربية المتحدة في مادته السابعة من أن  "  الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد و الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه ولغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية  "  إنما هو مبدأ أساسي تلتزم به السلطة التشريعية عندما تُصدر التشريعات ، بأن تكون مستقاة بصورة رئيسية من الشريعة الإسلامية وحرصاً من المشرع على هذا المبدأ نص في قانوني العقوبات و الإجراءات الجزائية رقمي  3 لسنة 1987 , و  25 لسنة 1992 ـــ على التوالي ـــ  في المادة الأولى من كل منهما على انه  " تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص و الدية أحكام الشريعة الإسلامية وتُحدد الجرائم و العقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون و القوانين العقابية الأخرى "  وعلى أنه  "  تطبق أحكام هذا القانون في شأن الإجراءات المتعلقة بالجرائم التعزيرية , كما تطبق قي شأن الإجراءات المتعلقة بجرائم الحدود و القصاص و الدية فيما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية  "  كما نص في المادة الثانية من القانون الاتحادي رقم  28 لسنة 2005  في شأن الأحوال الشخصية على أنه  "  1- يُرجع في فهم النصوص التشريعية في هذا القانون وتفسيرها وتأويلها إلى أصول الفقه الإسلامي وقواعده  2- تطبق نصوص هذا القانون على جميع المسائل التي تناولتها في لفظها أو فحواها ، ويرجع في تفسيرها واستكمال أحكامها إلى المذهب الفقهي الذي أُخذت منه  3- وإذا لم يوجد نص في هذا القانون يُحكم بمقتضى المشهود من مذهب مالك ثم مذهب أحمد ثم مذهب الشافعي ثم مذهب أبي حنيفة "  ، وكانت العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية تنقسم إلى ثلاثة أنواع الأول : عقوبات الحدود وهي عقوبات مقدرة شرعاً حقاً لله تعالى ، وهي تتميز بأن لها حداً معيناً واضحاً ، لا يجوز الزيادة عليه ، أو الانتقاص منه كجريمة الزاني المحصن ، فإن العقوبة  ـــ عند الجمهور ـــ  الإعدام رمياً بالحجارة أو ما يقُوم مقامها ، أما غير المحصن فقد حصل الاتفاق على انه يُجلد الزاني مائة جلدة و يُغرب لعام وذلك إذا استكملت الجريمة أركانها ، وتم إثباتها على الوجه الشرعي ، ولم تكن هناك شبهه تُسقط الحد ، والنوع الثاني : عقوبات القصاص و الدية وهي عقوبات مقدرة حقاً للأفراد ، وهي ذات حد واحد شأنها في ذلك شأن الحدود ، إلا أن للمجني عليه فيها العفو متى شاء ، فإذا عفا سقطت العقوبة المقدرة وهو ما يميزها عن عقوبات الحدود و النوع الثالث : التعازير وهي العقوبات التي تواجه سائر الجرائم الأخرى غير المعاقب عليها بالحد أو القصاص أو الدية أو تواجه هذه الجرائم ذاتها عند امتناع توقيع عقوبة الحد أو القصاص أو الدية ، عند قيام سبب أو عذر شرعي أو شبهه تدرأ الحد أو القصاص أو الدية ، ولم يكن من شأن ذلك تبرئة المتهم , فإنها وإن اسقطت الحد الشرعي لا تمنع من توقيع عقوبة تعزيرية عليه ، إذا رأى ولي الأمر  ـــ  ويقصد به في النظم الحديثة كافة المؤسسات القائمة على سن التشريعات و تقنين الأحكام و إصدارها حتى تسري مسرى النفاذ  ـــ  أن المصلحة العامة تقتضي أن يقرر مقدماً التعزير الذي يراه مناسباً لكل جريمة فيطبقه القاضي دفعاً للمفاسد وجلباً لمصلحة المجتمع ، وكان النص في المادة  63  من قانون العقوبات على انه  " تسري في شأن من أتم السابعة ولم يُتم ثماني عشرة سنة الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين و المشردين  " وما استبدل به القانون الاتحادي رقم  9 لسنة 1976م في شأن الأحداث الجانحين و المشردين في المادة السابعة من التدابير المنصوص عليها في المادة  15  منه بالعقوبات المقررة في قانون الجزاء أو أي قانون عقابي آخر إذا لم يبلغ الحدث وقت الجريمة السادسة عشرة من عمره ، وما جوزته المادة الثامنة من أنه للقاضي أن يحكم باتخاذ ما يراه من التدابير المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين و المشردين بدلاً من العقوبات المقررة إذا تجاوز الحدث هذه السن فإن المقصود بذلك كله كمبدأ عام هو قصر الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين و المشردين ، على الجرائم و العقوبات التعزيريه دون جرائم الحدود و القصاص و الدية التي تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية ، فإن ما تنعاه الطاعنة من وجوب تطبيق العقوبات الواردة في قانون الأحداث الجانحين و المشردين رقم 9 لسنة 1976 على جريمة الزنى الحدية المسندة إليها دون العقوبة الحدية المقررة في الشريعة الإسلامية الغراء يكون في غير محله  .  لما كان ذلك ، وكان من المقرر شرعاً أن لولي الأمر باعتباره صاحب الولاية العامة أن يُعين القواعد و الأحكام التي تحقق صوالح الجماعة وتُؤمن صيانة المجتمع بدرء المفسدة و المعصية عنه وعن أفراده وجلب المصلحة و المنفعة لهما ، وأن له  ـــ إن تباينت أحكام المذاهب الفقهيه في مسألة  ـــ أن يلتمس ـــ  مستهدياً بأصول الفقه الإسلامي وقواعده  ـــ  الأحكام التي تحقق صالح الجماعة في أحد تلك المذاهب رفعاً للتباين ، وتوحيداً للتقنين ، كما أن له أن يلتمس تلك الأحكام في غير ذلك من المصادر المعتبرة طالما كانت  ـــ الأحكام و المصادر ـــ  لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، وكانت المادة  17  من قانون الأحوال الشخصية قد نصت على أنه  "  1- الخطبة طلب التزوج و الوعد به و لا يعد ذلك نكاحاً 2- ............"  وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن " الخطبة  - بكسر   الخاء -  هي تمهيد لعقد الزواج ، ذلك العقد الخطير الأثر ، الطويل الأمد ، وأن الخطبة وقراءة الفاتحة وتبادل الهدايا ليست إلا تمهيد للزواج ، ولا تلزم به حتى ولو اقترنت بدفع المهر أو جزء منه ، الأمر الذي يجعل من حق كُلِّ من الخاطبين العدول عن الخطبة...... وهي وسيلة لغاية هي الزواج " ، فإن القواعد التي أوردها قانون الأحوال الشخصية على نحو واضح جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد به في شأن الخطبة وما تخوله من حقوق للخاطبين تكون هي الواجبة التطبيق وبالتالي فإن الخطبة ـــ حتى وإن شهدها الولي الشرعي للطاعنة وذويها ـــ لا تُعدُّ نكاحاً يبيح الوطء المشروع ومن ثم فإن ما تدعيه الطاعنة من أن خِطبتها للمحكوم ضده الآخر مما تقوم به الشبهه في الوطء بما يدرأ عنها حد الزنى يكون غير سديد  .  لما كان ذلك ,  وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من انه أغفل دفاعها بان المحكوم عليه الآخر قد أوهمها بأن زواجهما قد تم شرعاً فاسلمته نفسها ، هو في حقيقته دفاع يقوم على إدعاء قيام الزوجية درأً لتوقيع الحد عليها ، وكان من المقرر شرعاً أنه لا يجوز إباحة    ما حرم الله تعالى إلا بتعيين لا شك فيه ، وأنه يتعين توقيع الحد عليهما إن لم يثبت قيام الزوجية  ـــ كما يرى ذلك مالك و الشافعي و أصول الظاهريين والزيديين ـــ  ، وكانت العبرة بثبوت قيام عقد الزواج وفق القواعد التي انتظمتها الأبواب من الثاني حتى الخامس من الكتاب الأول من قانون الأحوال الشخصية ، لا بمجرد توهم ذلك أو الإيهام به ، وكانت الطاعنة قد عجزت عن إثبات ما أدعته فانتهى الحكم المطعون فيه  ـــ صائباً ـــ  إلى عدم قيام الزوجية ، فلا يُجدي الطاعنة مجرد القول بأنه قد وقع في ظنها قيامها وانعقاد عقدها  .  لما كان ذلك ، وكان حديث أبو هريرة و زيد بن خالد    " أن رجلاً جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً : إن ابني هذا ، كان عسيفاً ، عند هذا فزنى بامرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على ابنك جلد مائة وتغريب عام ، وأغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها "  ، فإذا زنى البكر جُلد مائة جلدة وغُرب عاماً و التغريب هو العقوبة الثانية للزاني ، ولكن الفقهاء يختلفون في وجوبها ، فأبو حنيفة وأصحابه و الشيعة الزيدية يرون أن التغريب ليس واجباً ، ولكنهم يجيزون للإمام أن يجمع بين الجلد و التغريب أن رأى في ذلك مصلحة وعقوبة التغريب عندهم ليست حداً كالجلد إنما هي عقوبة تعزيرية ، ويرى مالك والشافعي وأحمد والظاهريون وجوب الجمع بين الجلد والتغريب ويعتبرون التغريب حد كالجلد وحجتهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " وما روي عن عمر وعلي أنهما جلدا وغربا ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة فصار عملهما إجماعاً ، ويرى مالك أن التغريب حد واجب على الرجل دون المرأة ويرى الشافعي وأحمد والظاهريون : أن التغريب حد واجب على كل زان غير محصن ، لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة ، واختلف الفقهاء في ماهية التغريب فقال مالك وأبو حنيفة والزيديون نقلاً عن زيد بن علي الصادق والناصر من أئمتهم ـــ أن التغريب معناه الحبس في بلد غير البلد الذي وقعت فيه الجريمة ، ويرى الشافعي وأحمد والظاهريون أن التغريب معناه النفي من البلد الذي حدث فيه الزنى إلى بلد آخر ، على أن يراقب المُغرب بحيث يُحفظ بالمراقبة في البلد الذي غُرب إليه ، ولا يُحبس فيه ، ويشترط بعض الفقهاء في التغريب أن يكون لمسافة لا تقل عن مسافة القصر ، ويرى البعض أن يكون النفي من عمل الحاكم إلى عمل غيره دون التقيد بمسافة معينة ، فلو نفي إلى بلد تبعد عن محل الحادث ميلاً لكفى ، كما يجوز أن ينفى من مِصر إلى مِصر لأن النفي ورد مطلقاً فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم , والمقصود من المراقبة أنَّ يُمنع الزاني من العودة إلى بلده قبل انتهاء المدة أو إلى ما دون مسافة القصر على رأي البعض ،  ويرى البعض أن المراقبة مقصود بها إلزام المُغرب بالإقامة في البلد المُغرب إليه ، فلا يمكن من الضرب في الأرض ،  وإذا كانت القاعدة عند الشافعيين أن التغريب معناه النفي إلا أنهم يُجيزون حبس المُغربْ إذا خيف رجوعه إلى البلد الذي غُرب منه ،  فإذا كان ذلك ،  وكانت عقوبة التغريب الحدية تختلف عن تدبير الإبعاد عن الدولة من أوجه عدة : منها أن الإبعاد عن الدولة هو ـــ كما نصت عليه المادة 110 من قانون العقوبات ـــ تدبير جنائي مقيد للحرية ومن ثم يُقصد به ـــ شأنه في ذلك شأن كافة التدابير المادية والمقيدة والسالبة للحرية وللحقوق ـــ تحقيق الردع الخاص والتخلص من الخطورة الإجرامية الكامنة في نفس الجاني بغير إيلام مقصود بينما التغريب هو عقوبة حدية تهدف إلى تحقيق العدالة والردع العام ومواجهة فكرة الإثم المصاحبة لجريمة الجاني بتوقيع إيلام مقصود عليه ، ومنها أن هذا التدبير إنما يقتصر على الإبعاد عن الدولة فحسب بينما عقوبة التغريب الحدية تتسع لتشمل النفي من البلد الذي حدث فيه الزنى إلى بلد آخر داخل المصر نفسه أو إلى مكان يحكمه غير الحاكم الذي أوقع الحد , أو إلى مكان مسافته لا تقل عن مسافة القصر ، كما تتسع لأن يوضع المغُرب تحت المراقبة أورهن الحبس مدة التغريب ، ومنها أن عقوبة التغريب هي عقوبة توقيفية من حيث المدة فلا يجوز أن تزيد أو تقل عن عام أخذاً بصريح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ،  بينما تدبير الإبعاد يُمكن أن يقضى به لمدة تزيد على العام لعموم نص المادتين 110 ،  121 من قانون العقوبات ، أنه يشترط وفق نص المادتين 121 / 1 ،  129 من قانون العقوبات أن يكون الجاني أجنبياً وحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة وأن تكون حالته ـــ من واقع تقدير المحكمة لأحواله وماضيه وسلوكه وظروف الجريمة التي ارتكبها وبواعثها ـــ خطرة على المجتمع وأن من شأن هذه الخطورة أن يقوم احتمال جدي لإقدامه على ارتكاب جريمة أخرى ، كما أنه يمكن استبدال تدبير الإبعاد بتدبير آخر ، أو إطالة مدته في حالة مخالفة المُوقع عليه التدبير الجنائي لأحكامه ، على حين أن عقوبة التغريب الحدية هي عقوبة يتعين على القاضي ـــ متى ثبت لديه ارتكاب الجاني غير المحصن لجريمة الزنى ـــ أن يقضي بها وحدها دون غيرها وبغير نقص أو زيادة لأنها مقدرة مقدماً من الشارع ومحددة تحديداً ثابتاً وتجب حقاً لله تعالى ، هذا إلى أنه لا يمكن القول بأن تدبير الإبعاد عن البلاد هو ذاته عقوبة التغريب الحدية ذلك أن تدبير الإبعاد عن البلاد مخطور توقيعه على مواطني الدولة بحكم نص المادة 37 من الدستور الذي جرى على أنه " لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم من الإتحاد " وهو ما لا يُتصور أن يكون المشرع الدستوري قد قصد إليه في شأن عقوبة التغريب الحدية ,  إذ القول بذلك يعني أنه قصد إلى تعطيل توقيع عقوبة حدية على مواطني الدولة وهو ما لا يمكن القول به إزاء ما ذخر به الدستور وما حفلت به التشريعات من تأكيد على تطبيق أحكام الشريعة الغراء وفق ما سلف  بيانه ،  لما كان ذلك ،  وكان الدستور بما نص عليه في مادته الخامسة والعشرين على أن " جميع الأفراد لدى القانون سواء ولا تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي " قد دل على أن ولي الأمر ـــ متمثلاً في القانون الذي يُصدره قد نحا ـــ رفعاً للخلاف الفقهي في شأن تطبيق عقوبة التغريب الحدية على المرأة دون الرجل ـــ نحو التسوية في توقيع عقوبة التغريب بين الرجل والمرأة ، وكان البين من الحكم المطعون بما أورده في قوله " وإذا كانت جريمة الزنا من الجرائم الواقعة على العرض بل أشدها على الإطلاق وهي شرعاً جناية حدية عقوبتها في حالة توافر شروط الحد الرجم للمحصن والجلد مائة لغير المحصن و الأمر بالإبعاد يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية فقد روى أبو هريرة و زيد بن خالد أن رجلاً من الأعراب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً بأن إبني هذا كان عسيفاً عند هذا....  ( إلى آخر الحديث ) وقال صلى الله عليه وسلم : " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " ويتفق الفقهاء مع الحنفية على عقوبة التغريب ويرى الإمام مالك أن التغريب حد واجب على الرجل دون المرأة ويرى الشافعي وأحمد أن التغريب حد على كل زان غير محصن لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة  .  لما كان ذلك وقد ثبت لدى محكمة أول درجة أن ارتكاب المستأنفة وهي غير محصنة لجريمة الزنا الحدية وكانت الطاعنة يمنية الجنسية فإن تأييد الحكم المطعون فيه ـــ حكم أول درجة ـــ فيما قضى به من جلد الطاعنة مائة جلدة وإبعادها عن البلاد يكون صحيحاً شرعاً وقانوناً " أنه ما قصد بتأييده تدبير الإبعاد إلا توقيع عقوبة التغريب الحدية بالنفي إلى بلد آخر ،  ويكون قضاؤه في هذا الشأن صائباً بقطع النظر عن فساد تسميته للعقوبة الذي لا يعدو أن يكون خلطاً لا يُفسد جوهر الحكم ومن ثم يكون منعى الطاعنة في هذا الشأن ولا محل له ،  و يكون الطعن متعيناً رفضه في خصوص عقوبة الجلد ,  لما كان ذلك وكان الحكم المطعون قد انتهى في قضائه بإطلاق مدة تغريب الطاعنة بنفيها خارج الدولة دون أن يضرب لهذا التغريب مدة العام التي تفرضها العقوبة الحدية لزنى غير المحصن ودون أن يلتفت إلى أن التغريب ـــ وفق الأحكام الشرعية ـــ يجوز أن يكون إلى إمارة داخل الدولة غير الإمارة التي وقع فيها الزنى ،  فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق أحكام الشريعة الغراء خطأ يُؤذن لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة الطاعنة فيما قضى به في هذا الشأن والقضاء في هذا الشق الصالح للفصل فيه ـــ وفقاً للرخصة المخولة لها بمقتضى المادة 33 / البند 3 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 ـــ بتحديد مدة التغريب بعام هجري وتعديل مكان التغريب لأن يكون بإمارة أخرى خارج إمارة رأس الخيمة ولا ينال من ذلك القول بأن الإبعاد عن الدولة تدبير تعزيزي وقُع على الطاعنة انصياعاً لحكم المادة 121 / 1 التي تنص على أن " إذا حُكم على أجنبي بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة جاز للمحكمة أن تأمر في حكمها بإبعاده عن الدولة ويجب الأمر بالإبعاد في الجرائم الواقعة على العرض " وذلك من وجهين : الأول : أن نص المادة سالفة البيان قد أورد شرائط توقيع تدبير الإبعاد فأوجب أن يكون المبعد أجنبياً ـــ إذ لا يجوز دستورياً إبعاد مواطني الدولة إلى خارجها أو نفيهم كما سبق البيان ـــ كما أوجب أن يكون محكوماً عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة أو جريمة من الجرائم الواقعة على العرض ،  ومن ثم فإن تلك الشرائط لا بد وأن تتوافر سواء أكانت الجريمة المقضي فيها جريمة واقعة على العرض ،  أو جريمة أخرى ولا يختلف الحال بين النوعين سوى في سلطة القاضي في توقيع التدبير فلا يملك القاضي سلطة تقديرية في توقيعه في جرائم العرض بينما يملك تلك السلطة في غيرها من الجرائم ، ولا يمكن الفصل بين الشرائط التي أوردتها مقدمة الفقرة الأولى من المادة 121 عقوبات وبين ما أورده عجزها في خصوص وجوب الإبعاد في جرائم العرض إذ القول بغير ذلك ينفي عن المحكوم عليه ـــ من بين ما ينفي ـــ ضرورة أن يكون أجنبياً ومن ثم يدخل في سياقها ـــ وفق هذا التفسير المبتسر ـــ مواطني الدولة المحظور إبعادهم عن البلاد أو نفيهم بمقتضى حكم الدستور , فإذا كان ذلك وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعنة ليست عقوبة مقيدة للحرية إذ أن العقوبات المقيدة للحرية هي التي حددها القانون على سبيل الحصر وهي السجن المؤبد والمؤقت والحبس ـــ بل هي عقوبة حدية بدنية " الجلد " ، فإن شرائط انطباق هذه المادة عليها ـــ إن جوازاً أو وجوباً ـــ تكون غير قائمة ,  أما الوجه الثاني فإنه لما كان قانون الأحداث الجانحين والمشردين ـــ والطاعنة حدث في شأن توقيع العقوبات والتدابير التعزيرية ـــ قد أورد بالمادة 24/1أنه " يجوز للمحكمة ـــ إذا كان بمقتضى الحدث من غير المواطنين ـــ أن تحكم بإبعاده من البلاد ، ويكون الحكم بالإبعاد وجوباً إذا عاد الحدث إلى إحدى حالات التشرد والجناح " ،  وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يشير إلى استعمال ذلك الحق المقرر له جوازاً في تلك المادة ،  وكانت الطاعنة لم توجد في أي من حالات التشرد أو الجناح المنصوص عليها في المادة 13 من قانون الأحداث الجانحين والمشردين ابتداء ،  فإنه لا يسوغ القول بوجوب توقيع هذا التدبير التعزيري عليها .
فلهــــذه الأسبـــــاب


حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه في شأن الحكم الصادر بالجلد وبنقضه نقضاً جزئياً بإلغاء أمر الإبعاد وبتصحيحه بتغريب الطاعنة بالنفي إلى إمارة غير إمارة رأس الخيمة لمدة عام هجري وألزمت الطاعنة بالرسوم القضائية وأمرت بمصادرة التأمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق