الصفحات

الجمعة، 29 أغسطس 2014

الطعن 4338 لسنة 61 ق جلسة 12 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 208 ص 1114

جلسة 12 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز محمد, محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وأحمد الحسيني.

----------------

(208)
الطعن رقم 4338 لسنة 61 القضائية

(1 -3) ملكية. محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه".
(1) الأصل. عدم جواز حرمان مالك الشيء من حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه. الاستثناء. الأحوال التي يقررها القانون. المادتان 802، 805 مدني.
(2) استعمال المالك لحقه دون انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي. خلوه من نية الأضرار بالغير في إحدى الصور التي أوردتها المادة الخامسة من القانون المدني. أثره. عدم اعتباره مسيئاً في هذا الاستعمال. لا وجه للاعتداد بالاعتبارات الإنسانية المجردة.
(3) تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه. استقلال محكمة الموضوع به. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(4) تقادم "التقادم المكسب: التقادم الخمسي". حيازة "الحيازة المكسبة للملكية". ملكية "أسباب كسب الملكية: وضع اليد المكسب للملكية".
اكتساب ملكية العقار بالتقادم الخمسي م 969 مدني. شرطه. وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية بحسن نية وبسبب صحيح. السبب الصحيح. ماهيته.
(5) ملكية. عقد.
الأصل عدم نفاذ العقود إلا في حق عاقديها. عدم التزام صاحب الحق بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها. الوضع الظاهر. قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها. مؤداها. اعتبار التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية نافذاًً في مواجهة صاحب الحق متى أسهم الأخير بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه.
(6) مساجد "شروط المسجدية".
ثبوت المسجدية للمكان. شرطه. إنشاء بناء على أرض مملوكة للغير دون رضاه وإقامة مسجد أسفل هذا البناء. مؤداه. عدم ثبوت المسجدية له.

----------------
1 - النص في المادة 802 من القانون المدني على أن "لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه" وفي المادة 805 منه على أنه: - "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون...." مفاده أنه لا يجوز حرمان مالك الشيء من حق استعمال واستغلال والتصرف في ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون.
2 - المقرر وفقاً لما ورد بالمادة الرابعة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بغيره وأن ما أوردته المادة الخامسة من قيد على هذا الأصل - إعمالاًً لقاعدة إساءة استعمال الحق - متمثلاً في أحد معايير ثلاثة يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء في صورة تعمد الإساءة إلى الغير دون نفع يعود على صاحب الحق من الاستعمال، أو في صورة استهانة بما يحيق بذلك الغير من ضرر جسيم تحقيقاً لنفع يسير يجنيه صاحب الحق، أو إذا كانت المصالح التي يرمي الأخير إلى تحقيقها غير مشروعة وهو ما ينأى بتلك القاعدة عن الاعتبارات الإنسانية المجردة، وعلى ذلك فإنه لا يسوغ اعتبار استعمال المالك لحقه دون انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي الذي يخلو من نية الإضرار بالغير في إحدى صوره السابقة مسيئاً.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه هو من إطلاقات محكمة الموضوع متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
4 - مؤدى نص المادة 969 من القانون المدني أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً.
5 - المقرر أن الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد أعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت واجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع بالغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر بالحقيقة مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض من صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق.
6 - إذ خلصت المحكمة إلى أن المستأنف عليه الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بدون رضاهم، وأقيمت الدعوى منهم خلال ميعاد السنة من تاريخ علمهم بإقامة البناء فإن طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول يضحى سديداً ويمتنع بالتالي التمسك في مواجهتهم بقاعدة التعسف في استعمال حق الملكية لتخلف شروط إعمال أحكامهم. ومتى كان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى إجابة المستأنف عليهم أولاً وثانياً إلى طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول فإنه يتعين تأييده ولا ينال من هذا القضاء إنشاء المستأنف الأول مسجداً أسفل البناء لعدم ثبوت المسجدية له وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة لعدم خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العباد عنه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 1818 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية على المطعون ضده الأول بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف أعمال البناء التي يجريها على قطعة الأرض المبيّنة بالصحيفة وفي الموضوع بإزالة ما يكون قد تم عليها من مباني بمصاريف على عاتقة, وقالت بياناً لذلك إنها وزوجها - مورث باقي الطاعنين - يمتلكان قطعة أرض فضاء مساحتها 1436.30 م2 بموجب المحرر المشهر برقم 3567 في 20/ 12/ 1967 توثيق الجيزة وقد تحدد نصيب كل منهما بواقع 755 م2 بموجب عقد القسمة المشهر برقم 2213 في 10/ 7/ 1969 وإذ نمى إلى علمها أن المطعون ضده الأول قد وضع يده على قطعة الأرض سالفة البيان فقد حررت ضده المحضر رقم 1473 لسنة 1977 إداري العجوزة وفيه أصدرت النيابة العامة قراراً بتمكينها منها وكف منازعة المطعون ضده الأول لها إلا أنه عاود الاعتداء وشرع في إقامة البناء عليها فأقامت الدعوى. وبتاريخ 23/ 12/ 1979 حكمت المحكمة في الشق المستعجل بوقف أعمال البناء على الأرض محل النزاع وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير في الدعوى لبيان مالك الأرض محل النزاع وواضع اليد عليها وسنده وما أُقيم عليها من بناء وتاريخ إنشائه وما إذا كان الباني يعلم أن الأرض مملوكة للطاعنة الأولى وأنه أقام البناء دون رضها وقيمة كل من الأرض والبناء المقام عليها, وبعد أن أودع الخبير تقريره الأول تدخل مورث باقي الطاعنين منضماً إلى زوجته - الطاعنة الأولى - كما تدخل المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخيرة - عدا الرابع والسابع والحادي عشر والثاني عشر والرابع عشر والسابع عشر والتاسع عشر والثلاثين والثاني والثلاثين والرابع والثلاثين - أنضمامياً إلى جانب المطعون ضده الأول في طلب رفض الدعوى، وبتاريخ 13/ 11/ 1985 قضت المحكمة بقبول تدخل مورث الطاعنين من الثاني إلى الثالثة خصماً منضماً إلى الطاعنة الأولى، وبقبول تدخل الخصوم المنضمين للمطعون ضده الأول شكلاً ورفضه موضوعاً وفي الموضوع الدعوى بإزالة البناء المقام على قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بمصروفات على عاتق المطعون ضده الأول. استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 7533 لسنة 102 ق القاهرة، كما استأنفه الخصوم المتدخلين إلى جانبه - عدا الخامس والسابع والسابع عشر والثانية والعشرين والحادي والثلاثين والرابع والثلاثين والخامسة والثلاثين - بالاستئناف رقم 8049 لسنة 102 ق القاهرة طلباً للقضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبعد أن حددت المحكمة جلسة في الاستئنافين لاستجواب الخصوم حكمت بتاريخ 12/ 6/ 1991 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لسببين حاصلهما أن الحكم رفض تطبيق أحكام المادة 924 من القانون المدني برغم توافر شروطها وثبوت أن المطعون ضده الأول أقام بناء على الأرض المملوكة لهم بدون رضاهم وبسوء نية وأعمل قاعدة المالك الظاهر برغم تخلف شرطي إعمالها ذلك أنهم لم يسهموا بخطئهم سلباً أو إيجاباً في ظهور المطعون ضده الأول بمظهر مالك الأرض محل النزاع ولم يتوانوا أو يقصروا في المطالبة بملكهم بل سارعوا إلى تقديم بلاغ إلى النيابة العامة فور اعتداء المطعون ضده الأول على حيازتهم قيد برقم 1473 لسنة 1977 إداري العجوزة وفيه أمرت النيابة بتمكينهم من الأرض محل النزاع وكف منازعة المطعون ضده المذكور لهم فيها وإذ عاود التعدي على حيازتهم فقد أقاموا الدعوى رقم 2312 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية بطلب استرداد حيازتهم لها وقضى فيها برد الحيازة ومنع تعرض المطعون ضده الأول لهم وإذ كرر التعدي للمرة الثالثة وشرع في إقامة البناء على أرضهم فقد استصدروا قراراً من محافظ الجيزة بإيقاف تلك الأعمال وأقاموا الدعوى محل الحكم المطعون فيه ومتضمنة شقاً مستعجلاً بوقف أعمال البناء مع طلب إزالته لإقامته بسوء نية وذلك بمصاريف على عاتقه، كما أن المتعاقدين مع المطعون ضده الأول لم يكونوا حسنى النية لأنهم لم يتخذوا الحيطة اللازمة في مثل هذه الظروف للوقف على سند ملكية المتصرف إليهم وحقيقة وضع يده برغم الإجراءات العديدة التي اتخذوها ضده، هذا إلى أن الحكم ذهب إلى أن حيازتهم للوحدات إنما تستند إلى التملك بسبب صحيح ودون أن تتوافر شروطه لعدم تسجيل كل منهم لعقده، وقد قرن الحكم الأثر المترتب على تطبيقه لقاعدة المالك الظاهر بنظرة إساءة استعمال الحق بعد أن استخلص بما لا سند له من الأوراق عدم تناسب المصلحة التي تعود على صاحب الحق - الطاعنين - وما يعود على مشتري الوحدات السكنية من المالك الظاهر - المطعون ضده الأول - من ضرر مع أنه لا مجال لإعمال حكمها لعدم توافر نيتهم في الإضرار بإحدى الصور التي عددتها المادة الخامسة من القانون المدني وقصور الحكم المطعون فيه في استظهار ما يخالف ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 802 من القانون المدني على أن "لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه" وفي المادة 805 منه على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون...." مفاده أنه لا يجوز حرمان مالك الشيء من حق استعمال واستغلال والتصرف في ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وكان من المقرر وفقاً لما ورد بالمادة الرابعة من ذات القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بغيره وأن ما أوردته المادة الخامسة من قيد على أن الأصل - إعمالاً لقاعدة إساءة استعمال الحق- متمثلاً في أحد معايير ثلاثة يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء في صورة تعمد الإساءة إلى الغير دون نفع يعود على صاحب الحق من الاستعمال، أو في صورة استهانة بما يحيق بذلك الغير من ضرر جسيم تحقيقاً لنفع يسير يجنيه صاحب الحق، أو إذا كانت المصالح التي يرمي الأخير إلى تحقيقها غير مشروعة وهو ما ينأى بتلك القاعدة عن الاعتبارات الإنسانية المجردة وعلى ذلك فإنه لا يسوغ اعتبار استعمال المالك لحقه دون انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي الذي يخلو من نية الإضرار بالغير في إحدى صوره السابقة مسيئاً، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه هو من إطلاقات محكمة الموضوع متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها. وكان مؤدى نص المادة 969 من القانون المدني أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً وكان من المقرر أيضاً أن الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد أعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت واجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع بالغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر بالحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض من صاحب الوضع الظاهر الغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد واجه طلب الطاعنين إزالة البناء المقام على الأرض ملكهم استناداً للحق المقرر بالمادة 924/ 1 من القانون المدني كأثر لقيام المطعون ضده الأول بالبناء عليها دون رضاهم وبسوء نية، وأطرحه لما يتسم به هذا الطلب من تعسف في استعمال حقهم في ملكية الأرض مغلباً عليه حق المطعون ضده الأول وباقي المطعون ضدهم من الثالث حتى الأخير من بعده - مشترو الوحدات السكنية للمبنى المقام على تلك الأرض - على سند من توافر مظاهر المالك الظاهر للمطعون ضده الأول وتحقق حسن النية في مشتري تلك الوحدات منه وإلى أن حيازة كل منهم لوحدته إنما تستند إلى سبب صحيح وذلك دون أن يعرض لمدى توافر موجبات إعمال كل من قاعدتي إساءة استعمال الحق والمالك الظاهر وكذلك الحق في اكتساب ملكية العقار بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات مع تحقق السبب الصحيح واستيفاء شرائط كل منها على نحو ما سلف بيانه فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان الثابت من تقرير خبير الدعوى رقم 2312 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية المرفوعة من المستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً في الاستئناف رقم 7533 لسنة 102 ق القاهرة المرفق صورته بالأوراق ومن تقارير الخبراء المنتدبين من محكمة أول درجة في الدعوى الحالية والتي تطمئن إليها هذه المحكمة أن قطعة الأرض محل النزاع مملوكة للمستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً بموجب العقد المسجل رقم 3567 بتاريخ 30/ 12/ 1967 تم قسمته مناصفة بينهما بموجب عقد القسمة المشهر تحت رقم2213 لسنة 1969 الجيزة وأنه ما أن تمكن المستأنف الأول من التعدي على هذه ووضع يده عليها في بداية سنة 1977 حتى استطاع المستأنف عليهم أولاً وثانياً بتاريخ 22/ 7/ 1977 استعادتها منه تنفيذاً لقرار النيابة العامة بتمكينهم منها في المحضر رقم 1473 لسنة 1977 إداري العجوزة ثم عاود المستأنف الأول وضع يده عليها في 29/ 4/ 1978 تنفيذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 3216 لسنة 1977 مستعجل الجيزة ضد...... نجل مالكي الأرض والقاضي بعدم الاعتداد بقرار النيابة العامة سالف الذكر وبتمكينه منها الأمر الذي دعاهم إلى إقامة الدعوى رقم 2312 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية بطلب استرداد حيازتهم لها حتى إجابتهم المحكمة إلى طلبهم والذي تأيد استئنافياً بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 7014 لسنة 98 ق القهارة وبرفض الطعن بالنقض المقام من المستأنف الأول عن ذلك الحكم في الطعن رقم 633 لسنة 53 ق وبتاريخ 4/ 3/ 1983، وكان الثابت أيضاً من الأوراق أن المستأنف عليها الأولى فور علمها بشروع الأخير في إقامة بناء على الأرض ملكها وزوجها في 29/ 6/ 1978 رفعت الدعوى رقم 1818 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية المستأنف حكمها وأودعت صحيفتها في 25/ 3/ 1979 - قبل مرور عام على الشروع في البناء - بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف أعمال البناء وفي الموضوع بإزالة ما يكون قد تم منها بمصاريف على عاتق المستأنف الأول وانضم مورث المستأنف عليهم ثانياً لها في طلباتها فقضت المحكمة في 23/ 12/ 1979 بإجابتهما إلى طلبهما في الشق المستعجل بإيقاف أعمال البناء إلا أن المستأنف الأول ما لبث أن أقام الإشكال رقم 5 لسنة 1980 مستعجل الجيزة طلباً وقف تنفيذ ذلك الشق فقضت المحكمة في 20/ 4/ 1980 برفضه والاستمرار في التنفيذ كما استأنف الحكم المستشكل في تنفيذه بالاستئناف رقم 5686 لسنة 76 ق القاهرة فحكمت المحكمة بتأييده في 31/ 3/ 1981 وقد تزامن ذلك كله مع التجاء المستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً إلى مصلحة الشهر العقاري "إدارة مكافحة اغتصاب الأراضي" بشكاوي ضد المستأنف الأول لوقف ما قد يصدر من تصرفات على أرض النزاع فوجهت المصلحة إلى كل منهما كتابها المؤرخ 14/ 6/ 1980 بموافقة وكيل الوزاره الأمين العام المساعد على تعلية الشكوى على مراجع المأمورية والمساحة والتنويه بأن المباني المقامة على قطعة الأرض المملوكة لهما مقامة من الغير ولا يجوز التصرف فيها دون مصادقة من أصحاب الأرض لإقامتها بطريق التعدي وذلك وفقاً للصورة المرفقة بالأوراق، كما ثبت من الحكم الصادر في الجناية رقم 946 لسنة 1981 الدقي المقيدة برقم 34 لسنة 81 كلي الجيزة المقامة من النيابة العامة ضد المستأنف الأول بتهمة اشتراكه مع آخرين في تزوير محرر رسمي هو دفتر الجرد الخاص بمأمورية ضرائب مباني الدقي - عن المدة من سنة 1950 حتى 1959 - ودفتر الحصر العام عن المدة من 1960 وما بعدها واستعمال تلك المحررات وقد قضت المحكمة بتاريخ 29/ 11/ 1986 بحبسه مع الشغل لمدة سنة واحدة، وقد أصبح هذا الحكم باتاً بعدم قبول محكمة النقض للطعن المقام منه على هذا الحكم والمقيد تحت رقم 1522 لسنة 57 ق بتاريخ 21/ 12/ 1987 ومما تقدم جمعيه فإنه يستقر في يقين المحكمة ويطمئن وجدانها إلى أن البناء الذي أقامه المستأنف الأول على الأرض محل النزاع قد تم بسوء نية ودون رضاء المالكين لها - المستأنف عليهم أولاً وثانياً - وأن مسلك الأخيرين العلني بالزود عن ملكهم بالالتجاء إلى النيابة العامة والحصول منها على قرار بتمكينهم منها واستلام الأرض في 22/ 7/ 1977 منه ثم إعادة استلامها منه مرة أخرى إثر القضاء باسترداد حيازتهم لها ليقطع بأنهم لم يساهموا سلباً أو إيجاباً في ظهور المستأنف الأول بمظهر المالك أو صاحب الحق في إقامة البناء والتصرف في وحداته وذلك بجانب الدعاوي العديدة المردود بينهم وبين المذكور والسابق إيرادها؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير خبير الدعوى أمام محكمة أول درجة - ..... - أنه عند انتقاله يوم 27/ 10/ 1980 لمعاينة العقار بحضور المستأنف الأول تبين له أن البناء المقام على أرض النزاع مكّون من خمس أدوار بالأرضي ومسجد وجراچ بالبدروم وبكل دور 6 شقق وأن الدور الأول يتم شغل شققه على النحو التالي عدد 3 شقق تستغلها الشركة الاستثمارية وعدد 2 شقة للجمعية التعاونية لهيئة الإسكان والشقة الأخيرة مؤجرة لهيئة الدعاية والتلفزيون، وقد قدم المستأنف الأول للخبير عقود إيجار عدد 30 شقة تمثل جميع شقق الأدوار الخمس العلوية تم تأجيرها بتاريخ واحد هو الخامس من مارس سنة 1980 عدا الشقق أرقام 1- 2 - 3 فقد حررت عقود إيجارها بتاريخ الأول من يناير سنة 1980 لصالح الشركة العربية الدولية التي يمتلكها المستأنف الأول وأن هناك عدد 4 شقق منها مؤجرة بأسماء أولاده "...... و...... و...... و......" وقد أطلع الخبير على هذه العقود وأعادها إلى المستأنف الأول بعد أن أثبت أسماء من حررت لهم، وكان البيّن من مراجعة هذه الأسماء أنه ليس من بينهم من تدخل أمام محكمة أول درجة منضماً للمستأنف الأول في طلباته برفض الدعوى بادعاء امتلاكه إحدى شقق البناء أو ممن أقاموا الاستئناف رقم 8049 لسنة 102 ق أو ممن اختصم في الاستئناف المقام من المستأنف الأول وآخر رقم 7533 لسنة 102 ق مما يقطع بأن شغلهم لشقق البناء قد تم - على فرض صحته - بعد تاريخ انتقال الخبير لمعاينة العقار يوم 27/ 10/ 1980 وأن ما قد صدر من تصرفات من المستأنف الأول إليهم - أياًً كانت طبيعتها - جاءت بعد هذا التاريخ الأمر الذي يؤكد تاريخ صدور أحكام الصحة والنفاذ المقدمة من البعض منهم المرفقة بحوافظ المستندات المودعة ملف الدعوى أمام محكمة أول درجة والأخرى المقدمة من المستأنف الأول أيضاً والتي انتهت صلحاً بين طرفيها مما يثير الريبة والشك في حقيقة هذه التصرفات والتي جاءت جميعها في تاريخ لاحق لموافقة وكيل الوزارة الأمين العام المساعد للشهر العقاري على تعلية شكوى المستأنف عليهم أولاً وثانياً - وعلى نحو ما سلف بيانه - على مراجع المأمورية والمساحة بأنه لا يجوز التصرف في المبني المقام على أرض النزاع دون مصادقة من أصحاب الأرض، وينفي عنهم بالتالي حُسن النية الواجب توافرها فيهم كأثر لتمسكهم بشراء شقق المبني من مالك ظاهر الذي يتطلب حيطة الرجل العادي وحرصه على ماله بأن يتخذ من إجراءات البحث والتحري ما يطمئنه على ملكية البائع للشيء المبيع ويتخلف بموجبه شرط إعمال قاعدة المالك الظاهر في حقهم، ومتى انتهت المحكمة على نحو ما سلف إلى أن المستأنف الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بسوء نية وبدون رضاهم فإن التمسك بوجوب تطبيق أحكام المادة 925/ 1 من القانون المدني بدلاً من المادة 924/ 1 منه المطلوب إعمال حكمها في الدعوى يكون على غير أساس، كما وأن تمسك المستأنف الأول في الاستئناف رقم 7533 لسنة 102 ق والمستأنفون في الاستئناف الآخر بأن طلب المستأنف عليهم أولاً وثانياً أمام خبير الدعوى بتاريخ 8/ 10/ 1984 بتقدير قيمة الأرض بأعلى سعر يتضمن إقرار منهم بقبول الإيجاب الصادر منهم بتملك الأرض كما ينطوي على عدولهم عن طلب الإزالة، هو دفاع في غير محله ذلك أن ما جاء أمام لجنة خبراء الدعوى في تقريرهم المؤرخ 23/ 3/ 1985 أمام محكمة أول درجة من عبارات على لسان المستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً بمحضر الأعمال يوم 8/ 10/ 1984 ليس من شأنه أن يؤدي إلى المعنى الذي رتبه هؤلاء المستأنفون من نتائج بالنظر لظروف وملابسات المهمة التي أسندت إلى هؤلاء الخبراء من المحكمة، وهذا إلى أنه غير صحيح ما ذهب إليه المستأنفون في الاستئناف رقم 8049 لسنة 102 ق من عدم جواز نظر طلب إزالة البناء في مواجهتهم لعدم اختصامهم في الدعوى المبتدأة خلال سنة من تاريخ علم المستأنف عليهم أولاً وثانياً بإقامة البناء ذلك أنه لا يقبل التمسك بهذا الدفاع إلا ممن أقام البناء على أرض مملوكة للغير بدون رضاه، وهو ما سبق أن تحققت المحكمة من توافره في حق المستأنف الأول الذي أقام البناء على نحو ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان أياً من المستأنف عليهم من الثالث وحتى الرابع والثلاثين لم يدع أن لديه عقداً مسجلاً عن الشقة التي يدعي ملكيتها بالتقادم الخمسي وفقاً لأحكام المادة 929 من القانون المدني فإن استنادهم غلي السبب الصحيح يكون في غير محله، وإذ خلصت المحكمة على نحو ما توضح آنفاً إلى أن المستأنف عليه الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بدون رضاهم، وأًُقيمت الدعوى منهم خلال ميعاد السنة من تاريخ علمهم بإقامة البناء فإن طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول يضحي سديداً ويمتنع بالتالي التمسك في مواجهتهم بقاعدة التعسف في استعمال حق الملكية لتخلف شروط إعمال أحكامها. ومتى كان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى إجابة المستأنف عليهم الأول وثانياً في طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول فإنه يتعين تأييده ولا ينال من هذا القضاء إنشاء المستأنف الأول مسجداً أسفل البناء لعدم ثبوت المسجدية له وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة لعدم خلوصه لله تعالي وانقطاع حق العباد عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق