الصفحات

الأربعاء، 23 يوليو 2014

الطعن 15146 لسنة 71 ق جلسة 20 / 12/ 2001 مكتب فني 52 ق 190 ص 982

جلسة 20 من ديسمبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوي أيوب، رضا القاضي وأبو بكر البسيوني أبو زيد نواب رئيس المحكمة.

--------------

(190)
الطعن رقم 15146 لسنة 71 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
وجوب ألا يشوب الحكم إجمال أو إبهام
.
(2)
حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم.
بيان الحكم الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها في بيان واف. لا قصور
.
 (3)
اشتراك. اتفاق. استيلاء. إضرار عمدي. تربح. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب".
الاشتراك بالاتفاق. مناط تحققه؟
الاستدلال عليه بطريق الاستنتاج والقرائن. جائز.
تدليل الحكم بأدلة قولية وفنية بما يكشف عن اعتقاده باشتراك الطاعن في ارتكاب الجريمتين المؤثمتين بالمادتين 115، 119 عقوبات. كفايته. علة ذلك؟

(4)
إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم التفاته عن أوجه الدفاع المؤيدة بالمستندات لنفي التهمة. غير مقبول. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام النقض. غير جائز
.
 (5)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
(6)
جريمة "أركانها". استيلاء. تربح.
جرائم الاستيلاء والتربح لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
 (7)
إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استيلاء. تربح.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
إيراد الحكم الأدلة على ثبوت جريمتي الاشتراك في الاستيلاء والتربح على نحو كاف. لا قصور
.
(8)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استيلاء. تربح.
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها. موضوعي.
لمحكمة الموضوع المفاضلة بين التقارير والأخذ بما تطمئن إليها وإطراح ما عداها. التفات المحكمة عن طلب ندب لجنة من المختصين في أعمال البنوك. لا يعيب الحكم. ما دامت اطمأنت لمسئولية الطاعن من تقريري لجنة الرقابة على البنوك والخبراء بوزارة العدل.
الجدل الموضوعي أمام النقض. غير جائز
.
(9)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
النعي بأن الواقعة مرابحة تجارية مدنية. جدل موضوعي. غير مقبول
.
(10)
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. غير لازم. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11)
قانون "تفسيره" "تطبيقه". موظفون عموميون. اختلاس. استيلاء. عقوبة "تطبيقها".
مدلول المال العام والموظف العام في القانون رقم 63 لسنة 1975. ماهيته؟
 (12)
قانون "تفسيره". بنوك.
البنك المركزي شخصية اعتبارية مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها بما يساعد على تنمية ودعم الاقتصاد واستقرار النقد وفقاً لخطة الدولة. المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1975.
المقصود بالبنوك التجارية وأهدافها؟

(13)
قرارات وزارية. قانون "تفسيره" "تطبيقه". بنوك.
بنك النيل شركة مساهمة مصرية. المادة الأولى من قرار وزارة الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 12 لسنة 1978. أهدافه؟
إلغاء نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 بصدور قانون الاستثمار رقم 230 لسنة 1989.
الضمانات والمزايا والإعفاءات المقررة للمشروعات الخاضعة لأحكام القانون الأخير. ماهيتها؟
خلو القانون رقم 230 لسنة 1989 مما ينبئ عن حرمان المال الخاص الخاضع لأحكامه من الحماية الجنائية المقررة في قانون العقوبات أو الترخيص فيها
.
 (14)
قانون "تفسيره". موظفون عموميون. بنوك. استيلاء. تربح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المقصود بالمال العام والموظف العام في قانون العقوبات؟
البنك المركزي المصري شخصية اعتبارية مستقلة. اختصاصاته؟
بنك النيل شركة مساهمة مصرية. اختصاصاته؟
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى انطباق المادتين 119/ ب، 119 مكرراً "هـ" من قانون العقوبات على أموال وموظفي بنك النيل. صحيح
.
(15)
تربح. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
الجريمة المنصوص عليها في المادة 115 عقوبات. مناط تحققها؟
جريمة التربح من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة. علة ذلك؟

 (16)
تربح. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره" "تطبيقيه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التربح. قيامها بمحاولة الحصول على الربح. أو المنفعة ولو لم يتحقق حصوله.
تربح الموظف مؤثم على إطلاقه. تظفير غيره بالربح. مؤثم إن حدث بدون حق. مثال لتسبيب سائغ لتوافر أركان جريمة التربح
.
(17)
تربح. استيلاء. عقوبة "تطبيقها" "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". ارتباط.
النعي على الحكم بالقصور في التدليل على جريمة التربح. غير مجد. ما دام أوقع على الطاعن العقوبة المقررة لجريمة تسهيل الاستيلاء باعتبارها الجريمة الأشد.
 (18)
إثبات "بوجه عام". استدلالات. دفوع "الدفع بعدم جدية التحريات". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها عضو الرقابة الإدارية. كفايته لإطراح الدفع بعدم جديتها.
 (19)
إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقيل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة للكشف عن سرية الحسابات بالبنوك.
 (20)
نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". دعوى جنائية "تحريكها". قانون "تفسيره". استيلاء. تربح. إضرار عمدي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
اختصاص النيابة العامة دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها. مطلق. الاستثناء لا يكون إلا بنص.
خلو قانون العقوبات والقانون رقم 101 لسنة 1993 بتعديل بعض أحكام قانون البنوك وقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي من أي قيد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية عن جريمتي تسهيل الاستيلاء والتربح التي دين بهما الطاعن. مفاده؟
جريمة الإضرار العمدي المنسوبة للمتهمين الأول والثانية دون الطاعن. يتوقف رفع الدعوى فيها على طلب من وزير الاقتصاد. أساس ذلك؟
التقرير القانوني الخاطئ. لا يعيب الحكم
.
 (21)
استيلاء. تربح. إضرار عمدي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على جريمة لم يدنه بها. غير جائز.
 (22)
إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تعويل الحكم على إقرار متهم. مفاده: الالتفات عنه.
 (23)
إثبات "اعتراف". إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم عن إقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة. قصده تلك التي سردها وحصل مؤداها.
النعي على الحكم عدم بيان مؤدى إقرار متهم لم يسأل بتحقيقات النيابة. غير مقبول
.
(24)
استيلاء. تربح. إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم قيمة المبلغ المستولى عليه من واقع تقريري لجنة الرقابة على البنوك ولجنة الخبراء بوزارة العدل وإقرار الطاعن دون منازعة منه. كفايته. المنازعة في مقداره لأول مرة أمام النقض. غير جائزة.
(25)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". محضر الجلسة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. الخطأ في مصدر الدليل. لا يضيع أثره. علة ذلك؟
مثال
.
 (26)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إعادة إجراءات المحاكمة أو تلاوتها أمام الهيئة الجديدة. غير لازم. حد ذلك؟
النعي على المحكمة عدم سماعها لأقوال شاهد استمعت إليه هيئة سابقة دون طلب إعادة سماعه. غير مقبول
.
(27)
نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
قبول وجه الطعن. شرطه؟
(28)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق. متى اطمأنت إليها
.
 (29)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشاهد. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقواله بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام النقض. غير جائز
.
(30)
إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم ما له أصله الصحيح بتقريري الخبراء بما لا تناقض فيه. استناده إلى الدليل المستمد منها. غير قادح في سلامته.
التناقض الذي يبطل الحكم. ماهيته؟

 (31)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
نعي الطاعن على الحكم بأن أحد تقريري الخبراء انتهى إلى مسئولية جميع المتهمين عن قيمة المبلغ المستولى عليه وأن الآخر قصر المسئولية على الطاعن وحده. غير مقبول. ما دام أن التقريرين أثبتا مسئوليته.
(32)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحصيل الحكم من الأدلة ما له أصل ثابت بالتحقيقات وتقرير الخبير. النعي عليه بالخطأ في الإسناد. غير مقبول.
 (33)
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(34)
اشتراك. اتفاق. استيلاء. تربح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاشتراك بطريق الاتفاق. مناط تحققه؟
حرية القاضي في تكوين عقيدته من أي مصدر ما لم يقيده القانون بدليل معين الاستدلال على الاشتراك بطريق الاستنتاج من القرائن أو من أعمال لاحقة له تسوغ قيامه
.
 (35)
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع الموضوعي لا يستوجب رداً من المحكمة. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. المجادلة فيه أمام النقض. غير جائزة.

---------------
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان من المقرر كذلك أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى.
2 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في الاستيلاء على مال بنك...... الذي يخضع لإحدى الجهات الواردة بنص المادة 119/ ب من قانون العقوبات والتربح من أموال هذا البنك اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور والغموض والإبهام وعدم إلمام المحكمة بوقائع الدعوى ومستنداتها ولا محل له.
3 - لما كان الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطرق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة وأورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن مع المتهمين الأول والثانية - المقضى عليهما غيابياً - في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال البنك الذي يخضع لإشراف إحدى الهيئات العامة "البنك المركزي المصري" الواردة بنص المادة 119 من قانون العقوبات وكذلك جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من ذات القانون، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها، ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن يكون ولا محل له.
4 - لما كان النعي على الحكم التفاته عن أوجه دفاعه المؤيدة بالمستندات لنفي اشتراكه في ارتكاب الجريمتين المنسوبتين إليه، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه طالما أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين المسندتين إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
6 - من المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الاستيلاء والتربح طريقاً خاصاً.
7 - لما كان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كافياً للتدليل على ثبوت جريمتي الاشتراك في الاستيلاء والتربح اللتين دان الطاعن بهما فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في شأن تعويله على تقرير لجنة خبراء وزارة العدل وأقوال رئيس تلك اللجنة رغم أنها لا تدل بمجردها على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بارتكابهما.
8 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، ولا معقب عليها في ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير لجنة الرقابة على البنوك بالبنك المركزي وتقرير لجنة الخبراء بوزارة العدل - اللذين عولت عليهما المحكمة في إدانة الطاعن - يعد كافياً في بيان وجه استدلال الحكم بما ثبت من هذين التقريرين من حدوث استيلاء وتربح بأموال البنك المجني عليه وبمسئولية الطاعن بالاشتراك في ذلك، فإنه لا يجوز مجادلة محكمة الموضوع في ذلك أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد على ما يكون الطاعن قد أثاره من مطاعن على التقريرين المشار إليهما، كما أن ذلك يفصح عن أن المحكمة وقد اطمأنت إليهما فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في شأن طلب ندب لجنة من المتخصصين في أعمال البنوك، ويضحى النعي على الحكم بدعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع غير سديد.
9 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، فإن النعي بأن الواقعة لا تعدو مشاركة أو مرابحة تجارية تحكمها قواعد القانون المدني ولا تشكل الجرائم التي دين الطاعن بها، فذلك لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة، وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
10 - لما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها.
11 - لما كان القانون رقم 63 لسنة 1975 نص في مادته الأولى على تعديل الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ليشمل فضلاً عن جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر والصور المختلفة الأخرى للعدوان على المال العام، واستبدل بعنوان الباب المذكور عنوان "اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر" بما يحقق التوسع في مدلولي المال العام والموظف العام، وأدخل من التعديلات على نص المادتين 112، 113 من قانون العقوبات بحيث يتسع مدلولهما للعقاب على اختلاس الموظف العام أو من في حكمه للأموال والأوراق أو الاستيلاء عليها بغير حق، سواء كانت تلك الأموال والأوراق مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات، أم كانت أموالاً خاصة مملوكة للأفراد، متى كان هذا المال موجوداً في حيازته بسبب وظيفته، وذلك بالنسبة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، أو كان تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من القانون ذاته بالنسبة لجريمة الاستيلاء عليه بغير حق أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 113 من قانون العقوبات، وغلظ الشارع العقوبة المقررة في هاتين الجريمتين إذا ما اقترن الفعل بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها فيهما، كما أن المشرع أراد على ما عددته المادة 119 مكرراً من القانون المشار إليه معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت، وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً. ولما كان البند "هـ" من هذه المادة قد نص على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة - طبقاً للمادة السابقة - وكانت الفقرة "ب" من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها.
12 - من المقرر بنص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي أن البنك المركزي المصري شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة بما يساعد على تنمية الاقتصاد القومي ودعمه واستقرار النقد المصري ويباشر السلطات والاختصاصات المخولة له بالقانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان وفقاً للأحكام والقواعد المنصوص عليها فيه بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، كما نصت المادة 15 من ذات القانون على أن يقصد بالبنوك التجارية البنوك التي تقوم بصفة معتادة بقبول ودائع تدفع عند الطلب أو لآجال محددة وتزاول عمليات التحويل الداخلي والخارجي وخدمته بما يحقق أهداف خطة التنمية وسياسة الدولة ودعم الاقتصاد القومي وتباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالي في الداخل والخارج بما في ذلك المساهمة في إنشاء المشروعات وما يتطلبه من عمليات مصرفية وتجارية ومالية وفقاً للأوضاع التي يقررها البنك المركزي.
13 - لما كانت المادة الأولى من قرار وزارة الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 12 لسنة 1978 بالترخيص في تأسيس بنك النيل "شركة مساهمة مصرية" نصت على أن يرخص بتأسيس بنك النيل - شركة مساهمة مصرية - برأسمال قدره 20.000.000 دولار أمريكي تؤدى بالعملة الحرة فيما بين السادة........ ونصت المادة الثانية من ذات القرار على أن غرض البنك مزاولة كافة عمليات البنوك التجارية في مصر وخارجها وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والقوانين النافذة والعقد والنظام الأساسي المرفقين، وقد نصت المادة الأولى من النظام الأساسي للبنك على أنه تأسست بين مالكي الأسهم شركة مساهمة مصرية طبقاً لأحكام القوانين النافذة في جمهورية مصر العربية، وفي نطاق أحكام نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادرة بالقانون رقم 43 لسنة 1974 والقوانين المعدلة له لبعض أحكامه وأحكام هذا النظام الأساسي ونصت المادة الثانية على أن "اسم الشركة هو بنك النيل شركة مساهمة مصرية ونصت المادة الثالثة على أن "غرض الشركة القيام وفقاً لأحكام القوانين السارية في جمهورية مصر العربية بمزاولة كافة عمليات البنوك التجارية في مصر وخارجها، وبغير تحديد لعمومية هذا الغرض تزاول الشركة سواء لحسابها أو لحساب الغير كل عمليات النشاط المصرفي..". وكان قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 سنة 1989 قد نص في المادة الثانية من مواد إصداره على إلغاء نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادرة بالقانون رقم 43 لسنة 1974 وأورد في الباب الثاني منه الضمانات والمزايا والإعفاءات المقررة للمشروعات الخاضعة لأحكامه فنص بالمادة السابعة على اعتبار تلك المشروعات من مشروعات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال المصرية المساهمة فيها ولا تسري عليها القوانين واللوائح الخاصة بالقطاع العام أو العاملين فيه، ثم حدد في المواد التالية المزايا التي قدر المشرع أن تتمتع بها تلك المشروعات فحظر تأميمها أو مصادرتها أو الحجز على أموالها عن طريق القضاء، وأخرج منتجاتها من التسعير الجبري ومبانيها من نظام تحديد القيمة الإيجارية، ومن الخضوع لبعض أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادرة بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وقرر لها وللعاملين بها إعفاءات ضريبية ووضع قيداً على إجراءات طلب رفع الدعوى عليها في الجرائم التي تقع بالمخالفة لقوانين الجمارك والضرائب وتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، وكل الضمانات والمزايا والإعفاءات المشار إليها وإن أفصحت عن أن المشرع ابتغى أن يوفر لتلك المشروعات عناصر النجاح لما قدره من أهميتها للتنمية الاقتصادية للبلاد، إلا أن ما تضمنه هذا الباب وسائر مواد القانون ليس فيه ما ينبئ عن أن المشرع أراد حرمان المال العام أو الخاص الذي يستثمر في إحدى المشروعات الخاضعة لأحكامه من الحماية الجنائية المقررة له في قانون العقوبات أو أن يترخص في أحكام تلك الحماية.
14 - لما كانت المادة 119 من قانون العقوبات تنص على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - الباب الرابع - ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها... "ب" الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام، وكانت المادة 119 مكرراً من القانون ذاته تنص على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب.....، ...... "هـ" رؤساء وأعضاء مجلس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة. لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم أن البنك المركزي المصري - وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1975 آنف البيان - شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة وذلك من خلال البنوك التجارية ومن بينها بنك....... شركة مساهمة مصرية - والمرخص بإنشائه بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 12 لسنة 1978 سالف البيان لمزاولة كافة عمليات البنوك التجارية في مصر وخارجها وفقاً لأحكام القوانين السارية في جمهورية مصر العربية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر المتقدم بصدد رده على دفاع الطاعن بشأن الطبيعة القانونية لأموال بنك...... المستولى عليها والصفة القانونية للعاملين به ومن بينهم المتهمان الأول - رئيس مجلس إدارة البنك المذكور - والثانية - نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب به - وخلص إلى انطباق نص المادتين 119/ ب 119 مكررا أ/ هـ من قانون العقوبات على واقعة الدعوى، فإن ما خلص إليه الحكم من ذلك يكون صحيحاً ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
15 - من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه - بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره وبين المصلحة العامة المكلف بها بالسهر عليها وتحقيقها بنزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة، فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى تعرض المصلحة العامة لخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة.
16 - من المقرر أنه لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1975 أن التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماماً خاصاً بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام أياً كان وجهة نشاطه يحصل أو يحاول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثماً على إطلاقه وأن يكون تظفيره غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق، ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه - على النحو المار - بيانه من أن المتهمين الأول والثانية - الأول بصفته رئيس مجلس إدارة البنك والثانية بصفتها نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب به - قد مكنا الطاعن والمتهمين الثالث والخامس في الدعوى من الحصول بغير الحق على مبلغ 18.948.000 جنيهاً "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" من أموال البنك المذكور والتي عادت عليهم بالربح والمنفعة وعدم ردها إلى البنك بتوقفهم عن السداد، وقد تم ذلك بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهم وذلك على النحو السالف بيانه بالحكم بما تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات سالف الذكر، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص وفي الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة والجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون نعيه غير مقبول.
17 - لما كان الحكم قد دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في تسهيل الاستيلاء والتربح وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون للاستيلاء باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد جريمة التربح من قصور الحكم في التدليل عليها.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجرها عضو الرقابة الإدارية وجديتها، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل.
19 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ورد عليه في قوله....... فمردود عليه بما هو ثابت بأوراق الدعوى وتحقيقاتها من أن نيابة الأموال العامة العليا قد تلقت بلاغاً مؤرخاً في 7/ 8/ 1996 مقدماً من المتهم الأول....... بصفته رئيس مجلس إدارة بنك....... مبلغاً فيه بوقوع الجرائم موضوع الدعوى الماثلة والتي نسبها إلى المتهمين ومرفقاً به المستندات والأدلة المؤيدة لبلاغه فقامت النيابة على ضوء ذلك بإعداد مذكرة للإذن بالكشف عن حسابات المتهمين وشركائهم وكان ذلك قبل أن تباشر لجان الفحص أعمالها، فصدر الإذن من محكمة استئناف القاهرة بجلسة....... بالكشف عن حسابات المتهمين وشركائهم لدى بنك....... "الفرع الرئيسي" وعليه باشرت النيابة بعد ذلك التحقيق حيث أدى أمامها أعضاء لجنة الفحص على المخالفات المنسوبة إلى المتهمين اليمين القانونية لأداء المأمورية المبينة بقرار الندب الصادر من النيابة العامة الأمر الذي يكون معه هذا الدفع كسابقة على غير سند من القانون أو الواقع خليقاً بالرفض، وكان ما أورده الحكم - على النحو المار بيانه - يعد سائغاً وكافياً في إطراح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة وفي بيان وجه اقتناع المحكمة بصحتها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس.
20 - من المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف أنه اشترك وآخرون مع المتهمين الأول والثانية في الدعوى بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمتي الاستيلاء على أموال البنك سالف الذكر والحصول بغير حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتيهما بالبنك المذكور وطلبت عقابهم بالمواد 40، 113، 115، 118، 118 مكرراًَ من قانون العقوبات ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا هو والقانون رقم 101 لسنة 1993 الصادر بتعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى عن الجريمتين سالفتي الذكر وهما جريمتان مستقلتان عن جريمة الإضرار العمدي المؤثمة بالمادة 116 مكرراً من قانون العقوبات المنسوبة إلى المتهمين الأول والثانية دون الطاعن والتي يتوقف رفع الدعوى فيها على طلب من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية عملاً بنص المادة 65 من القانون رقم 101 لسنة 1993 آنف الذكر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند، ولا يعيب الحكم المطعون عليه في هذا الصدد ما استطرد إليه من تقرير قانوني خاطئ باستناده إلى كتاب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المؤرخ 23/ 2/ 1997 بالموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية في الدعوى.
21 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في الاستيلاء والتربح وليس بجريمة الإضرار العمدي - على النحو المار بيانه - فإن النعي على الحكم بالقصور في استظهار أركان الجريمة الأخيرة يكون وارداً على غير محل.
22 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنها وإن أشارت في معرض بيان الأدلة التي تساندت إليها المحكمة في ثبوت الواقعة إلى إقرارات الطاعن وباقي المتهمين بتحقيقات النيابة العامة، إلا أنها خلت من التعويل على شيء مما جاء بإقرار المتهم الخامس....... وكان مؤدى ذلك أن المحكمة التفتت عنه ولم يكن له تأثير في قضائها. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
23 - لما كان الثابت من المفردات المنضمة أن المتهم الخامس سالف الذكر لم يسأل بتحقيقات النيابة وذلك لعدم ضبطه وهروبه إلى الخارج، ومن ثم فإن مفاد ما ساق الحكم حين تحدث عن "إقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة" لم يقصد من هذه العبارة سوى الإحالة إلى إقرارات المتهمين التي سردها وحصل مؤداها بالفعل، فإن النعي على الحكم بأنه لم يبين مؤدى إقرار المتهم الخامس بالتحقيقات يكون على غير سند من الواقع.
24 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن تقرير لجنة الرقابة على البنوك قد أوضح مفردات المبلغ المستولى عليه والناتج عن التسهيلات الائتمانية والاعتمادات المستندية والشيكات التي تم صرفها للمتهمين الثلاثة الآخرين ومن بينهم الطاعن، كما ثبت من تقرير لجنة قطاع الخبراء بوزارة العدل أن إجمالي المبلغ المستولى عليه هو 18.948.000 جنيه "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" كأصل الدين المستحق وأضاف التقرير أن المتهم....... بموجب مذكرة قدمها للمدعي العام الاشتراكي أقر بأن أصل الدين المستحق على الشركة الخاصة به وبالمتهمين الآخرين ومنهم الطاعن مبلغ 18.987.000 وهو ما يتقارب مع أصل مبالغ المديونية الظاهرة بحسابات بنك.......، كما ثبت من إقرار الطاعن الذي أورد الحكم مؤداه أن إجمالي الاقتراض في حدود ثمانية عشر مليون جنيه وهو ما ثبت كذلك بإقرار المتهم....... الذي حدد المديونية بمبلغ 18.600.000 جنيه، وكان الطاعن لا يمارى في أن ما أورده الحكم في هذا الصدد له أصله الصحيح في الأوراق، وإذ كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في حقيقة وقدر المبلغ المستولى عليه فليس له أن يبدي هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
25 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها فإنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال الشاهد،....... مما أدلى به بتحقيقات النيابة العامة مع أنه لم يدل بأية أقوال إلا بمحضر جلسة المحاكمة ذلك بأن الخطأ في تحديد مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
26 - لما كان القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك، أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك، فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته، فإن منعاه بأن المحكمة لم تسمع لأقوال الشاهد....... الذي استمعت لشهادته هيئة مغايرة لتلك التي أصدرت الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس.
27 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين أقوال الشاهد سالف الذكر بتحقيقات النيابة العامة مع أقواله بجلسة المحاكمة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً.
28 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وأن للمحكمة أن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
29 - لما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهد المذكور، فإن تناقض رواية الشاهد بالتحقيقات مع مثيلتها بجلسة المحاكمة - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شاهد الإثبات سالف الذكر بدعوى عدم معرفة مدى مطابقة أقواله بالتحقيقات مع أقواله بجلسة المحاكمة التي لم تستكمل، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد وينحل الطعن برمته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
30 - لما كان البين من مدونات الحكم أنه عرض لما ثبت بتقرير لجنة الرقابة على البنوك بالبنك المركزي في ثلاثة وعشرين بنداً موضحة الطرق التي توصل بها الطاعن وباقي المتهمين في الدعوى والتي أدت إلى المديونية الناتجة سواء من اعتمادات مستندية أو شيكات منصرفة على الحساب 6383 و6384 و6385 منذ بدء التعامل عليها حتى إلغاء تلك الحسابات في 13/ 11/ 1993 وتحويلها إلى الحسابات الجديدة، ثم أورد الحكم مؤدى تقرير لجنة قطاع خبراء وزارة العدل على أن الشركة "......." شركة مساهمة تحت التأسيس، ومن ثم لا يجوز التعامل على حساباتها في البنك إلا بعد اكتمال تأسيسها واكتسابها الشخصية المعنوية إلا أن البنك تعامل على حساباتها وكأنها شركة قائمة فعلاً وبدراسة الحسابات بها تبين مديونيتها لبنك....... بمبلغ 18.948.000 جنيه "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" كأصل للدين المستحق في 18/ 10/ 1993 توالت القيود المدنية في الحسابات الثلاثة للشركة والخاصة بكل من....... الطاعن و....... و....... وقد امتنع المتهمون الثلاثة سالفو الذكر عن سداد قيمة الدين آنف البيان والمستولى عليه وأضاف التقرير أن الطاعن أقر بمذكرة قدمها للمدعي العام الاشتراكي أقر فيها بأن أصل الدين المستحق على الشركة سالفة الذكر مبلغ وقدره 18.987.000 جنيه وهو يتقارب مع أصل المديونية الظاهرة بحسابات البنك، وكان الطاعن لا يمارى في أن ما أورده الحكم في هذا الخصوص له أصله الصحيح بالأوراق، فإن ما أورده التقريران فيما تقدم لا تناقض فيه، واستناد الحكم إلى الدليل المستمد منهما لا يقدح في سلامته ذلك لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
31 - من المقرر أنه إذا كان أحد التقريرين المشار إليهما قد انتهى إلى مسئولية جميع المتهمين في الدعوى بما فيهم الطاعن عن قيمة المديونية محل جريمة الاستيلاء وأن التقرير الآخر قصر المسئولية على الطاعن وحده، فإن ذلك ينصرف إلى الأدلة قبل المتهمين الآخرين دون الطاعن فلا يقبل منه النعي بشيء في هذا الخصوص، لا سيما وأنه قد سلم بوجه النعي بأن التقريرين قد أثبتا مسئوليته عن المبلغ المستولى عليه آنف البيان.
32 - لما كان البين من مراجعة المفردات المضمومة أن تقرير اللجنة الخاصة بالبنك المركزي المصري أن الحسابات أرقام......، .......، ....... التي تم فتحها بتاريخ....... كانت بتوقيع....... (الطاعن) حتى...... ومن هذا التاريخ أضيف توقيع ثان على كافة المعاملات بالحسابات بالاشتراك مع الطاعن كتوقيع أول وذلك حتى...... حيث تم تعديل التوقيعات لتصبح توقيعاً أول لدى البنك لكل من...... و...... وذلك حتى....... حيث تم بموجب كتاب....... للبنك في ذلك التاريخ إلغاء التوقيعات السابقة على أن تكون التوقيعات كالآتي: توقيع أول.....، ومدير عام الشركة......، والتوقيع الثاني......، كما تبين للجنة وجود ثلاثة طلبات مقدمه لبنك...... فرع القاهرة مؤرخة....... لإلغاء الحسابات أرقام......، ......، ....... وتحويل أرصدتها لحسابات جديدة أرقام......، ......، ...... وهذه الطلبات موقعة من كل من 1 - ....... المدير المالي والإداري لشركة....... والمفوض من........ رئيس مجلس إدارة الشركة. 2 - ....... المدير العام لشركة........ 3 - ....... وتم التأشير على تلك الطلبات من....... نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بالبنك بالموافقة على تلك الطلبات بتاريخ...... وكذلك تبين وجود صور من طلبات لفتح عدد ثلاثة حسابات جارية دائنة بالأرقام الآتية: 1 - حساب رقم....... باسم......". 2 - حساب رقم...... باسم......". 3 - حساب رقم...... باسم...... وهذه الطلبات مؤرخة....... وموقع عليها من كل من......، ......، ...... وبناء على ذلك قام البنك بفتح الحسابات الثلاثة الجديدة وتم التعامل عليها منذ........، .......، وبتاريخ....... تم إلغاء الحسابات السابقة أرقام.......، .......، ........ وتحويل الرصيد والشيكات إلى الحسابات أرقام......، ......، .......، ثم أورد التقرير تفصيلاً لتلك الحسابات الثلاثة، كما يبين من مراجعة أقوال الشاهد....... عضو اللجنة التي أودعت التقرير وذلك بتحقيقات النيابة العامة أنها لم تخرج عما ورد بالتقرير آنف الذكر، ومن ثم فإن ما حصله الحكم من الأدلة التي عول عليها ترتد إلى أصول ثابتة بالتحقيقات وبتقريري الخبير المار ذكرهما ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت بهما أو فحواهما، ولا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
33 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن تحويل مبلغ المديونية وقدره 12.700.000 جنيه من الحسابات الجديدة إلى شركة....... قد تم بدون علمه، فإنه بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن في هذا الخصوص فإن ذلك ليس بذي أثر على جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة وهي اشتراك الطاعن وباقي المتهمين في المسئولية عن المبالغ محل المديونية والتي تم الاستيلاء عليها خاصة أنه يبين من المفردات المنضمة أن أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة على أنه قد سلم بهذه المديونية وإن كان قد نسبها إلى حسابات...... ومن ثم، فإن دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا تكون مقبولة، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة من ثبوت اشتراك الطاعن في جريمتي تسهيل الاستيلاء والتربح بالأدلة التي سردها الحكم.
34 - لما كان الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق من اتحاد أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، وإذ كان القاضي الجنائي فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة حرا في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما أن له أن يستنتج حصوله من أعمال لاحقة له تسوغ قيامه، ولما كان ما أورده الحكم سائغاً في المنطق ويتوفر به الاشتراك بطريق الاتفاق في ارتكاب جريمتي تسهيل الاستيلاء والتربح - كما سلف القول - على ما هو معرف به في القانون.
35 - لما كان كافة ما يثيره الطاعن من عدم علمه بتحويل المديونية من حساباته الثلاثة الجديدة إلى شركة....... وإلى عدم وجود تعامل بينه وبين البنك المجني عليه وأن تعامله مع شركتي....... وأنه قد اضطر إلى رفع الدعوى رقم...... لسنة...... تجاري جنوب القاهرة لتسوية حساباته مع البنك المذكور كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من استنادها إلى أدلة الثبوت التي اقتنعت بها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن ينحل في حقيقته إلى جدل في كفاية أدلة الإثبات وفي تقديرها وهو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1) ....... 2) ....... 3) ....... "طاعن" 4) ....... "طاعن" 5) ....... أولاً المتهمان الأول والثانية: (1) بصفتهما موظفين عموميين الأول رئيس مجلس إدارة بنك النيل الخاضع لإشراف البنك المركزي - والثانية نائب رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب به "سهلا للمتهمين من الثالث وحتى الأخير الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مبلغ - 35582000 خمسة وثلاثين مليوناً وخمسمائة واثنين وثمانين ألف جنيه والمملوك لبنك..... وكان ذلك بمنحهم هذه المبالغ في صورة تسهيلات ائتمانية "حساب جاري مدين تمويل اعتمادات مستندية لاستيراد أدوية بيطرية" والتصريح باستخدامها دون إجراء الدراسات الائتمانية اللازمة وبغير ضمانات وبالمخالفة للوائح وتعليمات الجهة التي يعملان بها والقواعد والأعراف المصرفية المتبعة. (2) بصفتهما سالفة الذكر مكنا المتهمين من الثالث وحتى الأخير من الحصول بغير حق على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفتهما بأن منحوهم التسهيلات الائتمانية المستولى على قيمتها موضوع التهمة السابقة بالمخالفة لقانون البنوك والائتمان وجدول الصلاحيات المعمول به بالبنك وما تقضي به القواعد والأعراف المصرفية على النحو المبين بالأوراق. (3) بصفتهما سالفة الذكر أضرا عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعملان بها "......." وذلك بأن سهلا للمتهمين من الثالث وحتى الأخير الاستيلاء بغير حق على مبلغ - 35.582.000 جنيه مصري من أموال البنك سالف الذكر وذلك بالمخالفة لقانون البنوك والائتمان وجدول الصلاحيات الائتمانية المعمول به بالبنك وما تقضي به القواعد والأعراف المصرفية مما ترتب عليه عدم استيفاء البنك لحقوقه قبلهم لدى توقفهم عن السداد على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: المتهمون من الثالث حتى الأخير: اشتركوا مع المتهمين الأول والثانية بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمتين المبينتين بالوصف أولاً بندي 1، 2 بأن اتفقوا معهما على ارتكابها وساعدوهما على ذلك بأن قدموا لهما طلبات الحصول على التسهيلات الائتمانية المستولى على قيمتها وكذا البيانات الخاصة بشأنها فوقعت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثالث والرابع وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/ 1، 113/ 1، 115، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً (1) 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون في حقهم جميعاً عدا الثانية. أولاً: بمعاقبة الثانية بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ثانياً: بمعاقبة كل من الأول والثالث والرابع والخامس بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثالثاً: بإلزام المحكوم عليهم جميعاً متضامنين برد مبلغ - 18.948.000 جنيه "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" وإلزامهم بغرامة مساوية لهذا المبلغ.
فطعن المحكوم عليهما الثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن أوجه الطعن بمذكرتي الطاعن الثاني: ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك في جرائم تسهيل الاستيلاء على أموال بنك...... الخاضع لإشراف ورقابة البنك المركزي والإضرار العمدي، قد شابه غموض وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أسباب الحكم بصدد تحصيله لواقعات الدعوى وظروفها جاءت عامة ومبهمة، كما أنه لم يستظهر أركان الجرائم المسندة إلى الطاعن وما أورده في هذا الخصوص وما استخلصه لا يتوافر به الاشتراك في الجرائم المشار إليها ولم يورد مؤدى الأدلة على توافر هذا الاشتراك لا سيما وأنه لم يبين ماهية الأفعال التي قارفها الطاعن وشارك بها مع المتهمين الآخرين في وقوع الجرائم موضوع الدعوى، هذا وقد قام دفاع الطاعن على تخلف كافة صور الاشتراك في الجرائم التي دين بها وذلك بما ساقه للمحكمة من قرائن وأدلة وبما كشفت عنه المستندات المقدمة منه فضلاً عما ثبت بتقرير لجنة الخبراء وشهادة رئيس اللجنة بجلسة المحاكمة من عدم مسئولية الطاعن عما خلص إليه ذلك التقرير كما قام دفاع الطاعن على أن كافة المخالفات للتعليمات الإدارية والمالية والبنكية التي أدت إلى النتيجة التي خلص إليها التقرير لا شأن للطاعن ولا علم ولا دراية له بها وأنها لا ترقى إلى درجة التأثيم الذي يشكل الجرائم موضوع الدعوى خاصة وأن العلاقة بين البنك المجني عليه والشركات التجارية التي يساهم فيها البنك المذكور بالنصيب الأكبر تحت رئاسة وإشراف وبعلم المتهمين الأول والثانية في الدعوى هي علاقة مشاركة ومرابحة تجارية بحتة تحكمها قواعد القانون المدني وليست قروضاً، كما أنها تحتمل الربح والخسارة مما لازمه عدم خضوعها لنصوص قانون العقوبات التي أعملها الحكم رغم تخلف صفة المال العام والموظف العام للمتهمين الأول والثانية في الدعوى وتبعاً لذلك تنتفي أركان الجرائم المسندة إلى الطاعن وهو أيضاً ما قام عليه دفاعه وطلب تحقيقاً له ندب لجنة من الخبراء المتخصصين في أعمال البنوك والمحاسبين وذلك لتحقيق دفاعه المار بيانه وصولاً إلى وجه الحق في الدعوى، بيد أن الحكم أعرض عن بعض هذه الأوجه من الدفاع وعن كافة المستندات الهامة المؤيدة له ورد على الآخر منها برد غير سائغ ولا يتفق والتطبيق الصحيح للقانون، كما أنه رد على الطلب المشار إليه برد قاصر لا يسوغه، هذا وقد دفع الطاعن ببطلان إجراءات وتحريات هيئة الرقابة الإدارية لعدم جديتها كما دفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة في الكشف عن سرية الحسابات بالبنوك وقد رد الحكم على ذلك بما لا يسوغه، كما رد بما لا يتفق وصحيح القانون على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لتحريكها ورفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. هذا ورغم إفصاح الحكم عن تعويله في قضائه على إقرارات جميع المتهمين في الدعوى إلا أنه لم يورد مؤدى إقرار المتهم الخامس فيها لبيان مدى وجه استدلال الحكم به على ثبوت الاتهام في حق الطاعن، كما خلت مدونات الحكم من بيان موضح ومفصل لمفردات المبلغ المستولى عليه والمقضى بإلزام الطاعن وباقي المتهمين برده وبتغريمهم مثله، هذا وقد نسب الحكم إلى الشاهد "......." أنه قد شهد بتحقيقات النيابة العامة مع أن الثابت بالأوراق أنه لم يشهد إلا بجلسة المحاكمة، كما عول الحكم - ضمن ما عول عليه - على أقوال الشاهد...... بجلسة المحاكمة أمام هيئة مغايرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بما يخالف صحيح القانون، فضلاً عن أن الشاهد المذكور لم يدل بأقواله كاملة آنذاك وطلب إمهاله للاستعداد لجلسة أخرى بيد أن المحكمة لم تجبه إلى ذلك مما لازمه عدم إمكان القول باتفاق تلك الأقوال المبتورة مع أقواله بتحقيقات النيابة العامة حسبما ذهب إليه الحكم غير صائب في ذلك، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لأدلة الثبوت في الدعوى والرد على أوجه الدفاع المثارة فيها خلص إلى صورة الواقعة التي صحت لديه على صحة ثبوت الواقعة في حق المتهمين في الدعوى بقوله: "وحيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون قد ثبت في يقين المحكمة ووجدانها ثبوتاً قاطعاً أن....... رئيس مجلس إدارة بنك...... و...... نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب به وهما في حكم الموظفين العموميين كما سبق بيانه وفقاً لحكم المادة 119 مكرر/ هـ من قانون العقوبات قد سهلا...... و...... و...... الاستيلاء على مال بنك....... وهو يعتبر من الأموال العامة لخضوعه لإشراف ورقابة البنك المركزي المصري وهو هيئة عامة وذلك وفقاً لأحكام المادة 119/ ب من ذات القانون كما سبق بيانه وذلك بغير حق وبنية التملك وبالمخالفة للقانون واللوائح والقواعد المصرفية المقررة اعتماداً على الحيل والأساليب التي استخدمها هؤلاء المتهمون توصلاً للاستيلاء على هذا المال المعهود حفظه وإدارته وصيانته للمتهمين الأول والثانية على نحو يعود استثماره بالنفع على المساهمين والمدخرين والمودعين صغيرهم وكبيرهم والذين أولوا لهم هذه الثقة فخانوها بإصدارهما تسهيلات ائتمانية للمتهمين الثلاثة المذكورين وفتح الاعتمادات المستندية لاستيرادهم أدوية بيطرية والتصريح باستخدامها دون إجراء الدراسات الائتمانية اللازمة وبغير ضمانات وصرف شيكات على حساباتهم رغم أن رصيدهم لا يسمح بالصرف واستمروا في منحهم الموافقات رغم توقفهم عن السداد وتضخم مديونياتهم التي كان يظهرها مركزهم المالي المرفق لهما مع كل طلب لفتح اعتماد مستندي جديد موقع عليه من المتهمين الأول والثانية بمنح التسهيلات الائتمانية وبدلاً من أن يطالبهم المتهمين بتقديم ضمانات ليضمنا الوفاء بالتزاماتهم قبل البنك كتقديم كفيل ملئ أو ضمان عيني، نجد المتهمين يقومان بإزالة كافة العقبات أمام المتهمين ليسهلا لهم الحصول على أموال البنك بغير حق وتظفيرهم بها استغلالاً منهما لوظيفتهما ببنك....... التي سهلت السبيل للاستيلاء على أموال البنك بخروج مبلغ وقدره 18.948.000 جنيه (ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه) من خزانته في صورة فتح الاعتمادات المستندية المتتالية وصرف الشيكات للمتهمين على نحو ما سلف بيانه، مما كان من شأنه الإضرار العمدي بأموال بنك...... فبدلاً من صيانة الأمانة التي يحملها المتهمان الأول والثانية والمحافظة على هذه الأموال ومصالح هذا البنك المعهود إليهما بموجب الثقة التي منحت لهم من المساهمين والمودعين بالبنك، نجدهما يقومان بالإخلال بهذه الأمانة بالموافقة على منح المتهمين تسهيلات ائتمانية بلا ضمانات وصرف قيمة شيكات رغم أن أرصدة تلك الحسابات لا تسمح بذلك ورغم ذلك يستمران في المنح مما مكن معه هؤلاء المتهمين بالاستيلاء على قيمة هذه التسهيلات والشيكات وكانت أفعال المتهمين الأول والثانية السبب المباشر في الحصول على هذه المبالغ ومما يؤكد تعمد إضرارهما بأموال البنك الاستمرار في المنح والصرف رغم توقف المتهمين عن السداد وتضخم مديونياتهم ومع ذلك يوافق المتهمان على فتح الاعتمادات المستندية وصرف الشيكات لهم الأمر الذي ترتب عليه عدم استطاعة بنك...... استرداد حقوقه برد هذه المبالغ لتوقف المتهمين عن السداد منذ التعامل على حساباتهم بالبنك، وأن الأمانة التي كان يحملها المتهمان الأول والثانية كانت تفرض عليهما السهر على مصلحة البنك ومباشرة الرقابة على من يتعاقدون معه والسعي لتحقيق مصلحته في نزاهة وتجرد غير مبتغيين لنفسهما أو غيرهما ربحاً أو منفعة ولكنهما خانا هذه الأمانة استغلالاً منهما لوظيفتهما لكون الأول رئيس مجلس إدارة بنك...... والثانية نائب رئيس مجلس إدارة ذلك البنك والعضو المنتدب به ومن اختصاصاتهما بالبنك الموافقة على فتح الاعتمادات المستندية ومنح التسهيلات الائتمانية وصرف شيكات وقد استغلا ذلك ووافقا على فتح الاعتمادات المستندية للمتهمين...... و...... و...... بدون تقديم ضمانات وصرفوا لهم الشيكات على حساباتهم الثلاثة بالبنك دون أن تسمح أرصدتهم بالصرف ودون بيان غرض ذلك وبالمخالفة للقانون والأعراف المصرفية واللوائح المعمول بها وتجاوزا عن السلطات المخولة لهما في منح التسهيلات الائتمانية بما يجاوز القيمة المحددة بمعرفة مجلس إدارة البنك المركزي ولم يقوما بإخطار الإدارة المختصة بذلك البنك بهذا التعامل الذي تم مع المتهمين سواء قبل أو بعد توقفهم عن السداد للمديونية الناشئة عن التسهيلات الائتمانية الممنوحة لهم بالمخالفة للقواعد المصرفية وهو الأمر الذي ترتب عليه تسهيل استيلاء هؤلاء المتهمين على أموال بنك....... بمقدار أصل الدين الخالي من الفوائد والمصاريف والعمولات البنكية وهو مبلغ وقدره 18.948.000 جنيه (ثمانية عشر مليون جنيه وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه) مما تسبب معه في ضرر عمدي بأموال البنك بهذا القدر بالإضافة لفوائده ومصاريفه وعمولاته وفي ذات الوقت قد مكن هؤلاء المتهمين الثلاثة بغير حق من الحصول على هذه المبالغ رغم أنهم لا يستحقونها بخروجها من خزائن البنك على الصورة المتقدمة ودخولها حوزتهم والتي عادت عليهم بالربح والمنفعة وعدم ردها لبنك....... بتوقفهم عن السداد. وكان الحكم قد ساق على صحة الواقعة وإسنادها للمتهمين ومن بينهم الطاعن أدلة الثبوت التي أورد مؤداها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان من المقرر كذلك أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى. إلا أن المقرر أيضاً أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في الاستيلاء على مال بنك...... الذي يخضع لإحدى الجهات الواردة بنص المادة 119/ ب من قانون العقوبات والتربح من أموال هذا البنك اللتين دان الطاعن بها وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور والغموض والإبهام وعدم إلمام المحكمة بوقائع الدعوى ومستنداتها لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطرق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالأسباب السائغة وأورد من الأدلة القولية والفنية ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن مع المتهمين الأول والثانية - المقضي عليهما غيابياً - في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال البنك الذي يخضع لإشراف إحدى الهيئات العامة "البنك المركزي المصري" الواردة بنص المادة 119 من قانون العقوبات وكذلك جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من ذات القانون، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها، ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب لعدم استظهار عناصر الاشتراك والتدليل على توافره في حق الطاعن يكون ولا محل له. أما ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيدة بالمستندات لنفي اشتراكه في ارتكاب الجريمتين المنسوبتين إليه، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه طالما أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمتين المسندتين إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ومن المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ومن المقرر أن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الاستيلاء والتربح طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كافياً للتدليل على ثبوت جريمتي الاشتراك في الاستيلاء والتربح اللتين دان الطاعن بهما فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في شأن تعويله على تقرير لجنة خبراء وزارة العدل وأقوال رئيس تلك اللجنة رغم أنها لا تدل بمجردها على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بارتكابهما. وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، ولها أن تفاضل بين هذه التقارير وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه، إذ أن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، ولا معقب عليها في ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير لجنة الرقابة على البنوك بالبنك المركزي وتقرير لجنة الخبراء بوزارة العدل - اللذين عولت عليهما المحكمة في إدانة الطاعن - يعد كافياً في بيان وجه استدلال الحكم بما ثبت من هذين التقريرين من حدوث استيلاء وتربح بأموال البنك المجني عليه وبمسئولية الطاعن بالاشتراك في ذلك، فإنه لا يجوز مجادلة محكمة الموضوع في ذلك أمام محكمة النقض، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد على ما يكون الطاعن قد أثاره من مطاعن على التقريرين المشار إليهما، كما أن ذلك يفصح عن أن المحكمة وقد اطمأنت إليهما فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في شأن طلب ندب لجنة من المتخصصين في أعمال البنوك ويضحى النعي على الحكم بدعوى القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، فإن النعي بأن الواقعة لا تعدو مشاركة أو مرابحة تجارية تحكمها قواعد القانون المدني ولا تشكل الجرائم التي دين الطاعن بها، فذلك لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة، وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. كما أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها.
ولما كان القانون رقم 63 لسنة 1975 نص في مادته الأولى على تعديل الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ليشمل فضلاً عن جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر والصور المختلفة الأخرى للعدوان على المال العام، واستبدل بعنوان الباب المذكور عنوان "اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر" بما يحقق التوسع في مدلولي المال العام والموظف العام، وأدخل من التعديلات على نص المادتين 112، 113 من قانون العقوبات بحيث يتسع مدلولهما للعقاب على اختلاس الموظف العام أو من في حكمه للأموال والأوراق أو الاستيلاء عليها بغير حق، سواء كانت تلك الأموال والأوراق مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات، أم كانت أموالاً خاصة مملوكة للأفراد، متى كان هذا المال موجوداً في حيازته بسبب وظيفته، وذلك بالنسبة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، أو كان تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119 من القانون ذاته بالنسبة لجريمة الاستيلاء عليه بغير حق أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 113 من قانون العقوبات. وغلظ الشارع العقوبة المقررة في هاتين الجريمتين إذا ما اقترن الفعل بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها فيهما، كما أن المشرع أراد - على ما عددته المادة 119 مكرراً من القانون المشار إليه - معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل الكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً ولما كان البند "هـ" من هذه المادة قد نص على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة، وكانت الفقرة "ب" من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها. لما كان ما تقدم، وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي أن البنك المركزي المصري شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة بما يساعد على تنمية الاقتصاد القومي ودعمه واستقرار النقد المصري ويباشر السلطات والاختصاصات المخولة له بالقانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان وفقاً للأحكام والقواعد المنصوص عليها فيه بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، كما نصت المادة 15 من ذات القانون على أن يقصد بالبنوك التجارية البنوك التي تقوم بصفة معتادة بقبول ودائع تدفع عند الطلب أو لآجال محددة وتزاول عمليات التحويل الداخلي والخارجي وخدماته بما يحقق أهداف خطة التنمية وسياسة الدولة ودعم الاقتصاد القومي وتباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالي في الداخل والخارج بما في ذلك المساهمة في إنشاء المشروعات وما يتطلبه من عمليات مصرفية وتجارية ومالية وفقاً للأوضاع التي يقررها البنك المركزي. وكان من المقرر أن المادة الأولى من قرار وزارة الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 12 لسنة 1978 بالترخيص في تأسيس...... "شركة مساهمة مصرية" نصت على أن يرخص بتأسيس....... - شركة مساهمة مصرية برأسمال قدره 20.000.000 دولار أمريكي تؤدى بالعملة الحرة فيما بين السادة...... ونصت المادة الثانية من ذات القرار على أن غرض البنك مزاولة كافة عمليات البنوك التجارية في مصر وخارجها وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والقوانين النافذة والعقد والنظام الأساسي المرفقين، وقد نصت المادة الأولى من النظام الأساسي للبنك على أنه تأسست بين مالكي الأسهم شركة مساهمة مصرية طبقاً لأحكام القوانين النافذة في جمهورية مصر العربية، وفي نطاق أحكام نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادرة بالقانون رقم 43 لسنة 1974 والقوانين المعدلة له لبعض أحكامه وأحكام هذا النظام الأساسي ونص المادة الثانية على أن "اسم الشركة هو بنك....... شركة مساهمة مصرية ونصت المادة الثالثة على أن غرض الشركة القيام وفقاً لأحكام القوانين السارية في جمهورية مصر العربية بمزاولة كافة عمليات البنوك التجارية في مصر وخارجها، وبغير تحديد لعمومية هذا الغرض تزاول الشركة سواء لحسابها أو لحساب الغير كل عمليات النشاط المصرفي.. وكان قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 سنة 1989 نص في المادة الثانية من مواد إصداره على إلغاء نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادرة بالقانون رقم 43 لسنة 1974 وأورد في الباب الثاني منه الضمانات والمزايا والإعفاءات المقررة للمشروعات الخاضعة لأحكامه فنص بالمادة السابعة على اعتبار تلك المشروعات من مشروعات القطاع الخاص أياً كانت الطبيعة القانونية للأموال المصرية المساهمة فيها ولا تسري عليها القوانين واللوائح الخاصة بالقطاع العام أو العاملين فيه، ثم حدد في المواد التالية المزايا التي قدر المشرع أن تتمتع بها تلك المشروعات فحظر تأميمها أو مصادرتها أو الحجز على أموالها عن طريق القضاء، وأخرج منتجاتها من التسعير الجبري ومبانيها من نظام تحديد القيمة الإيجارية، ومن الخضوع لبعض أحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادرة بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وقرر لها وللعاملين بها إعفاءات ضريبية ووضع قيداً على إجراءات طلب رفع الدعوى عليها في الجرائم التي تقع بالمخالفة لقوانين الجمارك والضرائب وتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، وكل الضمانات والمزايا والإعفاءات المشار إليها وإن أفصحت عن أن المشرع ابتغى أن يوفر لتلك المشروعات عناصر النجاح لما قدره من أهميتها للتنمية الاقتصادية للبلاد، إلا أن ما تضمنه هذا الباب وسائر مواد القانون ليس فيه ما ينبئ عن أن المشرع أراد حرمان المال العام أو الخاص الذي يستثمر في إحدى المشروعات الخاضعة لأحكامه من الحماية الجنائية المقررة له في قانون العقوبات أو أن يترخص في أحكام تلك الحماية.
لما كان ذلك، وكان المادة 119 من قانون العقوبات تنص على أنه يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - الباب الرابع - ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها.. "ب" الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام، وكانت المادة 119 مكرراً من القانون ذاته تنص على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب.....، ...... "هـ" رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها موالاً عامة طبقاً للمادة السابقة. لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم أن البنك المركزي المصري - وفقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1975 آنف البيان - شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة وذلك من خلال البنوك التجارية ومن بينها...... - شركة مساهمة مصرية - والمرخص بإنشائه بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الدولي رقم 12 لسنة 1978 سالف البيان لمزاولة كافة عمليات البنوك التجارية في مصر وخارجها وفقاً لأحكام القوانين السارية في جمهورية مصر العربية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر المتقدم بصدد رده على دفاع الطاعن بشأن الطبيعة القانونية لأموال بنك....... المستولى عليها والصفة القانونية للعاملين به ومن بينهم المتهمان الأول - رئيس مجلس إدارة البنك المذكور - والثانية - نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب به - وخلص إلى انطباق نص المادتين 119/ ب 119 مكرر أ/ هـ من قانون العقوبات على واقعة الدعوى، فإن ما خلص إليه الحكم من ذلك يكون صحيحاً ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. ولما كان من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه - بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره وبين المصلحة العامة المكلف بها بالسهر عليها وتحقيقها بنزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى تعرض المصلحة العامة لخطر من تربح الموظف العام من روائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1975 أن التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماماً خاصاً بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام أياً كان وجهة نشاطه يحصل أو يحاول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته، ومن ثم روعي أن يكون التربح للموظف مؤثماً على إطلاقه وأن يكون تظفيره غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه - على النحو المار بيانه - من أن المتهمين الأول والثانية - الأول بصفته رئيس مجلس إدارة البنك والثانية بصفتها نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب به - قد مكنا الطاعن والمتهمين الثالث والخامس في الدعوى من الحصول بغير الحق على مبلغ 18.948.000 جنيهاً "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" من أموال البنك المذكور والتي عادت عليهم بالربح والمنفعة وعدم ردها إلى البنك بتوقفهم عن السداد، وقد تم ذلك بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهم وذلك على النحو السالف بيانه بالحكم بما تتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات سالف الذكر، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص وفي الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة والجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون نعيه غير مقبول. ولما كان الحكم قد دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في تسهيل الاستيلاء والتربح وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون للاستيلاء باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد جريمة التربح من قصور الحكم في التدليل عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها عضو الرقابة الإدارية وجديتها، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل. ولما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ورد عليه في قوله: "..... فمردود عليه بما هو ثابت بأوراق الدعوى وتحقيقاتها من أن نيابة الأموال العامة العليا قد تلقت بلاغاً مؤرخاً في 7/ 8/ 1996 مقدماً من المتهم الأول بصفته رئيس مجلس إدارة بنك...... مبلغاً فيه بوقوع الجرائم موضوع الدعوى الماثلة والتي نسبها إلى المتهمين ومرفقاً به المستندات والأدلة المؤيدة لبلاغه فقامت النيابة على ضوء ذلك بإعداد مذكرة للإذن بالكشف عن حسابات المتهمين وشركائهم وكان ذلك قبل أن تباشر لجان الفحص أعمالها، فصدر الإذن من محكمة استئناف القاهرة بجلسة..... بالكشف عن حسابات المتهمين وشركائهم لدى بنك...... "الفرع الرئيسي" وعليه باشرت النيابة بعد ذلك التحقيق حيث أدى أمامها أعضاء لجنة الفحص على المخالفات المنسوبة إلى المتهمين اليمين القانونية لأداء المأمورية المبينة بقرار الندب الصادر من النيابة العامة الأمر الذي يكون معه هذا الدفع كسابقه على غير سند من القانون أو الواقع خليقاً بالرفض، وكان ما أورده - على النحو المار بيانه يعد سائغاً وكافياً في إطراح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة وفي بيان أوجه اقتناع المحكمة بصحتها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون واختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف أنه اشترك وآخرون مع المتهمين الأول والثانية في الدعوى بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمتي الاستيلاء على أموال البنك سالف الذكر والحصول بغير حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتيهما بالبنك المذكور وطلبت عقابهم بالمواد 40، 113، 115، 118، 118 مكرراً من قانون العقوبات ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذي خلا هو والقانون رقم 101 لسنة 1993 الصادر بتعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى عن الجريمتين سالفتي الذكر وهما جريمتان مستقلتان عن جريمة الإضرار العمدي المؤثمة بالمادة 116 مكرراً من قانون العقوبات المنسوبة إلى المتهمين الأول والثانية دون الطاعن والتي يتوقف رفع الدعوى فيها على طلب من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية عملاً بنص المادة 65 من القانون رقم 101 لسنة 1993 آنف الذكر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند ولا يعيب الحكم المطعون عليه في هذا الصدد ما استطرد إليه من تقرير قانوني خاطئ باستناده إلى كتاب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المؤرخ 23/ 2/ 1997 بالموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية في الدعوى. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في الاستيلاء والتربح وليس بجريمة الإضرار العمدي - على النحو المار بيانه - فإن النعي على الحكم بالقصور في استظهار أركان الجريمة الأخيرة يكون وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنها وإن أشارت في معرض بيان الأدلة التي تساندت إليها المحكمة في ثبوت الواقعة إلى إقرارات الطاعن وباقي المتهمين بتحقيقات النيابة العامة، إلا أنها خلت من التعويل على شيء مما جاء بإقرار المتهم الخامس....... وكان مؤدى ذلك أن المحكمة التفتت عنه ولم يكن له تأثير في قضائها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أن الثابت من المفردات المنضمة أن المتهم الخامس سالف الذكر لم يسأل بتحقيقات النيابة وذلك لعدم ضبطه وهروبه إلى الخارج، ومن ثم فإن مفاد ما ساقه الحكم حين تحدث عن "إقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة" لم يقصد من هذه العبارة سوى الإحالة إلى إقرارات المتهمين التي سردها وحصل مؤداها بالفعل، فإن النعي على الحكم بأنه لم يبين مؤدى إقرار المتهم الخامس بالتحقيقات يكون على غير سند من الواقع. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن تقرير لجنة الرقابة على البنوك قد أوضح مفردات المبلغ المستولى عليه والناتج عن التسهيلات الائتمانية والاعتمادات المستندية والشيكات التي تم صرفها للمتهمين الثلاثة الآخرين ومن بينهم الطاعن، كما ثبت من تقرير لجنة قطاع الخبراء بوزارة العدل أن إجمالي المبلغ المستولى عليه هو 18.948.000 جنيه "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" كأصل الدين المستحق وأضاف التقرير أن المتهم...... بموجب مذكرة قدمها للمدعي العام الاشتراكي أقر بأن أصل الدين المستحق على الشركة الخاصة به وبالمتهمين الآخرين ومنهم الطاعن مبلغ 18.987.000 وهو ما يتقارب مع أصل مبالغ المديونية الظاهرة بحسابات بنك......، كما ثبت من إقرار الطاعن الذي أورد الحكم مؤداه إن إجمالي الاقتراض في حدود ثمانية عشر مليون جنيه وهو ما ثبت كذلك بإقرار المتهم....... الذي حدد المديونية بمبلغ 18.600.000 جنيه، وكان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع في حقيقة وقدر المبلغ المستولى عليه فليس له أن يبدي هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها فإنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال الشاهد...... مما أدلى به بتحقيقات النيابة العامة مع أنه لم يدل بأية أقوال إلا بمحضر جلسة المحاكمة ذلك بأن الخطأ في تحديد مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك، فلا عليها إن قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته، فإن منعاه بأن المحكمة لم تسمع لأقوال الشاهد "......." الذي استمعت لشهادته هيئة مغايرة لتلك التي أصدرت الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس. وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين أقوال الشاهد سالف الذكر بتحقيقات النيابة العامة مع أقواله بجلسة المحاكمة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه، وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهد المذكور، فإن تناقض رواية الشاهد بالتحقيقات مع مثيلتها بجلسة المحاكمة بفرض حصوله لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شاهد الإِثبات سالف الذكر بدعوى عدم معرفة مدى مطابقة أقواله بالتحقيقات مع أقواله بجلسة المحاكمة التي لم تستكمل، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. وينحل الطعن برمته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: - عن أوجه الطعن بمذكرة الطاعن الأول: - ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك في ارتكاب جريمتي الاشتراك في جنايتي تسهيل الاستيلاء على مال بنك..... "الخاضع لإشراف إحدى الهيئات العامة" والتربح قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم لم يستظهر العناصر والأدلة على اشتراك الطاعن في الجريمتين آنفتي البيان وأن ما أورده الحكم في هذا الخصوص لا يوفره في حق الطاعن، وقد اعتبر الحكم من إقامة الطاعن الدعوى رقم.... لسنة...... تجاري جنوب القاهرة دليلاً على التواطؤ والاشتراك في الاستيلاء على مال البنك المجني عليه مع أن الثابت من المستندات المقدمة منه تؤكد اضطراره إلى ذلك لتسوية حساباته مع البنك وهو ما قام عليه دفاعه لنفي المسئولية عما أسند إليه، كما قام دفاعه أيضاً على عدم وجود تعامل بينه وبين البنك المجني عليه وأن كافة تعاملاته التجارية والمالية كانت مع شركتي........ وأنه ليس مديناً لهما وأن تحويل مبلغ 12700000 جنيهاً (اثني عشر مليوناً وسبعمائة ألف جنيه) من حساباته الجديدة إلى شركة....... قد تم بدون علمه، بيد أن الحكم أغفل الرد على دفاعه المار بيانه، رغم أن أوراق الدعوى والمستندات المقدمة منه وتقريري الخبراء المودعين قد ظاهرته في ذلك، هذا وقد عول الحكم على تقريري البنك المركزي والخبراء رغم أن أحدهما أثبت مسئولية جميع المتهمين عن المبلغ المستولى عليه في حين أن الثاني قصر المسئولية في ذلك على الطاعن وحده بما يقيم التناقض بين الأدلة التي عول عليها الحكم في قضائه، هذا وقد أثبت الحكم في مدوناته - على خلاف الثابت بالأوراق - أن تقرير لجنة الفحص وأقوال الشاهد..... تفيد أن الطاعن - وقبل تسوية حساباته القديمة مع البنك المجني عليه - طلب بتاريخ....... إلغاء تلك الحسابات وفتح حسابات أخرى جديدة كما طلب كتابة تحويل مبلغ المديونية آنف البيان من تلك الحسابات الجديدة إلى شركة........ للتخزين، وأخيراً فقد عول الحكم غير صائب على أقوال الشاهد....... رغم أن الهيئة التي استمعت لشهادته غير الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
من حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما - كما سلف البيان - وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم أنه عرض لما ثبت بتقرير لجنة الرقابة على البنوك بالبنك المركزي في ثلاثة وعشرين بنداً موضحة الطرق التي توصل بها الطاعن وباقي المتهمين في الدعوى والتي أدت إلى المديونية الناتجة سواء من اعتمادات مستندية أو شيكات منصرفة على الحساب....... منذ بدء التعامل عليها حتى إلغاء تلك الحسابات في 13/ 11/ 1993 وتحويلها إلى الحسابات الجديدة، ثم أورد الحكم مؤدى تقرير لجنة قطاع خبراء وزارة العدل على أن شركة....... شركة مساهمة تحت التأسيس، ومن ثم لا يجوز التعامل على حساباتها في البنك إلا بعد اكتمال تأسيسها واكتسابها الشخصية المعنوية إلا أن البنك تعامل على حساباتها وكأنها شركة قائمة فعلاً وبدراسة الحسابات بها تبين مديونيتها لبنك....... بمبلغ 18.948.000 جنيه "ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وثمانية وأربعون ألف جنيه" كأصل للدين المستحق في....... توالت القيود المدينة في الحسابات الثلاثة للشركة والخاصة بكل من....... الطاعن و...... و...... وقد امتنع المتهمون الثلاثة سالفي الذكر عن سداد قيمة الدين آنف البيان والمستولى عليه وأضاف التقرير أن الطاعن أقر بمذكرة قدمها للمدعي العام الاشتراكي أقر فيها بأن أصل الدين المستحق على الشركة سالفة الذكر مبلغ وقدره 18.987.000 (ثمانية عشر مليوناً وتسعمائة وسبعة وثمانين ألف جنيه) وهو يتقارب مع أصل المديونية الظاهرة بحسابات البنك، وكان الطاعن لا يمارى في أن ما أورده الحكم في هذا الخصوص له أصله الصحيح بالأوراق، فإن ما أورده التقريرين فيما تقدم لا تناقض فيه، واستناد الحكم إلى الدليل المستمد منهما لا يقدح في سلامته ذلك لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. هذا فضلاً على أنه وبفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن بأسباب الطعن أن أحد التقريرين المشار إليهما قد انتهى إلى مسئولية جميع المتهمين في الدعوى بما فيهم الطاعن عن قيمة المديونية محل جريمة الاستيلاء وأن التقرير الآخر قصر المسئولية على الطاعن وحده، فإن ذلك ينصرف إلى الأدلة قبل المتهمين الآخرين دون الطاعن فلا يقبل منه النعي بشيء في هذا الخصوص، سيما وأنه قد سلم بوجه النعي بأن التقريرين قد أثبتا مسئوليته عن المبلغ المستولى عليه آنف البيان. ولما كان يبين من مراجعة المفردات المضمومة أن تقرير اللجنة الخاصة بالبنك المركزي المصري أن الحسابات أرقام......، .......، ....... التي تم فتحها بتاريخ........ كانت بتوقيع........ الطاعن حتى....... ومن هذا التاريخ أضيف توقيع ثان على كافة المعاملات بالحسابات بالاشتراك مع الطاعن كتوقيع أول وذلك حتى....... حيث تم تعديل التوقيعات لتصبح توقيعاً أول لدى البنك لكل من....... وذلك حتى....... حيث تم بموجب كتاب....... للبنك في ذلك التاريخ إلغاء التوقيعات السابقة على أن تكون التوقيعات كالآتي: توقيع أول.......، ومدير عام الشركة......، والتوقيع الثاني.......، كما تبين للجنة وجود ثلاثة طلبات مقدمة لبنك...... فرع القاهرة مؤرخة...... لإلغاء الحسابات أرقام......، .......، ....... وتحويل أرصدتها لحسابات جديدة أرقام......، ....... وهذه الطلبات موقعة من كل من 1 - ...... المدير المالي والإداري لشركة....... والمفوض من....... رئيس مجلس إدارة الشركة. 2 - ........ المدير العام لشركة....... 3 - ....... وتم التأشير على تلك الطلبات من....... نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بالبنك بالموافقة على تلك الطلبات بتاريخ...... وكذلك تبين وجود صور من طلبات لفتح عدد ثلاثة حسابات جارية دائنة بالأرقام الآتية: 1 - حساب رقم...... باسم...... 2 - حساب رقم..... باسم...... 3 - حساب رقم..... باسم...... وهذه الطلبات مؤرخة........ وموقع عليها من كل من......، ......،. وبناء على ذلك قام البنك بفتح الحسابات الثلاثة الجديدة وتم التعامل عليها منذ.......، ......، وبتاريخ...... تم إلغاء الحسابات السابقة أرقام......، .......،. وتحويل الرصيد والشيكات إلى الحسابات أرقام.....، ......، ......، ثم أورد التقرير تفصيلاً لتلك الحسابات الثلاثة، كما يبين من مراجعة أقوال الشاهد....... عضو اللجنة التي وزعت التقرير وذلك بتحقيقات النيابة العامة أنها لم تخرج عما ورد بالتقرير آنف الذكر، ومن ثم فإن ما حصله الحكم من الأدلة التي عول عليها ترتد إلى أصول ثابتة بالتحقيقات وبتقريري الخبير المار ذكرهما ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت بهما أو فحواهما، ولا يعدو الطعن بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن تحويل مبلغ المديونية وقدره 12.700.000 (اثني عشر مليوناً وسبعمائة ألف جنيه) من الحسابات الجديدة إلى شركة....... قد تم بدون علمه، فإنه بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعن في هذا الخصوص فإن ذلك ليس بذي أثر على جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة وهي اشتراك الطاعن وباقي المتهمين في المسئولية عن المبالغ محل المديونية والتي تم الاستيلاء عليها خاصة أنه يبين من المفردات المنضمة أن أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة العامة على أنه قد سلم بهذه المديونية وإن كان قد نسبها إلى حسابات شركة.......، ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد لا تكون مقبولة، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة من ثبوت اشتراك الطاعن في جريمتي تسهيل الاستيلاء والتربح بالأدلة التي سردها الحكم. وكان من المقرر أن الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يتحقق من اتحاد أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، وإذ كان القاضي الجنائي فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما أن له أن يستنتج حصوله من أعمال لاحقة له تسوغ قيامه، ولما كان ما أورده الحكم سائغاً في المنطق ويتوفر به الاشتراك بطريق الاتفاق في ارتكاب جريمتي تسهيل الاستيلاء والتربح كما سلف القول على ما هو معرف به في القانون، ولما كان كافة ما يثيره الطاعن من عدم علمه بتحويل المديونية من حساباته الثلاثة الجديدة إلى شركة....... وإلى عدم وجود تعامل بينه وبين البنك المجني عليه وأن تعامله مع شركه...... وأنه قد اضطر إلى رفع الدعوى رقم..... لسنة...... تجاري جنوب القاهرة لتسوية حساباته مع البنك المذكور كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من استنادها إلى أدلة الثبوت التي اقتنعت بها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن ينحل في حقيقته إلى جدل في كفاية أدلة الإثبات وفي تقديرها وهو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن من أوجه مردود عليها بما سبق الرد به على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن السابق. ومن ثم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق