الصفحات

الأربعاء، 24 أبريل 2013

( الطعن رقم 4542 لسنة 57 ق جلسة 1988/1/13 س 39 ق 14 ص 133)


جلسة 13 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي (نائبي رئيس المحكمة) وناجي اسحق وإبراهيم عبد المطلب.
------------
(14)
الطعن رقم 4542 لسنة 57 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. عقوبة. قانون "تفسيره". العقوبة المقررة لجريمة المادة 112/ 1 - 2 عقوبات مناط تطبيقها؟
(2)
اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم إليه المال على هذا الأساس فلا ينصرف إلى من كان تسليم المال إليه بصفة وقتية أو عرضية.
مثال
.  (3)عقوبة "العقوبة المبررة". ظروف مشددة. اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. التزام المحكمة الحد الأدنى لعقوبة جناية الاختلاس المقررة بالمادة 112 فقرة ثانية رغم استعمال المادة 17 عقوبات. لا يعتبر عقوبة مبررة لجناية الاختلاس مجردة من أي ظرف مشدد المقررة بالفقرة الأولى من المادة ذاتها. أساس ذلك؟
-------------
1 -  إن الفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات تعاقب كل موظف عمومي اختلس أموالاً أو أوراقاً أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته بالأشغال الشاقة المؤقتة، وكانت الفقرة الثانية ( أ ) من المادة ذاتها تعاقب الجاني بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان - فوق كونه موظفاً عاماً - من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة. فإن مؤدى ذلك أن مناط تطبيق الفقرة الثانية أ من المادة 112 آنفة البيان أن تتوفر في الجاني - فوق كونه موظفاً عاماً أو مستخدماً عمومياً أو من في حكمه ممن نصت عليهم المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات - صفة أخرى هي أن يكون من الأمناء على الودائع أو غيرها من الصفات التي عددها النص كظرف مشدد في الجريمة.
2 - لما كان مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم إليه المال على هذا الأساس، فلا ينصرف إلى من كان تسليم المال إليه بصفة وقتية أو عرضية كالمكلف بنقله فحسب، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن الطاعن الثاني كان يعمل سائقاً لدى الشركة المجني عليها وأنه تسلم الفوارغ المختلسة بسبب وظيفته آنفة الذكر وخلص إلى اعتباره من الأمناء على الودائع وطبق في شأنه - والطاعن الأول كشريك له - نص الفقرة الثانية أ من المادة 112 من قانون العقوبات، دون أن يعني ببيان ما إذا كانت وظيفة ذلك الطاعن وطبيعة عمله كسائق لدى الشركة هي المحافظة على الفوارغ وأنه تسلمها على هذا الأساس فتتوفر في حقه - من ثم - صفة الأمين على الودائع، أم أن تسلمه تلك الفوارغ إنما كان بصفة وقتية أو عرضية ليقوم بنقلها فحسب، فلا يصح وصفه بأنه كان أميناً عليها، فإن الحكم يكون قاصراً في بيان توافر تلك الصفة بما يبطله.
3 - لا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن العقوبة المقضي بها - وهي السجن ثلاث سنوات - تدخل في العقوبة المقررة لجناية الاختلاس المجردة من أي ظرف مشدد والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 112 آنفة البيان، ذلك لأن المحكمة - مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات - قد التزمت الحد الأدنى للعقوبة الذي يجيزه نص الفقرة الثانية من المادة آنفة الذكر وهو ما يشعر أنها وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده، ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من..... و..... (قضي ببراءتهما) و...... و ..... (طاعنان) بأنهم (المتهم الأول): - 1 - بصفته موظفاً عاماً "أمين مخزن" بشركة مصر للبترول اختلس حمولة السيارة رقم..... نقل القاهرة من فوارغ الزيت المبينة وصفاً بالأوراق والبالغ قيمتها 945.145 جنيهاً (تسعمائة وخمسة وأربعين جنيهاً ومائة وأربعون مليماً) والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. 2 - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محرر لإحدى الشركات المملوكة للدولة هو أمر التشغيل الخاص بالسيارة آنفة البيان المملوكة لشركة مصر للبترول وهو المختص بتحريره وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت به ما يفيد دخول حمولة السيارة من الفوارغ إلى مخزنه على خلاف الحقيقة وذيله ببصمة خاتم الشركة. 3 - بصفته آنفة البيان اختلس أيضاً فوارغ الزيت المبينة وصفاً بالتحقيقات والبالغ قيمتها 1871.832 جنيهاً (ألف وثمانمائة وواحد وسبعين جنيهاً وثمانمائة واثنين وثلاثين مليماً) والمملوكة لشركة مصر للبترول والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. (المتهم الثاني): بصفته موظفاً عاماً "مراقب بوابة بشركة مصر للبترول" ارتكب تزويراً في محرر لإحدى الشركات المملوكة للدولة حال تحريره المختص بوظيفته هو سجل دخول وخروج السيارات إلى مخازن شركة مصر للبترول وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت زوراً بالسجل المتقدم ذكره دخول السيارة رقم..... نقل القاهرة محملة بفوارغ الزيت إلى مخازن الشركة. المتهم الثالث. (المتهم الأول) 1 - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني على ارتكاب تزوير في محرر لإحدى الشركات المملوكة للدولة "سجل حركة دخول السيارات الخاص بشركة مصر للبترول" بأن اتفق معه على إثبات دخول السيارة رقم...... نقل القاهرة المحملة بالفوارغ من الزيت من بوابة الشركة على خلاف الحقيقة وساعده بأن أمده بأمر تشغيل السيارة سالفة الذكر لإثباتها بالسجل المذكور فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. - 2 - اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في ارتكاب تزوير في محرر لإحدى الشركات المملوكة للدولة هو أمر تشغيل السيارة رقم..... نقل القاهرة الخاصة بشركة مصر للبترول بأن اتفق معه على التوقيع عليه بما يفيد استلامه لحمولة السيارة من فوارغ الزيت على خلاف الحقيقة وساعده بأن أمده بأمر التشغيل فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمون: الثاني (المقضي ببراءته) والثالث والرابع (الطاعنان) اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في اختلاس حمولة السيارة رقم...... نقل القاهرة المبينة وصفاً بالأوراق والبالغ قيمتها 945.145 جنيهاً (تسعمائة وخمسة وأربعين جنيهاً ومائة وخمسة وأربعين مليماً) بأن اتفقوا معه على ذلك وساعدوه على النحو المبين بوصف التهم ثانياً بالنسبة له والمتهمين الثاني والثالث فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم لمحكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم. طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 112/ أ، ب، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 هـ مكرراً، 313، 214 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته أولاً: ببراءة كل من......، .......، ........ مما أسند إليهما. ثانياً بمعاقبة كل من.....، ..... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامهما متضامنين بأن يردا إلى شركة مصر للبترول مبلغ 945.145 جنيهاً "تسعمائة وخمسة وأربعين جنيهاً ومائة وخمسة وأربعين مليماً" وتغريمهما متضامنين مثل هذا المبلغ وبعزل كل منهما من وظيفته وذلك عما أسند إلى كل منهما.
فطعن المحكوم عليهما الثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من...... و....... بالسجن لمدة ثلاثة سنوات وبعزلهما من وظيفتهما وبإلزامهما برد مبلغ 945 جنيهاً "تسعمائة وخمسة وأربعين جنيهاً" وبتغريمهما متضامنين مبلغاً مماثلاً. فطعن الأستاذ..... نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ اعتبر جناية الاختلاس المسندة إليهما منطبقة على نص الفقرة الثانية أ من المادة 112 من قانون العقوبات، وقضى فيها بسجن كل منهما ثلاث سنوات بعد تطبيق المادة 17 من القانون ذاته باعتبار أن الطاعن الثاني من الأمناء على الودائع، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه ليس من الأمناء على الودائع وأن الواقعة المسندة إليهما كما حصلها الحكم لا تشمل إلا جناية الاختلاس المجردة من أي ظرف مشدد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 112 من قانون العقوبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن الثاني يعمل سائقاً بشركة مصر للبترول وأنه اختلس - بالاشتراك مع الطاعن الأول - حمولة السيارة قيادته من الفوارغ المسلمة إليه بصفته المذكورة. وبعد أن أورد الحكم أدلة الثبوت خلص إلى أن الطاعن الثاني من الأمناء على الودائع ودان الطاعنين بمقتضى الفقرة الثانية أ من المادة 112 من قانون العقوبات وعاقبهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد تطبيق المادة 17 من القانون ذاته. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 112 المذكورة تعاقب كل موظف عمومي اختلس أموالاً أو أوراقاً أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته بالأشغال الشاقة المؤقتة، وكانت الفقرة الثانية أ من المادة ذاتها تعاقب الجاني بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان - فوق كونه موظفاً عاماً - من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة. فإن مؤدى ذلك أن مناط تطبيق الفقرة الثانية أ من المادة 112 آنفة البيان أن تتوفر في الجاني - فوق كونه موظفاً عاماً أو مستخدماً عمومياً أو من في حكمه ممن نصت عليهم المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات - صفة أخرى هي أن يكون من الأمناء على الودائع أو غيرها من الصفات التي عددها النص كظرف مشدد في الجريمة. لما كان ذلك، وكان مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم إليه المال على هذا الأساس، فلا ينصرف إلى من كان تسليم المال إليه بصفة وقتية أو عرضية كالمكلف بنقله فحسب، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن الطاعن الثاني كان يعمل سائقاً لدى الشركة المجني عليها وأنه تسلم الفوارغ المختلسة بسبب وظيفته آنفة الذكر وخلص إلى اعتباره من الأمناء على الودائع وطبق في شأنه - والطاعن الأول كشريك له - نص الفقرة الثانية أ من المادة 112 من قانون العقوبات، دون أن يعني ببيان ما إذا كانت وظيفة ذلك الطاعن وطبيعة عمله كسائق لدى الشركة هي المحافظة على الفوارغ وأن تسلمها على هذا الأساس فتتوفر في حقه - من ثم - صفة الأمين على الودائع، أم أن تسلمه تلك الفوارغ إنما كان بصفة وقتية أو عرضية ليقوم بنقلها فحسب، فلا يصح وصفه بأنه كان أميناً عليها، فإن الحكم يكون قاصراً في بيان توفر تلك الصفة بما يبطله - ويوجب نقضه، إذ لا محل في خصوصية هذه الدعوى لتطبيق العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن العقوبة المقضي بها - وهي السجن ثلاث سنوات - تدخل في العقوبة المقررة لجناية الاختلاس المجردة من أي ظرف مشدد والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 112 آنفة البيان، ذلك لأن المحكمة - مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات - قد التزمت الحد الأدنى للعقوبة الذي يجيزه نص الفقرة الثانية من المادة آنفة الذكر، وهو ما يشعر أنها وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده، ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن، ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق