الصفحات

الجمعة، 25 يوليو 2014

الطعن 3381 لسنة 65 ق جلسة 11 / 6 / 2001 مكتب فني 52 ق 103 ص 566

جلسة 11 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، محمد ناجي دربالة نواب رئيس المحكمة وهشام البسطويسي.

------------

(103)
الطعن رقم 3381 لسنة 65 القضائية

(1) قانون "قانون الطوارئ" "تطبيقه" "تفسيره".
أمر الحاكم العسكري رقم 4 لسنة 1992. نطاقه؟
(2) قانون "قانون الطوارئ" "تفسيره" "تطبيقه". قبض. تفتيش.
المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ ماهيتها؟
الأمور التي عددتها تلك المادة. ورودها على سبيل المثال لا الحصر. للحاكم العسكري مجاوزتها واتخاذ ما يراه من تدابير. شرط ذلك؟
للحاكم العسكري أو من ينيبه عدم التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية في وضع قيود على حرية الأشخاص وتفتيش الأماكن. دون تعديل القوانين السارية. علة ذلك؟
(3) قانون "قانون الطوارئ" "تفسيره" "تطبيقه". دستور.
الصلاحيات المخولة للحاكم العسكري أو من ينيبه. استثنائية. مجاوزتها يرتب عدم المشروعية والبطلان.
الأوامر المشوبة بعيب عدم المشروعية الناشئ عن تجاوز اختصاص سلطات الطوارئ. تقع في حمأة الغصب وتنحدر إلى حد الانعدام. أثر ذلك؟
(4) بناء. جريمة "الجرائم المستمرة". قانون "قانون الطوارئ" "تفسيره" "تطبيقه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام" "نظر الطعن والحكم فيه".
البند الرابع من المادة الأولى من أمر نائب الحاكم العسكري العام. لا يدخل في عداد المسائل التي حددتها المادة الثالثة من قانون الطوارئ ولا في عداد أمثالها ولا هو متصل بالمحافظة على الأمن والنظام العام.
فعل الامتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي بتصحيح أعمال البناء. يشكل في وصفه الصحيح مخالفة لا جنحة. لا يغير من ذلك تعدد أيام الامتناع أو ارتفاع إجمالي مبلغ الغرامة الذي يحكم به تبعاً لتعددها. أساس ذلك وأثره؟

------------------
1 - لما كان الأمر العسكري الذي تساند إليه طعن النيابة العامة أشار في ديباجته إلى صدوره لمقتضيات صيانة الأمن وما تقتضيه ضرورات المحافظة على النظام العام، ودرءاً لاستغلال كوارث الطبيعة في العدوان على الأموال العامة والخاصة، والعبث بأرواح الناس وسلامتهم ثم نص في المادة الأولى على "أن يحظر ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية" وأردف ذلك ببيان الأفعال المحظورة في بنود متتابعة من بينها ما نص عليه في البند (4) بقوله "الامتناع أو التراخي في تنفيذ أو متابعة تنفيذ القرارات والأحكام النهائية الصادرة بوقف أو تصحيح أو إزالة أعمال البناء المخالفة للقانون" ونص الأمر في المادة الثانية على أن "يعاقب على مخالفة حكم المادة السابقة بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وعلى أن تكون العقوبة الأشغال الشاقة التي لا تقل مدتها عن سبع سنوات إذا توافر ظرف من الظروف المشددة التي عددها النص".
2 - لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972 تنص على أنه "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام وله على وجه الخصوص": (1) وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. (2) الأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، على أن تكون الرقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام مقصورة على الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي. (3) تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها. (4) تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال والاستيلاء على أي منقول أو عقار ويتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون التعبئة العامة فيما يتعلق بالتظلم وتقدير التعويض. (5) سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها، الأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة. (6) إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة. ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في الفقرة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الشعب في المواعيد وطبقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة السابقة ولئن كانت الأمور التي عددها هذا النص قد وردت على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر وأن للحاكم العسكري العام ولمن ينوب عنه سلطة تقديرية لا تقف عند حد هذه التدابير فله أن يجاوزها ويتخذ ما يراه من تدابير فإن ذلك مشروط بأن تكون التدابير التي يتخذها ضرورية ولازمة للمحافظة على الأمن والنظام العام، فإذا أراد مجاوزة ذلك النطاق والتوسعة من سلطانه فإن أداة ذلك أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية بتوسعة دائرة الحقوق المشار إليها على أن يعرض على مجلس الشعب لإقراره وفقاً للإجراءات المنصوص عليها بالمادة الثانية من قانون الطوارئ، كما أن نص المادة الثالثة المذكورة إن أجاز في البند الأول منه للحاكم العسكري العام أو نائبه عدم التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية في وضع قيود على حرية الأشخاص وتفتيش الأماكن إلا أنه لم يجعل من سلطاته تعديل القوانين السارية حيث يظل تعديلها حرماً مصوناً للسلطة التشريعية تجريه وفقاً للإجراءات التي رسمها الدستور.
3 - من المقرر أن الصلاحيات المخولة للحاكم العسكري العام أو لمن ينيبه هي سلطات استثنائية مقصود بها مواجهة الظروف التي استوجبت إعلان حالة الطوارئ ومن ثم فهي تقدر بقدر تلك الظروف وفي حدود النص الذي صرح بها، فإذا خرجت سلطات الطوارئ عن هذه الحدود اتسمت أعمالها بعدم المشروعية وتعيبت أوامرها بعيب البطلان. غير أن عدم المشروعية إذا كان ناشئاً عن تجاوز صارخ وجسيم لاختصاص سلطات الطوارئ بأن تمحض اعتداءً على اختصاص السلطة التشريعية أو السلطة القضائية فإن الأوامر التي تصدر مشوبة بهذا العيب تقع في حمأة الغصب وتنحدر إلى حد الانعدام، وهو عيب يجعل تلك الأوامر معدومة الأثر قانوناً، وإن أبقى عليها في عداد الأعمال المادية التي قد يترتب عليها مسئولية مصدرها ولذي الشأن ألا يعتد بالأمر المعدوم. وعلى جهات الإدارة والقضاء أن تعرض عما تضمنه من أحكام وكأنه لا وجود له.
4 - لما كان ما ورد بالبند الرابع من المادة الأولى من أمر نائب الحاكم العسكري العام على نحو ما سلف بيانه لا يدخل في عداد المسائل التي حددتها المادة الثالثة من قانون الطوارئ ولا في عداد أمثالها، ولا هو متصل بالمحافظة على الأمن والنظام العام وإنما يتصل باحترام القرارات والأحكام التي تصدر من الجهات المختصة في شأن أعمال البناء المخالفة للقانون، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الأفعال التي تناولها هذا البند محظورة من قبل صدوره بموجب القانون رقم 106 لسنة 1976 على ما سيجيء، ولم يستحدث أمر نائب الحاكم العسكري العام تكليف الناس بها وإنما استحدث تعديل العقوبة التي رصدها المشرع لمن يخالف أحكامه بشأنها، وهو أمر لم يخوله إياه قانون الطوارئ. وبالبناء على ذلك فإن أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1992 فيما نص عليه بالبند (4) من المادة الأولى وبالمادة الثانية منه من توقيع عقوبة الجناية على من يمتنع عن تنفيذ القرارات والأحكام النهائية الصادرة بوقف أو تصحيح أو إزالة أعمال البناء بالمخالفة للقانون يكون قد اغتصب السلطة التشريعية فجاء ما نص عليه - في هذا الصدد - معدوماً ويتعين - بالتالي - الالتفاف عنه، ويضحى ما تساندت إليه النيابة في تحديد وصف الواقعة محل الطعن لا وجه له. لما كان ذلك، وكان يبين من التطور التشريعي أن المادة 17 من القانون رقم 106 لسنة 1976 كانت تنص على التزامات مالك البناء وشاغليه وعلى سلطة الجهة الإدارية في حالة ما إذا تقرر إزالة البناء أو تصحيح الأعمال المخالفة فيه، ونصت المادة 22 على عقوبة مخالفة أحكام عدة مواد من بينها المادة 20 هذه، بينما نصت المادة 24 على عقاب من يمتنع عن تنفيذ ما قضى به الحكم أو القرار النهائي للجنة المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال بغرامة لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه عن التنفيذ، ثم صدر القانون رقم 30 لسنة 1983 فعدل المادة 17 وأدمج فيها - معدلاً - ما كانت تنص عليه المادة 20 من أحكام وألغى هذه المادة، كما عدل المادة 22 فاستبعد من المواد التي تضمنت النص على عقوبة مخالفة أحكامها المادة 20 الملغاة ووضع بدلاً منها المادة 17 التي انتقلت إليها أحكام المادة 20، وبقى نص المادة 24 على حالته دون إلغاء أو تعديل، مما يدل بجلاء على أن المشرع - سواء قبل التعديل أو بعده - قد أخرج فعل الامتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي بتصحيح أعمال البناء - المسند للمطعون ضده - من نطاق تطبيق المادة 22 من القانون رقم 106 لسنة 1976 واختصه بعقوبة المخالفة الواردة بالمادة 24 المذكورة، فإن الجريمة المسند للمطعون ضده تكون - وبقطع النظر عن قيد النيابة العامة للأوراق برقم الجنحة - وفق وصفها الصحيح مخالفة، ولا يغير من وصفها هذا تعدد أيام الامتناع أو ارتفاع إجمالي مبلغ الغرامة الذي قد يحكم به تبعاً لتعددها، وإذا كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطاً بها، فإن الطعن الماثل يكون غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه امتنع عن تنفيذ ما قضى به القرار النهائي الصادر من اللجنة المختصة بتصحيح أعمال البناء بعد انتهاء المدة المحددة، وطلبت عقابه بالمادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 ومحكمة جنح...... قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. استأنفت النيابة العامة، ومحكمة ....... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده عن جريمة الامتناع عن تنفيذ القرار النهائي الصادر من اللجنة المختصة بتصحيح أعمال البناء بعد انتهاء المدة المحددة، وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادة 24 من قانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 فقضت محكمة الرمل الجزئية حضورياً ببراءته، فاستأنفت النيابة العامة، وقضي في استئنافها بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالنقض، وكان مبنى طعنها أن الحكم المطعون فيه بقضائه ببراءة المطعون ضده قد أخطأ في تطبيق القانون إذ أن الواقعة المسندة للمتهم تشكل في تكييفها الصحيح الجناية المعاقب عليها بالبند الرابع من المادة الأولى وبالفقرة الأولى من المادة الثانية من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1992 مما كان لازمه أن تقضي محكمة الجنح المستأنفة بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها.
وحيث إن الأمر العسكري الذي تساند إليه طعن النيابة العامة أشار في ديباجته إلى صدوره "لمقتضيات صيانة الأمن وما تقتضيه ضرورات المحافظة على النظام العام، ودرءاً لاستغلال كوارث الطبيعة في العدوان على الأموال العامة والخاصة، والعبث بأرواح الناس وسلامتهم" ثم نص في المادة الأولى على أن يحظر "ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتية" وأردف ذلك ببيان الأفعال المحظورة في بنود متتابعة من بينها ما نص عليه في البند (4) بقوله "الامتناع أو التراخي في تنفيذ أو متابعة تنفيذ القرارات والأحكام النهائية الصادرة بوقف أو تصحيح أو إزالة أعمال البناء المخالفة للقانون" ونص الأمر في المادة الثانية على أن "يعاقب على مخالفة حكم المادة السابقة بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وعلى أن تكون العقوبة الأشغال الشاقة التي لا تقل مدتها عن سبع سنوات إذا توافر ظرف من الظروف المشددة التي عددها النص".
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972 تنص على أنه "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام وله على وجه الخصوص": - (1) وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. (2) الأمر بمراقبة الرسائل أياً كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن طبعها، على أن تكون الرقابة على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام مقصورة على الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي. (3) تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها. (4) تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال والاستيلاء على أي منقول أو عقار ويتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون التعبئة العامة فيما يتعلق بالنظام وتقدير التعويض. (5) سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها، الأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة. (6) إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة. ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في الفقرة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الشعب في المواعيد وطبقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة السابقة ولئن كانت الأمور التي عددها هذا النص قد وردت على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر وأن للحاكم العسكري العام ولمن ينوب عنه سلطة تقديرية لا تقف عند حد هذه التدابير فله أن يجاوزها ويتخذ ما يراه من تدابير فإن ذلك مشروط بأن تكون التدابير التي يتخذها ضرورية ولازمة للمحافظة على الأمن والنظام العام فإذا أراد مجاوزة ذلك النطاق والتوسعة من سلطانه فإن أداة ذلك أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية بتوسعة دائرة الحقوق المشار إليها على أن يعرض على مجلس الشعب لإقراره وفقاً للإجراءات المنصوص عليها بالمادة الثانية من قانون الطوارئ، كما أن نص المادة الثالثة المذكورة إن أجاز في البند الأول منه للحاكم العسكري العام أو نائبه عدم التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية في وضع قيود على حرية الأشخاص وتفتيش الأماكن إلا أنه لم يجعل من سلطاته تعديل القوانين السارية حيث يظل تعديلها حرماً مصوناً للسلطة التشريعية تجريه وفقاً للإجراءات التي رسمها الدستور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الصلاحيات المخولة للحاكم العسكري العام أو لمن ينيبه هي سلطات استثنائية مقصود بها مواجهة الظروف التي استوجبت إعلان حالة الطوارئ، ومن ثم فهي تقدر بقدر تلك الظروف وفي حدود النص الذي صرح بها، فإذا خرجت سلطات الطوارئ عن هذه الحدود اتسمت إعمالها بعدم المشروعية وتعيبت أوامرها بعيب البطلان. غير أن عدم المشروعية إذا كان ناشئاً عن تجاوز صارخ وجسيم لاختصاص سلطات الطوارئ بأن تمحض اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية أو السلطة القضائية فإن الأوامر التي تصدر مشوبة بهذا العيب تقع في حمأة الغصب وتنحدر إلى حد الانعدام، وهو عيب يجعل تلك الأوامر معدومة الأثر قانوناً، وإن أبقى عليها في عداد الأعمال المادية التي قد يترتب عليها مسئولية مصدرها، ولذي الشأن ألا يعتد بالأمر المعدوم، وعلى جهات الإدارة والقضاء أن تعرض عما تضمنه من أحكام وكأنه لا وجود له. لما كان ذلك، وكان ما ورد بالبند الرابع من المادة الأولى من أمر نائب الحاكم العسكري العام على نحو ما سلف بيانه لا يدخل في عداد المسائل التي حددتها المادة الثالثة من قانون الطوارئ ولا في عداد أمثالها، ولا هو متصل بالمحافظة على الأمن والنظام العام وإنما يتصل باحترام القرارات والأحكام التي تصدر من الجهات المختصة في شأن أعمال البناء المخالفة للقانون، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الأفعال التي تناولها هذا البند محظورة من قبل صدوره بموجب القانون رقم 106 لسنة 1976 على ما سيجيء، ولم يستحدث أمر نائب الحاكم العسكري العام تكليف الناس بها وإنما استحدث تعديل العقوبة التي رصدها المشرع لمن يخالف أحكامه بشأنها وهو أمر لم يخوله إياه قانون الطوارئ. وبالبناء على ذلك فإن أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 4 لسنة 1992 فيما نص عليه البند (4) من المادة الأولى وبالمادة الثانية منه من توقيع عقوبة الجناية على من يمتنع عن تنفيذ القرارات والأحكام النهائية الصادرة بوقف أو تصحيح أو إزالة أعمال البناء بالمحافظة للقانون يكون قد اغتصب السلطة التشريعية فجاء ما نص عليه - في هذا الصدد - معدوماً ويتعين - بالتالي - الالتفاف عنه، ويضحى ما تساندت إليه النيابة في تحديد وصف الواقعة محل الطعن لا وجه له. لما كان ذلك، وكان يبين من التطور التشريعي أن المادة 17 من القانون رقم 106 لسنة 1976 كانت تنص على التزامات مالك البناء وشاغليه وعلى سلطة الجهة الإدارية في حالة ما إذا تقرر إزالة البناء أو تصحيح الأعمال المخالفة فيه، ونصت المادة 22 على عقوبة مخالفة أحكام عدة مواد من بينها المادة 20 هذه، بينما نصت المادة 24 على عقاب من يمتنع عن تنفيذ ما قضى به الحكم أو القرار النهائي للجنة المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال بغرامة لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه عن التنفيذ، ثم صدر القانون رقم 30 لسنة 1983 فعدل المادة 17 وأدمج فيها - معدلاً - ما كانت تنص عليه المادة 20 من أحكام وألغى هذه المادة، كما عدل المادة 22 فاستبعد من المواد التي تضمنت النص على عقوبة مخالفة أحكامها المادة 20 الملغاة ووضع بدلاً منها المادة 17 التي انتقلت إليها أحكام المادة 20، وبقى نص المادة 24 على حالته دون إلغاء أو تعديل، مما يدل بجلاء على أن المشرع - سواء قبل التعديل أو بعده - قد أخرج فعل الامتناع عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي بتصحيح أعمال البناء - المسندة للمطعون ضده - من نطاق تطبيق المادة 22 من القانون رقم 106 لسنة 1976 واختصه بعقوبة المخالفة الواردة بالمادة 24 المذكورة، فإن الجريمة المسندة للمطعون ضده تكون - وبقطع النظر عن قيد النيابة العامة للأوراق برقم الجنحة - وفوق وصفها الصحيح مخالفة، ولا يغير من وصفها هذا تعدد أيام الامتناع أو ارتفاع إجمالي مبلغ الغرامة الذي قد يحكم به تبعاً لتعددها، وإذ كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطاً بها، فإن الطعن الماثل يكون غير جائز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق