الصفحات

الأحد، 1 فبراير 2015

الطعن 18 لسنة 2 ق (2007) قتل خطأ ومرور

باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها

 محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــة
 الدائــــــــرة الجزائيــــــــــــة

برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل    رئيـــــس المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن  /
محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
وحضـــــور السيـــــــــد
  /  أحمـــــــــد محمـــــد صابــر     رئيـــــس النيابـــــة
والسيــــــــــــــــــــــــــــد
  /  سعـــــد محمـــــــد توكــــل    أميـــــن الســـــــر
فــي الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
في يوم الأحد 8 مـن ذو القعدة سنة 1428هـ الموافق 18 من نوفمبر سنة 2007 م
فــي الطعــن المقيـد فــي جــدول المحكمــة بـرقـم 18 لسنـــة 2 ق  (2007 م)  جـزائي
المرفــــوع مـــن
الطاعن /  ...................
ضـــــــــــــد
المطعون ضدها /  النيابـــــــــة العامـــــــــة
الـــوقـــائــــــــع
اتهمت النيابة العامة   ................  
أنه في يوم 3 من إبريل سنة 2007         بدائرة رأس الخيمة
ـــ تسبب بخطئه في وفاة ..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقانون بأن قاد مركبة آلية بتهور مما أدى إلى وقوع الحادث وإصابة المجني عليه بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته .
ـــ قاد مركبة آلية بتهور.
ـــ تسبب بخطئه في إلحاق الضرر بمركبة آخر وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقانون بأن قاد مركبة آلية بتهور مما أدى إلى وقوع الحادث وإحداث تلفيات بها .
ـــ قاد مركبة آلية برخصة قيادة منتهية الصلاحية .
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والمادة 343 / 1 من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 2 ، 4 ، 53 / 2 ، 54 ، 57 / 1 من القانون الاتحادي رقم 21 لسنة 1995 في شأن السير والمرور .
ـــ وبجلسة 30 من مايو سنة 2007 م قضت المحكمة حضورياً: -
ـــ بحبس المتهم لمدة شهرين مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وبتغريمه ألفي درهم عن التهم الأولى والثانية والثالثة .
ـــ وألزمت المتهم بأداء الدية الشرعية وقدرها مائتا ألف درهم تدفع للورثة الشرعيين للمرحوم .......... .
ـــ يجب على المتهم صيام شهرين متتابعين كفارة القتل الخطأ .
ـــ تغريم المتهم مبلغ مائتي درهم عن التهمة الرابعة .
ـــ حفظ الحق المدني لورثة ......... عن الأضرار التي لحقت بالورثة .
ـــ حفظ الحق المدني للمدعو .......... عن أضرار المركبة قيادة المتوفى والتي تحمل الرقم (( 971 )) أبيض خصوصي رأس الخيمة .
ـــ استأنف المحكوم عليه ،  ومحكمة استئناف جنح رأس الخيمة قضت حضورياً بجلسة 15 من يوليو سنة 2007 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه .
ـــ فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالنقض بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة التمييز بتاريخ 14 / 8 / 2007 م .
المحكــــــــمة
    من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
   ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل الخطأ وقيادة مركبة آلية بتهور وبرخصة قيادة منتهية وإلحاقه الضرر بمركبة آخر عن غير قصد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى والظروف المحيطة بها وركن الخطأ في جانبه والإصابات التي لحقت بالمجني عليه ،  وعول في إدانته على أقوال المجني عليه على الرغم من أن الحادث قد وقع من جراء خطئه إذ انحرف بسيارته إلى الحارة اليسرى للطريق على نحو مفاجئ ودون أن يستعمل آلتي التنبيه أو الفرامل مما أدى لاصطدامه به فتدهور بسيارته ـــ من جراء سرعته الفائقة ـــ أربع مرات إلى أن استقر على بعد 272 متر من أفريز الطريق ،  كما عول على أقوال مخطط الحادث على الرغم من عدم معقولية تصويره لكيفية وقوعه ،  كما أنه دفع بانقطاع علاقة السببية بين الإصابات التي لحقت بالمجني عليه ووفاته بيد أن المحكمة اطرحت هذا الدفع بما لا يُسوغ اطراحه وأعرضت عن طلبه استدعاء الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح جثمان المجني عليه لمناقشته وطلبه ندب خبير فني لإعادة تخطيط الحادث وبيان المتسبب فيه كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
   ومن حيث إنه يبين من  الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل الخطأ وقيادة مركبة آلية بتهور وبرخصة قيادة منتهية وإلحاقه بغير قصد الضرر بممتلكات آخر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مؤدى كل منها على نحو كافٍ يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ،  استمدها من أقوال المجني عليه ،  وشهادة مخطط الحادث ،  وما ورد بالمعاينة ،  وما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من إقرار الطاعن بأنه قد غَفل أثناء القيادة ،  ومن تقرير الطبيب الشرعي الذي انتهى إلى أن وفاة المجني عليه ترجع إلى إصابته الناجمة عن الحادث .   لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في المنطق والعقل ولها أصلها في الأوراق ،  وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن بما مؤداه أنه أثناء قيادته لسيارته بالحارة اليسرى للطريق بسرعة 140 كيلومتر / ساعة ،  في جو ممطر ، فقد انتباهه ، فانحرف بسيارته إلى الحارة اليمنى للطريق فاصطدم بيمين مقدمة سيارته بمؤخرة سيارة المجني عليه من الجهة اليسرى مما أدى إلى تدهورها وحدوث إصابة المجني عليه بكسر في العظمة الكبرى للساق اليمنى و من ثم إصابته بتجمع دموي متجلط أدى تعاظم حجمه إلى انسداد الشريان الرئوي وبالتالي إلى الذبحة الرئوية التي أودت بحياته ،  فإن ذلك يعد كافياً لبيان صورة الخطأ الذي وقع من الطاعن ورابطة السببية بينه وبين وفاة المجني عليه ،  ويكون ما يثيره الطاعن من أن مرد الحادث هو خطأ المجني عليه أو أن وفاته لا تعزى إلى إصابته في الحادث لا يعدو أن يكون مجادلة في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها ،  واستقرت في وجدانها .   لما كان ذلك ،  وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ،  ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير أو مجادلتها في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة التمييز ،  وهي غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى أو طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته مادامت الواقعة وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء . لما كان ما تقدم ،  فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
  وحيث إنه لما كان ذلك ،  وكانت أوراق الدعوى قد خلت من أي إجراءات قانونية لإقامة دعوى مدنية قبل المتهم ،  فإن تصديها للقضاء في الحقوق المتصلة بهذه الدعوى ـــ بحفظ حق ورثة المجني عليه ومالك المركبة المضرورة في التعويض ـــ يكون قضاءً في غير خصومة ،  ويكون إيرادها ذلك القضاء بمنطوق حكمها ـــ حتى لو كان مجرد التقرير بحفظ الحقوق المدنية ـــ إنما يُعد اغتصاباً لولاية ليست لها ،  ومن ثم لا يمكن اعتباره قضاءً صحيحاً صادراً من سلطة تملك إصداره ،  ويصير بالتالي هو والعدم سواء ،  ويكون الحكم المطعون فيه وقد ساير الحكم الابتدائي في قضائه ـــ في هذا الخصوص ـــ قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يؤذن لهذه   المحكمة ـــ عملاً بنص المادة 30 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 ـــ أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم فيما قضى به في هذا الشأن وإلغاء ما تضمنه من قضاء في شأن الحقوق المدنية .   لما كان ذلك ،  وكان الأصل في الكفارة قوله تعالى في الآية  رقم 92 من سورة النساء  " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مُسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة إلى الله "  فالكفارة   ـــ في هذه الآية ـــ هي عبادات شُرعت لتطهر النفس من إثم اقترفته وهي عتق رقبة فمن لم يجدها ،  فيتصدق بقيمتها إذا كان لدى من وجبت عليه ما يفيض عن حاجته ،  فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين ،  والعتق والتصدق والصوم جميعاً لا تخرج عن أن تكون التزام ديني يقوم به المسلم طواعية إمتثالاً لأمر الله تعالى عندما يصدر منه قتل خطأ أو غير ذلك مما يوجب الكفارة ،  وجميع ما سلف يدخل في نطاق العبادة التي لا يتصور تنفيذها قسراً عن المُلزم بها أو كرهاً عنه بحبسه أو ما شابه ذلك من وسائل لما في ذلك من مخالفة لطبيعة العبادة الطوعية ،  ومن جلب لمفاسد منهي عنها شرعاً ،  ومن ثم فإنها في صورها المختلفة ـــ العتق والصدقة والصيام ـــ تندرج في نطاق التوجيه الديني والأمر بالمعروف والوعظ والإرشاد ولا تدخل في نطاق ما يقضي به القاضي أو يضمنه منطوق أحكامه من عقوبات أصلية أو فرعية بشقيها تبعية أو تكميلية أو تدابير جنائية أو تدابير للدفاع الاجتماعي وغاية الأمر بالنسبة للقاضي في هذا الشأن أن يشرح للمحكوم عليه هذه الكفارة ويوجهه إلى أدائها .   فإذا كان ذلك ،  وكان الحكم المطعون فيه قد ساير حكم محكمة أول درجة وقضى بتأييده فيما أورده بمنطوق حكمه من وجوب صيام الطاعن لشهرين متتابعين كفارة عن القتل الخطأ بحسبانها مما يصح القضاء به ،  يكون قد أخطأ  في تطبيق القانون خطأ يؤذن لهذه المحكمة بإلغاء ما تضمنه في هذا الشأن .
   ومن حيث إنه لما كان من بين العقوبات المقضي بها على الطاعن عقوبة مقيدة للحرية ـــ حتى لو كانت المحكمة قد أمرت بوقف تنفيذها ـــ فإنه لا يُلزم بسداد التأمين الذي أوجبته المادة 31 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 بما مقتضاه الأمر برد ما سدده على هذا الوجه .
فلهــــذه الأسبـــــاب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه في شأن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية وألزمت الطاعن بالرسوم القضائية وأمرت برد التأمين وبإلغاء ما تضمنه في شأن الحقوق المدنية والكفارة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق