الصفحات

الأحد، 27 يوليو 2014

الطعن 22416 لسنة 70 ق جلسة 19 / 2 / 2001 مكتب فني 52 ق 45 ص 292

جلسة 19 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم، سمير أنيس، سمير مصطفى وإيهاب عبد المطلب نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(45)
الطعن رقم 22416 لسنة 70 القضائية

 (1)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة رشوة
.
(2)
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال
.
(3)
دفوع "الدفع ببطلان تحقيق النيابة العامة". نيابة عامة. رقابة إدارية. إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفع الطاعن ببطلان التحقيق لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية على موافقة رئيس مجلس الوزراء عند إحالته للتحقيق. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (4)
نيابة عامة. دعوى جنائية "تحريكها". قانون "تفسيره". اختصاص. موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نص الفقرة الثالثة من المادة 63 إجراءات لا يورد قيداً على النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية وإنما يحدد اختصاصاً وظيفياً للنائب العام والمحامي العام ورئيس النيابة دون غيرهم من أعضاء النيابة. أساس ذلك؟
 (5)
دفوع "الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". رشوة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات في جريمة رشوة
.
 (6)
تسجيل المحادثات. دفوع "الدفع ببطلان إذن التسجيل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي ببطلان الإذن بتسجيل الأحاديث. غير مجد. ما دام الحكم لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
 (7)
دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8)
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها مفاده: إطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض
.
 (9)
إثبات "بوجه عام". رشوة. جريمة "أركانها".
إثبات الحكم في حق الطاعن أنه تقاضى مبلغاً على سبيل الرشوة لإجراء معاينة للجراج المملوك للمبلغ وإعداد تقرير يتضمن أنه مؤمن من الناحية الفنية ضد أخطار الحريق. تتحقق به جريمة الرشوة.
 (10)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
النعي على المحكمة قعودها عن طلب سماع شهود الإثبات وضم التسجيلات الذي لم يطلب منها. غير مقبول
.
 (11)
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قرار المحكمة بتأجيل الدعوى لإعلان الشهود وضم التسجيلات. تحضيري لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه.

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى أنه أثناء توجه...... إلى قسم الدفاع المدني طالباً إجراء معاينة للجراج المملوك له التقى بالطاعن - الرائد....... رئيس قسم الدفاع المدني بالمنطقة الصناعية....... والذي كلفه بإجراء بعض التركيبات بالجراج وبعد أن استوفى هذه التركيبات عاد إليه مرة أخرى لإجراء المعاينة والتي عاد بعد إجرائها إلى مكتب الطاعن حيث طلب منه دفع مبلغ ألفي جنيه قال إنه لإصلاح سيارات القسم ومجاملة بعض رؤسائه وعاود طلبه مرة أخرى وأفصح له أن المبلغ مقابل حصوله على موافقة الدفاع المدني على ترخيص الجراج وقد انتهت مساومته للطاعن إلى تخفيض المبلغ المطلوب إلى ألف وخمسمائة جنيه، وإذ كشفت تحريات العقيد...... عن صحة الواقعة، فقد تم إعداد مبلغ الرشوة وعرض مع سائر الأوراق المحررة طبقاً للإجراءات السالف بيانها على نيابة أمن الدولة العليا والتي أصدرت في..... إذنها بتسجيل وتصوير لقاءات المبلغ بالمتهم، وكذا أذنت بضبط وتفتيش الطاعن ومقر عمله وتم القبض على الطاعن متلبساً بتقاضي ألف جنيه من المبلغ بعد موافقة الأول على تخفيض مبلغ الرشوة للقدر سالف البيان كما تم ضبط التقرير المعد من الطاعن بشأن الموافقة على ترخيص الجراج المملوك للمبلغ ثم دلل الحكم على هذه الواقعة بما أورده من الأدلة التي تنتجها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
2 - لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة فضلاً عن أن الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات المستقاة من التسجيلات، فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه.
3 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان تحقيق النيابة لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية على موافقة رئيس مجلس الوزراء عند إحالته للتحقيق طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 54 لسنة 1964، فإنه لا يجوز له إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - لما كان المقرر أن المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 121 لسنة 1956 قد نصت على أنه "فيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها" والواضح من النص السابق أنه لا يورد قيداً على النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوى وإنما يحدد اختصاصاً وظيفياً للنائب العام والمحامي العام ورئيس النيابة لا يثبت لغيرهم من أعضاء النيابة العامة. ذلك أن القيود الإجرائية ومن بينها الإذن إنما هي عوائق إجرائية يختص بإزالتها جهات أو أفراد لا اختصاص لهم بتحريك أو رفع الدعوى أما إذا حدد القانون أعضاء معينين من بين أعضاء النيابة العامة لمباشرة إجراء من الإجراءات بصدد نوع معين من الجرائم فنكون بصدد الاختصاص الوظيفي ولسنا بصدد القيود الإجرائية على حرية النيابة العامة، ومن ثم يجوز اتخاذ جميع إجراءات التحقيق الماس منها وغير الماس بشخص المتهم، وذلك من قبل أي عضو من أعضاء النيابة العامة المختص بالتحقيق دون اشتراط الحصول مقدماً على إذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في رده على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل والضبط والتفتيش لصدوره من وكيل نيابة أمن الدولة قبل حصوله على ندب من المحامي العام هذا المنحى، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
5 -  لما كان الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه بقوله "لما كان من المقرر أن كفاية التحريات ومدى جديتها أمر متروك تقديره لسلطة التحقيق والتي تراقبها المحكمة في هذا الشأن، وكانت التحريات التي أوردها العقيد....... قد كشفت عن صحة بلاغ...... والذي انطوى على وقوع جريمة طلب الرشوة، وكان لا يعيب هذه التحريات اتخاذها تحريات هيئة الرقابة الإدارية بالإضافة إلى تحرياته الشخصية مصدراً لتأكيد وقوع جريمة الرشوة وترجح نسبتها إلى المتهم، دون تعويل على المدة التي تستغرقها هذه التحريات، باعتبارها ليست عنصراً واجباً لتوافر الجدية فيها، فإن المحكمة ترى في التحريات سالفة البيان أنها جاءت متسمة بالجدية والكفاية على نحو يسوغ معه التعويل عليها في إصدار الإذن ويكون الدفع في هذا الشأن غير مصادف سنداً من الواقع والقانون ويتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى، إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة، ومن ثم فلم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
7 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن القائم على أن المبلغ المضبوط متعلق بعملية بيع وشراء سيارة بين الطاعن والمبلغ، مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ما دام كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان الحكم حسبما يبين من مدوناته - قد أثبت في حق الطاعن أنه تقاضى من المبلغ ألف جنيه على سبيل الرشوة لإجراء معاينة للجراج المملوك له وإعداد تقرير يتضمن أنه مؤمن من الناحية الفنية ضد أخطار الحريق، وكان هذا الذي أثبته الحكم - تتوافر به في حق الطاعن عناصر جريمة الرشوة كما هي معرفة في القانون، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
10 -  لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الطاعن حضرها بمحاميين ترافعا وطلبا الحكم ببراءة الطاعن ولم يكن لأيهما طلب آخر، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات وضم التسجيلات، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله.
11 - من المقرر أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته موظفاً عمومياً "رائد شرطة بالإدارة العامة للدفاع المدني بمديرية أمن....." طلب وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب من...... مبلغ ألفي جنيه على سبيل الرشوة أخذ منها ألف جنيه مقابل إجراء معاينة للجراج المملوك له وأعد تقريراً يتضمن أنه مؤمن من الناحية الفنية ضد أخطار الحريق. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 103 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه - في مذكرتي أسباب طعنه - أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، فضلاً عن أن ما أورده الحكم من إطراح التسجيلات وعدم الأخذ بها يناقض ما أثبته الحكم من أنه يعول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات المستقاة من التسجيلات، كما عول الحكم على تحقيق النيابة رغم بطلانه لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية على موافقة رئيس مجلس الوزراء عند إحالة الطاعن للتحقيق طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 54 لسنة 1964، كما أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الإذن بالتسجيل والضبط والتفتيش لصدوره من وكيل نيابة أمن الدولة قبل حصوله على ندب من المحامي العام مخالفاً لنص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، فضلاً على ابتنائه على تحريات غير جدية لم يفصح مجريها عن مصدرها واقتصرت على البيان الوظيفي للطاعن، وببطلان إجراءات التسجيل والتفريغ وما أسفر عنها بيد أن الحكم أطرح الدفعين الأول والثاني بما لا يسوغ إطراحهما والتفت عن الدفع الأخير ولم يعرض له إيراداً ورداً والتفت الحكم عن دفاع الطاعن القائم على أن المبلغ المضبوط يتعلق بعملية بيع وشراء سيارة بين الطاعن والمبلغ، وأخيراً لم تستمع المحكمة إلى شهود الإثبات ولم تضم التسجيلات رغم تأجيلها نظر الدعوى لسماعهم وضم التسجيلات ولم تبين سبب عدولها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى أنه أثناء توجه...... إلى قسم الدفاع المدني طالباً إجراء معاينة للجراج المملوك له التقى بالطاعن - الرائد.... رئيس قسم الدفاع المدني بالمنطقة الصناعية.... والذي كلفه بإجراء بعض التركيبات بالجراج وبعد أن استوفى هذه التركيبات عاد إليه مرة أخرى لإجراء المعاينة والتي عاد بعد إجرائها إلى مكتب الطاعن حيث طلب منه دفع مبلغ ألفي جنيه قال إنه لإصلاح سيارات القسم ومجاملة بعض رؤسائه وعاود طلبه مرة أخرى وأفصح له أن المبلغ مقابل حصوله على موافقة الدفاع المدني على ترخيص الجراج وقد انتهت مساومته للطاعن إلى تخفيض المبلغ المطلوب إلى ألف وخمسمائة جنيه، وإذ كشفت تحريات العقيد........ عن صحة الواقعة، فقد تم إعداد مبلغ الرشوة وعرض مع سائر الأوراق المحررة طبقاً للإجراءات السالف بيانها على نيابة أمن الدولة العليا والتي أصدرت في...... إذنها بتسجيل وتصوير لقاءات المبلغ بالمتهم، وكذا أذنت بضبط وتفتيش الطاعن ومقر عمله وتم القبض على الطاعن متلبساً بتقاضي ألف جنيه من المبلغ بعد موافقة الأول على تخفيض مبلغ الرشوة للقدر سالف البيان كما تم ضبط التقرير المعد من الطاعن بشأن الموافقة على ترخيص الجراج المملوك للمبلغ ثم دلل الحكم على هذه الواقعة بما أورده من الأدلة التي تنتجها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة فضلاً عن أن الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات المستقاة من التسجيلات، فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان تحقيق النيابة لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية على موافقة رئيس مجلس الوزراء عند إحالته للتحقيق طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 54 لسنة 1964، فإنه لا يجوز له إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 121 لسنة 1956 قد نصت على أنه "فيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها" والواضح من النص السابق أنه لا يورد قيداً على النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوى وإنما يحدد اختصاصاً وظيفياً للنائب العام والمحامي العام ورئيس النيابة لا يثبت لغيرهم من أعضاء النيابة العامة. ذلك أن القيود الإجرائية ومن بينها الإذن إنما هي عوائق إجرائية يختص بإزالتها جهات أو أفراد لا اختصاص لهم بتحريك أو رفع الدعوى أما إذا حدد القانون أعضاء معينين من بين أعضاء النيابة العامة لمباشرة إجراء من الإجراءات بصدد نوع معين من الجرائم فنكون بصدد الاختصاص الوظيفي ولسنا بصدد القيود الإجرائية على حرية النيابة العامة، ومن ثم يجوز اتخاذ جميع إجراءات التحقيق الماس منها وغير الماس بشخص المتهم، وذلك من قبل أي عضو من أعضاء النيابة العامة المختص بالتحقيق دون اشتراط الحصول مقدماً على إذن من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في رده على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل والضبط والتفتيش لصدوره من وكيل نيابة أمن الدولة قبل حصوله على ندب من المحامي العام هذا المنحى، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه بقوله "لما كان من المقرر أن كفاية التحريات ومدى جديتها أمر متروك تقديره لسلطة التحقيق والتي تراقبها المحكمة في هذا الشأن، وكانت التحريات التي أوردها العقيد...... قد كشفت عن صحة بلاغ....... والذي انطوى على وقوع جريمة طلب الرشوة، وكان لا يعيب هذه التحريات اتخاذها تحريات هيئة الرقابة الإدارية بالإضافة إلى تحرياته الشخصية مصدراً لتأكيد وقوع جريمة الرشوة وترجح نسبتها إلى المتهم، دون تعويل على المدة التي تستغرقها هذه التحريات، باعتبارها عنصراً واجباً لتوافر الجدية فيها، فإن المحكمة ترى في التحريات سالفة البيان أنها جاءت متسمة بالجدية والكفاية على نحو يسوغ معه التعويل عليها في إصدار الإذن ويكون الدفع في هذا الشأن لم يصادف سنداً من الواقع والقانون ويتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من بطلان الإذن بتسجيل الأحاديث غير منتج في الدعوى، إذ الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أدلة ليس من بينها تسجيل الأحاديث الذي تم نفاذاً لإذن النيابة، ومن ثم فلم يكن بحاجة إلى أن يرد على الدفع ببطلان ذلك الإذن ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن القائم على أن المبلغ المضبوط متعلق بعملية بيع وشراء سيارة بين الطاعن والمبلغ، مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ما دام كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم حسبما يبين من مدوناته - قد أثبت في حق الطاعن أنه تقاضى من المبلغ ألف جنيه على سبيل رشوة لإجراء معاينة للجراج المملوك له وإعداد تقرير يتضمن أنه مؤمن من الناحية الفنية ضد أخطار الحريق، وكان هذا الذي أثبته الحكم - تتوافر به في حق الطاعن عناصر جريمة الرشوة كما هي معرفة في القانون، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الطاعن حضرها بمحاميين ترافعا وطلبا الحكم ببراءة الطاعن ولم يكن لأيهما طلب آخر، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات وضم التسجيلات، لما هو مقرر له من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان شهود الإثبات وضم التسجيلات ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق