الصفحات

الأربعاء، 24 يوليو 2013

الطعن 7661 لسنة 68 ق جلسة 27/ 7/ 2004 مكتب فني 55 ق 93 ص 632

جلسة 27 من يوليو سنة 2004
برئاسة السيد المستشار / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى عبد المجيد , طه سيد قاسم , محمد سامي إبراهيم و يحيى عبد العزيز ماضي نواب رئيس المحكمة .
-----------
(93)
الطعن 7661 لسنة 68 ق
(1) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . تلبس . دستور .
عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية في غير حالة التلبس ضد عضو مجلس الشورى قبل صدور إذن بذلك من المجلس أو رئيسه في غير دور الانعقاد . تحريكها قبل صدور ذلك الإذن . أثره : انعدام اتصال المحكمة بها . وجوب اقتصار حكمها على القضاء بعدم قبول الدعوى . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟
(2) دعوى مدنية " نظرها والحكم فيها " . دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها ".
الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية . دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها . القضاء بعدم قبول الأخيرة . يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها .
(3) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
القضاء غير المنه للخصومة في الدعوى . الطعن فيه بطريق النقض . غير جائز . مؤدى ذلك ؟
(4) نقض " ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " . دعوى مدنية . معارضة .
صدور الحكم بالبراءة في غيبة المعارض . غير ضار به . الطعن فيه بطريق النقض من المدعي بالحقوق المدنية. جائز .
(5) سب . قذف . قصد جنائي . صحافة . نشر . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة . تحققه : متى كانت الألفاظ الموجهة للمجني علية شائنة بذاتها .
وجوب البحث في جرائم النشر عن مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها . اشتمال المنشور على عبارات الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى القصد منها التشهير . للمحكمة الموازنة بين القصدين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس الناشر .
تعرف حقيقة ألفاظ السب والقذف . بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى دون رقابة لمحكمة النقض . حد ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالبراءة في جريمة سب وقذف عن طريق النشر .
(6) اختصاص " الاختصاص الولائي " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . نقض " المصلحة في الطعن " .
مؤدى نص المادتين 215 ، 216 من قانون الإجراءات الجنائية ومفادهما ؟
الحكمة من النص على اختصاص محكمة الجنايات بكل فعل يعد بمقتضى القانون جناية أو جنحة تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر ؟
المصلحة . أساس الدعوى أو الطعن . انعدامها . مؤداه : عدم قبول الدعوى أو الطعن . اعتباراً بأن أيهما في هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها . أثر ذلك ؟
مثال .
----------------------
1 – لما كان المدعى بالحق المدني - الطاعن - أقام الدعوى بالطريق المباشر ضد المطعون ضده الأول ..... عن جريمتي السب والقذف عن طريق النشر يطالبه بتعويض قدره 501 جنيه ، ومحكمة ..... قضت حضورياً بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قبل المطعون ضده المذكور لرفعهما بغير الطريق القانوني تأسيساً على أن المطعون ضده المار ذكره عضو بمجلس الشورى ويتمتع بالحصانة البرلمانية وخلت الأوراق مما يفيد رفع هذه الحصانة عنه قبل رفع الدعوى ، فاستأنف المدعى بالحق المدني وقضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف ، وطعن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 205 من الدستور تنص على أن ( تسري في شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة بالدستور في المواد ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، 99 ، ..... ) ، وكانت المادة 99 من الدستور تنص على أن ( لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس ، وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء ) ، وكان مفاد هذين النصين هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية فى غير حالة التلبس ضد عضو مجلس الشورى قبل صدور إذن بذلك من المجلس أو من رئيسه في غير دور الانعقاد . فإذا رفعت الدعوى الجنائية قبل صدور الإذن من الجهة التي ناط الدستور بها إصداره فإن اتصال المحكمة بالدعوى في هذه الحالة يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ، ولا تملك المحكمة حينئذ أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين أن تقصر حكمها على القضاء بعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها وهو ما التزمه وقضى به الحكم المطعون فيه .
2 – من المقرر أن الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها .
3 – من المقرر أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح بابه إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة ، وكان الحكم المطعون فيه لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير في الدعوى بالنسبة للمطعون ضده سالف الذكر ، ذلك أنه اذا اتصلت محكمة أول درجة بعد ذلك بالدعوى اتصالاً صحيحاً فلها أن تفصل فيها وتكون إجراءات المحاكمة مبتدأة. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن بالنقض بالنسبة للمطعون ضده الأول السالف ذكره لا يكون جائزاً بما يفصح عن عدم قبوله .
4 – من المقرر أن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده الثاني .... إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ، ومن ثم فإن طعن المدعى بالحقوق المدنية بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز .
5لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ابتنى قضاءه ببراءة المطعون ضده الثاني .... على أسباب مضمونها أن الخبر الذى نشره المطعون ضده الثاني المذكور بصحيفة .... بجريدة ..... بعددها الصادر بتاريخ ..... قد جاء خبراً صحيحاً إذ ثبت من الشهادة الصادرة من نيابة ..... أنه تم حبس الطاعن المدعى بالحقوق المدنية من يوم .... إلى يوم ..... حيث تم إخلاء سبيله في القضية رقم .... لسنة ..... إداري ..... وذلك لاتهامه بالاستيلاء على أراضي الدولة والبالغ قيمتها أربعين مليوناً من الجنيهات ، والقضية لازالت رهن التحقيقات . كما أن موضوع الخبر المشار إليه قضية تهم الرأي العام وجموع المواطنين إذ إنه يتعلق بالاستيلاء على أراضي الدولة التي هي حق للشعب والمخصصة لمشروعات الشباب ، مما يحق للصحفي أن يتناولها بالنشر طالما كان يتوخى المصلحة العامة وليس مجرد التشهير بالمدعى بالحقوق المدنية ، وقد خلت الأوراق من دليل تطمئن إليه المحكمة يقطع بأن المطعون ضده سالف الذكر كان يقصد من وراء نشر هذا الخبر الإساءة والتشهير بالمدعى بالحقوق المدنية وأنه التزم الدقة والصدق في نشره ذلك الخبر لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجنى عليه شائنة بذاتها ، وقد استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس الناشر . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب والقذف والإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض مادام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه بالبراءة من أن الخبر الذى نشره المطعون ضده الثاني بجريدة الأهرام قد جاء صحيحاً والتزم المطعون ضده المذكور في نشره الصدق والدقة ولم يقصد منه سب الطاعن أو القذف في حقه سائغاً ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة ، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6من المقرر أن المادة 215 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن ( تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر على غير الأفراد) ، وكانت المادة 216 من القانون ذاته تنص على أن (تحكم محكمة الجنايات فى كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس ). ولما كانت الحكمة من ذلك النص هو توفير ضمانات أكثر للمتهم لما تتطلبه طبيعة هذه الجرائم ، لذلك تقرر تعديل القانون وجعل الاختصاص لمحكمة الجنايات . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإن انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن في هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها ، وكان لا مصلحة للطاعن المدعى بالحقوق المدنية فيما يثيره من صدور الحكم المطعون فيه من محكمة غير مختصة نوعياً بنظر الدعوى لانعقاد الاختصاص بنظرها لمحكمة الجنايات ، لما هو مقرر على نحو ما سلف بيانه من أن الحكمة من جعل الاختصاص لمحكمة الجنايات بنظر الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير أفراد الناس هي توفير ضمانات أكثر للمتهم ، ومن ثم تكون مصلحة الطاعن المدعى بالحقوق المدنية في النعي على الحكم المطعون فيه الذى قضى ببراءة المتهم المطعون ضده الثاني وبرفض الدعوى المدنية المقامة قبله بهذا الوجه مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة .
--------------
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح ....... قبل كل من 1- ...... 2- ..... بوصف : أن الثاني قام بنشر خبر في جريدة ...... يعد سباً وقذفاً فى حقه وأن الأول يعمل رئيساً لتحرير الجريدة التي قامت بالنشر . وطلب عقابهما بالمواد 39 ، 40، 41، 171، 178 مكرراً ، 187، 195 ، 302، 303، 306 من قانون العقوبات مع إلزامهما متضامنين بأداء مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وحضورياً اعتبارياً للثاني بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية بالنسبة للأول ، وبراءة المتهم الثاني مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية .
استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة ..... " بهيئة استئنافية " قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض في ... إلخ.
--------------------
المحكمة
من حيث إن المدعى بالحق المدني - الطاعن - أقام الدعوى بالطريق المباشر ضد المطعون ضده الأول (.....) عن جريمتي السب والقذف عن طريق النشر يطالبه بتعويض قدره 501 جنيه ، ومحكمة ...... قضت حضورياً بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قبل المطعون ضده المذكور لرفعهما بغير الطريق القانوني تأسيساً على أن المطعون ضده المار ذكره عضو بمجلس الشورى ويتمتع بالحصانة البرلمانية وخلت الأوراق مما يفيد رفع هذه الحصانة عنه قبل رفع الدعوى ، فاستأنف المدعى بالحق المدني وقضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف ، وطعن المدعى بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 205 من الدستور تنص على أن (تسري في شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة بالدستور في المواد ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، ...، 99 ،..) وكانت المادة 99 من الدستور تنص على أن ( لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس ، وفي غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء )، وكان مفاد هذين النصين هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية في غير حالة التلبس ضد عضو مجلس الشورى قبل صدور إذن بذلك من المجلس أو من رئيسه في غير دور الانعقاد . فإذا رفعت الدعوى الجنائية قبل صدور الإذن من الجهة التي ناط الدستور بها إصداره فإن اتصال المحكمة بالدعوى في هذه الحالة يكون معدوماً قانونا ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ، ولا تملك المحكمة حينئذ أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين أن تقصر حكمها على القضاء بعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها وهو ما التزمه وقضى به الحكم المطعون فيه . هذا إلى أن الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية هي دعوى تابعة للدعوى الجنائية التي تنظرها والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لواقعة ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها . لما كان ذلك ، وكان الطعن بطريق النقض لا ينفتح بابه إلا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة ، وكان الحكم المطعون فيه لا يعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير في الدعوى بالنسبة للمطعون ضده سالف الذكر ، ذلك أنه اذا اتصلت محكمة أول درجة بعد ذلك بالدعوى اتصالاً صحيحاً فلها أن تفصل فيها وتكون إجراءات المحاكمة مبتدأة. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن بالنقض بالنسبة للمطعون ضده الأول السالف ذكره لا يكون جائزاً بما يفصح عن عدم قبوله .
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده الثاني (...) إلا أنه وقد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة القاضي بالبراءة لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ، ومن ثم فإن طعن المدعى بالحقوق المدنية بالنقض في الحكم من تاريخ صدوره جائز .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ابتنى قضاءه ببراءة المطعون ضده الثاني .... على أسباب مضمونها أن الخبر الذي نشره المطعون ضده الثاني المذكور بصحيفة .... بجريدة .... بعددها الصادر بتاريخ ..... قد جاء خبراً صحيحاً إذ ثبت من الشهادة الصادرة من نيابة ...... أنه تم حبس الطاعن المدعى بالحقوق المدنية من يوم ...... إلى يوم ...... حيث تم إخلاء سبيله في القضية رقم ..... لسنة .... إداري .... وذلك لاتهامه بالاستيلاء على أراضي الدولة والبالغ قيمتها أربعين مليوناً من الجنيهات ، والقضية لازالت رهن التحقيقات . كما أن موضوع الخبر المشار إليه قضية تهم الرأي العام وجموع المواطنين إذ أنه يتعلق بالاستيلاء على أراضي الدولة التي هي حق للشعب والمخصصة لمشروعات الشباب ، مما يحق للصحفي أن يتناولها بالنشر طالما كان يتوخى المصلحة العامة وليس مجرد التشهير بالمدعى بالحقوق المدنية ، وقد خلت الأوراق من دليل تطمئن إليه المحكمة يقطع بأن المطعون ضده سالف الذكر كان يقصد من وراء نشر هذا الخبر الإساءة والتشهير بالمدعي بالحقوق المدنية وأنه التزم الدقة والصدق في نشره ذلك الخبر لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجنى عليه شائنة بذاتها ، وقد استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس الناشر . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب والقذف والإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى ولا رقابة عليه فى ذلك لمحكمة النقض مادام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه بالبراءة من أن الخبر الذى نشره المطعون ضده الثاني بجريدة الأهرام قد جاء صحيحاً والتزم المطعون ضده المذكور في نشره الصدق والدقة ولم يقصد منه سب الطاعن أو القذف فى حقه سائغاً ويؤدي إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة ، فإن كل ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 215 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن ( تحكم المحكمة الجزئية في كل فعل يعد بمقتضى القانون مخالفة أو جنحة عدا الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر على غير الأفراد) ، وكانت المادة 216 من القانون ذاته تنص على أن (تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس). ولما كانت الحكمة من ذلك النص هو توفير ضمانات أكثر للمتهم لما تتطلبه طبيعة هذه الجرائم ، لذلك تقرر تعديل القانون وجعل الاختصاص لمحكمة الجنايات . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه من المبادئ العامة المتفق عليها أن المصلحة أساس الدعوى أو الطعن فإن انعدمت فلا تقبل الدعوى أو الطعن باعتبار أن الدعوى أو الطعن في هذه الحالة يكون مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها ، وكان لا مصلحة للطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - فيما يثيره من صدور الحكم المطعون فيه من محكمة غير مختصة نوعياً بنظر الدعوى لانعقاد الاختصاص بنظرها لمحكمة الجنايات ، لما هو مقرر - على نحو ما سلف بيانه - من أن الحكمة من جعل الاختصاص لمحكمة الجنايات بنظر الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير أفراد الناس هي توفير ضمانات أكثر للمتهم ، ومن ثم تكون مصلحة الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - في النعي على الحكم المطعون فيه الذي قضى ببراءة المتهم المطعون ضده الثاني وبرفض الدعوى المدنية المقامة قبله بهذا الوجه مسألة نظرية بحتة لا يؤبه بها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق