الصفحات

الجمعة، 3 مايو 2013

الطعن 4262 لسنة 57 ق جلسة 22/ 3/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 68 ص 473

جلسة 22 من مارس سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمد يحيى وحسن سيد حمزه.
--------------
(68)
الطعن رقم 4262 لسنة 57 القضائية
 (1)تفتيش "التفتيش بغير إذن بقصد التوقي". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش الضابط للأشخاص المغادرين للبلاد بحثاً عن الأسلحة والذخائر والمفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب يعتبر إجراءاً إدارياً وقائياً. وليس من أعمال التحقيق.
جواز التعويل على ما يسفر عنه هذا التفتيش من أدلة كاشفة عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام.
التزام الحكم هذا النظر ورفض الدفع ببطلان التفتيش. صحيح في القانون.
(2) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحقق من علم المتهم بكنة المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ على توفر هذا العلم.
(3) دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حصول التفتيش في غير حضور المتهم. لا بطلان.
(4) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جلب المخدر هو استيراده لطرحه للتداول خارج الخط الجمركي. ملازمة هذا المعنى للفعل المادي المكون للجريمة.
متى لا يلتزم الحكم بالتحدث عن هذا المعنى استقلالاً؟
 (5)مسئولية جنائية "الإعفاء منها". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط الإعفاء من المسئولية وفقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960؟
----------------
1 - من المقرر أن التفتيش الذي يجريه الضابط بحثاً عن أسلحة ومفرقعات تأميناً للمطارات من حوادث الإرهاب لا مخالفة فيه للقانون. إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدي فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن - فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها. وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق - ولا يلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه - فإذا أسفر التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. وأنه إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما يسايره - فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - لما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط في الحقائب الخاصة به وعلى علمه بكونها وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن حصول التفتيش في غير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان ذلك بأن القانون لم يجعل حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحته.
4 - من المقرر أن القانون 182/ 1960 المعدل بالقانون 40/ 66 إذ عاقب في المادة 33 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بالجلب هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه أو تداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي - وهذا المعنى يلازم الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه - وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له - ويدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
5 - إن الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182/ 1966 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب لجمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات القاهرة - قضت حضورياً........ عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جواهر مخدرة إلى داخل الجمهورية دون ترخيص كتابي من السلطة المختصة بذلك. قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وانطوى على خطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه رد دفعه ببطلان القبض والتفتيش - وكذلك الدفع بعدم العلم وانتفاء القصد الجنائي بما لا يسوغ إطراحهما، ورد على الدفع ببطلان التفتيش في غيبة الطاعن بما لا أصل له في الأوراق، ولم يستظهر قصد الجلب ولم يعمل في حقه الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182/ 1960، ورد على الدفع به بما لا يصلح رداً، كل ذلك يعيبه مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المقدم......، ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التفتيش الذي يجريه الضابط بحثاً عن أسلحة ومفرقعات تأميناً للمطارات من حوادث الإرهاب لا مخالفة فيه للقانون. إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدى فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن - فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها. وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق - ولا يلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه - فإذا أسفر التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. وأنه إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما يسايره - فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت "ومن حيث إنه عن الدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى المتهم بشقيه العلم والإرادة فإن ذلك مردود بما تطمئن إليه المحكمة تمام الاطمئنان أنه على علم كامل بما تحويه إذ أن لهذه الحقيبة التي كان يحملها قاع ثابتة وهذه القاع ظاهرة الانتفاخ بوضع غير عادي على النحو الذي ساقه شاهد الواقعة وتطمئن إلى شهادته المحكمة - وما قرره المتهم من أنه بادعاء مرسل غير مستساغ بنقل الحقيبة خدمة لصديق له في الهيئة لتوصيلها إلى لا جوس دون سبب فضلاً عن طريقة إخفاء المخدر كل ذلك يقطع بأن المتهم كان على علم كاف بما تحويه الحقيبة من مخدر وأن إرادته قد أسهمت إلى ارتكاب جريمة الجلب مع علمه بكنية هذه المادة".
ولما كان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابستها على النحو المتقدم بيانه علم الطاعن بوجود المخدر المضبوط في الحقائب الخاصة به وعلى علمه بكونها وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافراً فعلياً - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن حصول التفتيش في غير حضور المتهم لا يترتب عليه البطلان ذلك بأن القانون لم يجعل حضور المتهم شرطاً جوهرياً لصحته - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه على فرض صحة ما يزعمه من أن التفتيش تم في غيبته - بقالة الخطأ في الإسناد ومخالفة لثابت في الأوراق في هذا الخصوص - غير منتج. لما كان ذلك - وكان من المقرر أن القانون 182/ 1960 المعدل بالقانون 40/ 66 إذ عاقب في المادة 33 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بالجلب هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه أو تداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي - وهذا المعنى يلازم الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه - وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له - يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر يزن ثلاثة كيلو جرامات لمخدر الهيروين أخفاه الطاعن في قاع الحقيبة التي كانت بها ملابسه ودخل به إلى ميناء القاهرة الدولي قادماً من الهند - فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معروف في القانون - بما يضمنه من طرح الجوهر للتعامل - وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك - وكانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182/ 1966 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يوصل إبلاغه فعلاً إلى ضبط باقي الجناة - وكان الحكم قد عرض لما أشاره الطاعن في شأن إعفائه من العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 48 سالفة الذكر ورد عليه من أن ما ذكره الطاعن من أنه تسلم الحقيبة من شخص في الهند - فضلاً على أنه لم يتحقق صدقه - فإن ذلك كان بعد ضبط الجريمة - ولم يتم فعلاً القبض على ذلك الشخص الذي سماه - ومن ثم فلا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق