الصفحات

الأحد، 1 فبراير 2015

الطعن 19 لسنة 2 ق (2007) خمر

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة

الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة


برئاسة السيد القاضي / يحيـى جـــلال فضـل  رئيـس المحكمة
وعضويـة القاضييـن  /
محمد ناجي دربالة و محمــد عبـد الرحمن الجـراح
وحضـــــور السيـد
  /  طـه أحمـد شـاهـين المحامي العام الأول
والسيـــــــد
  /  سعــد محمـد توكــــل    أميــن الســــر        
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة في يوم الأحد 29 مـن ذو القعدة سنة 1428هـ الموافق 9 من ديسمبر سنة 2007 م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم  19 لسنـــة  2  ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن
الطاعن /  .............
ضـــــــــــــد
المطعون ضدها /  النيابـــــــــة العامـــــــــة
الـــوقـــائــــــــع
اتهمت النيابة العامة .... أنه في يوم 18 من أغسطس سنة 2007.
ـــ وهو غير مسلم تناول المشروبات الكحولية بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء .
ـــ قاد مركبة وهو واقع تحت تأثير الخمر .
ـــ قاد مركبة بتهور وبصورة تشكل خطراً على الجمهور .
ـــ تسبب بخطئه في إلحاق الضرر للمركبتين المبينتين بالمحضر .
ـــ حاز المشروبات الكحولية .
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والمواد 2 ، 10/6 ، 49/7 ، 53/2 ، 54 ، 75/1 من القانون الاتحادي رقم 21 لسنة 1995 في شأن السير والمرور .
ـــ وبجلسة 23 من أغسطس سنة 2007 م قضت المحكمة حضورياً بحبس المتهم شهرين وتغريمه ألفي درهم للارتباط وأمرت بإبعاده عن البلاد .
ـــ استأنف المحكوم عليه ،  ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 23 من سبتمبر سنة 2007 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به .
ـــ فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 8 / 10 / 2007 م .
المحكــــــــمة
   من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
  ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تناول وحيازة المشروبات الكحولية بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ،  وقيادة مركبة بتهور وهو تحت تأثير الخمر وإلحاقه الضرر بمركبة آخر عن غير قصد قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك بأنه دانه بجريمتي حيازة وتناول المشروبات الكحولية لمخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية ووقع عليه عقوبة تعزيرية درءاً للحد الشرعي دون أن ينتبه إلى أن أحكام الشريعة الغراء لا تسري عليه في شأن حد الشرب لكونه غير مسلم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
    ومن حيث إن من المقرر شرعاً أن غير المسلم إذا شرب الخمر ـــ أو ما في حكمه ـــ لا يمكن اعتبار فعله من قبيل الجرائم الحدية لما حفلت به الكتب الفقهية لمختلف المذاهب الإسلامية وبالأخص كتب المالكية من أن شارب الخمر غير المسلم لا يعتبر مرتكباً لجريمة حدية ،  فالإسلام يعتبر ركناً أساسياً لتوفر جريمة الشرب الحدية كما جاء في حاشية الزرقاني ( الجزء الرابع ـــ ص 112 ) عن ابن عرفة لتعريفه الشرب الموجب للحد بأنه : شرب مسلم مكلف ما يُسكر كثيره مختار ، وبذلك يخرج غير المسلم سواء أكان ذمياً أو مستأمناً أو حربياً ،  فلا يحد لأن تطبيق ذلك على غير المسلم يعتبر بعيداً عن نطاق عدالة الإسلام السمحة التي أعفت غير المسلم المُؤَمَّن في بلاد الإسلام من العقاب على ما يبيحه له دينه ـــ إلا إذا أضيف إليه ما يجعله مخالفاً للآداب العامة الإسلامية ـــ وليس في ذلك تعطيل لحدود الله لأن إقامة الحدود بالنسبة لشرب الخمر واجبة على المسلم فقط إذ الخطاب الإلهي الذي حُرم الخمر بموجبه موجه للمؤمنين في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان    فاجتنبوه " ،  ولكن ذلك لا يمنع من تعزير غير المسلم وفقاً للضوابط والقواعد التي يتضمنها التشريع العقابي الذي ينتظم أحكام شرب الخمر لغير المسلمين ،  باعتبار أن شرب الخمر قد يمتد إلى ما من شأنه إفساد الأخلاق ونشر الرذيلة وإشاعة الفاحشة ،  أو التأثير على حسن مباشرة النشاط الإنساني ،  أو سلامة أدائه فضلاً عن أضراره البدنية ،  وهو ما أخذ به المشرع بما نص عليه بالمادة  313  مكرراً المضافة لقانون العقوبات بالقانون الاتحادي رقم 52 لسنة 2006 من أنه  "  1ـــ لا يقام حد شرب الخمر على غير المسلم .  2ـــ مع مراعاة الأحوال المصرح بها لغير المسلمين ،  يعاقب كل من شرب الخمر بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف درهم ولا تزيد على ألفي درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين   "  ،  وقد أورد النص ـــ إلى جواز الحكم بعدم إقامة حد شرب الخمر على غير المسلم ـــ حكمه بالعقوبة على كل من شرب الخمر ،  سواءً كان مسلماً دُرئ عنه الحد أو غير مسلم شرب الخمر على خلاف الأحوال المصرح فيها بشرب الخمر أو الأفعال اللازمة بالضرورة له والمؤدية بالحكم إليه كشرائه أو حيازته ،  وكان مقتضى ذلك أنه يتعين على المحكمة ـــ بالنسبة لغير المسلم المسند إليه الاتهام بشرب الخمر ـــ أن تحيط ـــ بالأحوال المصرح بها لغير المسلمين بشرب الخمر لتتعرف على النموذج الإجرامي المسند للمتهم وفقاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات والتدابير ـــ فلا جريمة أو عقوبة أو تدبير بغير نص ـــ ،  بما ييسر لها أن تقف على مدى توافره في حق المتهم من عدمه وبالتالي تكييف الفعل المسند للمتهم من حيث بقائه في أصل الإباحة أو دخوله دائرة التأثيم وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن استناداً إلى ما أورده من أن الشريعة الإسلامية تُحرم شرب الخمر وما انتهى إليه في قوله  "   أن المحكمة تقضي تبعاً لذلك بمعاقبته عملاً بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء . . وتستبدل العقوبة التعزيرية بعقوبة الحد المقررة   "  دون أن يُعنى ببيان الأفعال التي ارتكبها الطاعن ـــ غير المسلم ـــ وتخرج عن حدود الأحوال المصرح له فيها بشرب الخمر بما يدخله في دائرة التأثيم والعقاب وفقاً للقوانين المنظمة لذلك ،  وكان لا مجال للتحدي بنظرية العقوبة المبررة ذلك أن جريمتي شرب وحيازة الخمر مرتبطتان ـــ على ما أفصح عنه الحكم ووفقاً لما انتهى إليه من توقيعه العقوبة الأشد على المتهم ـــ بجرائم القيادة بتهور وتحت تأثير الخمر والإتلاف بغير قصد المنسوبة للطاعن ولا يُعرف مدى الأثر الذي قد يترتب على عناصر الثبوت في تلك الجرائم المرتبطة وتقدير العقوبة عنها فيما لو تزعزعت عقيدة المحكمة في جريمتي شرب الخمر وحيازته ،  أو انتهت إلى عدم توافر أركان هاتين الجريمتين بالنسبة للطاعن ،  لما كان كل ذلك ،  فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن .
فلهــــذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه   والإعادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق