الصفحات

الأحد، 4 يناير 2015

طعن 326 لسنة 23 و29 لسنة 24 ق جلسة 28/ 2 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران فلاح الهاجري وامام البدري .
1- للمحكمة تغيير الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون التقيد بوصف النيابة العامة مع تعديلها التهمة وفقا للثابت في التحقيق او المرافعة سندا للمادة 214 اجراءات جزائية.
2- اعتبار الحكم الصادر بالاعدام مطعونا فيه بالنقض وموقوفا تنفيذه لحين الفصل بالطعن سندا للمادة 253 اجراءات جزائية.
3- للمحكمة نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها في الحالات المبنية في المادة 246 اجراءات جزائية.
4- القتل العمد في المذهب المالكي هو الفعل المؤدي للموت عمدا عدوانا وغير مقصود به اللهو او اللعب وبالتالي تعمد الجاني اعطاء المجني عليه مادة سامة او ما هو مشابه لها دون قصد اللهو وحدوث الوفاة هو من قبيل القتل العمد الموجب للقصاص الذي لا عفو فيه لاولياء الدم او لولي الامر.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) محكمة الموضوع . وصف التهمة . نيابة عامة .
المحكمة تغير الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون التقيد بوصف النيابة العامة . لها تعديل التهمة وفقاً للثابت لها من التحقيق أو المرافعة م 214 إجراءات جزائية .
( 2 ) إعدام . نقض . نظام عام . حكم .
الحكم الصادر بالإعدام يعتبر مطعوناً فيه بالنقض وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن م 253 إجراءات جزائية . للمحكمة نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها أنه مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام أو مبني على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لم تكن لها ولاية الفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم م 246 إجراءات جزائية . للمحكمة التصدي للفصل فيه إذا قبلت الطعن م 249/2 إجراءات جزائية .
( 3 ) قتل . قتل عمد . مذاهب فقهية . شريعة إسلامية . قصاص . حرابة . عفو .
القتل نوعان عمد وخطأ أساس ذلك قواعد المذهب المالكي . القتل العمل ماهيته الفعل المؤدي للموت عمداً عدواناً ولم يكن بقصد اللهو أو اللعب . لا عبرة بما إذا كانت الآلة أو الوسيلة المستعملة قاتلة أو غير قاتلة . أساس ذلك شرعاً . تعمد الجاني إعطاء المجني عليه مادة سامة أو ماشابها وإن كانت لا تقتل غالباً ولم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب وأحدثت الوفاة مؤداه الفعل العمد يعتبر قتلاً موجباً للقصاص وينتقل وصف فعل الجاني من وصف القتل العمد العدوان الموجب القصاص إلى وصف القتل العمل الموجب لحد الحرابة . مفاده لا عفو فيه لأولياء الدم أو ولي الأمر . أساس ذلك شرعاً ومؤداه .
مثال : المتهم استعمل مادة سامة بوضعها في مشروبات غازية لضحاياه من سائقي السيارات العمومية بهدف سرقتهم مما أدى لوفاة خمسة ونجاة ثلاثة آخرين لتداركهم بالعلاج . دفعه بأنه قصد من وضعه المادة السامة تخدير المجني عليهم فقط بهدف سرقتهم غير سائغ مفاده ثبوت الجريمة في حقه .
1 - أنه عملاً بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي فإن على المحكمة أن تعطي للدعوى وصفها الحق وأن تغير في حكمها الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون تقيد بوصف النيابة العامة لها ولها حق تعديل التهمة حسبما تراه وفقاً لما يثبت لها من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة .
2 - كما أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام يعتبر مطعوناً فيه بالنقض وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن عملاً بالمادة 253 من ذات القانون وتحكم المحكمة في الطعن وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 246 منه والتي تخولها أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام أو مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لم تكن لها ولاية الفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى كما أن لها التصدي للفصل فيه إذا قبلت الطعن عملاً بالمادة 249/2 من نفس القانون - أي أن الحكم يعد مطعوناً عليه بالنقض بقوة القانون ومعروضاً على المحكمة العليا لإعادة بحثه وبيان مدى موافقته لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون - وعليها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جرائم الحدود والقصاص والدية عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون 3/1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية حداً أو تعزيراً .
3 - من المقرر في المذهب المالكي المعمول به في الدولة أن القتل نوعان عمد وخطأ وهو لا يعترف بالقتل شبه العمد ويشترط لتوفر ركن القتل العمد وركن القصد فيه أن يكون إثبات الفعل المؤدي إلى الموت عمداً عدواناً ولم يكن بقصد اللهو واللعب ولا عبرة بما إذا كانت الآلة أو الوسيلة التي استعملت قاتلة أو غير قاتلة ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية صـ 339 ، 340 "... فأما العمد فهو أن يقصد القاتل إلى القتل بضرب بمحدد أو بمثقل أو بإحراق أو تغريق أو خنق أو سم أو غير ذلك فيجب القود " وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جـ 8 صـ 7 وإن قصد - أي تعمد - القاتل ضرباً وإن بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك بغضب أو عداوة يقتص منه ويقول الدرديري في الشرح الصغير جـ 4 صـ 331 ، 338 عند بيان شروط الجناية الموجبة للقصاص " وجناية وشرطها العمد ... وان تعمد الجاني ضرباً لم يجز بمحدد بل وإن بقضيب أي عصا أو سوط أو نحوهما ، مما لايقتل به غالباً وان لم يقصد قتله ... أو مثقل كحجر لاحد فيه - خلافاً للحنفية - كخنق أو منع طعام حتى مات أو شراب حتى مات فالقود إن قصد بذلك قتله " ومن ثم فإنه يستخلص من قواعد الفقه المالكي في خصوص الواقعة المطروحة أن الجاني إذا قصد تعمد إعطاء المجني عليه مادة سامة أو ما شابهها وإن كانت لا تقتل غالباً ولم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب وأحدثت الوفاة تجعل الفعل العمد العدوان قتلاً موجباً للقصاص ، وأن فعل الجاني ينتقل من وصف القتل العمد العدوان الموجب للقصاص إلى وصف القتل العمد الموجب لحد الحرابة ذلك أن المقرر فقهاً أن الحرابة كما وصفها ابن عرفة هي الخروج لأخذ مال محترم بمكابرة قتال أو ذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع طريق وإن لم يتوافر قصد أخذ المال وذلك بغير عداوة على وجه يتعذر معه الغوث ولا عفو فيه لأولياء الدم أو ولي الأمر لأن الحق فيه لله لقوله تعالى ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ... ﴾
الآيتان ( 33 ، 34 ) سورة المائدة .
أي أن الحرابة في الأصل شرعاً هي قطع الطريق بأي وسيلة وهي ما تسمى السرقة الكبرى أي الخروج لأخذ المال على سبيل المغالبة فإذا أخذ الجاني المال فقتل فيعد محاربا ما دام قد خرج لأخذ المال على سبيل المغالبة ويسمى الإمام مالك هذا النوع من القتل قتل الغيلة وهو نوع من الحرابة ولم يشترط وجود سلاح مع الجاني ما دام قد وقع القتل والسرقة على وجه يتعذر معه الغوث وفقد الغوث وتثبت جريمة الحرابة شرعاً بشهادة شاهدين عدلين أو بإقرار الجاني .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد حكم أول درجة لأسبابه قد أدان الطاعن عما نسب إليه من اعترافه تفصيلاً أمام الشرطة والنيابة العامة الذي اطمأن إليه أنه خطط لجرائمه باستعمال المادة السامة " اللانيت " بوضعها لضحاياه في مشروبات غازية مما أدى إلى وفاة خمسة منهم سالفي الذكر ونجاة الثلاثة الآخرين لتداركهم بالعلاج وأنه علم بوفاة أحد المجني عليهم الذي استدرجه لمنطقة الكسارات على طريق خطم الشكلة مدعياً ندمه على ذلك - إلا أنه استمر في ارتكاب جرائمه لحاجته للمال وأنه كان يختار ضحاياه من سائقي السيارات العمومية وذلك لسهولة توجههم لأية وجه خارج المدينة ولوجود مبالغ مالية معهم يمكنه الاستيلاء عليها لسداد ديونه وان ذلك مما يدل على توفر قصد القتل لديه وأنها تلتفت عن ادعائه بأن قصده من وضع هذه المادة السامة للمجني عليهم هو لتخديرهم فقط للاستيلاء على أموالهم .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر وبعد المداول قانوناً :
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم المحكوم عليه ....... 33 سنة - باكستاني الجنسية في الجناية 3253/2000 العين الشرعية أنه في غضون الأيام من 21 /6 / 2000 إلى 4/ 7 / 2000 بدائرتي مدينة العين وأبوظبي : 1 - قتل ....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد سائقي سيارات الأجرة وأعد ذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما ان استقل معه السيارة قيادة هذا المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه آنف البيان في إحدى وسائل النقل 2 - قتل ملازم ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد ذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما أن استقل معه السيارة قيادة المجني عليه سالف البيان حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه في أحد وسائل النقل 3 - قتل كاجير خان سروار خان عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما أن استقل معه السيارة قيادة المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه في أحد وسائل النقل . 4 - قتل جول شامير جول عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما إن استقل معه السيارة قيادة المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة سالفة الذكر قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه آنف البيان في أحد وسائل النقل . 5 - قتل ......... عمداً مع سبق الإصرار بأن بين النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة اللانيت وما ان استقل معه السيارة قيادة المجني عليه حتى قدم له شراباً به المادة السامة آنفة البيان قاصداً من ذلك قتله فأصيب بالأعراض الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد ارتكب جناية القتل بقصد تسهيل ارتكابه سرقة المبلغ المبين القدر بالتحقيقات لورثة المجني عليه آنف البيان في أحد وسائل النقل .
كما شرع في قتل ......... و ............. و ........... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتل أحد قائدي سيارات الأجرة وأعد لذلك مادة سامة قاتلة هي مادة " اللانيت " وما ان استقل معه كل واحد منهم السيارة قيادته حتى قدم لكل واحد منهم شراباً به المادة السامة سالفة الذكر قاصداً من ذلك قتلهم فأصيبوا بالأعراض الموصوفة بالتقارير الطبية وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليهم بالعلاج كما ارتكب جريمة الزنا مع مؤمنات رسول لانا بأن عاشرها معاشرة الأزواج دون أن تربطهما علاقة شرعية على النحو المبين بالتحقيقات - كما أنه وهو أجنبي - باكستاني الجنسية عمل لدى شخص غير كفيله دون الالتزام بالشروط والأوضاع المقررة لنقل الكفالة وطلبت النيابة العامة معاقبة المتهم المحكوم عليه سالف الذكر طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد ( 34 و35 و331 و332 و389/3 ) من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 11/1 مكرر ، من القانون رقم 6 لسنة 1973 في شأن دخول وإقامة الأجانب المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1996 .
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه ومن سائر الأوراق في أن المتهم المحكوم عليه ..... قام في غضون الفترة من 21/6 / حتى 4/7 / 2000 بدائرتي مدينتي العين وأبوظبي بقتل كل من سائقي التاكسي الخمسة الذين يحملون الجنسية الباكستانية ..... و ...... و ...... و ..... و ....... عمداً عدواناً عن طريق إعطائهم مادة اللانيت السامة وذلك لتسهيل استيلائه على المال الموجود مع كل واحد منهم بعد أن يستقل معه السيارة خارج العمران ثم يقوم بالاستيلاء على ماله والهرب إلى أن تم ضبطه وكذلك الشروع في قتل كل من المجني عليهم السائقين ........ و ......... و .......... بذات الطريق إلا أنه لم يتمكن من ذلك لتداركهم بالعلاج .
وقد اعترف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات أن المادة التي قام بخلطها للمجني عليهم مع المشروب الغازي تستخدم لقتل الإنسان والحيوان وأن قصده من ذلك هو أن يغمى عليهم ليسلب أموالهم لأنها حلوة الطعم لا يميزها الشارب وادعى بأن عمه وابن عمه علماه كيف يستخدمها وأن عمه أحضر عبوتين منها لقتل القطط مدعياً بإمكانه خلطها مع البودرة التي أحضرها له مع المشروب وأنه في 24/6 / 2000 استقل سيارة أجرة من بني ياس لسويحان وقام بخلط زجاجة ماء بمادة اللانيت وقدمها للسائق وبعد ذلك لم يستطع السائق القيادة فأوقف السيارة وصار يتقيأ فسلبه حينئذ مبلغ ( 180 ) درهماً وأنه كرر ذلك مرة أخرى مع سائق آخر منفرداً .
وبتحقيقات النيابة العامة اعترف المتهم بارتكاب كل جرائم قتل السائقين المشار إليهم من أجل الحصول على المال لمروره بضائقة مالية على التفصيل الوارد بالتحقيقات ، كما اعترف المتهم أمام المحكمة باستعماله مادة " اللانيت " بوضعها في المشروبات الغازية وتقديمها لسائقي التاكسي الخمس الذي توفوا مدعياً أنه نيته لم تنصرف إلى قتلهم أو أنه لم يجرب هذه المادة وكان يظن أن تأثيرها يؤدي إلى الإغماء مؤقتاً وذلك بقصد السرقة وأنه تحصل بالفعل على مبالغ منهم وبشرائه هذه المادة بدلالة شخص من البريمي وأنه لم يكن يعلم أن الذين قدم لهم المادة قد ماتوا وأنه ينكر الزنا ويقر بالعمل لدى غير الكفيل وبمواجهته بما سبق أن قرره أمام النيابة العامة من أنه علم بوفاة سائق التاكسي الذي استقل سيارته إلى منطقة الكسارات فتألم ولكنه استمر في أفعاله ليتمكن من سداد مديونية فنفى صدور هذا القول منه وبسؤاله لدى محكمة أول درجة تفصيلاً عن كل جريمة وعن أقواله السابقة أجاب بأنه كان يستقل سيارات التاكسي ويضع مادة اللانيت في مشروب ويقدمه لهم وعند شعورهم بالدوار والتعب يسلبهم أموالهم وأنه ارتكب هذه الجرائم بمفرده وبسؤاله عن ادعائه بأنه لم يسمع بموت سائقي التاكسي مع أن الخبر انتشر في أوساط الناس بالعين خاصة وسط الجالية الباكستانية التي ينتمي إليها أجاب أنه سمع بحدوث بعض الوفيات بين سائقي التاكسي إلا أنه سمع الخبر برواية أخرى هي وفاتهم نتيجة رشهم بمادة سامة فظن أن هناك شخصاً آخر قتلهم وبسؤاله عن المجني عليهم الذين نجوا من الموت قرر أنه استقل سياراتهم ووضع لهم مادة اللانيت بنفس الكيفية وأنه استهدف سائقي التاكسيات لوجود عملات معهم ولسهولة أخذهم خارج المدينة وأوضح أنه لم يتعالج نفسياً بالدولة وادعى أنه عولج في باكستان إلا أنه لا يحتفظ بأي ملف طبي أو أوراق تثبت ذلك ونفى ما جاء بأقواله أمام النيابة العامة من أنه لا يعاني من أي أمراض نفسيه وطلب محاميه عرضه على خبرة فنية نفسية - وبسؤال - استشاري الطب الشرعي - الدكتور ...... قرر أنه عرضت عليه جثة المجني عليهما ...... و ....... فوجد بهما علامات تشير إلى التسمم بمادة كيماوية وأنه بعد أخذ عينة الدم وتحليلها ظهرت النتيجة الأولية دالة على وجود مادة " ميثوميل " وهي المادة الفعالة للمبيد الحشري المعروف تجارياً باسم " اللانيت " وهي المسببة للوفاة وهي مادة شديدة السمية وهي مبيد حشري قابل للذوبان ويمكن خلطه بأي مشروب وهو ممنوع التداول بالدولة لخطورته ولا يستخدم حالياً كمبيد ويخفف عند الاستعمال ببودرة حتى لا يؤثر على من يستخدمه بالرش وأن الطبيب أحمد رشدي استشاري الطب الشرعي بالشارقة قام بالكشف على جثتين أخريين وأرسل عينة الدم إلى مختبر الطب الشرعي بوزارة العدل فجاءت مطابقة لما توصلوا إليه كما توجد جثة أخرى خامسة متعفنة وقرر الدكتور ....... استشاري أول الطب الشرعي بوزارة العدل أنه فحص جثتي المجني عليهما ...... و ..... فتبين له أن سبب وفاة الأول هو اسفكيسيا التسمم الناتجة عن مادة الميثوميل أما الآخر فوفاته ناتجة عن اسفكسيا كتم النفس وهو فاقد الوعي بتأثير مادة سامة وهي الميثوميل وهي المادة الفعالة للمبيد الحشري " اللانيت " وهو شديد السمية وأنه بالنسبة لكتمه النفس فقد وجد آثاراً خارجية بالآنف والفم مما يشير إلى كتم النفس وهو تحت تأثير المادة السامة وبمواجهة المتهم المحكوم عليه بذلك أفاد أنه كان يقصد أن يفقد المجني عليهم الوعي ويسلب أموالهم وأنكر كتم النفس مدعياً استعماله المادة المذكورة فقط ... دفع محامي المتهم بانعدام القصد الجنائي لديه وأن قصده هو تخدير ضحاياه لأخذ المال منهم وأنه لم يكن يعلم أن المادة قاتلة ونفى سابق معرفته للمجني عليهم أو وجود عداوة بينهم وطلب تعديل مواد الاتهام من القتل العمل إلى المادة 336 عقوبات المتعلقة بالضرب الذي أفضى إلى الموت وفي 29/5 / 2000 حكمت محكمة أول درجة حضورياً ووفقاً لأحكام الشريعة و ....... و ...... و ...... و ...... مع الإصرار من أجل السرقة ومعاقبته على ذلك بالقتل قصاصاً بوسيلة التنفيذ المتبعة في الدولة 2 - إدانته بالشروع في قتل .... و ....... و ....... 3 - بارتكاب الزنا مع درء الحد عنه 4 - إدانته بالعمل لدى غير الكفيل دون اتباع الإجراءات القانونية 5 - اعتبار الجرائم المذكورة مندرجة في عقوبة القتل .
استأنف المتهم - المحكوم عليه - الحكم بالاستئناف رقم 178/2001 شرعي العين واستأنفته النيابة العامة بالاستئناف رقم 214/2001 عملاً بحقها الوارد في المادة 230/2 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادية من اعتبار الحكم الصادر بعقوبة الإعدام مستأنف بحكم القانون وموقوفاً تنفيذه ـ وقد اعترف المتهم المحكوم عليه أمام محكمة الاستئناف باستعماله المادة السامة سالفة الذكر بوضعها للمجني عليهم في الشراب بقصد إغمائهم فقط وفقدانهم الوعي والإدراك للاستيلاء على ما معهم من نقود وأنه لم يكن يقصد قتلهم وأنكر جريمة الزنا والبقاء في البلاد بصورة غير مشروعة وطلب إعلان ورثة المجني عليهم المتوفين وفي 11/11/2001 حكمت المحكمة وبإجماع الآراء حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع حذف كلمة " قصاصاً " ووضع كلمة " حداً " طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالطعن رقم 326/23 ق شرعي عملاً بالمادة 253 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي بطلب قبول عرضها شكلاً وإقرار الحكم الصادر بقتل المحكوم عليه حدا ً . وطعن عليه المحكوم عليه .......... عن طريق المحامي المنتدب بالطعن رقم 29/24 ق شرعي وقد قدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن رقم 29/24 ق شرعي وفي الطعن 326/23 ق شرعي بإقراره فيما قضى به من إدانة وقتل المطعون ضده ........ حداً لقتله غيله المجني عليهم الخمسة عمداً محاربة على أن تندرج في حكم القتل بقية العقوبات عن الجرائم المسندة له والأمر بعرض الأوراق على صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق على الحكم قبل تنفيذه .
أولاً : الطعن 29/24 ق شرعي ـ المقام من المحكوم عليه ..........:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الثابت من وقائع الدعوى أنه تم القبض على المتهم الطاعن نتيجة عدة بلاغات وتحريات لا مطعن له عليها أو على صحتها والثابت أنه اعترف بما نسب إليه سوى أنه لم يكن يقصد قتل المجني عليهم بل كان ما فعله بقصد إغمائهم لسلب أموالهم فقط وذلك بدلالة أن مادة " اللانيب " المستعملة هي مبيد حشري كما جاء بشهادة استشاري الطب الشرعي قابلة للذوبان ويمكن خلطها بأي مشروب وأنها تخفف عند الاستعمال ببودرة حتى لا تؤذي من يستخدمها بالرش كذلك بدلالة ما هو ثابت بالفعل من سرقة أموال المجني عليهم بعد التأكيد من غيابهم عن الوعي والطاعن شخص عادي وليس طبيباً متخصصاً أو على ثقافة تحمله على العلم اليقيني من كون أن المادة التي استعملها بناءً على توصية من شخص آخر مادة تؤدي في حد ذاتها إلى الموت وهو مما ثبت من وفاة بعض المجني عليهم ونجاة البعض الآخر وإذ اطمأن الحكم المطعون فيه إلى توافر قصد القتل ملتفتاً عما قرره الطاعن من أن قصده بوضع هذه المادة للمجني عليهم هو تخديرهم فقط حتى يستولي على أموالهم لجهله أن هذه المادة سامة حتى مع تبرير الحكم لإقراره فإنه يكون قد فسد استدلاله وقصر تسبيبه لخلو الأوراق من إبراز العناصر التي تؤكد التحقق والتثبت من اتجاه إرادة الطاعن إلى ارتكاب الجرائم التي أسندت إليه مع علمه بارتكابها وأن المشرع الوضعي استلزم توافر القصد الجنائي في العديد من الجرائم مثل القتل العمد والقصد الجنائي الذي استخلصه الحكم هو القصد المباشر وما توفر لديه من الدلائل لا تكفي في حد ذاتها إلى اليقين والجزم وجاء الاستخلاص في ذلك فاسداً إذ لا تكفي أقوال المجني عليهم في حد ذاتها دليلاً للإدانة ولا التقارير الفنية التي لم تتعرض إلا إلى وصف وتحليل المادة وجثث المجني عليهم والتأكد من البصمات وخلافه ويبقى فقط ما هو ثابت يقيناً من أن قصده كان بهدف سرقة شخص مخدر وهو الأمر المطابق للحقيقة والواقع من مدونات الحكم المطعون فيه وكافة أوراق الدعوى الأخرى بدءً من محاضر الاستدلال وتحقيقات النيابة العامة ومحاضر جلسات المحاكمة والتقارير الفنية المقدمة بالملف وأن جريمة القتل العمد لا تتم إلا بتوافر القصد الجنائي وهو أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر بل من الظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى وموكول تقديرها إلى قاضي الموضوع وأن تعمد الفعل المزهق للروح لا يكفي لاعتبار الجاني قاتلاً عمداً بل لابد من توفر قصد القتل لديه وإلا لكان القتل شبه عمد شرعاً أو ضرباً أفضى إلى موت قانوناً وأنه يستوي في القتل أن يكون مسبوقاً بإصراراً وترصد أو غير مسبوق أو تصحبه جريمة أخرى أو لا تصحبه إذ أن العقوبة على القتل العمد هي القصاص في كل حال إلا في حالة الحرابة أي قطع الطريق وعقوبتها القتل والصلب ومن ثم فإن قصد القتل لم يتوفر في حق الطاعن وأن استبدال عقوبة القصاص بعقوبة الحد تعد مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه عملاً بالمادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي فإن على المحكمة أن تعطي للدعوى وصفها الحق وأن تغير في حكمها الوصف القانوني للواقعة المسندة للمتهم دون تقيد بوصف النيابة العامة لها ولها حق تعديل التهمة حسبما تراه وفقاً لما يثبت لها من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة .
كما أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام يعتبر مطعوناً فيه بالنقض وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن عملاً بالمادة 253 من ذات القانون .
وتحكم المحكمة في الطعن وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 246 منه والتي تخولها أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام أو مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لم تكن لها ولاية الفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى كما أن لها التصدي للفصل فيه إذا قبلت الطعن عملاً بالمادة 249/2 من نفس القانون ـ أي أن الحكم يعد مطعوناً عليه بالنقض بقوة القانون ومعروضاً على المحكمة العليا لإعادة بحثه وبيان مدى موافقته لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون - وعليها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جرائم الحدود والقصاص والدية عملاً بالمادتين الأولى والثانية من القانون 3/1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية حداً أو تعزيراً ،
كما أن المقرر في المذهب المالكي المعمول به في الدولة أن القتل نوعان عمد وخطأ وهو لا يعترف بالقتل شبه العمد ويشترط لتوفر ركن القتل العمد وركن القصد فيه أن يكون إثبات الفعل المؤدي إلى الموت عمداً عدواناً ولم يكن بقصد اللهو واللعب ولا عبرة بما إذا كانت الآلة أو الوسيلة التي استعملت قاتلة أو غير قاتلة ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية صـ 339 ، 340 "... فأما العمد فهو أن يقصد القاتل إلى القتل بضرب بمحدد أو بمثقل أو بإحراق أو تغريق أو خنق أو سم أو غير ذلك فيجب القود " وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جـ 8 صـ 7 وإن قصد - أي تعمد - القاتل ضرباً وإن بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك بغضب أو عداوة يقتص منه ويقول الدرديري في الشرح الصغير جـ 4 صـ 331 ، 338 عند بيان شروط الجناية الموجبة للقصاص " وجناية وشرطها العمد ... وان تعمد الجاني ضرباً لم يجز بمحدد بل وإن بقضيب أي عصا أو سوط أو نحوهما ، مما لايقتل به غالباً وان لم يقصد قتله ... أو مثقل كحجر لاحد فيه - خلافاً للحنفية - كخنق أو منع طعام حتى مات أو شراب حتى مات فالقود إن انه قصد بذلك قتله " ومن ثم فإنه يستخلص من قواعد الفقه المالكي في خصوص الواقعة المطروحة أن الجاني إذا قصد تعمد إعطاء المجني عليه مادة سامة أو ما شابهها وإن كانت لا تقتل غالباً ولم يكن ذلك على سبيل اللهو أو اللعب وأحدثت الوفاة تجعل الفعل العمد العدوان قتلاً موجباً للقصاص ، وأن فعل الجاني ينتقل من وصف القتل العمد العدوان الموجب للقصاص إلى وصف القتل العمد الموجب لحد الحرابة ذلك أن المقرر فقهاً أن الحرابة كما وصفها ابن عرفة هي الخروج لأخذ مال محترم بمكابرة قتال أو ذهاب عقل أو قتل خفية أو لمجرد قطع طريق وإن لم يتوافر قصد أخذ المال وذلك بغير عداوة على وجه يتعذر معه الغوث ولا عفو فيه لأولياء الدم أو ولي الأمر لأن الحق فيه لله لقوله تعالى ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ... ﴾ الآيتان ( 33 ، 34 ) سورة المائدة .
أي أن الحرابة في الأصل شرعاً هي قطع الطريق بأي وسيلة وهي ما تسمى السرقة الكبرى أي الخروج لأخذ المال على سبيل المغالبة فإذا أخذ الجاني المال فقتل فيعد محاربا ما دام قد خرج لأخذ المال على سبيل المغالبة ويسمى الإمام مالك هذا النوع من القتل قتل الغيلة وهو نوع من الحرابة ولم يشترط وجود سلاح مع الجاني ما دام قد وقع القتل والسرقة على وجه يتعذر معه الغوث وفقد الغوث وتثبت جريمة الحرابة شرعاً بشهادة شاهدين عدلين أو بإقرار الجاني .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد حكم أول درجة لأسبابه قد أدان الطاعن عما نسب إليه من اعترافه تفصيلاً أمام الشرطة والنيابة العامة الذي اطمأن إليه أنه خطط لجرائمه باستعمال المادة السامة " اللانيت " بوضعها لضحاياه في مشروبات غازية مما أدى إلى وفاة خمسة منهم سالفي الذكر ونجاة الثلاثة الآخرين لتداركهم بالعلاج وأنه علم بوفاة أحد المجني عليهم الذي استدرجه لمنطقة الكسارات على طريق خطم الشكلة مدعياً ندمه على ذلك - إلا أنه استمر في ارتكاب جرائمه لحاجته للمال وأنه كان يختار ضحاياه من سائقي السيارات العمومية وذلك لسهولة توجههم لأية وجه خارج المدينة ولوجود مبالغ مالية معهم يمكنه الاستيلاء عليها لسداد ديونه وان ذلك مما يدل على توفر قصد القتل لديه وأنها تلتفت عن ادعائه بأن قصده من وضع هذه المادة السامة للمجني عليهم هو لتخديرهم فقط للاستيلاء على أموالهم .
وأن ما يزيد قناعة المحكمة في ذلك أن حادث الوفيات قد ذاع خبرها وانتشر وسط الجنسية الباكستانية التي ينتمي إليها المتهم والمجني عليهم وأن ما برره من أنه كان يظن أن شخصاً آخر هو الذي قتلهم برشهم بالسم غير سائغ ولا يتماشى مع المنطق السليم وإن ما قرره يخالف الحقيقة وبقصد تخفيف العقوبة وأنه لم يرجع عن أقواله إلا في النية والقصد ويعضد اعترافات الطاعن تطابق بصمته مع البصمة المأخوذة من باب السيارة رقم 72438/1 التي توفي صاحبها بنفس الكيفية وشهادة اثنان من الأطباء الشرعيين التابعين لوزارة العدل من أنه بتشريح جثث المجني عليهم تبين أن سبب الوفاة هو مادة المثوميل وهي المادة الفعالة للمبيد الحشري اللانيت وهي مادة شديدة السمية ، كما ثبت بالتحقيقات أن هذه المادة تم حظرها واستعمالها بالدولة لخطورتها وهي ذات المادة التي ضبطت بمنزل المتهم الطاعن وأن القتل بالسم كالقتل بالمباشرة وهو ما جلب الموت بذاته دون واسطة وكان علة له وأن السم يقوم مقام السلاح لأنه الوسيلة القاتلة ويولد المباشرة وأن ما اقترفه المتهم الطاعن يعتبر قتلاً عمداً في كل المذاهب لأنه على سبيل العدوات وفقاً للمذهب المالكي ولأن الوسيلة قاتلة وفقاً للمذاهب الأخرى ويعتبر ما قام به داخلاً في القتل غيلة الذي لا يتطلب العفو أو طلب القصاص من أولياء الدم وأن القتل حيلة وخدعة - هو نوع من أنواع الحرابة وهي قطع الطريق وأخذ المال على وجه يتعذر معه الغوث في ليل أو نهار وأن المحكمة تأخذه باعترافه أمام الشرطة والنيابة العامة واعترافه أمام المحكمة دون اعتداد بإنكاره توفر القصد الجنائي لديه وأنها تدينه بالقتل غيلة لخمسة من المجني عليهم هم ....... و ...... و ....... و ......... و ....... وشروعه في قتل المجني عليهم الثلاثة ....... و ...... و ....... - مع توفر القصد الجنائي لديه في ذلك من اعترافه بوضعه المادة شديدة السمية في الشراب وتقديمها لهم مع علمه بخطورتها وأنها قاتلة إلا أنه خاب أثر الجريمة لتدخل عامل خارجي هو تدارك المجني عليهم المذكورين بالعلاج وأن المتهم وإن اعترف أمام النيابة العامة بمعاشرة مؤمنات رسول المقيمة معه دون رابطة شرعية إلا أنه أنكر أمام المحكمة ما نسب إليه وأنها من ثم تدرأ الحد عنه وانه خالف العمل لدى غير كفيله إلا أنه أخذاً بما جاء في كتاب قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي أن كل حد اجتمع مع القتل فالقتل يجزئ عنه وأنها ترى إدراج كل العقوبات في عقوبة الإعدام ، وأضاف الحكم المطعون فيه أن قصد القتل ثابت في حق المتهم الطاعن يقيناً من أن المتهم قرر بتحقيقات النيابة العامة عندما سئل صراحة عما إذا كان يقصد قتل ضحاياه للحصول على المال فأجاب بالإيجاب لمروره بضائقة مالية ـ كما أنه كان يعلم مسبقاً كنه المادة السامة القاتلة التي استخدمها وقوله عنها بالتحقيقات أنها مادة سريعة القتل إذ كان يشاهد القطط عند تناولها تموت فوراً ومن قيامه بالإعداد لجرائمه في هدوء وروية وبحثه عن المادة السامة القاتلة والتي يعلم مسبقاً أنها شديدة السمية وتؤدي إلى الوفاة الفورية ولاصطحابه لضحاياه من سائقي سيارات الأجرة إلى مناطق نائية وتقديم المشروب المضاف إليه المادة السامة إليهم وترك المجني عليهم في تلك المناطق البعيدة بعد إحداث السم القاتل لأثره ، وانه عما يثار بالأوراق رغم عدم الدفع به من أن المتهم الطاعن يعاني من مرض نفسي فهو قول مرسل لادليل عليه وأن الأفعال الإجرامية التي ارتكبها الطاعن تدل على تدبير محكم ونية إجرامية تفصح عن قوة أعصابه وتمتعه بالهدوء والتركيز وإجابته التفصيلية في تحقيقات النيابة العامة والتي تدل على توازنه العقلي وإحكامه التدبير كما أن طلبه استدعاء أولياء الدم لسؤالهم لامحل له وفقاً لارتكابه القتل غيلة التي توجب توقيع الحد كحق من حقوق الله لا يسقطه أحد ولا يملك أولياء الدم العفو فيه مع استبدال كلمة حداً بدلاً من كلمة قصاصاً بالحكم المستأنف باعتبار أن العقوبة في الحرابة حداً لا قصاصاً.
لما كان ذلك وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعن عن تهمة القتل غيلة حداً باعتباره نوعاً من أنواع الحرابة للقتل عمداً بقصد السرقة وذلك باستدراج المجني عليهم إلى أمكنة يصعب فيها الغوث وتركهم يموتون فيها اثر تناولهم مادة اللانيت السامة التي أعطاها لهم الطاعن عامداً متعمداً للحصول على أموالهم دون وجه حق سائغاً وكافياً لحمل قضائه ، ومن ثم فإن النعي لايعدوا أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها مما لايجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض .
ثانياً : الطعن 326/23 ق شرعي ـ المقدم من النيابة العامة :
حيث إن النيابة العامة طلبت في هذا الطعن ـ قبول عرضها شكلاً وإقرار الحكم الصادر بقتل المحكوم عليه ....... حداً عملاً بالمادة ( 253 ) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي .
وحيث إن الحكم المطعون فيه - على ما سلف ذكره في الطعن الأول قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجرائم التي دان بها المتهم المحكوم عليه بالقتل غيلة وهو نوع من أنواع الحرابة لا يتطلب العفو من أولياء الدم وساق على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من اعتراف المتهم بمحضري جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة وأمام محكمتي أول وثاني درجة من إعطائه المادة السامة المبيد الحشري " اللانيت " للمجني عليهم عمداً حيث توفي خمسة منهم بسببه وأصيب الثلاثة الآخرون ومما ورد بتقريري الطب الشرعي والمختبر الجنائي وما شهد به الشهود وقد صدر الحكم بالإجماع عن محكمة مختصة لها ولاية الفصل في الدعوى وغير مشوب بعيب يتعلق بالنظام العام وكان غير مبنى على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ومن ثم فإن المحكمة بالإجماع تقر هذا الحكم مع رفع أوراق الدعوى فوراً إلى سمو رئيس الدولة للتصديق عليه عملاً بالمادة ( 283 ) من قانون الإجراءات الجزائية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق