الصفحات

السبت، 20 سبتمبر 2014

(الطعن 7 لسنة 62 ق جلسة 29 / 1 / 1996 مكتب فني 47 ج 1 ق 52 ص 249)

جلسة 29 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف، سعيد غرياني، حسين السيد متولي وعبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(52)
الطعن رقم 7 لسنة 62 القضائية "أحوال شخصية"

 (4 - 1)وقف "النظر في الوقف". اختصاص "الاختصاص الولائي".
(1) اختصاص هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس وفقاً للقرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس. انصرافه إلى الأوقاف الصادرة من غير المسلم ويكون مصرفها متمحضاً لجهة من جهات البر القبطية الأرثوذكسية دون مشاركة جهة برٍ عامة غير طائفية. علة ذلك.
 (2)وقف غير المسلم لجهة برٍ عامة. انعقاد الاختصاص بإدارته واستثماره لوزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية دون هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس. قانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية. عدم تعلق الوقف بنشاط أو غرض ديني خير أو شئون البر الخاصة بالكنيسة التي ينتمي إليها الطاعنين. مؤداه. عدم قبول منازعة الطاعنين في شكل أو مضمون قرار وزير الأوقاف بشأن ذلك الوقف.
 (3)النظر على الوقف الخيري. لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه. الاستثناء. وقف غير المسلم المرصود لغير جهة إسلامية. النظر يكون لمن يقيمه القاضي إن لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف. جواز تعيين وزارة الأوقاف ناظراً على وقف غير المسلم ولو كان مصرفه لجهة غير إسلامية متى رأى ذلك صالحاً.
 (4)منح وزير الأوقاف الحق في تغيير مصرف الوقف الخيري بما يراه أوفى بتحقيق معنى القربة إلى الله تعالى. المادة الأولى من قانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بقانون رقم 30 لسنة 1957. مفاده. استثناء هذه الحالة من قاعدة لزوم الوقف بعد موت الواقف.
 (5)حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
القضاء في المسألة الأساسية الواحدة بين ذات الخصوم. اكتسابه قوة الشيء المحكوم فيه. أثره.
( 6،7 ) حكم "تسبيب الحكم: تسبيب الحكم الاستئنافي" "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً" بطلان "بطلان الحكم".
 (6)إغفال الحكم بيان الوقائع والأدلة التي استند إليها مما يتعذر معه تعيين الدليل الذي اقتنع به. قصور يبطل الحكم. علة ذلك.

 (7)إلغاء محكمة الاستئناف حكم محكمة الدرجة الأولى. وجوب بيان الأسباب التي تحمل قضائها.

-------------------
1 - ولئن كان القرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس قد صدر نفاذا للقانون رقم 264 لسنة 1960 في شأن استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر للأقباط الأرثوذكس الذي قضت المادة الثانية منه بإنشاء هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لتتولى اختيار القدر المحدد واستلام قيمة الأراضي المستبدلة بما يفيد أن المشرع ناط بتلك الهيئة أساسا أداء هذه المهمة، إلا أنه لما كانت المادة سالفة الذكر قد تركت القرار الجمهوري تحديد اختصاصات تلك الهيئة، وكانت الفقرة "ه" من المادة الثانية منه قد خولها سلطة تعيين وعزل القائمين على إدارة الأوقاف، فإن ما عنته هذه الفقرة ينصرف إلى الأوقاف الصادرة من غير المسلم ويكون مصرفها متمحضا لجهة من الجهات البر القبطية الأرثوذكسية بالذات لا تشاركها فيه جهة بر عامة غير طائفية، وبحيث لا يثور نزاع حول الأحقية في النظارة عليها تبعا للجدل حول صفتها الطائفية وخلوص مصرفها لها.

2 - لما كان الوقف في شقه الخاص بالسراي والسلاملك لجهة بر عامة، فإن هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لا تختص بإدارته واستثماره طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس، إذ أن الوقف في هذا الخصوص ليس قاصرا على الأفراد المنتمين لهذه الطائفة الدينية أو غرض ديني متعلق بها، فينعقد الاختصاص في هذا الشأن لوزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية من بعده طبقا للقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، على نحو ما سلف، ومتى كان الوقف غير خاص بالجهة التي يمثلها كل من الطاعنين ولا يتعلق بنشاط أو غرض ديني مما يندرج في الخيرات أو شئون البر الخاصة بالكنيسة والمنتمين إليها بصفتهم من أتباعها ولها الرئاسية الدينية عليهم فإنه لا يقبل من الطاعنين المنازعة في قرار صادر من وزير الأوقاف بشأن الوقف المذكور سواء من حيث شكل هذا القرار أو مضمونه.

3 - مؤدى نص المادتين 2/1، 3 من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانونين رقمي 547، 296 لسنة 1954، والمادتين 1، 17 من القانون رقم 272 لسنة 1959 ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله تعالى بالصدقة الجارية، فأعطاها الحق في النظر بحكم القانون في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 وأورد بالمادة الثالثة منه استثناء على هذا الحق خاصا بوقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية ليقيم القاضي ناظره إن لم يشترط الوقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف، مما مفاده أن المشرع أصبح لا يقيد سلطة القاضي في تعيين من يراه صالحا للنظارة على الأوقاف الخيرية الطائفة ولم يمنعه من أن يعين وزارة الأوقاف ناظرا على وقف غير المسلم ولو كان مصرفه لجهة غير اسلامية متى رأى ذلك صالحا، وهو ما يفيد انتفاء الأساس الذي كان يبني عليه حظر إقامة وزارة الأوقاف ناظرة على وقف غير المسلم المرصود لجهة طائفية.

4 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1957 على أنه "إذا لم يعين الواقف جهة البر الموقوف عليها أو عينها ولم تكن موجودة أو وجدت مع وجود جهة بر أولى منها، جاز لوزير الأوقاف بموافقة مجلس الأوقاف الأعلى أن يصرف الريع كله أو بعضه على الجهة التي يعينها دون تقيد بشرط الوقف..." بما مفاده أن المشرع استثنى هذه الحالة من قاعدة لزوم الوقف بعد موت الواقف، وذلك بمنحه وزير الأوقاف الحق في تغيير مصرف الوقف الخيري بما يراه أوفي بتحقيق معنى القربة إلى الله تعالى دون تقيد بشرط الوقف.

5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو على انتفائها.

6 - المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا كانت المادة 178 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 قد أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة فإن ذلك مقتضاه أن تبين المحكمة الوقائع والأدلة التي استندت إليها في حكمها وكونت منها عقيدتها بحيث تستطيع محكمة النقض أن تراقب ثبوت الوقائع وأدلة هذا الثبوت وسلامة تطبيق القانون عليها وأن ما أثير حولها من دفاع لا يؤثر فيها فإذا تعذر تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها فإن الحكم يكون قد عابه قصور يبطله.

7 - على محكمة الاستئناف إذا هي ألغت حكم محكمة الدرجة الأولى أن تبين الأسباب التي أقامت عليها قضائها.
-------------------
المحكمة
 بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الدعوى - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 195 لسنة 1978 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة على المطعون ضدهما وآخرين بطلب الحكم بأحقيتهما في النظر على كامل أعيان وقف ......... وإدارته وتسليمها لهما وقالا في بيان ذلك إنه بموجب حجة الوقف الصادر بها الإشهاد المؤرخ 11/6/1944 أوقف ...... أطياناً زراعية مساحتها 23 س 19 ط 208 ف وقفاً خيرياً على الجهات المبينة بالإشهاد، وقد ثار نزاع بين نظار الوقف المتعاقبين وبين وزارة الأوقاف حول مصارف الوقف وحق الأخيرة في النظر على حصته منه، وحسم هذا النزاع بالحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية" بأحقية وزارة الأوقاف في النظر على الجزء الموقوف عل السراي والسلاملك باعتباره جهة بر عامة، ونفاذاً لذلك وضعت وزارة الأوقاف اليد على مساحة 4 س 13 ط 101 ف باعتبار أن هذا القدر يمثل نصف الوقف، وإذ قامت وزارة الأوقاف بإزالة السراي والسلاملك وبيع الأرض لوزارة التربية والتعليم وترتب على ذلك زوال الوقف كما أنها تمسكت بأن  حصة الخيرات الإسلامية تزيد على النص وأنها 3/2 22 قيراطاً من 24 قيراط وهو ما يخالف قصد الواقف وحجة الوقف ومن ثم فقد أقاما الدعوى، دفعت وزارة الأوقاف بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الطعن بالنقض رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"، وبتاريخ 23/4/1990 حكمت المحكمة برفض الدفعين المذكورين وبأحقية الطاعنين في النظر على وقف ..... وإدارته وتحصيل ريعه وتسليمه لهما، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 لسنة 107 ق القاهرة، دفع الطاعنان بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد، ودفعت وزارة الأوقاف بعدم قبول دعوى الطاعنين لرفعها على غير ذي صفة، وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الطعن بالنقض رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"، وبتاريخ 12/12/1991 قضت المحكمة برفض الدفوع المذكورة وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعي الطاعنان بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن المادة 2 من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية أخرجت الأوقاف التي تشرف عليها هيئة الأقباط الأرثوذكس من اختصاص هيئة الأوقاف المصرية، كما صدر القانون رقم 264 لسنة 1960 بإنشاء هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس والقرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس، وإذ طبق الحكم المطعون فيه نص المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1957 على واقعة الدعوى في حين أن هذا القانون لا ينطبق إلا على الأوقاف الإسلامية وعلى حالات أخرى حددها القانون تخرج عن واقعة الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه ولئن كان القرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس قد صدر نفاذاً للقانون رقم 264 لسنة 1960 في شأن استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر للأقباط الأرثوذكس الذي قضت المادة الثانية منه بإنشاء هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لتتولى اختيار القدر المحدد واستلام قيمة الأراضي المستبدلة بما يفيد أن المشرع ناط بتلك الهيئة أساساً أداء هذه المهمة، إلا أنه لما كانت المادة سالفة الذكر قد تركت للقرار الجمهوري تحديد اختصاصات تلك الهيئة، وكانت الفقرة "هـ" من المادة الثانية منه قد خولتها سلطة تعيين وعزل القائمين على إدارة الأوقاف، فإن ما عنته هذه الفقرة ينصرف إلى الأوقاف الصادرة من غير المسلم ويكون مصرفها متمحضاً لجهة من جهات البر القبطية الأرثوذكسية بالذات لا تشاركها فيه جهة بر عامة غير طائفية، وبحيث لا يثور نزاع حول الأحقية في النظارة عليها تبعاً للجدل حول صفتها الطائفية وخلوص مصرفها لها - لما كان ذلك وكان الثابت من كتاب الوقف أن الواقف - وهو قبطي أرثوذكسي - لم يشترط أن يكون مصرف ريع الأطيان التي أوقفها على مرتادي السراي والسلاملك متمحضاً لجهة من جهات البر القبطية الأرثوذكسية وإنما هو جهة بر عامة لا تختص بطائفة أو ملة أو ديانة على سبيل القصر وهو ما حسمه الحكم الصادر في الطعن بالنقض رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية" فإن هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لا تختص بإدارة هذا الوقف واستثماره في حدود الشق الخاص بجهة البر ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان، إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بمذكرتهما المقدمة بجلسة 5/11/1991 بأن وزير الأوقاف لم يصدر حتى تاريخ رفع الدعوى قراراً في شأن الوقف محل النزاع بموجب الرخصة المخولة له بالقانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1957 وأن هيئة قضايا الدولة طلبت منه إصدار هذا القرار بصورة عاجلة، وإذ أصدر قراره بعد العمل بالقانون رقم 264 لسنة 1960 والقرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 والقانون رقم 80 لسنة 1971 حيث انعقد الاختصاص في هذا الصدد لهيئة الأقباط الأرثوذكس بالإضافة إلى أن هذا القرار لم يعرض على مجلس الأوقاف الأعلى إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذا الدفاع بأن الجزء الموقوف على السراي والسلاملك من الأوقاف الإسلامية، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الوقف في شقه الخاص بالسراي والسلاملك لجهة بر عامة، فإن هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لا تختص بإدارته واستثماره طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 1433 لسنة 1960 في شأن إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس، إذ أن الوقف في هذا الخصوص ليس قاصراً على الأفراد المنتمين لهذه الطائفة الدينية أو غرض ديني متعلق بها، فينعقد الاختصاص في هذا الشأن لوزير الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية من بعده طبقاً للقانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية، على نحو ما سلف، ومتى كان الوقف غير خاص بالجهة التي يمثلها كل من الطاعنين ولا يتعلق بنشاط أو غرض ديني مما يندرج في الخيرات أو شئون البر الخاصة بالكنيسة والمنتمين إليها بصفتهم من أتباعها ولها الرئاسة الدينية عليهم، فإنه لا يقبل من الطاعنين المنازعة في قرار صادر من وزير الأوقاف بشأن الوقف المذكور سواء من حيث شكل هذا القرار أو مضمونه، ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الرابع والسادس الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان، إن الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية" اعتبر الموقوف على السراي والسلاملك جهة بر عامة تخضع لإشراف هيئة الأوقاف المصرية وذلك بحسبان أن السراي والسلاملك ما زالا قائمين في الوجود، وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى حكم النقض المذكور في اعتبار الموقوف عليهما جهة بر عامة تخضع لإشراف وزارة الأوقاف رغم تغير الظروف بهدمها وزوالهما من الوجود، ولم يتقيد بقصد الواقف في أن يكون وقفه صحيحاً حسب الأغلب الأعم وخالف إرادته في ذلك بتسليم الوقف للمطعون ضدهما فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مؤدى نص المادتين 2/1، 3 من القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانونين رقمي 547، 296 لسنة 1954، والمادتين 1، 17 من القانون رقم 272 لسنة 1959 -  وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وجعلها أحق بالنظر ممن شرط  له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله تعالى بالصدقة الجارية، فأعطاها الحق في النظر بحكم القانون في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 وأورد بالمادة الثالثة منه استثناءً على هذا الحق خاصاً بوقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية ليقيم القاضي ناظره إن لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف، مما مفاده أن المشرع أصبح لا يقيد سلطة القاضي في تعيين من يراه صالحاً للنظارة على الأوقاف الخيرية الطائفة ولم يمنعه من أن يعين وزارة الأوقاف ناظراً على وقف غير المسلم ولو كان مصرفه لجهة غير إسلامية متى رأى ذلك صالحاً، وهو ما يفيد انتفاء الأساس الذي كان يبنى عليه حظر إقامة وزارة الأوقاف ناظرة على وقف غير المسلم المرصود لجهة طائفية، كما أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البر المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1957 على أنه "إذا لم يعين الواقف جهة البر الموقوف عليها أو عينها ولم تكن موجودة أو وجدت مع وجود جهة بر أولى منها، جاز لوزير الأوقاف بموافقة مجلس الأوقاف الأعلى أن يصرف الريع كله أو بعضه على الجهة التي يعينها دون تقيد بشرط الوقف ..." بما مفاده أن المشرع استثنى هذه الحالة من قاعدة لزوم الوقف بعد موت الواقف، وذلك بمنحه وزير الأوقاف الحق في تغيير مصرف الوقف الخيري بما يراه أوفى بتحقيق معنى القربة إلى الله تعالى دون تقيد بشرط الواقف، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى أن الجزء الموقوف على السراي والسلاملك متعلق بجهة بر عامة التزاماً بحكم النقض في الطعن رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية" وأسبغ عليه حكم المصارف الإسلامية وأخرجه من الجهات التي لا تعتبر جهة بر إسلامية المستثناة بنص المادة الأولى من القانون رقم 264 لسنة 1960 التي تمسك الطاعنان بتطبيقها، فإنه طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1957 يكون النظر على هذا الجزء من الوقف بحكم القانون لوزارة الأوقاف، وعلى هذا الأساس منحها المشرع كما سلف الحق في تغيير مصرف الوقف الخيري بما تراه أوفى بتحقيق معنى القربة إلى الله تعالى دون تقيد بشرط الواقف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجعل ولاية النظر على الوقف المرصود على السراي والسلاملك لوزارة الأوقاف وباعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات البر وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام قامت بتغيير مصرف ريع الأطيان الموقوفة على السراي والسلاملك إلى مصارف أخرى ذات نفع عام دون تقيد بشرط الواقف، ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض هذا الشق من الدعوى فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ولا مساغ لتذرع الطاعنين بزوال المرصود على هذا الجزء من الوقف بعد هدم السراي والسلاملك لأن ذلك لا يتجافى مع الحكمة التي تغياها الشارع من إعطاء وزارة الأوقاف الحق في النظر على الوقف الخيري وهي تحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله تعالى ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم بعد أن أهدر حجية الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية" عند الرد على الدفع المبدى من وزارة الأوقاف بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الطعن المذكور بمقولة أن الدعوى المستأنف حكمها لا يجوز دفعها بحجية الأمر المقضي للحكم الصادر في الطعن بالنقض المشار إليه لاختلاف سبب كل منهما، عاد واعتد بحجية هذا الحكم عند فصله في موضوع الدعوى رغم تغير الظروف بعد صدور ذلك الحكم بزوال المصرف على السراي والسلاملك بعد هدمهما، وأيلولته لباقي المصارف الأخرى إعمالاً لإرادة الواقف في حجة الوقف مما يعيب الحكم المطعون فيه بالتناقض ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه فإن هذا القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو على انتفائها، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 5 لسنة 38 ق "أحوال شخصية" قد قطع في أسبابه المؤدية إلى منطوقه بأن الجزء الموقوف على السراي والسلاملك جهة بر عامة تدخل ضمن المصارف الإسلامية مما يمتنع معه على الطاعنين العودة إلى المجادلة في هذه المسألة بعد أن حازت قوة الأمر المقضي، ومن ثم فإن رفض الحكم المطعون فيه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الطعن بالنقض السالف الإشارة إليه على سند من اختلاف السبب في كل من الدعويين لا يتناقض مع تقيده بالمسألة الأولية المشتركة في الدعويين التي حسمها حكم النقض وحازت قوة الأمر المقضي، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالتناقض يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما تمسكا في دفاعهما أمام درجتي التقاضي بطلب الحكم بأحقيتهما في النظر على كامل أعيان الوقف متمثلة في النصف الموقوف على مصارف مسيحية والنصف الآخر الموقوف على السراي والسلاملك قبل زوالهما وهو ما قضى لهما الحكم الابتدائي به، وإذ انصبت أسباب الحكم المطعون فيه على بحث النزاع بشأن الموقوف على السراي والسلاملك فقط وأغفل النصف الآخر الموقوف على مصارف مسيحية دون أن يتطرق إليه. وقضى بإلغاء الحكم المستأنف دون أن يقصر الإلغاء على النصف المتنازع عليه والموقوف على السراي والسلاملك فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت المادة 178 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 قد أوجبت أن تشتمل الأحكام على الأسباب التي بنيت عليها وإلا كانت باطلة فإن ذلك مقتضاه أن تبين المحكمة الوقائع والأدلة التي استندت إليها في حكمها وكونت منها عقيدتها بحيث تستطيع محكمة النقض أن تراقب ثبوت الوقائع وأدلة هذا الثبوت وسلامة تطبيق القانون عليها وأن ما أثير حولها من دفاع لا يؤثر فيها فإذا تعذر تعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة اقتناعها بوجهة نظرها فإن الحكم يكون قد عابه قصور يبطله، وعلى محكمة الاستئناف إذا هي ألغت حكم محكمة الدرجة الأولى أن تبين الأسباب التي أقامت عليها قضاءها، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من أحقية الطاعنين في النظر على كامل أعيان الوقف موضوع النزاع متمثلة في النصف الموقوف على مصارف مسيحية والنصف الآخر الموقوف على السراي والسلاملك إلا أنه قد قصر أسبابه على النصف الموقوف على السراي والسلاملك فقط وأغفل كلية إيراد الحجج الواقعية والقانونية التي بنى عليها قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف في شقه المتعلق بالنصف الموقوف على مصارف مسيحية بما يعيبه بالبطلان بالنسبة لهذا الشق ويوجب نقضه نقضاً جزئياً على أن يكون مع النقض الإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق